من إيجابيات ربط الإرهاب بالمسلمين الشعور بحقيقة الصراع بين الإسلام والكفر


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أحببت إبداء وجهة نظري حول هذا الموضوع الخطير، فأقول مستعيناً بالله:

 

تعريف الإرهاب لغة:

لم أقف على تعريف شرعي لمصطلح [الإرهاب] لا في النصوص الشرعية، ولا في كلام أهل العلم، لذا فإن المعنى الشرعي له هو نفس المعنى اللغوي أي هو الإخافة والإفزاع والترويح، فإن كانت الإخافة أو الترويع بحق مثل تخويف أو ترويع أعداء الدين من الكفار والفجار فهو محمود، بل هو مطلوب، وقد ورد في ذلك آيات وأحاديث كثيرة مثل قوله - تعالى -: {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم}، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: [نصرت بالرعب مسيرة شهر]، أما إن كانت الإخافة أو الترويع بغير وجه حق مثل ترويع المؤمنين أو المستأمنين من الكافرين فهي مذمومة بل منهي عنها، وقد ورد في ذلك آيات وأحاديث كثيرة مثل قوله - تعالى -: {ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين}، وكذلك نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ترويع المؤمن، وقصة الحبر اليهودي زيد بن سعفة عندما أساء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فهدده عمر - رضي الله عنه - بالقتل فارتاع اليهودي وخاف، فنهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عمر عن ترويع اليهودي وأمره إعطائه عشرين صاعاً من تمر مقابل ترويعه.

 

موقف الإسلام من [الإرهاب]:

لقد أوضحت في الفقرة السابقة المواقف الشرعي من الإرهاب بمعناه الشرعي، أما ما يتردد في وسائل الإعلام في هذه الأيام من استعمال لهذا المصطلح بحيث يجعلونه مرادفًا لترويع الآمنين، وقتل الأبرياء... الخ، ثم يطيقون هذا المعنى بصورة انتقائية!! على طريقة الكيل بمكيالين، فيدخل في [الإرهاب] جميع النشاطات الإسلامية بما في ذلك الجمعيات الخيرية الإسلامية، بينما تبقى دول الكفر والاحتلال الغاشم بريئة من ذلك بالرغم من المجازر والجرائم الإنسانية البشعة التي ترتكبها بحق المسلمين، وفلسطين والشيشان وكشمير وتركستان الشرقية والفلبين خير شاهد على ذلك حيث إن العالم الغربي الظالم يعتبر ما يجري من جرائم رهيبة بحق الأبرياء في تلك المناطق شأناً داخلياً، أما قتل رجل يهودي أو نصراني في أمريكا أو أوروبا فإنه جريمة لا تغتفر، وإرهاب ضد الإنسانية يجب محاربته والقضاء عليه، وتشكيل تحالف دولي لمحاربته!!

أقول تعريف الإرهاب بهذا المفهوم الجائر مرفوض في الإسلام، وكل مسلم سواءً كان عالماً أو طالب علم أو حتى عامياً يرفض هذا المفهوم ويعتبره استخفافاً بعقله، وإهانة لكرامته.  

 

إيجابيات وسلبيات ربط الإرهاب بالعرب والمسلمين:

ربط [الإرهاب] بالعرب والمسلمين له إيجابيات وسلبيات:

 

فأما الإيجابيات:

فشعور المسلمين بحقيقة الصراع بين الإسلام والكفر، وتنبههم لخطورة دعوى تقارب الأديان والتي لبث وراءها كثير من [المستنيرين والعقلانيين!!]، فقد عرف المسلمون ـ خاصة في أمريكا ـ مقدار والعداوة الشديدة التي يضمرها الغرب الكافر، والذي اتضح وانكشف في هذه الأحداث، فأصبح الغرب يكيل الاتهامات جزافاً بلا دليل على الإسلام ودوله وشعوبه [في الوقت الذي يدعي فيه هذا الغرب أنه بلد الحرية، العدالة والديمقراطية] إن هذه المواقف العدائية المكشوفة للغرب الكافر، وهذه الهجمة الشرسة على المسلمين تعيدهم إلى كتاب ربهم، وسنة نبيهم محمد - صلى الله عليه وسلم -، وتنبههم وتذكرهم بحقيقة مفهوم الولاء والبراء في الإسلام أي موالاة المؤمنين ومعاداة الكافرين والمنافقين، وهذا المفهوم العظيم قد تلاشى مع الأسف الشديد عند كثير من المسلمين وخصوصاً الجاليات الإسلامية التي تعيش في بلاد الكفار، ولكنه عاد بقوة واتضح وانتعش بعد الأحداث الأخيرة - بحمد الله -، ولا شك أن في ذلك خيراً كثيراً للإسلام والمسلمين، وصدق الله إذ يقول: [فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً].

 

وأما السلبيات:

فهو ما تمارسه وسائل الإعلام الأمريكية والغربية الكافرة من تشويه للإسلام وأهله وخاصة الملتزمين بالإسلام من الدعاة وطلبة العلم، وتصويرهم بصورة بشعة في أذهان الناس، إضافة على الضغوط السافرة على الدول الإسلامية لإضعاف أو منع النشاطات الإسلامية في مجال الدعوة أو الإغاثة أو التعليم، وكذلك مطاردة رؤوس الأموال الإسلامية وتجميدها عند حصول أدنى شبهة لدى الحكومات الغربية والله المستعان.

 

ضوابط الولاء والبراء وحدود التعامل مع الكفار:

الأصل أن تكون محبة المسلم وولاؤه للإسلام وأهله، وبراءته وبغضه للكفر وأهله، هذا أصل أصيل، وركن ركين في عقيدة المسلم.

لكن الذي يجب التنبيه إليه أن الإحسان إلى الكافر غير المحارب وبره لا سيما إذا كان قريباً كالوالدين أو الجيران كل ذلك لا ينافي البراءة منهم، وبغض ما هم عليه من الكفر والفجور، فإن الله - سبحانه وتعالى- يقول: {لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين} [الممتحنة آية 8]، وعلى كل حال فالتفصيل في باب الولاء والبراء يطول ذكره، وأنصح الإخوة الغراء بمراجعة الكتب المتخصصة في هذا المجال مثل كتاب الولاء والبراء للشيخ محمد سعيد القحطاني، وكذلك سماع أشرطة العلماء والدعاة الذين تكلموا بإسهاب حول هذا الموضوع الخطير.

 

هل هناك إجماع دولي لتعريف الإرهاب؟

الجواب: الواقع أن هناك إجماع دولي على عدم تعريف الإرهاب؟!

إذ إن بقاء [الإرهاب] بهذا الإيهام يعطي بعض الحكومات فرصة أوسع لضرب كل النشاطات المعادية لتوجهاتها بحجة كونها [إرهابية]، فالمقاومة المشروعة للاحتلال: إرهاب، بينما يبقى المحتل والقاتل بريئاً من هذه التهمة، فالملاحظ أن هناك تلاعباً كبيراً بهذا المصطلح، وتحكماً غير مقبول ولا منضبط، ولا أتوقع حصول إجماع دولي لتعريف الإرهاب لأن تعريفه بحق يفضح كثيراً من الحكومات ـ كما أسلفت ـ، ويجردها من الحجة التي ترددها دائماً وتتذرع بها لتبرير القتل والاغتيالات والسجن والتعذيب لكل من يخالف سياساتها، ومن هنا فأؤكد على ما سبقت الإشارة إليه من ضرورة تجنب مثل هذا المصطلح الضبابي والذي يفصله كل أحد على حسب المقاس الذي يناسبه!!

إذا كان الدفاع عن الوطن والعقيدة يعتبر إرهاباً، فإنه محمود ومطلوب!!

نعم! هو إرهاب محمود ومأمور به كما سبقت الإشارة إليه، فإن المؤمن مأمور بالقتال إذا احتل الكافر وطناً من أوطان المسلمين، وهو مع ذلك مأمور بإعداد العدة ما استطاع لإرهاب أعداء الله وأعداء رسوله - صلى الله عليه وسلم -.

 

تسمية الحروب الصليبية بأسماء أخرى مثل [العدالة المطلقة] [الحرية الدائمة لجميع البشر]:

لا شك بأن هذه التسميات والمصطلحات البراقة هي من قبيل تسمية الشيء بغير اسمه، كما أنها من الطرق الخبيثة التي تسلكها الحكومة الأمريكية في تخدير شعوب المنطقة وشعبها بشكل خاص من أجل تمرير سياساتها بدون أي ضجيج يذكر، وقد نجحت تلك الطريقة إلى حد ما في تخفيف ردود فعل الرأي العام سواء في أمريكا أو العالم.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply