أنـا مَـن مُـلكُـهُ بـالكُـفرِ شُـدَّ *** فصـرتُ بـذلَّـتِـي للقـردِ عَـبدَا
فكـم صُغتَ المبـاديءَ في كـتابي *** وهـل للخـائـنِ الأفَّـاقِ مَـبـدَا؟!
وأزعــمُ أننـِي للــهِ عَـبــدٌ *** وقـد عـاصـيتُـهُ وعـبـدتُ ودَّا
فكـم رحـماً قطـعـتُ ولا أبَـالـي *** وكـم خـالفـتُ للـرحمـنِ عَهداَ
وكـم قـبَّلـتُ أحـذيـةَ الأعـادي *** وكـم جُـرِّعتُ بـولَ القـردِ عَمدَا
فـألفـيـتُ النِّعَـالَ لـهَـا مَـذَاقٌ *** وبـولَ الـقـردِ والأدرانَ شَـهـدَا
إذا صـفعـت يـدُ الأعـداءِ خَـدِّي *** شـعـرتُ بـعـزةٍ, فـأدرتُ خـدَّا
فكـانـوا فـي مـواطنِـهم رِجَـالاً *** وكـنتُ علـى شفـا الكرسيِّ وَغدَا
وكـنتُ على ضِعـافِ الشـعبِ ليثاً *** وفـي سـاحِ الـوغى أصبحتُ قِردَا
فكـم ظـنَّ الكـمـاةُ بـأنَّ مثلـي *** غَـدَا للكـاسـرِ الضـرغـامِ نِـدَّا
ترانـي فـي المعـاركِ مثلَ جَـروٍ, *** وقـد أمسـيـتُ لـلأحـرارِ ضِـدَّا
أُلاقِـي الشـعبَ في حِقـدٍ, وبُغضٍ, *** وأُبـدِي للـعِـدَا والكـفـــرِ ودَّا
فتحتُ مصـارعَ الأبـوابِ طـوعـاً *** وصَيَّرتُ الثَّـرَى للكُـفـرِ مَـهـدَا
بنيتُ لشـرعـةِ الطـاغوتِ حِصناً *** وفـي وجـهِ الهُـدَى شَـيَّدتُ سَدَّا
أصـدٌّ عـنِ الهُدى وأذلٌّ شـعبِـي *** ومـا وَفَّــرتُ لـلإذلالِ جَـهــدَا
أصـيدُ بلـيبيـا مَـن صـدَّ عَنِّـي *** وفي رَهَـجِ المعـاركِ صِرتُ صَيدَا
أبيـعُ كـرامتِـي والأرضَ رَخصـاً *** وأفـدي بالدٌّنَـا عـرشـي المُفَـدَّا
لأحـمـيَ مـا بنـيـتُ ولا أُبَـالِـي *** بصـرحِ المخلـصـينَ إذا تَـرَدَّى
سـأركضُ للنجـاةِ وقـد بدا لِـي *** بــأنَّ بـلادَكُـم سـتـخـرٌّ هَـدَّا
مددتُ الكـفَّ اسـتجدِي الأعـادي *** وكـم أرسـلـتُ لـلأعـداءِ وَفـدَا
خـذوا أرضي وأمتعتِـي دعـونِي *** فإنَّ الخـوفَ فـي وجهـي تَبَـدَّى
خـذوا رمحي خـذوا سيفي ودرعي *** فإنِّـي قـد طـردتُ العـزَّ طَـردَا
رأيتُ الـذلَّ فـي كَـنَفِ الأعـادِي *** عُـلاً والمـوتَ يطلبُ مَن تَصَـدَّى
أنا المَـلِكُ الهُـمَـامُ ألم تـرونِـي *** وقـد أَعـلَيـتُ للطَّـاغُـوتِ بَنـدَا
أتيـهُ على الخـلائـقِ مُشـرَئِبـاً *** كـأَنِّي فِـي الأَنَـامِ خُلِقـتُ فَـردَا
تـرى حـولـي مِـنَ الآلافِ جُندًا *** وقـد أحصـيتُـهُم وعَـدَدتُ عَـدَّا
إذا جَـنَّ الظـلامُ حَـزَمتُ أَمـرِي *** لأشـعـلَ فتنـةً وأكـيـدَ كَـيـدَا
فكـم أوقـدتُ بينَ النـاسِ حَـرباً *** وكـم أوريـتُ بالشـحنـاءِ زِنـدَا
وكـم نـاديـتُ فلـتحيـا بـلادِي *** وكـنتُ لأهلِـهـا الخَصـمَ الألـدَّا
أُمَـنِّـيـهِم بـأَوهـامِ الحـيـارى *** وما أنجـزتُهُم فـي العُمـرِ وعـدَا
أبَدِّلُ فـي السياسـةِ لـونَ ثوبِـي *** وإن غلـبَ الأسـى أَبدَلـتُ جِلـدَا
إذا احتدمَ الوغَـى أَغـمَدتُ سـيفي *** وإن نامَ الـورى أَشـهَـرتُ حَـدَّا
أيـامَـن كُـنتُ أَزعُـمُـهُ عَـدُوًّا *** ووحشـاً في السـياسـةِ مُسـتَبِدَّا
أتيـتُك طـالـبـاً للصـفـحِ عَنِّي *** وأعـلـنُ أنِّنـي قَـد جـئـتُ إِدَّا
سـأهجـرُ ثـورتـي طََمَعـاً وإنِّي *** وجدتُ سـبيلَكم في العيشِ أهـدى
ألا يـا سـيِّـدِي رِفـقـاً بِعـَـبـدٍ, *** أقـرَّ بـذنـبِـهِ وأتــاكَ فَــردَا
ألا فـارحـم ذلـيـلاً جـاءَ يحبـو *** يمـدٌّ قـذالَـهُ للـصـفـعِ مَــدَّا
ليعلـمَ كـلٌّ مَـن في الأرضِ أنِّـي *** أقـلٌّ كــرامــةً وأذلٌّ جُــنـدَا
وأحقـرُ مَـن على الدنيـا خَـلاقـاً *** وأوضَـعُ مَن بِهَـا نَسَـبـًا وَجَـدَّا
فقـولـوا للـرعـاعِ ألاَ هـتفـتُـم: *** "أَيا صـقـرَ العـروبـةِ زِد تَحَـدَّ"
وهكذا حين ينكشف اللثام تعرف الصقور من اليمام ويعرف الكرام من اللئام