تفت فؤادك الأيام فتا

2.3k
5 دقائق
27 شوال 1428 (08-11-2007)
100%
تفت فؤادك الأيام فتا *** وتنحت جسمك الساعات نحتا

وتدعوك المنون دعاء صدق *** ألا يا صاح أنت أريد أنتا

أراك تحب عرسا ذات خدر *** أبتَّ طلاقها الأكياس بتا

تنام الدهر ويحك في غطيط *** بها حتى إذا مت انتبهتا

فكم ذا أنت مخدوع وحت *** متى لا ترعوي عنها وحتى

أبا بكر دعوتك لو أجبتا *** إلى ما فيه حظك لو عقلتا

إلى علم تكون به إماما *** مطاعاً إن نهيت وإن أمرتا

ويجلو ما بعينك من غشاها *** ويهديك الطرق إذا ضللتا

وتحمل منه في ناديك تاجا *** ويكسوك الجمال إذا عريتا

ينالك نفعه ما دمت حيا *** ويبقى ذكره لك إن ذهبتا

هو العضب المهند ليس ينبو *** تصيب به مقاتل من أردتا

وكنز لا تخاف عليه لصا *** خفيف الحمل يوجد حيث كنتا

يزيد بكثرة الإنفاق منه *** وينقص إن به كفا شددتا

فلو قد ذقت من حلواه طعما *** لآثرت التعلم واجتهدتا

ولم يشغلك عنه هوى مطاعٌ *** ولا دنيا بزخرفها فُتنتا

ولا ألهاك عنه أنيق روضٍ, *** ولا دنيا بزينتها كلفتا

فقوت الروح أرواح المعاني *** وليس بأن طعمت ولا شربتا

فواظبه وخذ بالجد فيه *** فإن أعطاكه الله انتفعتا

وإن أعطيت فيه طويل باعٍ, *** وقال الناس إنك قد علمتا

فلا تأمن سؤال الله عنه *** بتوبيخ: علمتَ فما عملتا

فرأس العلم تقوى الله حقا *** وليس بأن يقال لقد رأستا

وأفضل ثوبك الإحسان لكن *** نرى ثوب الإساءة قد لبستا

إذا ما لم يفدك العلم خيرا *** فخير منه أن لو قد جهلتا

وإن ألقاك فهمك في مهاوٍ, *** فليتك ثم ليتك ما فهمتا

ستجني من ثمار العجز جهلا *** وتصغر في العيون إذا كبرتا

وتُفقد إن جهلت وأنت باق *** وتوجد إن علمت ولو فُقدتا

وتذكر قولتي لك بعد حين *** إذا حقا بها يوما عملتا

وإن أهملتها ونبذت نصحا *** وملت إلى حطام قد جمعتا

فسوف تعض من ندم عليها *** وما تغني الندامة إن ندمتا

إذا أبصرت صحبك في سماء *** قد ارتفعوا عليك وقد سفلتا

فراجعها ودع عنك الهوينى *** فما بالبطء تدرك ما طلبتا

ولا تختَل بمالك والهُ عنه *** فليس المال إلا ما علمتا

وليس لجاهل في الناس مغن *** ولو مُلك العراق له تأتا

سينطق عنك علمك في ملاءٍ, *** ويكتب عنك يوما إن كتمتا

وما يغنيك تشييد المباني *** إذا بالجهل نفسك قد هدمتا

جعلت المال فوق العلم جهلا *** لعمرك في القضية ما عدلتا

وبينهما بنص الوحي بون *** ستعلمه إذا طه قرأتا

لئن رفع الغني لواء مال *** لأنت لواء علمك قد رفعتا

لئن جلس الغني على الحشايا *** لأنت على الكواكب قد جلستا

وإن ركب الجياد مسومات *** لأنت مناهج التقوى ركبتا

ومهما افتض أبكار الغواني *** فكم بكر من الحِكم افتضضتا

وليس يضرك الإقتار شيئا *** إذا ما أنت ربك قد عرفتا

فماذا عنده لك من جميل *** إذا بفناء طاعته أنختا

فقابل بالقبول لنصح قولي *** فإن أعرضت عنه فقد خسرتا

وإن راعيته قولا وفعلا *** وتاجرت الإله به ربحتا

فليست هذه الدنيا بشيءٍ, *** تسوؤك حقبة وتسر وقتا

وغايتها إذا فكرت فيها *** كفيئك أو كحلمك إذ حلُمتا

سجنتَ بها وأنت لها محب *** فكيف تحب ما فيه سجنتا

وتطعمك الطعام وعن قريب *** ستطعم منك ما فيها طعمتا

وتعرى إن لبست بها ثيابا *** وتكسى إن ملابسها خلعتا

وتشهد كل يوم دفن خل *** كأنك لا تراد لما شهدتا

ولم تخلق لتعمرها ولكن *** لتعبرها فجد لما خلقتا

وإن هدمت فزدها أنت هدما *** وحصن أمر دينك ما استطعتا

ولا تحزن على ما فات منها *** إذا ما أنت في أخراك فزتا

فليس بنافع ما نلت منها *** من الفاني إذا الباقي حرمتا

ولا تضحك مع السفهاء يوما *** فإنك سوف تبكي إن ضحكتا

ومن لك بالسرور وأنت رهن *** وما تدري أتُفدى أم غللتا

وسل من ربك التوفيق فيها *** وأخلص في السؤال إذا سألتا

وناد إذا سجدت له اعترافا *** بما نادا ذو النون ابن متى

ولازم بابه قرعا عساه *** سيفتح بابه لك إن قرعتا

وأكثر ذكره في الأرض دأبا *** لتُذكر في السماء إذا ذكرتا

ولا تقل الصبا فيه امتهال *** ونكر كم صغير قد دفنتا

وقل يا ناصحي بل أنت أولى *** بنصحك لو لفعلك قد نظرتا

تقطعني على التفريط لوما *** وبالتفريط دهرك قد قطعتا

وفي صغري تخوفني المنايا *** وما تدري بحالك حيث شختا

وكنت مع الصبا أهدى سبيلا *** فما لك بعد شيبك قد نكثتا

وها أنا لم أخض بحر الخطايا *** كما قد خضته حتى غرقتا

ولم أشرب حُميا أم دفرٍ, *** وأنت شربتها حتى سكرتا

ولم أنشأ بعصر فيه نفع *** وأنت نشأت فيه وما انتفعتا

ولم أحلل بواد فيه ظلم *** وأنت حللت فيه وانتهكتا

لقد صاحبتَ أعلاما كبارا *** ولم أرك اقتديت بمن صحبتا

وناداك الكتاب فلم تجبه *** ونبهك المشيب فما انتبهتا

ويقبح بالفتى فعل التصابي *** وأقبح منه شيخ قد تفتا

ونفسك ذم لا تذمم سواها *** لعيب فهي أجدر من ذممتا

وأنت أحق بالتفنيد من *** ولو كنت اللبيب لما نطقتا

ولو بكت الدما عيناك خوفا *** لذنبك لم أقل لك قد أمنتا

ومن لك بالأمان وأنت عبد *** أُمرت فما ائتمرت ولا أطعتا

ثقلت من الذنوب ولست تخشى *** لجهلك أن تخف إذا وزنتا

وتشفق للمصر على المعاصي *** وترحمه ونفسك ما رحمتا

رجعت القهقرى وخبطت عشوى *** لعمرك لو وصلت لما رجعتا

ولو وافيت ربك دون ذنب *** ونوقشت الحساب إذاً هلكتا

ولم يظلمك في عمل ولكن *** عسير أن تقوم بما حملتا

ولو قد جئت يوم الحشر فردا *** وأبصرت المنازل فيه شتى

لأعظمت الندامة فيه لهفا *** على ما في حيتك قد أضعتا

تفر من الهجير وتتقيه *** فهلا من جهنم قد فررتا

ولست تطيق أهونها عذابا *** ولو كنت الحديد به لذبتا

ولا تنكر فإن الأمر جد *** وليس كما حسبت ولا ظننتا

أبا بكر كشفت أقل عيبي *** وأكثره ومعظمه سترتا

فقل ما شئت في من المخازي *** وضاعفها فإنك قد صدقتا

ومهما عبتني فلفرط علمي *** بباطنه كأنك قد مدحتا

فلا ترض المعايب فهو عار *** عظيم يورث المحبوب مقتا

وتهوي بالوجيه من الثريا *** ويبدله مكان الفوق تحتا

كما الطاعات تبلك الدراري *** وتجعلك القريب وإن بعدتا

وتنشر عنك في الدنيا جميلا *** وتلقى البر فيها حيث شئتا

وتمشي في مناكبها عزيزا *** وتجني الحمد فيما قد غرستا

وأنت إن لم تُعرف بعيبٍ, *** ولا دنست ثوبك مذ نشأتا

ولا سابقت في ميدان زورٍ, *** ولا أوضعتَ فيه ولا خببتا

فإن لم تنأ عنه نشبت فيه *** ومن لك بالخلاص إذا نشبتا

تدنس ما تطهر منك حتى *** كأنك قبل ذلك ما طهرتا

وصرت أسير ذنبك في وثاق *** وكيف لك الفكاك وقد أُسرتا

فخف أبناء جنسك واخش منهم *** كما تخشى الضراغم والسبنتا

السَّبَنتَا: النمر ***

وخالطهم وزايلهم حِذارا *** وكن كالسامري إذا لُمستا

وإن جهلوا عليك فقل سلام *** لعلك سوف تسلم إن فعلتا

ومن لك بالسلامة في زمان *** تنال العصم إلا إن عصمتا

ولا تلبث بحي فيه ضيمٌ *** يميت القلب إلا إن كُبلتا

وغرب فالتغرب فيه خير *** وشرق إن بريقك قد شرقتا

فليس الزهد في الدنيا خمولا *** لأنت بها الأمير إذا زهدتا

ولو فوق الأمير تكون فيها *** سموا وارتفاعا كنت أنتا

فإن فارقتها وخرجت منها *** إلى دار السلام فقد سلمتا

وإن أكرمتها ونظرت فيها *** لإكرام فنفسك قد أهنتا

جمعتُ لك النصائح فامتثلها *** حياتك فهي أفضل ما امتثلتا

وطولتُ العتاب وزدت فيه *** لأنك في البطالة قد أطلتا

ولا يغررك تقصيري وسهوي *** وخذ بوصيتي لك إن رشدتا

وقد أردفتها تسعا حسانا *** وكانت قبل ذا مائة وستا

وصلى على تمام الرسل ربي *** وعترته الكريمة ما ذكرتا


أضف تعليق