بسم الله الرحمن الرحيم
الطائفية هي تحديد قيمة الإنسان والتعامل معه بمقياس الطائفة والعرق والقبيلة والجماعة والملة التي يأتي منها.. ولا أقول ينتمي إليها.. لأن كثيرين من المنحدرين من طائفة أو ملة معينة بحكم الولادة، لا ينتمون بالضرورة إلى مبادئ ومفاهيم تلك الملة.. ورغم ذلك، فإنهم في المقاييس الطائفية يحسبون منها..
ومن الطبيعي أن توجد مشاعر طائفية عند الكثيرين من أبناء الطوائف بأنواعهم.. ولكن من الطبيعي أيضا أن تقوم علاقات التعايش والتعاون في المجتمعات المتعددة الطوائف لضمان التعايش السلمي بين أبناء وطوائف هذه المجتمعات..
ويلاحظ عادة، أن المواقف الطائفية غير معترف بها في عقول من يمارس الطائفية.. فالطائفي، وخصوصا الذي يبني مواقفه وطائفيته على منطلقات عقيدية ودينية، يعتقد أنه يمارس العقيد بدفاعه عن المنتمين لها، ويعتقد أن التعامل على هذا الأساس موقف صحيح وليس موقفا طائفيا..
المراقبون من خارج الأطر التي تنتج عن التكتلات الطائفية، هم الذين يلاحظون المواقف الطائفية ويدرسون تأثيراتها ويدركون وجودها.
وفي الحقيقة أن مجرد وجود الإحساس بالانتماء الطائفي، لا يشكل خطرا في ظل وجود مفاهيم الانتماء للمجتمع بكامله، ومفاهيم التعايش لبناء الوطن والمجتمع، وقبول التعامل مع كل فرد من أفراده بمقياس دوره في الأداء والإنتاج، لا بمقياس ملته وطائفته..
لكن الخطر في مجتمعاتنا المستضعفة يأتي من مجموعة من النقاط:
- أن تكون في المجتمعات مستوى وعي وكم معرفي منخفضان بالإضافة إلى وضع اقتصادي سيء.
- أن تكون هناك قيادات وحكومات بلا برامج، مصالحها تتعارض مع مصالح مجتمعاتها، ومرتبطة ببرامج ومشاريع خارجية.
- أن يكون هناك قوى خارجية طامعة في السيطرة على مجتمع معين متعدد الطوائف، وهذه سمة أغلب المجتمعات في هذه الأيام، وأن تعتقد هذه القوى الخارجية أن إطلاق الصراعات الطائفية هو من أهم وسائل إضعاف المجتمع المستهدف، لتفتيته وإضعافه.
- أن تنتشر في المجتمع فكرة ضرورة معاقبة الآخر أو التصادم معه لمجرد انتمائه لطائفة أخرى..
تلعب القوى الخارجية في حالتنا العربية والإسلامية دورا كبيرا في تسخير الطائفية لخدمة مصالحها التي لا تتحقق إلا إذا سيطرت على الشعوب بإضعافها، بعد أن سيطرت على الحكومات سيطرة شبه كاملة، وتلجأ هذه القوى الإمبريالية الأمريكوصهيونية إلى وسائل متعددة منها:
- الإعلام المدروس الموجه
- تحريك الثقافات والنزعات الطائفية النائمة أو غير الفعالة لجعلها تتصدر الحياة
- التقسيم واللجوء إلى الكوتات الدينية والإثنية والسياسية لإحياء الفكرة وجعلها قائمة في كل حركة من حركات أبناء المجتمع، وفي العراق مثلا، هناك الأكراد والعرب عند الحديث عن القوميات، وهناك السنة والشيعة والمسيحيون وطوائف دينية أخرى عند الحديث في الدين.
- القيام بعمليات عسكرية واستخباراتية تسيء للعلاقة بين الطوائف (كما يحدث في العراق، وخصوصا العملاء البريطانيين في البصرة، ووجود القوات الأمريكية في مقام الهادي قبل تفجيره وغير ذلك من الممارسات)
- التركيز الإعلامي على بعض العمليات من النوع الذي يقبل أكثر من تفسير، وتعزيز التفسير الطائفي له..
- استعمال العملاء المأجورين من طوائف مختلفة لإثارة الفتن..
- ادعاء العمل وفق مشروع حضاري لرفع سوية المجتمع (كالدمقرطة والتحرير في العراق) لخلق الثقة في هذه القوى مقابل زعزعة الثقة في قوى الشعب المعارضة لمشاريع المعتدين ولصوص نهب البلدان الضعيفة..
إن الخطر الحقيقي يأتي من ممارسة الطائفية وتحويلها إلى فتنة، كنتيجة للانخداع بأساليب القوى الخارجية، والفتنة أشد من القتل..
وإذا كنا لا نعلن ولا نعترف بوجود ميل طبيعي إلى التشيع في طوائف، فإننا يجب أن نضع أسسا مقبولة لتجنب أن يتحول هذا التشيع إلى فتنة طائفية في أي من مجتمعاتنا.
ومن أهم هذه الأسس:
- إلغاء الكوتات المبنية على مقاييس الملة والطائفة والعرق، في وعينا قبل إلغائها في التعامل. وهذه الكوتات الآن تشكل سلاحا فاعلا في أيدي قوات البطش والاحتلال والنهب في العراق.
- التمسك بالمفاهيم الوحدوية وعدم الانجرار وراء الأخبار الإعلامية المصاغة بدقة وتقنية عالية لتغذية نار الفرقة والتشرذم.
- أن يكون مقياس عدائنا هو مدى ضلوع الطرف المقابل لنا في مساندة الاحتلال ومشاركة الشركات الأجنبية في نهب البلد وخيراته، وتحالفاته مع القوى الطامعة وممارساته في المجتمع..
- في ظل وجود الاحتلال وممارساته، علينا باستمرار أن ننطلق من مفهوم أكدته كل تجاربنا، وهو مفهوم أن أية ضربة أو عملية موجهة للمجتمع، سببها ومخططها هو الاحتلال وأجهزته الأمنية.. وعملاء العدو الصهيوني كانوا يضربون كنائسه في أوروبا، لحث اليهود على الهجرة إلى فلسطين، فهل يكون بريئا من ضرب المساجد والكنائس والمقامات في العراق لتفتيته والسيطرة عليه؟؟
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد