الإسلام والإرهاب


بسم الله الرحمن الرحيم

 

إذا ذكرتَ كلمة الإرهاب جاء في ذهن كل أحد من الناس صورة رجل عظيم اللحية، قصير الثوب، مقطب الجبين، وهو بلا شك عربي ومسلم، ارتبط الإرهاب بشكل عام بهذا الدين وأهله، وخرجت باقي الأديان والأمم من هذه التهمة.

وأنا في هذه المقالة لا أود أن أضع الإسلام في قفص الاتهام ثم أحاول بكل ضعف وخجل الدفاع عن دين الله كما يفعل بعض من أراد الخير، وكما قَالَ ابن مسعود - رضي الله عنهما -: وَكَم مِن مُرِيدٍ, لِلخَيرِ لَن يُصِيبَهُ.

وسأبين في هذه المقالة الصلة الوثيقة بيين الإسلام والإرهاب مستنداً على أدله من كتاب الله وسنة الرسول ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وآله وَسَلَّمَ ـ ثم بعد بيان الصلة أبين من هو الذي يستحق هذه الصفة بحق ـ إذا لم يمر مقص الرقيب عليها ـ.  

وفي البداية عزيزي القارئ نود أن نتعرف على معنى الإرهاب، مع ما نلحظه فيما يتعلق بمصطلح (الإرهاب) مــن إجماع دولي على محاربته، وتخطيط محكم لاقتلاع جذوره، ونسف شجرته، نلحظ أيضاً عـدم امتلاك أي من هذه الدول لتعريف واضح ومقبول لهذا المصطلح.

تبيَّن لي من خلال استقراء بعض المعاجم العربية الأصلية أنها قد خلت من كلمة (إرهاب)، وهي كلمة أقرها المجمع اللغوي وجذرها (رهب) بمعنى خاف فمعانيها تدور حول الخوف والتخويف.

ومصطلح (الإرهاب) ترجمة حرفية للكلمة الفرنسية (Le Terrorisme) التي استحدثت أثناء الثورة الفرنسية، وهي ترجمة حرفية أيضاً للكلمة الإنجليزية (Terrorism)، ويعرّف (جورج ليفاسير) الإرهاب بأنه: (الاستعمال العمدي والمنتظم لوسائل من طبيعتها إثارة الرعب بقصد تحقيق أهداف معينة).

وأما المشروع الفرنسي المقدم عام 1972م للأمم المتحدة فيعرف الإرهاب بأنه: (عمل بربري شنيع)، في حين وصفته (فنزويلا) بأنه: (عمل يخالف الأخلاق الاجتماعية، ويشكل اغتصاباً لكرامة الإنسان).

فهذا المصطلح ليس له ضوابط وقواعد يمكن ضبطها به، وهو أمر مقصود من هذه الدول التي تبنته فأصبحت هذه الدول في جو ضبابية المصطلح لا تتكلف إذا أرادت أن تقضي على أعدائها (أياً كانوا: شخصاً، جماعةً، حزباً، نظاماً، شعباً) أكثر من أن تشير ببنانها إلى هذا العدو واصمة إياه بالإرهابº لتنطلق بعد ذلـك جيوش العالم التي سبق تجييشها ضد (الإرهاب) بخيلها ورجلها دونما تروٍ, ولا تثبت، بل ولا سماعٍ, لشاهد آخر!! فقد يكون شيخ كبير السن، أعمى البصر، لا يحمل سلاحاً، ولا يستطيع حملهº إرهابياً لأنهم يريدون ذلك، ومع الأسف أننا نجاري الغرب في كل المسميات ومعاني هذه المسميات بدون أن يكون لنا حظ في التسمية ولا فهمها.

ولكن هل للإسلام علاقة بالإرهاب؟ جوابي أنا هو: نعم، له علاقة وثيقة به! فهو دينٌ يدعو للإرهاب، وطبَّق نبيه ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وآله وَسَلَّمَ ـ معاني الإرهاب في عدد من المواضع والأوقات، والإرهاب مطلب شرعي لابد منه.

نجد في سورة الأنفال قوله - تعالى-: " وَأَعِدٌّوا لَهُم مَا استَطَعتُم مِن قُوَّةٍ, وَمِن رِبَاطِ الخَيلِ تُرهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُم ".  

قال القرطبي: ترهبون به عدو الله وعدوكم من اليهود والكفار ومشركي العرب، فالله - جل وعلا - يأمر هذه الأمة أن تعد العدة لتخويف هذه الطوائف من الناس، ليشعروا بالرعب والهلع من المسلمين كما يشعر الكثير منا الآن من الهلع والخوف من دولة تعداد سكانها مثل تعداد حي من أحياء القاهرة!!.

وحين نتأمل في حياة النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وآله وَسَلَّمَ ـ نجد أنه طبق الإرهاب في عدد من المرات فنذكر جملة منها:

تخويف أهل مكة وبيان أنه أرسل لإرهابهم فقد قال ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وآله وَسَلَّمَ ـ: " يَا مَعشَرَ قُرَيشٍ, أَمَا وَالَّذِي نَفسُ مُحَمَّدٍ, بِيَدِهِ لَقَد جِئتُكُم بِالذَّبحِ " ـ أخرجه أحمد ـ وكان يشير إلى عنقه كما في بعض الروايات، فهو إرهاب لهم، وبيان أنه أرسل ليذبحهم.

 

الأمر بالاغتيالات ونذكر منها:

خبر اغتيال محمد بن مسلمة لكعب بن الأشرف اليهودي، وخبر اغتيال عبد الله بن أنيس لخالد بن سفيان بن نبيح الهذلي، وخبر اغتيال خمسة رجال من بني سلمة من الخزرج يقودهم عبد الله بن عتيك لسلام بن أبي الحقيق، وخبر إرسال النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وآله وَسَلَّمَ ـ لعمرو بن أمية الضمري وسلمة بن أسلم لقتل أبي سفيان بن حرب ولم يقدرا عليه فقتلا عثمان بن مالك بن عبيد الله التيمي، وقد قال النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وآله وَسَلَّمَ ـ لبياميين بن عمير بن كعب لقد آذانا ابن عمك يريد عمرو بن جحاش فجعل جعلاً لرجل فقتله، وقد أذن له النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وآله وَسَلَّمَ ـ بذلك، ولم يكتفِ النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وآله وَسَلَّمَ ـ بقتل الرجال بل أمر بقتل عصماء بنت مروان، وكانت عصماء عند يزيد بن زيد بن حصن الخطمي وكانت تعيب الإسلام، وتؤذي النبي، وتحرض عليه، وتقول الشعر، فجاءها عمير بن عدي في جوف الليل حتى دخل عليها بيتها وحولها نفر من ولدها منهم من ترضعه وهو في صدرها فجسها بيده وكان ضرير البصر، ونحى الصبي عنها، ووضع سيفه على صدرها حتى أنفذه من ظهرها، هذه بعض الاغتيالات التي أمر بها النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وآله وَسَلَّمَ ـ وهي نوع من الإرهاب كذلك فكانت الاغتيالات سنة لنا وشريعة.

ولو طبقت هذه الطريقة مع عدد ممن أساء إلى الإسلام من أمثال سلمان رشدي وغيره من الكفرة والعلمانيين لوضعنا حداً لمن يتجرأ على دين الله -جل وعلا-.

وخبر ذبح النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وآله وَسَلَّمَ ـ لبني قريظة معلوم مشهور فقد ذبح من بلغ منهم، وسبى نسائهم، وقسّم أموالهم، وقد تجد أيها القارئ الكريم غير هذه الأمثلة مما يدل على إرهاب النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وآله وَسَلَّمَ ـ للكفرة الفجرة، ولمن كان هذا الإرهاب ولم كان هذا الإرهاب؟

ولكن هذا الإرهاب في ديننا لم يكن إلا مع من اشتهر بعداء الإسلام فهو ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وآله وَسَلَّمَ ـ بيّن لقريش لما أكثروا عليه من السب والسخرية أنه سيذبحهم، وكذا أمر باغتيال من أكثر الطعن في الإسلام وكان رأساً في الكفر، وقتل بني قريظة لما نزلوا على حكم حليفهم سعد بن معاذ - رضي الله عنه - وقبلوا بحكمه من جهة، ثم أنهم خانوا العهد، وأخلفوا الوعد كما هي عادة يهود.

وإذا أردت أن تعرف الإرهاب الحقيقي فانظر لما قامت به راعية السلام الدولة المتحضرة لمَّا قامت بطرد الهنود الحمر من بلادهم، وعاملت السود بكل إرهاب حتى أن أحدهم يقتل كما تقتل البعوضة، ومن شاء فيرجع لكتاب سيرة مالكو أكس - رحمه الله - ليرى المزيد عن دولة السلام.

وها هي راعية السلام تقتل في دقائق مئات الآف من الناس في قنبلتي هيروشيما وناجازاكي بغير رحمة ولا شفة ولا حاجة، حيث أن اليابان كانت قد خرجت من الحرب، ولكن الغطرسة وحب الإرهاب وإذلال الناس أبى إلا القتل والتدمير.

كما تغافلت راعية السلام عما وقع في فلسطين من قتل وتشريد من قبل دولة قذرة محتلة، وتغافلت عن ذبح آلاف الناس في البوسنة فأي جريمة هذه؟؟ وها هي راعية السلام المتغطرسة تقصف العراق المرة تلو المرة، وتحاصرها فتقتل أطفالها وعجائزها من أجل ماذا؟ أمن أجل رئيس هم صنعوه ثم وضعوه؟؟ وها هي راعية السلام المتغطرسة تقصف أفغانستان، وتحاصرها فتقتل أطفالها وعجائزها من شدة البرد والجوع وانعدام الأدوية من أجل ماذا؟

ها هي راعية السلام تقصف مصنعاً في السودان الفقيرة لأنه مصنع مواد جرثومية ـ زعموا ـ، وهب أنه كذلك!! أحرام على العرب والمسلمين أن يمتلكوا الأسلحة المتقدمة وحلال لها؟!!

وكم كان لراعية السلام من أياد ملوثة بالدماء وهي ترهب بها العباد من غير جنسها، ولكن هي التي وضعت المصطلح فهي أعرف بمن يستحقه، وتلبس من تشاء لبوس الإرهاب لتفعل به ما تشاء، ونحن أمة مطيعة نتبع راعية السلام.  

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply