المجر.. اهتمام بدراسة الإسلام والعربية


 

بسم الله الرحمن الرحيم

المجر هي إحدى دول جنوب وسط أوروبا التي عرفت الإسلام منذ نهاية القرن الرابع الهجري، تبلغ مساحة أراضيها (93) ألف و (36) كيلو متراً مربعاً، وسكانها نحو (12) مليون نسمة، والعاصمة هي مدينة "بودابست"، وقد ظهرت المجر كدولة بعد الحرب العالمية الأولى بعد أن احتلتها النمسا مدة طويلة، كما سيطرت عليها ألمانيا في أثناء الحرب العالمية الثانية، وسيطرت عليها روسيا حتى استقلت، وانضمت إلى الأمم المتحدة في 14 ديسمبر عام 1955 ميلادية.

ونظام الحكم في المجر جمهوري، والعملة المتداولة هناك اسمها "فورينت"، تحدّ المجر من الشمال: جمهورية التشيك وجمهورية سلوفاكيا، ومن الجنوب: يوغوسلافيا السابقة، ومن الشرق: رومانيا، ومن الغرب: النمسا، ومن الشمال الشرقي: روسيا، والنمو السكاني في المجر بطيء للغايةº حيث كانت أعداد السكان في عام 1949 ميلادية أكثر من تسعة ملايين نسمة، ووصلت أعدادهم إلى عشرة ملايين نسمة بعد 30 عاماً، و95% من سكان المجر من عناصر بشرية آسيوية، وهناك أقليات من الألمان، واليوغوسلاف، والرومان، والعرب، والكروات، واللغة المجرية لغة آسيوية الأصل،

 

القبائل البلغارية:

وقد عرفت المجر الإسلام عن طريق القبائل البلغارية التي هاجرت إلى المجر في أواخر القرن الرابع الهجري، وتأسست في المجر جالية مسلمة على مذهب الإمام أبي حنيفة، وانتشر المسلمون في (30) قرية مجرية، كما حرصوا على تربية النشء المسلم تربية إسلامية صحيحة، واهتموا بإرسال طلاب العلم إلى الدول العربية لدراسة علوم الإسلام واللغة العربية.

كما هاجر إلى المجر بعض علماء الإسلام من الأندلس منهم أبو حامد الغرناطي وابنه حامد وذلك في القرن السادس الهجري، وقد زادت أعداد المسلمين في المجر بعد الفتح الإسلامي للمجر في عام 949 هجرية ( 1586 ميلادية )، حيث اعتنق عدد لا بأس به من المجريين الإسلام طواعية، كما استقرت هناك جالية إسلامية تركية، وقد استقرت هذه الجالية المسلمة في المجر بعد انتهاء الحكم التركي في عام 1098 هجرية (1687 ميلادية).

 

المساجد والمؤسسات الإسلامية:

وقد رصدت المؤسسات المجرية (61) مسجداً جامعاً، و(22) مسجداً للصلوات الخمس، وعشر مدارس إسلامية، وعدداً من المكتبات الإسلامية في مدينة بودابست وحدها، كما كانت العاصمة ذات طابع معماري إسلامي، إلا أن المؤسسات الدعوية والتعليمية قد تعرضت للتدمير في القرن السابع عشر الميلادي، بينما تناقصت أعداد المسلمين في المجر  فبلغت أعدادهم في أعقاب الحرب العالمية الثانية ثلاثة آلاف مسلم، ثم تزايدت أعداد المسلمين مرة أخرى فأصبحوا ستة آلاف نسمة في عام 1985 ميلادية.

وقد تأسست في بودابست منذ عدة سنوات جمعية إسلامية مهمتها الحفاظ على الآثار الإسلامية، وإعادة ترميم المساجد، كما تم إنشاء مدرسة إسلامية، ويشرف على هذه الجمعية الدكتور يوسف جيرو خبير الآثار الإسلامية المجري، وقد تأثرت اللغة المجرية باللغات العربية والتركية والفارسية، حتى إن بعض الكلمات العربية تستخدم في اللغة المجرية بنفس معناها مثل كلمات:" الماعز" و "القهوة" وغيرها، ويوجد بالمجر العديد من الكتب والمخطوطات الإسلامية، كما أشارت بعض الدراسات المجرية أن سكان المجر من أصل عربي، وممن قالوا بذلك الدكتور حسن بيجاري المجري من أصل أذربيجاني، والدكتور كاروى سجليدى رئيس الجمعية الإسلامية في بودابست.

ومن أشهر المساجد الأثرية التي تم إعادة تعميرها في المجر مسجد حسن باكوفيل الذي يقع في جنوب المجر، ومسجد الغازي قاسم الذي يُعدّ من أهم رموز العمارة الإسلاميةº إذ يضم مجموعة نادرة من الزخارف الإسلامية والنقوش النباتية والخط العربي، وقد ساهم في ترميم هذا المسجد متحف بودابست الوطني، ومتحف الفنون الجميلة بالمجر، كما قامت تركيا بإهداء المسجد مجموعة من السجاد الفاخر، والتحف الإسلامية النادرة، ومجموعة قيمة من اللوحات القرآنية.

 

استرداد أمجاد المسلمين:

وتشهد الأقلية المسلمة في المجر صحوة إسلامية واعية تستهدف استرداد أمجاد المسلمين الأول في المجر، ونشر الإسلام، والتعريف بهدايات الدين الإسلامي الحنيف بين السكان، وقد تجاوب الشعب المجري مع دعوة الإسلامº فاعتنق عدد لا بأس به من السكان الإسلام حتى بلغت أعداد المسلمين اليوم أكثر من (30) ألف نسمة.

وقد ترجم علماء الإسلام معاني القرآن الكريم باللغة المجرية، كما تمت ترجمة مقدمة ابن خلدون إلى اللغة المجرية أيضاً، كما تأسس في جامعة بودابست قسم للدراسات الإسلامية والعربية.

وقد اعترفت السلطات المجريّة بالدين الإسلامي الحنيف، واعترفت بحقوق المسلمين، كما تقوم الحكومة المجرية بتقديم الدعم المادي للمؤسسات الإسلاميةº إذ تم إنشاء المركز الإسلامي في العاصمة بودابست، وإنشاء بعض المدارس القرآنية لتحفيظ القرآن الكريم، وتعليم اللغة العربية.

ومن أشهر الشخصيات المجرية التي اعتنقت الإسلام الدكتور عبد الكريم جرمانوس، الذي ولد في بودابست في 6 نوفمبر 1884 ميلادية، وعاش 96 عاماًº رحل خلالها إلى تركيا ودرس الإسلام في جامعة اسطنبول، ثم سافر إلى النمسا وإنجلترا ودرس الإسلام، واطلع على المخطوطات الإسلامية النادرة في هذه الدول، وعمل مدرساً لتاريخ الفكر الإسلامي في جامعة بودابست، ثم سافر إلى الهند وأشهر إسلامه بمسجد دلهي، ثم جاء إلى مصر ودرس بالأزهر، ووضع العديد من المؤلفات الإسلاميةº بلغت مؤلفاته (132) مؤلفاً جميعها حول الإسلام والأدب العربي، وقد تم اختياره عضواً بمجمع اللغة العربية في القاهرة.

وتحرص المملكة العربية السعودية على دعم الأقلية المسلمة في المجر بالمكتبات الإسلامية، ودعم مؤسساتهم الدعوية والتعليمية، وتوفد إليهم الوُعّاظ وقُرّاء القرآن الكريم في المناسبات الدينية المختلفة، كما تحرص على دعوة قادة العمل الإسلامي في المجر للمشاركة في المؤتمرات الإسلامية الدورية التي تُعقد لبحث القضايا الإسلامية.

وقد أدّى انتعاش المؤسسات الإسلامية في المجر إلى زيادة أعداد المسلمين، وتتوقع المصادر الإسلامية المجرية زيادة الإقبال على اعتناق الإسلام بسبب التعريف الجيد بحقائق وهدايات الدين الإسلامي الحنيف، وحرص الجالية المسلمة في المجر على عقد ندوات التعريف بالإسلام، ونشر الوعي الديني بين المسلمين للحِفاظ على هويتهم العقائدية.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply