كشمير الوادي


بسم الله الرحمن الرحيم

 

كاشمير.. اسم محلي قديم، ينطق في اللغة البراكراتية (كاشفير)، حيث أن حرف الـ"م" يرادف حرف الـ "ف" في القاموس الأندو-أرى. وفي ملحمة المهابهاراتا، هناك إشارات متعددة لـ "كسميرا" ولكنها. كما أن نصوص البورانا تشير في مواضع عدة إلى الكسميريين. وفي كتابه الـ "راتنافالى" (القرن السابع الميلادي)، يشير شرى هارسا إلى كشمير إشارات عديدة.

ويرتبط اسم كشمير بالعديد من الافتراضات. إحداها يفترض تقسيم الاسم إلى مقطعين: (كاش) وهي (قبيلة)، و(مير) أي جبل، ومعناها الجبل الذي عاشت فيه قبيلة كاش. ويرتبط الافتراض الثاني بـ "كاشياب ريشى"، الذي يقال أنه قد قام بنزح الماء من بحيرة ساتيسار ليجعل الوادي الحالي صالحا للحياة الآدمية.

وتميز كشمير سماتها الجغرافية من جبال ومرتفعات مهيبة، وبحيرات وأنهار جميلة وأنواع الزهور الحمراء النادرة التي تنمو فيها. وقد كانت الطبيعة كريمة للغاية مع هذا الوادي الفسيح الجميل، بمنحها إياه العديد من البحيرات العذبة ذات المياه المتلألئة، والمجارى المائية المتدفقة، وآبار المياه المعدنية، والمروج والأزهار من كل شكل ونوع. وقد كان لهذه الطبيعة الساحرة تأثيرها الكبير على الفنون والحرف اليدوية في كشمير.

ويعبر " كالهان" في كتابه "راجاتارانجانى" عن إعجابه الشديد بكشمير، فيقول "لو أن كيلاسا هي أجمل مكان في العوالم الثلاثة، فان الهمالايا هي أجمل جزء من كيلاسا، وكشمير هي أجمل جزء في الهمالايا. "

وفى إحدى القصائد الشعرية الفارسية، التي كتبت في مدح جهانجير، هناك بيتان يقولان:

لو أن هناك جنة على الأرض

فأنها ها هنا، ها هنا، ها هنا

وفى أبيات شهيرة، يصف الشاعر يورفى التأثير الكبير للمناخ في كشمير على شعره، وما أضفته عليه من حيوية متدفقة.

والمعروف أن الأب جيروم زافير البرتغالي هو أول الأوربيين الذين قاموا بزيارة كشمير عام 1597، مع الإمبراطور أكبر. وقد كتب حول الجمال الطبيعي للوادي على نحو يتدفق بالحيوية. وفى عام 1665، قام د. فرانسيس برنيير بزيارة كشمير مع الإمبراطور أورانجزب. والحقيقة أن خطاباته حول " جنة الهند" قد اشتهرت وذاع صيتها. وفى عام 1783 قام الرحالة المغامر جورج فورستر، بزيارة كشمير التي عبرها خلال رحلته من البنغال حتى سانت بيتربرج. ومن بين أهم الشخصيات الأخرى التي زارت كشمير في الفترة من عام 1819 حتى عام 1838 يأتي موركرافت، وفيجن، وبارون فون هوجيل، واندرسون. وفيما بعد أصبح الوصول إلى كشمير أكثر يسرا، فتوافد عليها العديد من الزائرين الأجانب.

ودائماً ما تتضمن الكتب التي تتحدث عن كشمير مقتطفات من تعليقات سير فرانسيس يونجها سباند. ومن أشهرها:

تشتهر كشمير على امتداد العالم بجمالها الاخاذ. ومن يسمع عنها لابد أن يذهب لزيارتها، ومن يذهب لزيارتها مرة، لابد أن يعاود الزيارة، ومن يعاود الزيارة لابد وأن يتمنى أن يبقى فيها.

وشرينجار (مدينة ساراسوتى، إلهة التعلم) هي العاصمة الصيفية لولاية جامو وكشمير. ويقال أن الإمبراطور أشوكا (232 72 ق. م.) هو الذي قام ببنائها. ويتدفق نهر الجهيلم عبر وسط شرينجار مقاما فوقه تسعة جسور، تربط الجزئيين.

وفى وسط المدينة توجد ربوة صغيرة ولكنها رائعة الجمال يطلق عليها، ربوة "هارى باربات"، وتقول الأسطورة أن الإلهة بارباتى ألقت في وجه الأرواح الشريرة لتدمرها. وفى المنطقة التي دمرت فيها هذه الأرواح، تكونت ربوة عالية. وفيما بعد توج الإمبراطور اكبر الربوة بقلعة لا تزال أطلالها تشى بما كانت عليه من جمال آخاذ. وعلى مر الأعوام، قام على جانبي الطريق العديد من المعابد الهندوسية، لعل اشهرها معبد شاريكا ديفى. والى جانب هذه المعابد، توجد في كشمير اليوم المزارات الإسلامية ومعابد السيخ في صورة واضحة للعلمانية. وتدب الحياة في الربوة عندما تزهر أشجار اللوز في بداية فصل الربيـع، وفى هذا الوقت من العام يتدفق جموع الكشميريين إلى هذه الربوة حاملين معهم السخانات التي يعدون عليها الشاي الكشميري تحت ظلال الأشجار.

وعلى قمة شانكاراتشاريا، يرتفع معبد شيفا الاسطورى الذي يعد أحد الأبنية المبهرة التي تعرف بها كشمير، والذي يعد من أول المعابد التي بنيت في كشمير، كما أنه نموذج رائع للعمارة الهندوسية في العصور الوسطى.

 

وهناك أيضا مسجد شاه حمدان، أحد أقدم المساجد في شرينجار، والذي يمتاز يما يزين جدرانه وسقفه من مشغولات جميلة من الورق الملوك وأيضاً من المشغولات الخشبية المبهرة.

ولعل أول ما يلفت النظر داخل المدينة تلك الآلاف من الحرفيين الذين يعملون في جماعات أو بمفردهم. كما تزخر المدينة بالعديد من محال المشغولات اليدوية، وفى شرينجار يوجد أيضاً السوق الحكومي المركزي للمشغولات اليدوية، ومركز للمعارض والعديد من المراكز الفنية الحكومية. وهناك أيضاً البازار الكبير الذي يضم العديد من المحال الخاصة على ضفاف بحيرة دال.

وبحيرة دال هي مجرى مائي رائع الجمال بلون مياها الأزرق المائل إلى الفضي، والقوارب ذات الألوان الزاهية التي تنتشر فيها. وتعد هذه البحيرة قلب شرينجار النابض، حيث يجلس البائعون في القوارب المنتشرة على جانبي البحيرة يبيعون كل أشكال المنتجات وحول البحيرة توجد حدائق المغول المدرجة المعروفة بجمال زهورها وألوانها البديعة. ومن بينها حدائق شاليمار، ونيشات وتشاشاماشاهي، والتي تشهد بعظمة أباطرة المغول.

وتتميز حدائق المغول على وجه الخصوص بأشجار الـ"تشينار" السامقة، التي توجد في مجموعات كبيرة. وكانت هذه الأشجار تزرع وقت حكم المغول بصورة دائمة في الوادي. ولذلك فان من الطبيعي أن تكون ورقة أشجار الـ تشينار" هي الموتيقة الدائمة والمتكررة في المشغولات اليدوية في كشمير.

أما زهور اللوتس، التي تزين بحيرة دال وغيرها من المسطحات المائية في كشمير، فهي إحدى الأزهار ذات المغزى الديني والفني، حيث أنه من المعروف أنها زهرة مقدسة بالنسبة للهندوس. أما بالنسبة لمغزاها الفني، فيرتبط ذلك بما للزهرة من جمال طبيعي يجعلها الفكرة المفضلة بالنسبة للحرفيين والفنانين في المشغولات اليدوية.

ومن بين حدائق المغول، تبرز حديقة شاليمار التي توصف بأنها خلاصة إبداع الأباطرة المغول، بممراتها الجميلة والأجنحة الرخامية والخزانات. وغيرها وقد عاشت المشغولات المستخدم فيها الورق الملوك على أسقف الجناح الرئيسي للحديقة لما يقرب من 400 عام. ويعود بناء حديقة شاليمار إلى الإمبراطور جهانجير.

أما حديقة نيشات (حديقة المتعة)، فترتفع فوق بحيرة دال، أمام خلفية جميلة من المرتفعات والجبال، ويضاعف من جمالها المدرجات الرائعة للزهور ذات الأنواع والأشكال المختلفة.

وفى حديقة تشاشاماشاهي، يوجد ينبوع سميت الحديقة باسمه، الذي يعنى "الينبوع الملكى". وتستخدم مياه هذا الينبوع في علاج بعض الأمراض مما يضيف لقيمته الجمالية قيمة صحية. وقد تم مؤخرا توسيع هذه الحديقة.

وفى مواجهة حديقة نيشات، غرب بحيرة دال، توجد حديقة نسيم أي (حديقة النسائم العليلة) التي وضع أساها الإمبراطور المغولي العظيم أكبر في جرف من أشجار الـ "تشينار" وهناك بيتان معروفان حول هاتين الحديقتين يقولان:

ما أجمل الصباح في حديقة نيشات

وما أجمل المساء في حديقة نسيم

وإذا كانت حدائق المغول من أجمل ما يميز مدينة شرينجار فان بناء الحدائق لم يقتصر عل فترة المغول فقط، ولكن هناك بعضا من أجمل الحدائق التي تم بناؤها بعد ذلك، مثل حديقة جواهر لال نهرو التذكارية، الواقعة بالقرب من حديقة تشاشاماشاهي، بجوار عدد من الحدائق الصغيرة في مناطق مختلفة.

وبالقرب من حديقة نسيم على ضفاف بحيرة دال، في مسجد حظرة بال توجد خصلة مقدسة من شعر النبي محمد - صلى الله عليه وسلم -. وقد جلب هذا الأثر المقدس إلى كشمير الخواجة نور الدين من مدينة بيجايبور عام 1700 ميلادية. وفى أيام معينة من العام، تعرض هذه الخصلة على آلاف المسلمين الذين يحضرون لزيارة المسجد. وبالقرب من المسجد، يوجد معتزل "شير كشمير" حيث يدفن الشيخ محمد عبد الله.

وقبل الوصول إلى مسجد حظرة بال، توجد بحيرة ناجين الهادئة الصافية، وهي جنة لهواة الألعاب المائية: تحيط بها حديقة من أشجار الـ " تشار".

وعلى بعد كيلو مترات من بحيرة نسيم، توجد بحيرة ماناسبال التي تطفو فوقها أزهار اللوتس خلال فصل الصيف وهي معروفة بجمالها الأخاذ والطيور النادرة التي تحوم حولها.

 

وعلى بعد 25 كيلو مترا من شرينجار يوجد مزار كير بهافانى المقام فوق احد ينابيع الماء، الذي يتغير لونه بصورة غامضة لا يعرف احد سرها. وفى أوقات مختلفة من العام، يتجمع الآلاف من الهندوس حول هذه البحيرة.

هناك أيضاً بحيرة وولار، أكبر بحيرات المياه العذبة في أكشمير التي تبلغ مساحتها 26x 8 أمتار، وتحيط بها المرتفعات من كل ناحية، وتصب فيها ثلاثة مجارى مائية.

ومن البحيرات الأخرى التي تشتهر بها كشمير هناك بحيرات أباروال، وكونسرناج وجانجا بال، وفيجانار، وكريشنار، وتارسار ومارسال، وتوليان، وشيشناج ومن بين ينابيع الماء الأخرى التي تشتهر بها كشمير، هناك ينبوع فريناج، الذي بنى ملوك المغول بجواره جناحا عظيما يحيط بمصدر نهر الجهيلم.

وهناك أيضاص ينبوع أتشاهابال الواقع تحت سفح ربوة عالية تبعد 56 كيلومترا عن شرينجار. وتظلل هذا المكان أشجار حدائق المغول التي تم تصميمها عام 1620 ميلادية. ولا يقل عنه ينبوع كوكرناج جمالا والذي يتفرع منه مجارى مائية متعددة في صورة رائعة الجمال.

أما منطقة أنانتناج فيوجد بها عدد من الينابيع. وبالقرب منها تقع ماتان التي يوجد بها ينبوع مقدس بنى بجواره معبد اله الشمس.

 ومن أنانتنانج يمكن الوصول إلى بهالجام التي تبعد 69 كيلومترا عن شرينجار. وقد أطلق عليها اسم المجرى المائي الذي يتدفق إليها.

ومن أجمل المناطق في كشمير، هناك أيضاً جولمارج أى " مرج الزهور" الواقع وسط المرتفعات الجبلية على ارتفاع 2653 مترا، ويعرف هذا المكان بأنه مزار للسائحين حيث يوجد به أيضا ملاعب دولية للجولف. وعلى بعد كيلومترات من هذا المرج يوجد مزار بابا ريشى الشهير الذي يعرف بعمارته ذات الطراز القديم.

وعلى بعد 47 كيلومترا من شرينجار، توجد منطقة يوسمارج الواقعة تحت سفح مزرعة بير بنجال، وتمتاز بجمالها الطبيعي المبهر.وفى منصف الطريق إلى يوسمارج يقع مزار الشيخ نور الدين والى الشهد في شرار الشريف.

 

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply