الغزو الثقافي الهندوسي للمسلمين عديم الأثر


بسم الله الرحمن الرحيم

أكد الشيخ أبو بكر بن أحمد أمين عام جمعية علماء أهل السنة والجماعة بالهند أن الغزو الثقافي الهندوسي للمسلمين في الهند عديم الأثر، والإقبال على اعتناق الإسلام يتزايد لأنه دين المساواة بين البشر، وأن أكثر الجماعات اعتناقاً للإسلام هم طائفة المنبوذين، وأن الإسلام هو أكثر الأديان السماوية انتشاراً في الهند، وطالب بإخراج قضية كشمير من برزخ الإقليمية باعتبارها قضية إسلامية تهم المسلمين في كل مكان.

وأوضح في حواره أن الأقلية المسلمة في الهند من أنشط الأقليات المسلمة في العالمº إذ أسس المسلمون هناك حضارة إسلامية راقية تتمثل في إنشاء آلاف من المساجد والمدارس، بالإضافة إلى الجامعات الإسلامية ذات الشهرة العالمية.

وأشار إلى أن قارة آسيا تعرّفت على الإسلام في العهد النبوي الشريف، حيث حمل التجار العرب أخبار الدعوة الإسلامية إلى موانئ آسيا التي تأسّست بها جاليات مسلمة في وقت مبكر، وأن قضية كشمير ليست قضية آسيوية فحسب بل يجب أن تُسارع المنظمات الإسلامية والدولية لإخراجها من الحيّز الإقليمي إلى الحيّز الدولي، وتمكّن شعب كشمير المسلم من حق تقرير مصيره بعيداً عن أي ضغوط لمنعه من التعبير عن إرادته السياسية، وأن قضية فلسطين في مقدمة قضايا الأمة الإسلامية التي تحظى بتأييد المسلمين في كل مكان، وتناول الحوار العديد من القضايا التي تهم المسلمين، وإلى الحوار:

 

تصحيح تاريخ الإسلام:

نرجو تسليط الضوء على أحوال إخواننا المسلمين في الهند، وما هي جهودهم في الحفاظ على هويتهم العقديّة؟

المسلمون في الهند أقلية نشطة، تعاني من ألوان متباينة من الاضطهاد، وذلك بسبب الصراعات العرقية التي أدّت إلى التدخل في شؤون المسلمين، ومحاولة إجبارهم على العمل بموجب قوانين وضعية تخالف الشريعة الإسلامية، وقد وحّد المسلمون كلمتهم وجهودهم للتصدى للمحاولات الرامية إلى إقصاء العمل بشريعة الله - تعالى-، فنحن ندرك أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ولو كانت سلطة سياسية ذات قوة، والمسلمون في الهند يدينون بالولاء للحكومة الهندية إلا إذا تعارض هذا الولاء مع أمر من أمور عقيدتنا أو شريعتنا الإسلامية، فنحن نقول: لا لكل ما يمسّ الإسلام، أو يمسّ مقدساتنا الإسلامية، فعندما حاولت السلطات الهندية أن تفرض على المسلمين قانون الأحوال الشخصية وجدنا أن هذا القانون يتنافى مع الشريعة الإسلامية، فدرسناه ورفضناه، وجاهدنا حتى استجابت السلطات لمطالبنا العادلة، والتي تتلخص في أن المسلم لا يقبل قانوناً يتعارض مع تعاليم الإسلام.

وأضاف: المسلمون في الهند ليسوا غرباءº لأن أجدادنا قد عرفوا الإسلام منذ العهد النبوي الشريف، وتأسست في موانئ الهند جاليات مسلمة منذ هذا الوقت المبكر، لذا فإننا نقوم بتصحيح التاريخ الإسلامي في بلادنا على هذا الأساس، والفتوحات الإسلامية للهند ما هي إلا حلقة من حلقات التعريف بالإسلام ونشره في شبه القارة الهندية، وتاريخ هذه الفتوحات بدأ منذ عام 92 هجرية بقيادة محمد بن القاسم الثقفي، كما أن الحكم الإسلامي للهند استمر أكثر من عشرة قرون، أسس المسلمون خلالها مؤسسات إسلامية مهمة، حيث كانت الجوامع جامعات إسلامية، ومنها المسجد البابري الذى هدمه الهندوس منذ سنوات، وهو المسجد الذى بناه ظهير الدين محمد بابر، وهدم هذا المسجد الأثري يثير لدى المسلمين في الهند مخاوف من أن تتواصل حلقات العداء الهندوسي لتنال من مقدسات المسلمين في الهندº إذ توجد لديهم خريطة بالمساجد الأثرية التى ينوون الاعتداء عليها وهدمها بعد تدنيسها، ونحن نبذل الجهود الإيجابية لرفع هذا الغبن والعدوان على مقدرات الأقلية المسلمة في الهند.

 

التراث الإسلامي الثقافي:

وماذا عن جهودكم لحماية التراث الإسلامي، وحماية النشء المسلم من الغزو الثقافي؟

تراثنا الثقافي الإسلامي لا خوف عليه من المؤامرات المعاديةº لأن هذا التراث مستمد من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، ويوجد في الهند جيش من الدعاة الذين يعملون للحفاظ على هذا التراث الوفير المتمثل في آلاف من المجلدات والكتب الدينية في مختلف المعارف والعلوم، ولدينا مؤسسات دينية نشطة تؤدي رسالتها على خير وجه وفي مقدمتها المساجد والمدارس الإسلامية، كما توجد في الهند جامعات إسلامية مثل جامعة "عليكرة" و"ديوبند" و"لكهنو" و"كيرالا " والجامعة الإسلامية في " دلهي " والجامعة الإسلامية في "بومباي" و"حيدر آباد" وغيرها، وتوجد جامعات إسلامية أخرى في (49) ولاية هندية تمثل السياج الواقي لعقيدة المسلمين وشريعتهم والحفاظ على الهويّة العقديّة للمسلمين.

وأضاف: ونحن لا نخشى الغزو الثقافي الهندوسيº لأن بيننا كتاب الله - تعالى- وسنة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، كما أن المسلمين يمثلون سدس سكان الهند حالياً، ونتوقع زيادة الرصيد الإسلامي بسبب الإقبال المتزايد على اعتناق الإسلام، فالإسلام هو الأقوى دائماً، أما الثقافة الهندوسية فهي عبارة عن خليط من المعتقدات الوثنية التي يرفضها المسلم منذ الوهلة الأولى، فهي ثقافة لا يُستجاب لها على الإطلاقº لذا أؤكد لكم أنه لا أثر ولا صدى ولا تجاوب للغزو الثقافي الهندوسي.

 

مأساة كشمير المسلمين:

وما موقف المسلمين في الهند من قضية كشمير المسلمة؟ وهل تؤيدون استقلالها أو انضمامها إلى الهند أم باكستان؟

قضية كشمير من القضايا ذات الحساسية الخاصة التي تحتل مساحة كبيرة من اهتمامات المسلمين في شبه القارة الهندية والعالم الإسلامي والمجتمع الدولي على حد سواء، ذلك أن كشمير قضية إسلامية ووطن إسلامي توطّن فيه الإسلام منذ أقدم الفترات التاريخية، وقد حُرم الشعب الكشميري من أن يقول كلمته، ويعبّر عن رأيه منذ عام 1947 ميلادية وحتى اليوم، أي أن قضية كشمير عمرها أكثر من نصف قرن، ونحن مع الشعب الكشميري في أن يقول كلمته، فهناك أكثر من (20) مليون مسلم بالإضافة إلى مليونين من أتباع الديانات الأخرى.

وأضاف: الكلمة ليست لنا وإنما رأي سكان كشمير، المهم أن يهّيئ المجتمع الدولي المناخ المناسب لتقرير المصير في كشمير، بدلاً من الصراعات بين الهند وباكستان بشأنها، وكأنها لا رأي لها فيما يدور!! فكشمير من البلاد الإسلامية الخالصة، وعاشت في ظل الحكم الإسلامي منذ عام 1310 ميلادية وحتى عام 1819 ميلادية، وقد باع الإنجليز كشمير إلى أحد العملاء بمبلغ زهيد، كما طالبت كشمير في أعقاب تقسيم شبه القارة الهندية عام 1947 ميلادية بالانضمام إلى باكستان باعتبارها الكيان الإسلامي الذي يمثّل المسلمين في شبه القارة الهندية، ولكن أمير كشمير وقّع على وثيقة يطلب فيها الانضمام إلى الهند، وقد أثبتت الدراسات والتحقيقات أن هذه الوثيقة باطلة ومزوّرة، وحلّ هذه المأساة يقضي بضرورة إجراء استفتاء حرّ حول تقرير مصير الشعب الكشميري الذي ما زال معطّلاً حتى اليوم، ونحن نؤيد ما يراه أبناء شعب كشمير.

 

عروبة القدس:

كيف ترون القضية الفلسطينية بما فيها عروبة القدس من خلال رؤيتكم كمسلمين، ومن خلال ما تبثّه وتنشره وسائل الإعلام الهنديّة؟

 حقيقة رأي الهند - رسمياً وشعبياً - مع الحق الفلسطيني الذي يرى ضرورة أن يحصل الشعب الفلسطيني على جميع حقوقه المشروعة، وفي مقدمتها إقامة دولته على ركيزة اتفاقية السلام التي عُقدت بين العرب وإسرائيل، والحفاظ على عروبة القدس، واعتبارها عاصمة لدولة فلسطين، والرأي العام الإسلامي في الهند يشجب الممارسات الإسرائيلية الخاصة بإنشاء مستعمرات للاستيطان اليهودي في الأراضي الفلسطينية، وخاصة مدينة القدس التي تضم المسجد الأقصى المبارك، وتعرّض هذا المسجد للخطر، ونحن في الهند نتابع باهتمام تام آخر تطورات القضية الفلسطينية، وترانا أشد حماسة للحفاظ على مقدرات الشعب الفلسطيني ومقدساته، والواجب أن تلتزم جميع الدول بتنفيذ اتفاقية السلام حتى لا تجور إسرائيل على حقوق الشعب الفلسطيني، أو تعرقل مسيرة السلام التي هي في حماية المجتمع الدولـي.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply