الجذور العدائية


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

المدخل الوحيد لفهم ظاهرة هجمة وكالات التبشير و مؤسساته على العالم الإسلامي هو عداء الغرب المسيحي للإسلام و المسلمين.. و لنبحث جذور و أسباب العداء استناداً إلى كتابات باحثين غربيين، و ننقل عن أحدهم قوله إن وجود الإسلام في حد ذاته يثير عميق الانزعاج عند الغرب.. فالإسلام في نظر الغربيين خطر يزيد من حدة غموضه و عدم قابليته للوضع تحت منظار التنبؤ و القياس. و الغرب لم يكن في البداية يستطيع فهم الإسلام، و لم يجد العون على ذلك من أي مصدر جديد أو قديم. و على الرغم من وجه الشبه الذي لاحظه الغربيون بين الإسلام و اليهودية ـ حسب رأي الباحث الغربي ـ إلا أن اليهودية بتخلفها و خضوعها للمسيحيين لا سيما في العصور الوسطى لم تكن مستعصية على الفهم و الإسقاط من الاعتبار كقوة مهزومة ضعيفة. أما الإسلام فكان حتى العهود الحديثة قوة ناهضة ناجحة متجددة مهما ضربتها المحن. و بالتالي لم يكن الغرب ليستطيع أن يتهكم على دين اعتنقه رجال يُكبرهم الغرب نفسه و لا يشك في حكمتهم كصلاح الدين الأيوبي و الفارابي و ابن سينا.

 و يذهب كاتب غربي آخر إلى أن سبب عداء الغرب المسيحي للإسلام يكمن في توسع هذا الدين و مجابهته للنشاط التنصيري و قيامه بالدعوة لجلب الأتباع و المؤمنين. و يقول هذا الباحث و هو عضو في لجنة التبشير بكنيسة اسكتلندا أن الأديان الأخرى كاليهودية و الهندوكية لا تنشر نفسها، بينما يطرح الإسلام نفسه كدين عالمي و ينافس المسيحية في هذه الدعوة. و يضيف: أن المسلمين الذين أسقطوا الصلبان في الشام و غيرها يتطلعون الآن إلى بناء مساجدهم في قلب انجلترا و إسقاط الصلبان حتى في الكنائس الريفية النائية بذلك البلد. و الإسلام كما يقول الباحث المبشر آخر دين كبير جاء بعد المسيحية، و عقيدته نسخ هذا الدين و إنكار حقيقته.. و الإسلام هو الدين الوحيد الذي هزم المسيحية في فترات الصراع بينهما، و هو الوحيد الذي يتصدى لها في أجزاء كثيرة من العالم.. و هو الذي يتحدى المسيحية بإنكار كل مبدأ من مبادئها الكبرى، و يجعل من هذا الإنكار عقيدة راسخة عنده، سواءً تعلق الأمر بأبوة الرب أو بنوة المسيح للرب و تجسده و صلبه أو قيامته.. و القرآن جاء ليصحح هذه المفاهيم، و لا يوجد دين آخر يتخذ هذا الموقف من المسيحية.. و الإسلام فوق هذا و ذاك يحير المسيحية برفضه الاستسلام بعد هزائمه السياسية في العصر الحديث، و ببساطة عقيدته في التوحيد و خلوها من مظاهر التعقد و الأسرار الكهنوتية.. و المسلمون هم وحدهم الذين يجابهون المسيحية بدين موثوق في أصله التاريخي و بكتاب يؤمنون بأنه وحي سماوي، و لا يستطيع خصومهم أن يشككوا في نسبته إلى الرسول أو في دخول التحريف عليه.

 و هكذا نجد أن جذور العداء ضاربة، و هي لا ترجع إلى طمع اقتصادي أو توسع استعماري بقدر ما تُفسَّر بالخوف أمام تحدي الإسلام الديني و الحضاري و السياسي.. و نرى أن الأطماع الاقتصادية الاستعمارية هي التي تُفسَّر بالعداء للإسلام.. فالغرب يطمع فيما عند المسلمين من موارد لأنه يكرههم و يبغض أن تكون بين أيديهم، و يريد أن ينتزعها منهم لعلهم ينتكسون و يضيع معهم دينهم. و الغرب يتوسع في أراضيهم ليستأصلهم و يضيع عقيدتهم..و من هنا نربط بين الاستعمار في العصر الحديث و بين العداء للإسلام و التمكين للنصرانية في بلاد المسلمين.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply