اتجاهات 'الإرهاب' في فرنسا


 

بسم الله الرحمن الرحيم

أشار تقرير فرنسي - صدر مؤخراً - إلى أن التهديدات 'الإرهابية' على فرنسا لا تزال مرتفعة للغاية، وأن هناك العديد من الناشطين - معظمهم من المسلمين - الذين يشكّلون خطراً على الدولة الفرنسية، وذلك تزامناً مع ما تشنه الولايات المتحدة في حربها ضد ما يسمى 'الإرهاب'، بالرغم من اختلاف التوجهات الفرنسية عن نظيرتها الأمريكية في مختلف القضايا مثل: العراق على سبيل المثال.

كما أشار التقرير إلى تزايد عمليات المداهمات للشرطة الفرنسية لبعض المنازل التي تعتقد أنها تؤوي مشتبه بهم، وذلك تزامناً مع حملات اعتقالات موسعة في كافة أنحاء القارة الأوروبية ضد الإسلاميين الذين تتهمهم أوروبا بتبني قضايا 'الإرهاب'.

مفكرة الإسلام

ويتساءل التقرير إذا ما كان ارتفاع عمليات مكافحة 'الإرهاب' في فرنسا خلال الأشهر الماضية تشير بالفعل إلى عودة نشاط التيار الإسلامي على أراضيها، فقد وصفت 'وحدة التنسيق لمكافحة الإرهاب' - التي تضطلع بالربط بين كافة الأجهزة المعنية [الاستخبارات العامة، الشرطة، السلطة القضائية، وأجهزة مكافحة التجسس الفرنسية] - في مذكرة شاملة بتاريخ 16 ديسمبر وصفت التهديد بأنه مرتفع للغاية في كافة الأحوال، وأوردت الأسباب في المذكرة، وتتعلق هذه الأسباب باعتبارات عملية، ومنها حركات أساسية داخل التيار الجهادي الدولي، وكذلك ما يتعلق بدراسة للسياسة الداخلية والخارجية للحكومة الفرنسية.

وقد أشارت وحدة التنسيق الفرنسية لمكافحة 'الإرهاب' نقلاً عن صحيفة 'لوموند' الفرنسية إلى أن كل شيء وحتى العنف المدني يمكن اتخاذه كذريعة، ويمكن أن يعيد استخدامه التيار الإسلامي 'الأصولي' لتبرير عمليات 'إرهابية' على الأراضي الفرنسية.

· وكان أول مصدر يثير القلق من جانب وحدة التنسيق يتعلق بالوضع في العراق، أرض جديدة مفضلة للجهاد لأشخاص 'أصوليين' من أصل أوروبي، وتشير تحقيقات عديدة تم إجراؤها منذ عام إلى أن سبعة فرنسيين قضوا نحبهم في العراق، من بينهم اثنان على الأقل فدائيان، فضلاً عن 13 آخرين توجهوا للقتال بجانب المقاومة العراقية، وهناك اثنان معتقلان في العراق، بالإضافة إلى 14 آخرين في فرنسا لتقديم المساعدة للمتطوعين، وقد أشارت وحدة التنسيق لمكافحة 'الإرهاب' إلى أن التوجه نحو العراق يتم 'خارج أية شبكة منظمةº وبالتالي يمكن تحديد هويتها'، وأوضحت المذكرة أنه 'يوجد تحقيقات حالياً بصدد نحو 50 شخصاً يشتبه في انضمامهم لمثل تلك الشبكات'.

· ويعتبر ارتباط 'الجماعة السلفية للدعوة والقتال' الجزائرية بالتيار الجهادي الدولي المصدر الثاني المثير للقلق، وحسبما ذكرت الصحيفة الفرنسية فإن النشطاء الجزائريين كانوا أكثر قرباً من 'الأصوليين' المغاربة والتونسيين لتوحيد قواتهم.

وقد ذكّرت وحدة التنسيق لمكافحة 'الإرهاب' - مؤكدة على أن الجماعة السلفية للدعوة والقتال تابعة للقاعدة منذ سبتمبر 2003م - بأن أميرها 'عبد القادر دروكدال' قد جعل فرنسا منذ شهرين عدوها الأول للإسلام، وقد روجت وحدة التنسيق لمكافحة 'الإرهاب' أن 'هذه الفتوى لا يمكن أن توجد إلا في الأوساط الإسلامية غير المتجانسة في بلادنا'.

· ويأتي المصدر الثاني الذي أشار إليه الضباط الفرنسيون مؤخراً من خلال عمليات قام بها جهاز مكافحة التجسس يوم 12 ديسمبر ضد جماعة 'الوسيني شريفي': حيث هناك علاقات بين الحركة 'الأصولية' والجرائم المنظمة.

وقد زعمت المذكرة أن شبكة التجنيد التي يديرها 'صافي بو رضا'، والتي تم تفكيكها نهاية سبتمبرº مكوّنة من 'الخارجين عن القانون العام اللذين اعتنقوا الإسلام خلال اعتقالهم، وكانت الشبكة مكلّفة بتمويل الجماعة من خلال ابتزاز الأموال، والسرقة المسلحة، وتزوير كروت البنوك'.

· ووصفت الصحيفة الفرنسية أن أكثر جزء يدعو للقلق في المذكرة تتعلق بـ' إدراك الإسلاميين لسياسة فرنسا الخارجية والداخلية'، وأشارت المذكرة إلى أن 'بلادنا أحد أكثر الدول المنتقَدة بشدة من قِبل الحركة الإسلامية في العالم' لأسباب قوية ومتنوعة.

· على الصعيد الخارجي فإن وجود قوات عسكرية في أفغانستان يُنظر إليها بشكل آخر، وقد اتهمت الصحف الباكستانية فرنسا بتضليل الشباب الأفغاني، وبأنها أحد حلفاء الولايات المتحدة، والتي تتعامل معها أيضاً من خلال آلية عمل ثنائية.

· بالإضافة إلى تصديق الأمم المتحدة على قرار رقم 1559 ضد سوريا، وهي مبادرة أمريكية فرنسية تم استقبالها بشكل خطأ على حد وصفهم.

وقالت المذكرة الفرنسية إن هذه النقطة تأتي ضمن الأهداف التسعة الخاصة بضرب فرنسا، كما ذكر ذلك 'مصطفى نصر ست مريم' السوري الإسباني في بيان له على الإنترنت في الأول من ديسمبر، [ وكانت صحيفة 'لوفيجارو' الفرنسية قد نشرت منذ فترة أن مجاهداً سورياً صديقاً لـ'ابن لادن' يهدد فرنسا في شريط فيديو نشرته مواقع إسلاميةº لموقفها ضد سوريا، وقد قال المجاهد السوري نقلاً عن الصحيفة الفرنسية: 'إن من حقنا الشرعي ضرب فرنساº لأننا في حرب ضد هذا البلد، إني أدعو المجاهدين في سوريا ولبنان ودول المشرق وغيرهم لاستهداف وسط البلد ومصالحها التي توجد بها'].

· وهناك مصادر أخرى تبعث على القلق في فرنسا لها علاقة بسياستها الداخلية، وهو دون شك أول ما ذكرته وحدة التنسيق لمكافحة 'الإرهاب' الخاصة بقانون 15 مارس 2004، الذي يقضي بمنع الرموز الدينية الظاهرة في المدارس، وقد تم التنديد بهذه المبادرة مرات عديدة في شرائط الفيديو المنسوبة لزعماء إسلاميين، وفي شريط صوتي بتاريخ 15 مايو ندد 'أبو مصعب الزرقاوي' قائد المقاومة في العراق بأعمال 'شيراك النصرانية'، الذي 'أمر بجذب الحجاب من فوق رؤوس المسلمات'، وتعد الإجراءات الفرنسية لمكافحة 'الإرهاب' القائمة على إضعاف المسلمين بشكل وقائي بمثابة عداء 'تجاههم'.

ومنذ عام 2002 ارتفع بشكل كبير عدد الأشخاص المشكوك في صلتهم بـ'التطرف الإسلامي' والموضوعين تحت المراقبةº لضلوعهم بالاشتراك مع 'عصابات إجرامية على علاقة بمنظمات إرهابية'، وفقاً لإحصائيات الإدارة العامة للشرطة الوطنية،

وقد وصل عدد الأشخاص تحت المراقبة إلى 170 شخصاً في الأول من يناير، في حين أنه كان يصل إلى 101 شخص في عام 2004، ثم وصل إلى 77 شخصاً في عام 2003م، بينما كانوا 58 شخصاً في عام 2002م، ويؤكد هذا الاتجاه على ازدياد أجهزة مكافحة 'الإرهاب'، بل وميلهم إلى جمع كافة عناصرهمº وذلك في إطار تحقيق العادلة الوقائية على الطريقة الفرنسية.

وقد ارتفع عدد الأشخاص المسجونين بشكل طفيف فقد كان 23 شخصاً في عام 2002، ثم ازداد خلال نفس العام ليصل إلى 39 شخصاً، أي بإجمالي 113 أمر اعتقال في أربعة أعوام، ويوجد حالياً 99 شخصاً مشتبها في صلتهم بأعمال العنف الإسلامي معتقلين في السجون الفرنسية.

كما أعربت وحدة التنسيق لمكافحة 'الإرهاب' في النهاية عن مخاطر عودة العنف المدني الذي هزّ الضواحي الفرنسية لمدة ثلاثة أسابيع، وتقول وحدة التنسيق: أنه يُخشى أن يرى الأشخاص الأكثر تشدداً طريقة المعالجة الشرطية على أنها إحدى أشكال الصدام الحقيقي بين الحضارات، ولاسيما الأديان'.

وبالتأكد لم تظهر أية علاقة بين العنف والإسلام 'الأصولي' خلال أحداث العنف في فرنسا، إلا أن وحدة التنسيق تصف هذه الأحداث أنها بمثابة حافز لبعض الشباب المنحرف المفتقر إلى المرجعية، والذي يبحث عن هويتهº ليتحول نحو التيار الإسلامي' الأصولي' والجهاد، وبالتالي لن يتورعوا عن استهداف فرنسا، والتي يتهمونها بأنها تسعى لطردهم من أراضيها.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply