بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
في عصر حقوق الإنسان مازالت قطعة الجلد تلك تنس الإنسان نفسه... تأمل أن عدد الذين سيشاهدون كأس العالم حوالي مليارين وبضعة مئات من الملايين من سكان العالم وهم حوالي ثلث سكان الكرة الأرضية.. البالغ عددهم ستة مليارات ونصف المليار، فلو افترضنا أن كل مشاهد ينفق ساعتين من وقته لمشاهدة المباراة الواحدة فإن أي مباراة تهدر من عمر الناس في الكرة الأرضية حوالي خمسة مليار ساعة، وعلمتُ من صديق مغرم بكرة القدم العالمية أن عدد مباريات كاس العالم أربعة وستين مباراة، بعملية تحسيبية بسيطة (ضرب عدد المباريات في الزمن الكلي الضائع من سكان الأرض في مشاهدة مباراة واحدة) نجد أن 220مليار ساعة قد ضاعت خلال شهر واحد في متابعة ملهاة تجري بمدن ألمانيا!
قتلي المنافسة الدولية:
(الوقت هو الحياة)كلمة حكيمة قالها داعية العصر الموهوب الإمام حسن البنا، فأين هي من كأس العالم؟ بقسمة عدد الساعات المهدرة علي عدد ساعات اليوم نجد أن العالم فقد ما يعادل أكثر من (208333333. 33) يوماً ولو حولنا هذه الأيام إلي سنين نجدها (578703. 8) سنة بطولها وعرضها وليلها ونهارها، ولك أن تتخيل أن هذه السنون تعادل عمر (8267. 19) إنسان بلغ السبعين من عمره، هذا ليس بحصاد حرب أكلت الناس، حتى الحروب التقليدية لم تفعل ذلك فقد شهد بلدنا، السودان، أطول حروب القرن العشرين الماضي، وجملة عدد القتلى يقدر بمليونين من البشر، وهم الذين وقعوا صرعى في حرب امتدت إلي أكثر من عشرين سنة، ولكن كأس العالم يقضي علي ما يعادل (8267. 19) إنسان سبعيني العمر!
تلك خلاصة كأس العالم في نهائياته أم لو أُضيف إليها الساعات أو قل الأعمار التي تنفق في تصفيات الكأس في قارات العالم الخمس وفي كل قارة أكثر من مجموعة متنافسة وفي كل مجموعة أكثر من أربعة منتخبات، لك أن تتصور أن قارة أفريقيا بدولها الـ 44 تتباري لانتخاب خمس منتخبات لتمثيلها في تلك الملهاة، فكم مباراة ستُلعب وتُشاهد لمعرفة الخمس المبشرة بالجنة الأرضية!
ولك أن تحول عدد الساعات المهدر تلك إلي ساعات عمل خلاصة أجر كل عامل فيها دولاراً واحداً فقط نجدها 220مليار دولار هي إنتاج العالم (مشاهدو كأس العالم) لمباراة واحدة، هذا المبلغ يكفي للقضاء على الملاريا في أفريقيا وحل أزمة المالية للسلطة الفلسطينية، وتعويضات دارفور وجبر خواطر السود الذين دمرت(ريتا) منازلهم، وللقضاء علي الأمية في العالم و... الخ مما يشكو من العالم، وكل مشكلات دول الإفريقية الأقل تقدما، حيث يتقاضى أكثر من 65 في المئة من السكان أجرا يقل عن دولار واحد في اليوم.
غرائب كأس العالم:
من غرائب كأس العالم التي سمعت انتصار إيران علي الولايات المتحدة في إحدى دوراته، والحماسة الهائلة التي أصابت العالم الإسلامي من طنجة إلى جاكرتا لتشجيع إيران لتهزم أمريكا، فقد طال العهد بين المسلمين والانتصار في المعارك الجادة، وعلى سبيل التعويض النفسي قالوا: إذا حرمناها بالسلاح فلتكن بكرة القدم!
والغريبة الثانية أن تركيا تنافس مع مجموعات الاتحاد الأوربي رياضياً ولكن ترفض أغلب الدول الأوربية نيل تركيا لعضوية الاتحاد الأوربي وتمتع بنميره حتى ولو حرّمت الحجاب وأباحت الزنا، والأشد مضاضة أنها تلعب دائماً في المجموعة إسرائيل وتهزم دائما إسرائيل ولكن في الميدان الأخضر فقط هي التي كانت تحاصر (فيينا) عاصمة النمسا, وتحتل بلغاريا والمجر سنوات عزّ آل عثمان. ولم يغننا شيئاً اعتراف الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) بأنها قطعة غربية في الأراضي العربية, ولم يمنع دولنا من الاعتراف بها وتطبيع العلاقات معها. وأيضا يمثل تربع البرازيل علي عرش العالم الكروي وهي بلد عليه 180مليار من الديون، واحتلال السنغال مكان مرموقاً فيه، ووجود أمريكا -رغم بغضنا لها- البلد الأغنى عالمياً والأحدث تكنولوجياً في ذيل القائمة دليل بيًن وحجة واضحة، علي أن كأس العالم مجرد ملهاة ومذبح تنحر فيها الأعمار رخيصة بلا حساب!
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد