من يمسح دموع ميندناو؟ (5)


 

بسم الله الرحمن الرحيم

مازلنا نتنقل خلال تلك الربوع الساحرة - ربوع ميندناوا وما جاورها من جزر- التي حباها الله جمالاً طبيعياً وقد أحاط الله ذلك الجمال الرباني بنور الإسلام الذي أشرق بين جنباتها، ويبدو أن ذلك الجمال هو ما جعلها مطمعاً لكل طامع، وكذلك فإن جزيرة "ميندناو" غنيّة بالثروات فتنتج وحدها 70% من إجمالي الذرة الفلبيني و55% من البن و55% من جوز الهند و50% من الأسماك و39% من اللحوم و29% من الأرز و50% من الفاكهة وكل الموز والمطاط الفلبيني هذا إلى جانب ثروات أخرى، لذلك لطالما ذكرت إمكانات ميندناو وما جاورها من جزر الجنوب على أن تكون مولدة لنمو اقتصادي لكل الفليبين، وذلك أحد أسباب تمسك الحكومة الفلبينية باحتلالها.

 

وكان لابد من ذكر هذه المعلومات حتى تبدو الصورة أمامنا واضحة جلية حيث أن غزو تلك المنطقة لم يأتي من فراغ، ولنتأكد ونعلم أن الحقد الصليبي على الإسلام ومن ثم المسلمين دائما ما يكون مصحوباً بالطمع في ثرواتهم.

 

وهذه الدولة المسلمة رغم أنوف الحاقدين تناضل حتى الآن من أجل الاستقلال الذي تسميه وسائل الإعلام العالمية وحتى الإسلامية زوراً وتضليلاً بالانفصال والتمرد.

 

ومازال الوجود الإسلامي في الفلبين يتعرض لحرب إبادة على يد صنوف الاحتلال المتتابعة التي تميزت بالعنف والوحشية باعتبار أن تصفية الإسلام هي الهدف الأول.

 

ويمكن أن نرصد بعض معاناة المسلمين هناك في ثلاث نواحي من جملة أشكال عديدة أخرى من المعاناة:

· التنصير: تشن الكاثوليكية في الفلبين حرب إبادة شرسة لا هوادة فيها ضد الملايين من المسلمين، رغم أن الإسلام استقر هناك قبل الكاثوليكية التي جاءت إلى الفلبين على كتفي الاحتلال الأسباني، وأصوات المجازر البشرية في مسلمي الفلبين يطرب لسماعها الفاتيكان ومجلس الكنائس العالمي، لكنها لا تطرق سماع الأمة الإسلامية، وكان الله في عون جبهات المقاومة وخاصة "جبهة تحرير مورو الإسلامية" التي تسعى إلى سائر المحافل الدولية والمؤتمرات الإسلامية فلا الأولى تستجيب ولا الأخرى تسمع، ومع ذلك يجب أن يعلم المسلمون في العالم أن حكومة الفلبين -والتي تشكو من عجز في الأموال- تقاتل ضد أربع منظمات إسلامية تسعى لإقامة دولة إسلامية في الجنوب من بينها جماعة أبو سياف.

· حرب الإبادة التي تقودها الحكومة الفلبينية.

· حملة التهميش والتجويع.

· الحالة الاقتصادية للمسلمين غاية في الانخفاض ويظهر ذلك واضحاً جلياً فيما يلي:

· أن نسبة العاملين المسلمين في الوظائف الحكومية العليا لا تتجاوز 5 %.

· أن ممثلي المسلمين في البرلمان والأحزاب يعاملون وفق التفرقة العنصرية.

· أن حظ المسلمين من التعليم ضئيل وخاصة التعليم الجامعي.

· أن الشباب المسلم يعاني الأمرين للحصول على عمل.

 

بل إن بعض قادة شعب المورو المسلم يصرحون بأن المسلمين في " بنجسامورو" في حاجة إلى الدواء والطعام وأنهم يتعرضون للجوع والمرض.

 

وفي أوائل هذا العام 2006م أعلنت جبهة مورو عن قرب التوصل إلى اتفاق حول وطن للمسلمين في ميندناو وما جاورها من جزر، حتى في حال عدم التوصل إلى حل لجميع القضايا المطروحة على مائدة المفاوضات مع الحكومة.

وقد تعهدت دول غربية بتقديم معونات تقدر بملايين الدولارات من أجل إعادة إعمار جزيرة ميندناوا بجنوب الفلبين من خلال صندوق دعم ميندناوا الذي يديره البنك الدولي، وذلك حال التوقيع على اتفاق سلام بين الحكومة الفلبينية والجبهة الإسلامية لتحرير مورو ينهي صراع دام أكثر من 30 عامًا.

 

ورغم هذه الوعود إلا أن القائمين على أمر المسلمين في الجنوب الفلبيني يرون أنهم لابد أن يكونوا أكثر يقظة بشأن صدق تلك الوعود وأمانة القائمين على توصليها إلى المسلمين، حيث أن هناك مساعدات أجنبية حصلوا عليها في الماضي وما زلوا إلى الآن فقراء، لذلك يجب التأكد من وصول ما يسمى بالمساعدات الأجنبية.

 

ومع كل المعاناة التي يعيشها إخواننا من المسلمين في ميندناو إلا أن للدعوة والمؤسسات الدعوية والتثقيفية والتعليمية أياد بيضاء لابد أن تذكر مثل: جمعية "كامل الإسلام" التي أسست العديد من المدارس والمعاهد الإسلامية ولها مطابع تقوم بنشر الكتب الإسلامية، وتولي الجمعية اهتمامًا كبيرًا بنشر اللغة العربية باعتبارها لغة القرآن الكريم، وجمعية "الفلبين الإسلامية " التي تعمل على نشر مبادئ ومفاهيم الدين الإسلامي الصحيح وتنقية الثقافة الإسلامية من كافة الشوائب التي علقت بها، وهناك أيضاً جمعية "أنصار الإسلام" التي تضم أكثر من 900ألف عضو وتهتم بالتكنولوجيا والاستثمارات، كما توجد مئات المؤسسات الإسلامية التي تقوم بالتعريف بالإسلام، وحققت نتائج إيجابية حيث اعتنق الإسلام آلاف من أتباع الديانات الأخرى على يد دعاة هذه الجمعية.

 

أعزائي القراء: هذا غيض من فيض فبرغم كل اتفاقيات السلام المبرمة، وحصول بعض الأقاليم ذات الغالبية المسلمة في الفلبين على حكم ذاتي محدود بموجب تلك الاتفاقيات، لكنها لم تعتبر تجربة سياسية ناجحة بسبب ضعف التمويل وسوء الإدارة والفساد، لذلك فإن دموع ميندناو مازالت تسيل على وجنات الصغار الجوعى والنساء الأرامل والأمهات الثكالى والشيوخ الضعاف في تلك البقعة الغالية من بقاع الأرض التي أشرقت بنور الإسلام، وللآن لا تزال قضية المسلمين في جنوب الفلبين تبحث لها عن حلّ في المحافل الدولية فهل من قلوب مخلصة تسعى لحلها؟

انتهت رحلتنا في ميندناو ونلتقي إن شاء الله في مكان آخر في الكرة الأرضية حيث أن هناك ميندناو كثيرة تنتظر من يكشف عما يحدث للمسلمين فيها.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply