بسم الله الرحمن الرحيم
لا نشك لحظة في أن لشبكة الاتصالات العالمية (الإنترنت) فوائدها العديدة كوسيلة إعلامية اتصالية شكَّلت طفرة هائلة في الفكر والتبادل الإنساني وفي توفير مجالات الاتصال وتناقل المعلومات عبر الشبكة إلى جميع أنحاء العالم, لكن ذلك لا يجعلنا نتغافل عن الدور السلبي الخطير الذي يُمارس اليوم عبر هذه الشبكة الأخطبوطية من لدن أطراف عديدة بهدف نشر الرذيلة والإفساد ومحاربة الدين الإسلامي وصرفِ المسلمين عن عقيدتهم. نعم، إن خدمة الإنترنت هي ثورة العصر وحديث المجالس والبيوت، ولكنها أيضاً سلاح ذو حدين يستخدم للخير أو للشر.
فإذا أدركنا هذه الحقائق وجب علينا أن نقرر: أي الاستخدامين سنختار؟ ولابد أن ننبه لما يمكن أن تسببه من أخطار.
مليار دولار تكاليف مواقع محاربة الإسلام:
مؤخراً كشفت دراسة حديثة أُجريت بجامعة الأزهر بالقاهرة أن عدد المواقع الإلكترونية (على شبكة الإنترنت) التي تتهجم على الإسلام، سواء بصورة مباشرة أم غير مباشرة، تعدى العشرة آلاف موقع، وأن الميزانية المرصودة لمهاجمة الإسلام في جميع وسائل الإعلام الغربية، ومنها الإنترنت تعدت (المليار دولار) سنوياً. وقالت دراسة قام بها الدكتور سيد مرعي، الأستاذ بكلية التربية بجامعة الأزهر، والتي نشرتها صحيفة "روز اليوسف" الحكومية: "إن عدد المواقع الإسلامية على شبكة الإنترنت في المقابل لا يتعدى مائتي موقع، كما أن الجهود الإعلامية المبذولة للدفاع عن الإسلام قليلة وفردية، ولا تتعدى ميزانيتها مليون دولار على مستوى العالم الإسلامي كله، مقابل المليار دولار التي ينفقها آخرون لتشويه صورة الإسلام ".
وحسب وكالة " قدس برس " فقد رصدت الدراسة المواقع المعادية للإسلام على شبكة الإنترنت منذ بدايتها أوائل التسعينيات، مشيرة إلى أن " بعض المنظمات الصهيونية " كانت أول من فطن إلى أهمية استغلال شبكة الإنترنت في نشر أفكارها ضد الإسلام والمسلمين. وصنفت الدراسة المواقع المعادية للإسلام إلى مواقع متخصصة في سب وقذف الإسلام والرسول محمد- صلى الله عليه وسلم- ، ومواقع متخصصة في تشويه صورة الصحابة والطعن في السنة النبوية المطهرة، ومواقع أخرى تخصصت في تأليف سور تحاكي في كلماتها ولغتها آيات القرآن الكريم، ولكنّها مليئة بالركاكة والعبث البشري والمفاهيم الخاطئة. كما رصدت الدراسة مواقع إلكترونية فنية قالت: إنها " قذرة " تأتي بآيات قرآنية مكتوبة بخطوط عربية معروفة على شكل خنزير أو كلب أو أي حيوان آخر.
وأشارت الدراسة إلى أن أحد هذه المواقع يسمي نفسه " موقع القرآن " وآخر يسمي نفسه " سورة من مثله " ويعرض سوراً بأسماء غريبة غير موجودة في القرآن الكريم، بهدف تشويه القرآن {الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد} (42) (فصلت). وتناولت الدراسة ما أسمته أيضاً " المواقع العنصرية "، التي تتهم المسلمين بالإرهاب والعنف، وتصف الإسلام بالدموية والعنصرية، وتلصق الاتهامات الباطلة بالمسلمين في كل مكان وزمان، كما رصدت الدراسة الأزهرية " المواقع الإباحية " التي تعرض صوراً عارية لنساء، ومعها آيات من القرآن الكريم، وبعضها تستخدم كرسوم منقوشة على ملابس الفنانات الغربيات وعارضات الأزياء المعروفات! واعتبرت الدراسة أن هذه المواقع وسيلة فائقة أمكن توظيفها من قِبَل أعداء الإسلام في استكمال الحرب عليه، وتشويه صورته لدى غير المسلمين في العالم، بقصد قطع طريق الحقيقة على من يريد أن يعرف شيئاً عن الإسلام، كما تقول الدراسة. وأكدت الدراسة أن من أهم المجالات التي يمكن توظيف الإنترنت لخدمتها هو مجال الدعوة الإسلامية، على الرغم من استخدام البعض للشبكة في تشويه صورة الإسلام.
بداياتها شبكة عسكرية:
منذ نحو ثلاثة عقود، وبعد نجاح الاتحاد السوفييتي السابق في غزو الفضاء وبدء سباق التسلح النووي في عهد الحرب الباردة طرح في أمريكا بقوة السؤال التالي: كيف يمكن ضمان استمرارية الاتصالات بين مختلف السلطات والقوات الأمريكية في حالة نشوب حرب نووية؟ وللإجابة عن هذا السؤال تم تكليف مؤسسة الأبحاث الأمريكية المعروفة "راند"RAND بدراسة هذه المسألة الإستراتيجية لمحاولة إيجاد الحلول المناسبة لها وتوصلت الدراسة إلى وجوب بناء شبكة اتصالية معلوماتية لا مركزية. وفى عام 1969م نفذت وزارة الدفاع الأمريكية هذه الشبكة وأسمتها الأربانيت ADVANCED RESEARCH PROJECT AGENG- ARPANET
وبعد بضع سنوات تم ربط هذه الشبكة بمجموعة من الجامعات الأمريكية عبر أربع عقد مكونة من أجهزة كمبيوتر عملاقة، وكان الهدف من ذلك تأمين سرعة نقل المعلومات وإتاحة الفرصة للعلماء والباحثين إمكانية الاستفادة المشتركة من موارد أنظمة الكمبيوتر لديهم رغم تباعد المسافات. لقد كان تأسيس شبكة الإنترنت الأمريكية يقتصر فقط على مكاتب وزارة الدفاع الأمريكية وللمهام الدفاعية العسكرية فقط ثم تم تأسيس شبكة (أربانيت) التي سمح بروتوكول تأسيسها بتوحيد الشبكة في نظام بريدي شامل تتعاون من خلاله عشرات السلطات المستقلة في نقل وإيصال الرسائل فيما بينها.
وأدى النجاح الكبير في هذا المجال، إلى انعكاسات إيجابية هائلة على تقدم البحث العلمي وتنشيطه في المراكز البحثية المشتركة في هذه الشبكة ودفع مزيداً من الجامعات ومراكز البحث إلى السعي للانضمام لهذه الشبكة بهدف تمكين باحثيها من تناقل المعلومات وتبادلها. وبحلول أواخر الثمانينيات، أصبحت هناك ملايين من أجهزة الكمبيوتر وآلاف من الشبكات التى تستخدم هذه البروتوكولات. وقد تولدت شبكة الإنترنت الحديثة من ترابط هذه الشبكات...
فالإنترنت إذن مجموعة شبكات وحاسبات عالمية متنوعة، تجمع بينها أنظمة اتصالات إلكترونية تستخدم لنقل البيانات أو ما يدعى بTCP/ IP ويوجد بها 43 مركزاً في عموم الكرة الأرضية منها اثنان في الشرق الأوسط. وفى بداية التسعينيات ظهرت واجهة تستخدم النصوص وتعتمد القوائم MENUS للوصول إلى المعلومات عبر العالم وتدعى هذه الواجهة GOPHER.
ولكن الثورة الحقيقية في عالم الإنترنت كانت ظهور شبكة الويب العالمية WWW. وهى خدمة سهلة الاستخدام تعتمد في عرض المعلومات على النصوص والصور والصوت والفيديو وما ساعدها على الانتشار مضاعفة سرعة خطوط الاتصال. وظهرت في هذه الفترة الشركات الموفرة لخدمة الإنترنت (السيرفر) INTERNET SERVICE SUPLIERS. وذلك لتزويد الناس باشتراك خدمة الإنترنت عبر شبكة الاتصال الهاتفي ثم ظهرت مجموعة أخرى من الشركات المتخصصة بالإنترنت منها ما يقدم مستعرضاتBROWSERS ومنها ما يقدم محركات بحث SEARCH ومنها ما يقدم مجموعات لغات الترجمة، ويوجد حالياً على الإنترنت ملايين المواقع ومن مختلف المواضع بالإضافة إلى التجارة الإلكترونية والتفاعلات المالية عبر الشبكة.
كما تنوعت استخدامات الشبكة بسبب الحرية التي توفرها للمستخدمين والباحثين، إلى استخدامات بريئة (علمية وبحثية وإعلامية وغيرها)، وإلى استخدامات خبيثة كمواقع الدعارة والفحش والدعايات الموجهة ضد الأخلاق والدين، ومواقع لجهات تعمد إلى بث الإساءة والتشويه للدين الإسلامي والطعن في العقيدة الإسلامية.
ممارسات فاحشة عبر كاميرات الإنترنت:
من الوسائل التي أوجدتها شبكة الويب العالمية هي ما يسمى بغرف الدردشة CHAT ROOMS والتي تتيح إجراء حوارات وأحاديث مباشرة بين المشتركين على الشبكة مع استخدام الصورة والصوت بالنقل المباشر، إذ تلجأ شريحة كبيرة من الشباب والفتيات في العالم العربي إلى شبكة الحوارات (أو الدردشة الإنترنتية) كوسيلة جديدة لإنشاء علاقات تعارف وصداقة وحب مع الجنس الآخر. وفي غضون ذلك قد تحدث تجاوزات خطيرة حسب مجموعة من الشباب والفتيات منها حصول ممارسات فاحشة من خلال الكاميرات أو ممارسة الجنس في غرف الدردشة (أعمار الشباب والشابات الذين يلجؤون إلى مثل هذا النوع من العلاقات تتراوح بين 13 إلى 35 عاماً).
وتشكو فتيات متورطات من الخديعة في اكتشاف طبيعة وشخصية أخرى لمن أقمن معهم علاقات عبر الإنترنت عن طبائعهم وشخصياتهم الحقيقية على أرض الواقع، لأن الإنترنت يتيح فرصة كبيرة للمراء والنفاق، فالصورة التي يعكسها الإنترنت مختلفة تماماً عن الصورة الحقيقة للشاب.
ويحذر التربويون المتخصصون من خطر الانفلات وترك الأمور على الغارب لمثل هذه العلاقات المشبوهة التي غالباً ما تقود إلى علاقات غير شرعية تزيد بدورها من نسب الخيانة والعنوسة في المجتمع.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد