بسم الله الرحمن الرحيم
في الانتخابات الهندية العامة مني حزب
BJP بهزيمة لم تكن تخطر على بال أحد، وبعكس تنبؤات المحللين الذين كانوا يتوقعون أن يظل الحزب المذكور على سدة الحكم للدورة المقبلةº بسبب استقطابه عواطف الأغلبية الهندوسية عبر الضرب على وتر التعصب، وسحق الأقليات، ولأن الحزب المنافس الرئيس (المؤتمر) تتزعمه امرأة أجنبية (إيطالية) غير هندوسية الأصل، ولكن تمخضت الانتخابات عن مفاجئات للمتطرفين وللمؤتمرين على السواء، ليس المجال يتسع لذكرها، وبعد الانتخابات التي أسفرت عن نجاح المؤتمر كاد المحللون والمراقبون أن يجتمعوا على أن ورقة الأقليات لعبت دوراً محوريا في ترجيح كفة على أخرى، وبسببها لحقت الهزيمة بحزب BJP.بعض الحمائم في الحزب أرجعوا أيضاً فشلهم إلى هذا السبب، حتى واجبائي نفسه صرح في مؤتمر صحفي في العاصمة الهندية "نيودلهي" يوم 15/4/2004م أن مذابح جوجارات التي راح ضحيتها آلاف مؤلفة من المسلمين هي التي جعلتنا نذوق الحنظل - في إشارة إلى هزيمة حزبه -، على حين أن أدفاني الذي تبوأ منصب رئاسة الحزب بعد الانتخابات إضافة إلى قيادة المعارضة لا يزال مصراً على أن حزبه انهزم لأسباب أخرى، وأكد في عدة مناسبات أنه سيواصل برنامج الحزب الرامي إلى هندكة الهند (سانج بريفار) كلما اتيحت له الفرصة.
إن المراقب للملف الهندي لا يسعه أن ينكر دور الأقليات في الهند، وبخاصة الأقلية المسلمة، وإن لم تكن أحداث جوجارات وأخواتها السبب الرئيس في فشل BJP فإنها على الأقل إحدى الأسباب التي خيبت آمال الضاربين على وتر التطرف، هذه حقيقة بلا مرية فيها، ولأجل ذلك تبذل قيادات BJP جهوداً محمومة لاستقطاب عواطف الأقليات، وبالأخص الأقلية المسلمة، وأطلقت من قبلهم عدة مبادرات حسن النية، ففي إقليم راجستان حيث يتغلغل نفوذ المتطرفين تم في منتصف فبراير تشكيل منظمة فرعية تابعة لـ BJP باسم جبهة الدفاع عن حقوق المسلمين (MMF)، وقامت الجبهة المذكورة بعقد مؤتمر تأسيسي حضره عدد لا بأس به يوم 15/3/2005م وتحدث فيه القيادون المحليون في الحزب، وأكدوا على المسلمين ألا داعي للخوف والقلق، فالهند دولة كل هندي بغض النظر عن انتمائه العرقي والديني، وكان اللافت أن (الأمين العام لمنظمة RSS المتطرفة كي. سي. ساندار شان) ألقى كلمته في المؤتمر قال فيها مخاطباً المسلمين:" يجب أن يكون معلوماً أننا لا ننظر إلى المسلمين كأقلية، وإنما ننظر إليهم كمواطنين" وصفق المصفقون، وطبل الآخرون، وظنوا أن المنظمة غيرت نظرتها تجاه المسلمين، وكلامه في ظاهره ينم عن ذلك أو يشير إليه.
غير أن بعض الحقوقيين من المسلمين أبدوا تحفظات كثيرة عليه، واعتبروه السمن المدسوس في العسل، ففي مقال للفقيه الدستوري المسلم غلام كبريا المنشور في جريدة إنصاف الهندية يوم 7/3/2005م أكد أن إلغاء المذكور طابع الأقلية عن المسلمين يعني حرمانهم من الحقوق التي يجب أن يتمتعوا بها كأقلية، فهنالك جامعات وكليات خاصة بالمسلمين على رأسها جامعة عاليكره والجامعة الملية الإسلامية في دلهي والجامعة العثمانية في حيدر آباد، تحظى بالدعم الحكومي، وغالبية الدارسين فيها هم أبناء المسلمين، وفي حالة إلغاء طابع الأقلية عن المسلمين سيتوقف الدعم الحكومي عن هذه الجامعات و... وهي كارثة، وهنالك محاكم خاصة بالمسلمين للبت في القضايا المدنية كالطلاق والنكاح وفق الشريعة الإسلامية، هذه المحاكم هي الأخرى سوف يلملمها قطار التضييق.
من جانبه أكد (رئيس جبهة الدفاع عن حقوق المسلمين الآنفة الذكر) فريد الدين قادري أن تأسيسها جاء بتوجيهات من القيادة المركزية، واختير إقليم راجستان مركزاً رئيساً لهاº لأن BJP يحظى فيه بأغلبية كاسحة، ونريد أن نطمئن المسلمين أن BJP ليس عدواً لهم، فكلنا أبناء هذا الوطن الكبير، وكلنا سواسية في الحقوق والواجبات.
والسؤال الذي يطرح نفسه: هل سينجح صقور التطرف في تجميل وجوههم بالمساحيق الصناعية؟
الأيام القادمة تتكفل الإجابة على هذا السؤال، ولكن تداعيات الأحداث تشير أن المسلمين لن يلدغوا من حجر واحد مرتين، بدليل أن هذه الجبهة أنشئت وأسندت رئاستها إلى شخص مغمور، ولم يكن هنالك أي تجاوب من قبل القيادات والصحافة الإسلامية لهذا التطور المذهل.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد