بسم الله الرحمن الرحيم
وترصد المنظمات الحقوقية وجماعات طلاب العلم المسلمين في أوزبِكستان العديد من الممارسات الغريبة التي يلجأ لها النظام من أجل ضرب التيار الإسلامي، منها: اختطاف العلماء وقادة الحركات الإسلامية وطلاب العلم وتغييبهم في سجون لا إنسانية، وقد بدأت هذه السياسة منذ سنة 1992م.
ويرد هنا سؤال يطرح نفسه بقوة: لماذا كثر الاختطاف بعد التفجيرات الأخيرة بالذات؟
الجواب كان غامضاً نوعاً ما قبل أيام, ولكن فضح الله مخططات المخابرات السرية، والتي كانت تهدف إلى تنفيذها عبر اختطاف الشباب المسلم من أمثال هؤلاء الإخوة، فإن ما نشر في بعض وسائل الإعلام الخارجية، وموقع (أوزبكستان المسلمة)، وجمعيات حقوق الإنسان المحلية والدولية، وكذلك ما أفاد به أقارب المختطفين يفيد بأن أجهزة الأمن الأوزبكية السرية كانت تخطط لإجبار المسلمين المختطفين على تفجير أنفسهم ( أو تفجرهم هي ) في الأماكن العامة، ومقرات الدول الأجنبية في أوزبكستان حتى تبرّر استمرار سياستها القمعية.
ومن أوضح الأدلة على هذا المخطط رسالتان وردتا إلى منزل الشاب "فاروق حيداروف" بعد اختطافه إحداهما كتبت باسمه هو وتوقيعه، ومن الواضح أن المخابرات الأوزبكية هي التي أجبرته على كتابتها، والأخرى أرسلت من قبل أحد الشباب المسلم - واسمه "ديلمراد تورابوف" - والذي تعرض للتحقيق والمساءلة من قبل أجهزة الأمن الأوزبكية، وأجبر على أن يوقع على ورقة كتبتها المخابرات الأوزبكية يتهم فيها زميله الأول "فاروق حيداروف" بأنه شكل تنظيماً متطرفاً من "الإرهابيين الجهاديين" الذين يتدربون على التفجيرات، والهجمات المسلحة.
وقد وقع هذا الشاب على تلك الورقة مضطراً بدليل أنه بعد أن خرج من التحقيقات سالماً كتب رسالة تحذيرية لأهل فاروق يبين فيها ما حدث معه في التحقيقات من تلفيقات.
النهضة وحزب التحرير والعلماء أكثر المعتقلين:
وبتحليل أسماء المعتقلين والمطلوبين من القوائم السوداء لأجهزة الأمن الأوزبكية يمكن تصنيف المعتقلين والمطلوبين من الإسلاميين وغيرهم - وفق المصادر الأوزبكية - إلى الأقسام التالية:
1- المجموعة الأولى: من ينتمي حقيقةً إلى تنظيمات إسلامية سواء كان سياسياً - كحزب النهضة الإسلامي -، أو كان فكرياً - كحزب التحرير -، أو كان جهادياً - كالحركة الإسلامية لأوزبكستان-، وهذه المجموعة لو حسبناهم كلهم لما زاد عددهم على أكثر من عشرين ألفاً، ومعظمهم من حزب التحرير.
2- المجموعة الثانية: كل مسلم مستقيم على دينه وهم يشكلون مئات الألوف، كما أنهم أيضاً يشكلون أكثر السجناء، وإن كان معظمهم سجن بتهم ملفقة متنوعة إما بتهمة العضوية في حزب التحرير، أو الوهابية أو الإرهاب أو غير ذلك، وهم جمهور الصحوة الإسلامية التي قادها مشايخ أوزبكستان الكبار مثل: الشيخ عبد الولي ميرزايف (إمام أنديجان وعالمها)، والشيخ عبد الأحد قاري (إمام نمنغان)، وهؤلاء المشايخ لم يشكلوا أية أحزاب أو جماعات، وإنما كانوا يبلغون دين الله، ويؤدون واجبهم، ويعلمون عقيدة أهل السنة والجماعة فقط، ويربون الناس بالتربية الإسلامية الصافية.
3- المجموعة الثالثة: وهم المعارضون السياسيون - وهم قلة وإن كان الإعلام يضخمهم -، وأكثرهم من الديموقراطيين والقوميين كحزب "برليك" القومي, وحزب "إيرك" الديموقراطي ونحوهما).
إسرائيل.. صديق مخلص لكريموف!
وحيثما تكون هناك حكومة ديكتاتورية تعادي المسلمين، ولها مصالح مع الغرب، تظهر الدولة الصهيونية في الصورة، فالصهاينة كانوا من أوائل المبكرين بالحضور إلى أوزبِكستانº لأسباب دينية ( 120 ألف يهودي أوزبكي)، وسياسية واقتصادية، ولأن حكومة كريموف تحتاج لخبراتهم في قمع التيار الإسلامي والتعذيب والسجونº فقد حدث تعاون كبير بين الطرفين خصوصاً في المجال الأمني.
فقد كان المدخل لهذا التعاون هو المخاوف المتزايدة لدى نظام كريموف مما يسمي "الخطر الأصولي" الذي مثله النموذج الأفغاني بعد الإطاحة بنظام نجيب الله في كابول في أواخر أبريل عام 1992م، وإصرار فصائل المجاهدين - وخاصة الحزب الإسلامي بزعامة حكمتيار - على طرد الميليشيات الأوزبكية بزعامة الجنرال عبد الرشيد دوستم من العاصمة الأفغانية، وتزايدت هذه المخاوف مع قدوم طالبان للحكم، ولهذا تعاونت أوزبِكستان بقوة مع أمريكا في فتح قواعدها لضرب أفغانستان.
وقد استفادت إسرائيل من هذه المخاوف وسعيها لتكون قنطرة اتصال بين أمريكا وحكومة طاشقند، وقامت بتنظيم دورات لتدريب كوادر أجهزة المخابرات في دول آسيا الوسطى وفي مقدمتها أوزبكستان على أساليب مكافحة الإرهاب مستندة في ذلك إلى خبرتها في مواجهة الثورة الفلسطينية، وحركات (حماس) و(الجهاد) و(حزب الله).
وجاء ظهور حركة طالبان في أفغانستان، واستيلاؤها على كابول وصولاً إلى الحدود الأوزبكية عام 1997مº ليزيد إلى أقصى حد من مخاوف نظام كريموف من احتضان طالبان ومنظمة القاعدة للحركات الإسلامية في أوزبكستان، وليزيد بالتالي من اندفاع طاشقند نحو تعزيز علاقات تعاونها الأمني مع تل أبيب ثم مع واشنطن.
وزادت مخاوف كريموف أكثر مع النمو الكبير للقوة العسكرية لحركات إسلامية أوزبكية مثل: "الحركة الإسلامية لأوزبكستان" و (حزب التحرير الإسلامي)، والحركة الإسلامية الأوزبكية بزعامة طاهر يولداشيف.
أيضاً أغرى الصهاينة تمتع أوزبكستان بثروات طبيعية كبيرة من الذهب والفضة واليورانيوم والنحاس والزنك فضلاً عن الغاز الطبيعي والنفط والفحم وغيرها، فضلاً عن كونها سادسة دول العالم في إنتاج الذهب (70 طناً سنوياً)، ورابعتها من حيث احتياطيات ذلك الخام الفضي (4 ملايين طن)، غير اليورانيوم.
بعد أقل من ثلاثة أشهر على انهيار الإتحاد السوفيتي كانت إسرائيل قد نظمت في العاصمة الأوزبكية طاشقند أول مؤتمر اقتصادي مشترك بينها وبين دول آسيا الوسطى (في مارس 1992م لبحث احتياجات تلك الدول من المشروعات والمساعدات الاقتصادية، والدور الذي يمكن أن تقوم به الدولة الصهيونية في تلبيته وخلال الشهور والأعوام التالية كانت هذه المشروعات قد بدأ يجري تنفيذها بالفعل.
وقد قام الرئيس الأوزبكي إسلام كريموف بزيارة إلى إسرائيل في أكتوبر عام 1992م، حيث تم الاتفاق على تطوير التعاون بين البلدين في شتى المجالات، وشملت المشروعات المشتركة مجالات تمتد من الري، والزراعة، والصناعات الزراعية إلى الصناعات السياحية، والاتصالات، وبناء الفنادق، والمقاولات، وباستثمارات إسرائيلية أو مشتركة ساهم فيها رجال الأعمال الجدد من يهود أوزبكستان؟ كما قامت إسرائيل بتمويل أمريكي أساساً بتنفيذ برامج للتعاون الفني وتدريب الكوادر في مجالات الزراعة والري خصوصاً، والإدارة والبنوك وغيرها من مجالات بناء الدولة الحديثة واقتصاد السوق.
أيضاً افتتاح فرع للوكالة اليهودية (سحتوت) في العاصمة الأوزبكية طاشقند لتنظيم هجرة اليهود الأوزبك إلى إسرائيل، كما تم افتتاح مركز ثقافي إسرائيلي في طاشقند يعمل بنشاط على الترويج للثقافة والأفكار الصهيونية بين اليهود وغيرهم من مواطني أوزبكستان، فضلاً عن تعليم اللغة العبرية.
وكانت أوزبكستان قد تلقت عشرات الملايين من الدولارات في إطار المساعدة الأمريكية التي تنمح لها سنوياً منذ عام 2001م، عندما استغلتها واشنطن كإحدى القواعد الجوية الرئيسة في الحملة العسكرية التي شنتها على أفغانستان في أعقاب ضربات سبتمبر 2001م.
وقد بلغت قيمة المساعدات الأمريكية التي قدمت لأوزبكستان خلال العام الأخير وحده حوالي 86 مليون دولار تمت المصادقة عليها من قبل مجلس الشيوخ الأمريكي الكونجرس، ولكن تصاعد الانتقادات الدولية لما يجري من انتهاكات ضد الحركة الإسلامية والمعارضة هناك من اعتقال وتنكيل وتعذيب دفع أمريكا لتجميد مبلغ يقدر بـ18 مليون دولار بدعوى أن طاشقند لا تقوم بإصلاحات سياسية واقتصادية، أما التعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان فلا تراها واشنطنº لأنها تحفظ الجميل لحكومة كريموف التي ساندتها في ضرب أفغانستان.
معلومات عامة عن أوزبكستان المسلمة:
موقعها: إحدى جمهوريات آسيا الوسطى، تحدها من الشرق قرغيزستان وأجزاء من كازاخستان، ومن الغرب تركمانستان، ومن الجنوب طاجيكستان وأفغانستان، ومن الشمال كازاخستان.
السكان: أكثر من 25 مليون نسمة.
نسبة المسلمين: 90%.
عدد المساجد التي افتتحت أو استعيد فتحها بعد سقوط الشيوعية: أكثر من خمسة آلاف، وما بقي منها الآن إلا حوالي 1500 مسجد.
عدد السجناء المسلمين: أكثر من 30 ألفاً.
عدد المطلوبين لدى الدولة في القائمة السوداء: 250 ألفاً.
عدد شهداء السجون: عدة مئات.
عدد السجينات المسلمات: عدة مئات.
أشهر دعاة ومشايخ أوزبكستان:
1- الشيخ عبد الحكيم قاري (شيخ مشايخ الصحوة، ومؤسس طريقة الدراسة في الحجرات السرية أيام الشيوعية، وعمره يزيد الآن على المئة سنة - حفظه الله وثبته على الدين -، وقد عانى الشيخ معاناة عظيمة، وامتحن امتحاناً كبيراً من قبل الشيوعيين، ثم من قبل أذنابها الحاليين - الحكومة الأوزبكية -، وسحبت منه مكتبته كلها، وفرضت عليه الإقامة الجبرية والمراقبة الشديدة.
2- الشيخ عبد الولي قاري (إمام وخطيب الجامع الكبير بأنديجان)، وكان يحضر دروسه ومواعظه الألوف المؤلفة من المسلمين من مختلف مناطق آسيا الوسطى وغيرها، وله مئات الأشرطة الوعظية، وتفسير للقرآن الكريم مسجل في الأشرطة والأقراص المدمجة، وقد اختطف من مطار طاشقند عام 1995م.
3- الشيخ عابد قاري (إمام وخطيب جامع "توختاباي" في العاصمة طاشقند) أسلم على يديه كثير من المثقفين الشيوعيين من أساتذة الجامعات وغيرهم، وكان مشهوراً بخطبه الرنانة، وأسلوبه البلاغي المشوق في الإلقاء، واطلاعه الواسع بالعلوم الدنيوية أيضاً، وسخرها في إثبات عظمة الدين الإسلامي، وبيان أوجه الإعجاز العلمي في القرآن والسنة، وله مئات الأشرطة الوعظية المنتشرة، وما زالت الدولة تطارده وتبحث عنه حتى الآن.
4- الشيخ عبد الأحد قاري (إمام وخطيب جامع "عطاء الله" بمدينة نمنكان) قام بتفسير القرآن الكريم في دروسه اليومية في مسجده، وأشرطته مسجلة ومنتشرة - ولله الحمد -، وقد ألقت المخابرات الأوزبكية القبض عليه في قرغيزستان، وحكمت عليه بالسجن لمدة 18 عاماً، ثم أفرج عنه مؤخراً.
5- الشيخ محمد رجب قاري (إمام وخطيب جامع قوقند) حُكِم عليه بالسجن لسنين طويلة، وما زال في السجن.
6- الشيخ محمد خان سمرقندي (من أساتذة الحجرات منذ أيام الشيوعية)، وله مئات التلاميذ، وقد سجن مرات عديدة، وما زال حتى الآن في السجن.
7- الشيخ مختار جان قاري (مؤسس مدرسة "كمالات" الإسلامية بقوقند)، وقد أغلقت منذ أوائل أيامها، واغتيل الشيخ على يد المخابرات الأوزبكية في موسكو.
8- الشيخ روح الدين (إمام وخطيب أحد جوامع العاصمة)، وهو أيضاً مطارد من قبل الدولة حتى الآن، وزوجته (واسمها: رحيمة) أيضاً من الداعيات إلى الله، وقد سجنت وعذّبت أشد التعذيب، ثم أطلق سراحها مؤخراً ولا زالت تحت المراقبة الشديدة.
وغيرهم كثيرون, وكلهم إما مسجونون، أو مقتولون، أو مطاردون - نسأل الله أن يحفظ أحياءهم، ويرحم شهداءهم، ويفرج عن أسراهم، وينصر بآثارهم الدين -.
وهذه قائمة بأشهر المختطفين:
1. الشيخ عبد الولي قاري - اختطف في عام 1995م, من مطار طاشقند حن كان متوجهاً إلى مؤتمر إسلامي عالمي منعقد في موسكو , وكان مدعواً إليه رسمياً.
2. الشيخ عبد الله أوتا (رئيس حزب النهضة الإسلامي) اختطف في عام 1992م من شارع قرب منزله.
3. الشيخ رمضان محمد كريم (تلميذ ورفيق الشيخ عبد الولي قاري)، وقد اختطف معه سوياً.
4. الشيخ نعمت جان باربييف - تولى إمامة جامع الشيخ عبد الولي بعد اختطافه إلى سنة 1997م - ثم اختطف أيضاً من قبل المخابرات الأوزبكية.
5. الشيخ منّاب جان بن رحمة اللهº وكان ممن فرّ بدينه إلى روسيا، ثم تعيّن هناك إماماً وخطيباً رسمياً في أحد الجوامع، ثم اختطُف مؤخرا في شهر يوليو من عام 2004م، ولا يشك أقاربه والمراقبون السياسيون أن المخابرات الأوزبكية هي التي اختطفته.
6. الشيخ صادق جان رحمانوف (أحد طلبة العلم المشهورين في قرغيزيا)، وهو من أصول أوزبكية، وتعلم على أيدي مشايخ أوزبكستان، واختطفته المخابرات الأوزبكية قرب منزله في سبتمبر من عام 2003م.
7. الأخ رواج الدين (وهو زوج بنت الشيخ منّاب جان) واختطف في عام 2003م أيضاً.
8. الأخ أمان الله أوتا (ابن الشيخ عبد الله أوتا) اختطف هذا العام.
9. وأخو الشيخ عبد الله أوتا أيضاً اختطف هذا العام.
10. الأخ حسن الدين بن الشيخ عابد قاري - وهو من طلبة العلم أيضاً -, واختطف في شهر مايو من هذا العام 2004م.
11. الأخ عاقل جان يونسوف (خريج الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية)، واختطف بعد الأخ حسن الدين بأيام قليلة.
12. الأخ فاروق حيداروف (خريج الجامعة الإسلامية أيضاً، ومدرس في معهد للغة العربية بالعاصمة)، واختطف بعد الأخ عاقل بأيام قليلة.
13. الأخ عبد رسول بن عبد الرشيد, وهو من المسلمين المستقيمين, متخرج من إحدى الجامعات الحكومية، اختطف هذا العام.
14. الأخ روشن بن سلطان عثمان خوجاييف، وهو أيضاً من المسلمين المستقيمين، اختطف هذا العام أيضاً.
15. الأخ ديلمراد بن سعد الله، وهو أيضاً من المسلمين المستقيمين، واختطف هذا العام أيضاً.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد