بسم الله الرحمن الرحيم
تستعد ساحات أكثر من مائتي جامعة أمريكية لفعاليات أسبوع التحذير من «الفاشية الإسلامية»، الذي يبدأ في الثاني والعشرين من أكتوبر القادم! ويقول الكاتب الأمريكي المتصهين ديفيد هوروتيز الذي يتبنَّى تنظيم هذا الأسبوع: «ستهتز الأمة بأكملها لأكبر حملة احتجاج محافظة للتوعية بالفاشية الإسلامية، وهي دعوة لإيقاظ الأمريكيين في 200 حرم جامعي وكلية»! تلك أحدث غارات الحرب على الإسلام والمسلمين في الغرب..فما تكاد تنتهي حرب إلا وتبدأ أخرى، مخلفة وراءها ما تستطيع إيقاعه من خسائر في الساحة الإسلامية وبين المسلمين.
كان الحادي عشر من سبتمبر 2001م المناسبة المواتية لبدء تلك الحرب الضروس على الإسلام والتي اتخذت صوراً وميادين وآليات شتى، تنوعت بين اجتياح الجيش الأمريكي لاثنين من بلدان العالم الإسلامي (العراق وأفغانستان) ثم اجتياح إثيوبيا - وكيل الغرب الاستعماري في القرن الإفريقي - للصومال، وسط التلويح باجتياح بلدان أخرى، وتجريد حملة إعلامية من الإسفاف الهابط بحق القرآن والنبي - صلى الله عليه وسلم - والإسلام كله، وتنظيم حملة من الضغوط، والتهديدات، والابتزاز لدول العالم الإسلامي، لإلغاء التعليم الديني في مؤسساتها التعليمية، وتجميد العمل الخيري، ودفع الأنظمة لضرب واعتقال ونفي القائمين عليها وعلى العمل الإسلامي جملة... هي إذن حرب متعددة الأوجه والمراحل، وكلها تصب في ضرب الإسلام، ومحاولة اقتلاع جذوره من عقول وقلوب أبنائه قبل محاولة اقتلاعه من الغرب، حيث يتنامى ذلك الدين الحنيف هناك، ويشق طريقه بثبات، ويشع نوره على تلك الأرض.
ومن هنا.. فإن تنظيم هذا المهرجان ضد الإسلام لا يأتي في إطار الاجتهاد الشخصي الذي يستفيد من أجواء الحرية المفتوحة في الولايات المتحدة، وإنما يأتي كحلقة من حلقات تلك الحرب... فالقائمون على المهرجان فريق كبير من كبار متطرفي اليمين المتصهين أمثال عضو الكونجرس ريك سانتورم والكتَّاب فرانك جافني ومارك ستين، والكاتب اليهودي المعروف دانييل بايبيس، وسيكون المهرجان مناسبة لحشد أكبر عدد من المناوئين والمرتدين عن الإسلام الذين باعوا أقلامهم وضمائرهم للوبي الصهيوني، أمثال المرتدة الصومالية " إيان هيرسي علي " التي تم طردها مؤخراً من هولندا، وانتقلت للعيش في أمريكا، أو في كنف معهد «المشروع الأمريكي» (AIE) وهو أحد معاقل اليمين المتصهين.
واختيار منظمي الحملة الجديدة ضد الإسلام ساحات الجامعات الأمريكية اختيار مدروس جيداً، حيث إن «الساحة الجامعية» تضم عقل الأمة الذي سيقود البلاد في المستقبل، ومعروف أن اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة يسيطر على الساحة الجامعية إدارة وتدريساً وبحثاً لإدراكه تلك الحقيقة. كما أن اختيار شعار «التوعية بالفاشية الإسلامية» لهذا المهرجان له أبعاده ومراميه، ولم تصنعه العواطف الحاقدة، أو المشاعر العدائية فقط، إنما صاغه عقل يدرس ويخطط لما يريد أن يعبئ به جماهير الطلاب ومن خلالهم الأمة الأمريكية. فكلمة «الفاشية» لها أكثر من مدلول وتحرك معاني سوداء وتستحضر كثيراً من مشاهد التاريخ الغربي الدامي، وقد ظهر ذلك اللفظ «الفاشية» بداية على يد موسوليني صنو هتلر «النازي» وهو مشتق من الكلمة الإيطالية (Faces) أي مجموعة الصولجانات التي كانت تحيط بالحاكم للتدليل على قوته.
وفي القاموس العربي يعرف الصولجان بأنه: «عصا يعطف طرفها وتضرب بها الدواب من أجل السيطرة والتحكم»، وقد عرفها موسوليني بأنها: إلزام الفرد بالخضوع للدولة!
وتحت شعار النازية والفاشية شن هتلر وموسوليني حروباً أبادت أكثر من 40 مليون شخص، واحتلوا خلالها أراضي شعوب أخرى وعاثوا فيها فساداً.. إذاً «الفاشية» كلفظ ومبدأ ومدرسة سياسية نبتت وترعرعت في الغرب وذاقت الأرض ويلاتها على يد ساسة الغرب.. فمال «الإسلام» إذاً و«الفاشية»؟! إنهم يستحضرون تاريخهم الأسود والمرعب ويلبسونه للإسلام لشحن الناس ضده وإعدادهم لقتاله وتحفيز الشعوب الغربية على مناهضة المسلمين مثل استحضار بشاعة الدولة الدينية «الكنسية» في القرون الوسطى، ومحاولة إلباسها للحكم الإسلامي بالضبط.. رمتني بدائها وانسلت!!
فالمفكر الغربي «باكستون» يرى في خضم تعريفه لمصطلح «الفاشية» أنها: «تتطلب حروباً متعاقبة وغزوات خارجية وتهديدات داخلية لإبقاء الأمة في حالة من الخوف والقلق، فضلاً عن ارتفاع الروح الوطنية».
فمن الذي يقوم اليوم بالحروب والغزوات للدول الأخرى، ويصنع حالة من الرعب «المصطنع» داخل بلاده؟.. «الإسلام».. أم الغرب بقيادة أمريكا؟! من الفاشي الحقيقي؟
لقد قتلت الفاشية الغربية من الشعوب الأوروبية في الحرب العالمية الأولى 10 ملايين وضعفهم من الجرحى، وفي الحرب العالمية الثانية حوالي 17 مليوناً من العسكريين وأضعافهم من المدنيين.. واليوم مازالت تقتل في أفغانستان والعراق والصومال ولم تشبع بعد من القتل؟!
ثم... ألا تلاحظ الخيط الرابط بين استخدام الشعارات والعبارات المناوئة للإسلام على ألسنة الساسة والأكاديميين والإعلام؟! فشعار الحملة الجديد هو «التوعية بالفاشية الإسلامية» ومن قبل قال بوش: «إن العدو في العراق جزء من كيان الفاشية الإسلامية العالمية» ثم عدَّل الإعلام الألفاظ تحاشياً لردود الفعل إلى «الفاشيين الإسلاميين»!!
و كلام بوش لا يختلف عن كلام اللوبي الصهيوني ولا يختلف عن شعارات الحملات المتتالية ضد الإسلام.. هي مدرسة واحدة وتيار واحد هدفه ومقصده ومهمته الحرب على الإسلام ذاته دون مواربة، ووضع كل مسلم في خانة «الفاشية» ليحلوا لأنفسهم تغييبه من الوجود!
لكن هيهات!
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد