تبت أياديكم يا من تجرأتم على القرآن والرسول والإسلام


 

بسم الله الرحمن الرحيم

الشرق ق/ وقفت الكلمات عاجزة مصابة بالهوان، ومسكونة بالانكسار، وحبلى بالإحباط، وهي تتابع جريمة لم تنته فصولاً بعد، وهي ما أقدم عليه الجنود الأمريكيون في معسكر اكس أو غوانتانامو بالقرآن الكريم، وللوهلة الأولى أصبنا بالغضب، ثم سرعان ما اكتفينا بمتابعة التظاهرات التي اندلعت ضد الجريمة فانشغلنا برصدها، وطالت أحاديثنا لنعرف أين وقعت؟ وما نجم عنها من إحراق للعلم الأمريكي؟ أو محاولة ترجمة بعض اللافتات التي رفعت فيها بالإنجليزية، وأدركنا أن بعضها هاجم الرئيس بوش، وأخرى صبت جام غضبها على الغرب، وثالثة مجدت القرآن.

ووسط متابعتنا وإعجابنا ببعض صور التظاهرات، ومع إشارة مجلة نيوزويك في عددها التالي أنها على ما يبدو ارتكبت خطأ في نشر خبر تدنيس القرآن (تبت أياديهم)، وتأكيد السيدة كونداليزا رايس بأن العمل لن يمر من دون عقاب، أصابنا الصمت، وانشغلنا بأمور أخرى - وهي كثيرة - من حمامات الدم في العراق، إلى انتخاب هيفاء وهبي ملكة الجمال والجسد من رابطة الحلاقين في الأردن، ويقال - والحق يقال - أن الانتخاب كان سليماً وغير مزور أو مزيف رغم حصولها على %99!!

ولكن قبيل ترك هذا الموضوع هناك 3 ملاحظات مهمة:

أولاً: لم ثارت ثائرة العالم الإسلامي على خبر نيوزيويك، ولم يتحرك هذا العالم نفسه حين اعترف مفرج عنهم من قبل ومنذ شهور من معسكر اكس نفسه بقيام الجنود الأمريكيين بالأمر نفسه مرات عدة، وقد انضم إلي في طرح هذا التساؤل وأنا اكتب المقال صحيفة لوموند الفرنسية؟ فتحت عنوان «استغراب من تشكيك نيوزويك لنبأ تدنيس المصحف»،  قالت الجزيرة نت نقلاً عن لوموند الفرنسية: «إن ما نشرته نيوزويك لم يكن جديداً إذ أعلنه من قبل سجناء تم إطلاق سراحهم»، وقالت اللوموند: «إن اعتذار النيوزويك يأتي في لحظة تشديد على الصحافة الأمريكية، حيث تمت إقالة عدة صحفيين بسبب تحقيقات قيل أنها مزورة»، وذكرت الصحيفة الفرنسية أنها سبق أن قدمت شهادات لمساجين بريطانيين سابقين في غوانتانامو تم إطلاق سراحهم تثبت ما نفته وزارة الدفاع الأمريكية، وقال معظم بك أحد المساجين البريطانيين بغوانتانامو الذي أطلق سراحه في 26 يناير 2005 أنه من المشتهر بين السجناء أن جنديا أمريكياً ألقى مصحفاً في مكان مخصص لقضاء الحاجة، وأنه رأي في نفس العام - ويقصد هنا 2002 - أحداثاً عدة أغضبت المساجين في بغرام الأفغانية منها: وضع جندي أمريكي مصحفاً في الحمام، أما جمال الحارث وهو أيضاً شاهد عيان، وسجين سابق في غوانتانامو، وأطلق سراحه في 2004م أن أحد المحققين داس المصحف الشريف، وأن المساجين أضربوا عن الطعام مرة بسبب إلقاء حارس أمريكي مصحفاً في مكان قضاء الحاجة.

الجندي والمحقق والحارس متورطون ومتهمون ومنذ 2002، والشهادة ليست نقلاً عن صحيفة عربية أو مقربة من العرب بل من اللوموند التي لم تتورع مراراً عن نشر إساءات للإسلام.

ثانياً: قرأت جيداً طيلة الأسبوع الماضي ردود أفعال الكبار، والكبار هنا هم علماء الدين، فقصروا حديثهم على ما نشرته النيوزويك، ولم يحدث أن تطرق احدهم إلى أمور مشابهة حدثت من قبل، وسبق أن ظهروا على شاشات التلفزة يعلقون ويشرحون، والوقائع السابقة شوهت ديننا، وأساءت إلى رسولنا، وحرفت قرآننا، ووصفت الأحاديث النبوية بالنثر، والآيات القرآنية بالشعر، وبدا لي - والله اعلم - أنهم طبقوا لكل مقام مقال!

ثالثاً: هل هناك تعمد في توقيت نشر الخبر؟ وأرجو من يتهمني بنظرية المؤامرة تلويحاً أو إيهاماً أن أريحه وأقر له أنا مسكون بها بعدما أثبتت الوقائع، ودمغت المستندات تفسير الكثير من الأحداث التي مرت بنا، وكنا نتلقاها ونحن في غيبة عن وعينا وإدراكنا، وحين انقشعت الغمة عن عيوننا أعدنا تفسير الأحداث فثبتت صحة نظرية المؤامرة، وتراجع الذين يتهموننا بها إلى جحورهم، إلى حين توجيه اتهام آخر، واحسب لو أنهم قرأوا ما نشر في اللوموند الفرنسية لأدركوا أن هناك سراً في توقيت بث النبأ.

الملاحظات الثلاث لن أزيد في تفسيرها، ولن أحاول سبر أغوارها، لكنني سأتركها للقارىء لعل وعسى يجد تفسيراً أو تبريراً، أو منطقاً يفسر ما يدور حولنا، والذي يوجه طعنة لأعز ما نملك - وأقصد العقيدة -، وأكثر ما نحب ونجل - وأقصد المصطفى - صلى الله عليه وسلم -,وأجلّ ما نقدر ونتمسك وأقصد القرآن الكريم.

وبعيداً عن تعمد الجنود إتيان هذا العمل الشنيع أذكركم وأذكر نفسي بـ: ((وَنُنَزِّلُ مِنَ القُرآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحمَةٌ لِّلمُؤمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً )) الإسراء82، وأيضاً: ((إِنَّا نَحنُ نَزَّلنَا الذِّكرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)) الحجر 9، فدعهم يحاولون ويستفزون، فللقرآن رب يحميه ويحفظه.

وقبيل أن أتوقف عند الذي حدث في غوانتانامو أسأل ºوالسؤال هذه المرة معروفة إجابته، ومحددة طريقة معالجته، ومعلوم توقيت مناقشته، ماذا ننتظر؟ ننتظر أن يحقق مع الجنود ويودعون السجن؟ أننتظر أن يعتذروا؟ أننتظر أن ينفوا فعلتهم؟ أحسب لا هذا، ولا ذاك، ولا تلكº تشفي الصدور مما ألم بها، أو تطفىء ناراً اشتعلت في قلوبنا، أو توقف غيرهم ليجددوا الفعلة نفسها، أو تحول دون تعرض ديننا لحملة منظمة من هجوم ضار لن يتوقف ولن يتراجع.

المصيبة الكبرى أن من بيننا من ارتكب أخطاء مماثلة، وعاش وسطنا ونَصِفُه بالمفكر الكبير، أو المبدع الفحل، تعقد له الندوات، وتقف أمامه ميكروفونات المحطات لتحصل منه على تصريح، وأحياناً يقف أمام اكبر المسؤولين ليبتسم أمام الكاميرات وهو يتلقى جائزة إبداعية، وأن نطق احد ممن يوصفون بالمتخلفين - من أمثالي، أو أنا أولهم - يعترض أو يتأفف أو يبدي استغراباً يقال عنه ما قال سيدنا مالك في الخمر، ويوصف بالرجعي والهدام والمتخلف وهلم جراً.

ألم يكن حيدر حيدر أو هذا الحيدر الحيدر منا؟ أنسيتم ما خطه خليل عبد الكريم قبل مماته، ألم تقرأوا ما قالته تسليمة نسرين البنغالية صاحبة رواية العار؟ ألم نعد نتذكر سلمان رشدي والذي قامت الدنيا لأن فتوى أهدرت دمه، ولكن أن يهدر دم عقيدة فهو أمر محل جدل، وأن يوجه طعنة لأمة بأكملها فالأمر يحتاج إلى بحث وندوة ومفكرين ليقولوا كلمتهم، تبت أياديهم وهم يقولون الكذب والتلفيق، يلبسون الهجوم على النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - ثوب الإبداع، ويعتبرون تحريف القرآن إبداعاً، ويصفون تيار من يعتبرون القرآن شعراً والأحاديث النبوية نثراً بالليبراليين الجدد، ويقولون: علينا احترام الفكر والعقل، وهم برآء من الفكر والعقل، لأنهم مسكونون بالجهل، يقول - سبحانه وتعالى - في سورة الأحقاف الآية 23: ((قَالَ إِنَّمَا العِلمُ عِندَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُم مَّا أُرسِلتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُم قَوماً تَجهَلُونَ ))، ولأن القرآن كما أدبنا وعلمنا نافع لكل زمان ومكان أذكر بالآية 15 من سورة البقرة ((اللّهُ يَستَهزِئُ بِهِم وَيَمُدٌّهُم فِي طُغيَانِهِم يَعمَهُونَ ))، والآية 186 من الأعراف ((مَن يُضلِلِ اللّهُ فَلاَ هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُم فِي طُغيَانِهِم يَعمَهُونَ))، والآية72 من سورة الحجر ((لَعَمرُكَ إِنَّهُم لَفِي سَكرَتِهِم يَعمَهُونَ))، واختم هنا بالآية الرابعة في سورة النمل واصفاً هؤلاء ((إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤمِنُونَ بِالآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُم أَعمَالَهُم فَهُم يَعمَهُونَ)).

حين أبلع مرارة ما حدث في غوانتانامو أو بغرام، وأجول علي هؤلاء الذين نعتبرهم مناº تصرخ الكلمات حزناً، وتئن الحروف هماً، وتبكي الجمل دماً، ويتجمد القلم من هول ما تقع عليه العينان، وتتمرد اللغة فلا كلمة توفي ولا حرف يصف ولا سطر يشفي، أحاول الوصف فلا أقدر، وتتضرع الحروف لتشكل كلمات فلا أستطع، فالأمر خطير، والوقائع مرعبة، أين كنا حين صدرت مطابعنا العربية، ودارت ماكيناتها، وسالت أحبارها، وانهمك عمالهاº حين طبع كتاب تصنيع نبي، نعم هذا ما خطه كاتب سبقت جريدة الأهالي المصرية أن أسمته بالمفكر الإسلامي، أين كنا حين أصر خليل عبد الكريم على تصنيع نبي وكتب العنوان بخط يده ثم في جلسة مسائية يقول له الناشر فلنسمه فترة التكوين في حياة الصادق الأمين حتى نفوت على المتخلفين فرصة مصادرة الكتاب، هل تعرفون ما قاله هذا الخليل عبد الكريم، قال: إن محمد ليس نبياً، وإنه مجرد تلميذ عبقري لمجموعة من الأساتذة هم السيدة خديجة، وابن عمها ورقة بن نوفل، ومجموعة من المسيحيين، وقد قامت هذه المجموعة بصناعة هذا النبي!! من خلال تعليمه طيلة 15 عاماً كتب الأولين والمذاهب ((مَّا لَهُم بِهِ مِن عِلمٍ, وَلَا لِآبَائِهِم كَبُرَت كَلِمَةً تَخرُجُ مِن أَفوَاهِهِم إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً )) الكهف 5، ثم يتطاول على القرآن نفسه فيقول: إن التلميذ العبقري بعد هذه الدراسة وضع القرآن الكريم، والله لو كانت كونداليزا رايس استنكرت شفاهة وحتى إن كانت تضمر غير ما تعلن حين قالت: إن علينا احترام القرآن باعتبارة كتاباً مقدساً لهي خير من خليل الذي لم يعترف بالقرآن، والأخير منا يحمل اسماً إسلامياً، ويصنف باعتباره كاتباً إسلامياً.

إني أمسك عما كتبه خليل، فما كتبه في مؤلفاته ومنها «الجذور التاريخية للشريعة الإسلامية»، و«قريش من القبيلة إلى الدولة المركزية»، و«شدو الربابة بأحوال الصحابة» لا يستحق عناء البحث، ولا يتطلب قراءة، ولن أتطرق إلى ما سبق وقاله طه حسين إلا ما ورد عن مصطفى صادق الرافعي في كتابه تحت راية القرآن: عصبية طه حسين على الإسلام تلبس ثلاثة وجوه: أولها عقيدته في القرآن، وأنه من وضع الذي أتى به لا من وحي ولا تنزيل ولا معجزة, وثانيها: رأيه في النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا نبوة ولا رسالة، وثالثها: عمله في توهين أمر الأئمة من الصحابة، ولن أعطي شرفاً لهذا الحيدر الحيدر لأذكر سطراً من روايته، ولن تنال الكاتبة الصومالية النائبة الهولندية حالياً ايان حيرسي شرف سطر واحد لكي أشير إلى أفكارها عن الإسلام ونبيه في فيلم خضوع 1، الذي راح ضحيته مخرجه حفيد الفنان فان جوخ، وهو المخرج تيوفان جوخ، ولا تستحق البنغالية تسليمة نسرين أو الهندي سلمان رشدي كلمة واحدة لأن هؤلاء جميعاً امتطوا صهوة جواد الشهرة من خلال شذوذ الفكر، ومن خلال الجهل، ومن خلال تمردهم على حقائق ناصعة يقينية فأتوا بزيف، وحاولوا إهدار دم أمة بكلمات وتفسيرات وتأويلات وجدوا من يسميها إبداعاً أو فكراً، لن أذكر هؤلاء لكني أذكر مقولة اقتحمت عقلي وأنا أجول بين الكتب للورد كرومر: «جئت إلى مصر لأمحو ثلاثاً: القرآن، والكعبة، والأزهر»، هم دبروا وخططوا، وقام السفهاء منا ونفذوا وكتبوا، وألفوا ووجدوا في الغرب ملجأ لمنحهم حق اللجوء السياسي، فرشدي مواطن بريطاني، وتسليمة سويدية، وايان هولندية، وهلم جراً.

وهؤلاء منا، نعم منا، ولم يشتهروا إلا لأنهم منا، ليقول أمثال كرومر وأحفاده: إن الإسلام مدان من أهله، وإن الحرية تستوجب حمايتهم، وإن العصر الحديث يلزم تسليط الضوء عليهم، ونشر أفكارهم وتمجيدهم، ومنحهم الجوائز والدروع، وإرهاب من ينتقدهم، ووصف من يعري زيفهم بالرجعيين المتخلفين!!

لم يكن محققو وجنود وحراس القوات الأمريكية وحدهم الذين تعمدوا طعننا في أعز ما نملك ونجل، ونقدر ونهتم ونؤمن، فقد سبقهم فريقان: فريق منا تبجح أحدهم ذات مرة وقال: إن الرسول [ فشل في تبليغ رسالته[، ونشر تصريحه في صحيفة عربية ثم تحت وطأة الغضب آنذاك عاد واعتذر، وفريق مسكون لا هم له إلا محاربة كل ما يمت للإسلام من دين ونبي، وقرآن وأحاديث، وصحابة وسيرة وفقه.

فهذا الكاتب الفرنسي ميشيل ولبيك صاحب كتاب الرصيف أو بلات فورم يقول بملء فيه في حوار مع مجلة لير الأدبية المعروفة (عدد سبتمبر 2001): إن الإيمان برب واحد هو من أفعال معتلي العقل، وإن الإسلام هو أغبى الأديان قاطبة، وإن قراءة القرآن محطمة للأعصاب، وبدا أنه لم يكتف باعتلال عقله وفكره فعاد يقول: بأن الإسلام دين خطير منذ نشأته، أما في روايته المسماه بالرصيف فسأكتفي هنا بنقل فقرة منها، وأترك لعتاة المفكرين والمبدعين أن يقولوا رأيهم فهو واحد منهم، وهم منه على شاكلته يقول ميشيل: في كل مرة يتطرق إلى مسامعي مقتل إرهابي فلسطيني، وطفل فلسطيني، أو امرأة حبلى فلسطينية بالرصاص في قطاع غزة فإن بدني يشعر بمتعة التفكير بأن المسلمين فقدوا شخصاً.

فهل نال هذا الميشيل شيئاً؟ هل ردت فرنسا الاعتبار لـ 8 ملايين مسلم يحملون جنسيتها، ويقيمون على أراضيها، إن كانت ردت جزءاً من الاعتبار فتوقعوا أن ذلك سيحدث حيال محققي وحراس وجنود اكس وبغرام!!

وهذه جماعة تسمي نفسها القلم في مواجهة السيف على اعتبار أن الإسلام انتشر بحد السيف كما كذبوا وتوهموا وصدَّقوا أنفسهم، تقول: علماً أن المتطرفين الإسلاميين يعملون جاهدين لتحويل أمريكا إلى الإسلام، وقد استعانت هذه الجماعة بمن وصفتهم بأنهم منا ليعدوا كتباً تباع بأثمان زهيدة على شبكة الانترنت منها: «هل القرآن معصوم» لمؤلفة عبد القادي، وكتاب «هذا هو محمد» و«هذا هو القرآن» لمحمد موسى عبد الأوحد، «فترة التكوين» لخليل عبد الكريم، «عندما تجرأت ودعوت الله أبي» لبلقيس شيخ، وهلم جراً من كتب اختيرت بعناية، وتعمل هذه الجماعة بحرية شديدة، وتتلقى تبرعات والمهمة هي الطعن في الإسلام، فهل يتصور أحد أن تواجه هذه الجماعة أي تصرف يوقفها، أو يراجعها، أو يؤنبها، أو حتى يقال لها: إنك تمارسين أعتى أنواع الإرهاب!! إن تلقت أياً مما سبق فتوقعوا أن ذلك سيحدث حيال محققي وحراس وجنود اكس وبغرام!!

وهذا الأشهر تعصباً ضد الإسلام القس الأمريكي بات روبرتسون في واحد من بين عشرات البرامج، وعلى قناة فوكس التي يملكها إمبراطور الإعلام اليهودي روبرت ميردوخº راح بات يتعرض لشخصية الرسول [ بإساءات بالغة، وقال إن الرسول ما هو إلا مجرد متطرف، ذو عيون متوحشة، تتحرك عبثاً من الجنون، ولقد كان سارقاً وقاطع طريق، حدث ذلك في برنامج هانيتي اند كولمز ولم يراجعه المذيع، لم يقل له توقف.. احذر، وحين هب المسلمون قالت فوكس إنها حرية التعبير.

بات روبرتسون يرى الإسلام خدعة كبرى، ويرى ضرورة خوض حرب ضروس ضده تأكل الأخضر واليابس لكي تنتهي بالقضاء على هذا الدين، هذا الحديث وقع في سبتمبر 2002 فهل تعرض روبرتسون لمجرد تأنيب، أو سمع حرفاً يقول له: إنك تحدث فتنة كبرى، وإنك تقود لصناعة جيش من الإرهابيين مسلحين بكراهية دين سماوي؟ إن كان حدث ذلك فتوقعوا أن ذلك سيحدث حيال محققي وحراس وجنود اكس وبغرام!!

وهذا جيري فالويل وهو قسيس أمريكي يقيم في فيرجينيا في منطقة لينشبرج، وله برنامج أسبوعي يتابعه نحو 10 ملايين مشاهد يقول في برنامج أذيع في السادس من أكتوبر 2002: اعتقد أن محمداً كان إرهابياً!! وأعتقد أن المسيح وضع مثالاً للحب كما فعل موسى، وأن محمد وضع مثالاً عكسياً، إنه كان لصاً وقاطع طريق!! فهل توقف برنامج هذا الإرهابي فالويل، أو قيل له: خفف من حدة هجومك؟ إن حدث ذلك فتوقعوا أن ذلك سيحدث حيال محققي وحراس وجنود اكس وبغرام!!

وذاك جيري فاينز يقول عن نبينا: إنه يتملكه الشيطان!! وفاينز هذا راعي كنيسة في فلوريدا، يصل عدد أتباعها إلى 25 ألفاً، ومن الشخصيات التي تحظى بثقة الكبار في البيت الأبيض، حيث يشيدون بأفكاره التي بلغت حد اتهام النبي بتهمة إن القلم والله ليقطر دماً إن قالها، أو أشار إليها، فهل تعرض هذا الصعلوك المتطرف المخبول لتأنيب أو لوم ليتعلم الأدب حين يتحدث عن خير خلق البرية، إن كان حدث ذلك فتوقعوا أن ذلك سيحدث حيال محققي وحراس وجنود اكس وبغرام!!

هذا غيض من فيض، فالأمثلة كثيرة والوقائع حرصت أن يكون مضى عليها أكثر من عامين أو ثلاثة لعل وعسى يكون هؤلاء تعرضوا لتأنيب أو لوم، ولكن لم يحدث، ولن يحدث، بل إن استمرأوا ما يقولونه وأطلقوا لأفكارهم الشاذة العنان لا ليهاجموا الإسلام ويتعرضوا لخاتم الأنبياء بل ليطفحوا بقاذوراتهم التي تتفاعل داخلهم، أي كلمات يمكن أن تصف ما قاله هؤلاء سواء من هم منا أو منهم لا هم لهم إلا تدمير الإسلام؟

أي سطور تستطيع أن ترد على هؤلاء؟

أي لغة تملك من المفردات لتقول لهؤلاء وهؤلاء: لقد فاض كيلكم، وتجاوزتم حدودكم، وتعمدتم إشعال نيران الغضب فينا، ودعوتم لحرب تسال فيها دماء المسلم من دون دماء أي صاحب ديانة أخرى؟

فيا من تستمتعون ببقر بطون النساء، ويا من يخرف بأن الحبيب محمداً - صلى الله عليه وسلم - تلميذ عبقري وضع القرآن لخدمة مصالحه، ويا من تنتعشون حين يقتل طفل مسلم، ويا من تعمدتم تدنيس القرآن في بغرام ومعسكر اكس، ويا من اعتبرتم أن الدين الإسلامي في غاية الخطورة التي تستلزم إعلان الحرب ضد معتنقيه، ويا من تجرأتم بقول فاحش في ما تسمونه مؤلفات وإبداعاً، ويا من أنكرتم القرآن وحسبتموه شعراً، ويا من وصل بكم القبح أن قلتم عن الصحابة شدوا الربابة على الصحابة، ويا من تعاطيتم قول اللورد كرومر وبات هدفكم تدمير القرآن والكعبة والأزهر، ويا من فتحت لكم المحطات لتبثوا سمومكم وأمراضكم ضد دين يحترم معتنقوه ديانتكم ،ويؤمنون برسلكم، ويا من أصابكم صمت مريب اسمه الإيمان بالمبدعين وحرية الفكر، أقول لكم جميعاً اسماً اسماً: ((كَبُرَت كَلِمَةً تَخرُجُ مِن أَفوَاهِهِم إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً)) و(( إِنَّا نَحنُ نَزَّلنَا الذِّكرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ )) الحجر 9 و ((مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ, مِّن رِّجَالِكُم وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيءٍ, عَلِيماً )) الأحزاب 40، و ((وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى)) النجم 3.

وأختم وأنا عاجز عن الكتابة، مسكون بألم، ومقتول بخنجر، راوغتني الكلمات، وفرت مني المعاني، وأبت السطور أن تنقل ما يحترق في القلب من نيران الهموم، وتمردت العربية فما منحتني من فيضها إلا النزر القليل، أختم من القرآن، وفي الخاتمة حين تستعين بالقرآن تلخيص وإيجاز، يقول المولى - سبحانه، وجلت قدرته وعظمته - في الآية 53 من آل عمران : ((رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أََََََََََََََََنزَلتَ وَاتَّبَعنَا الرَّسُولَ فَاكتُبنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ))، وأقول حين دعا سيدنا موسى ربه وهو خائف لينجيه من ظلم فرعون، وهي دعوة نكررها من واقع حالنا وأحوالنا وهواننا ((فَخَرَجَ مِنهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ القَومِ الظَّالِمِينَ )) الصدق الله العظيم القصص 21.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply