الشيخ سليم حسين: مسلمو بورما يعيشون مأساة حقيقة


 

بسم الله الرحمن الرحيم

أكد الشيخ سليم حسين عبد الرحمن رئيس منظمة تضامن الروهنجيا "أركان بورما" أن مسلمي أركان وبورما ما زالوا يواجهون أبشع صور التشريد والاستبداد والقهر على يد العصابة الشيوعية الحاكمة في ميمانمار رغم الضغوط الدولية المتصاعدة على نظام الحكم، والعقوبات الدولية التي ألهبت ظهر شعب بورما.

وتابع رئيس منظمة الروهنجيا في حوار مع شبكة "الإسلام اليوم" بالتأكيد على الضغوط الدولية المتصاعدة على النظام العسكري يمكن أن يسفر في النهاية عن تخفيف قبضته على الحكم، وتحسين أوضاع مسلمي أركان وبورما، لافتاً إلى أن ما يشغل المسلمين حالياً الحصول على حقوقهم في الديمقراطية والفيدرالية أولاً، ثم البحث ثانياً عن تقرير مصيرهم إما بالاستمرار ضمان الكيان الفيدرالي أو اختيار خيارات أخرى.

ولفت الشيخ سليم حسين إلى أن مسلمي بورما قد وقعوا اتفاقاً مع قوى المعارضة التي تمثل 22حزباً منهم حزب زعيمة المعارضة انجي سان سوكي لضمان حقوقهم بعد سقوط النظام، مشيراً إلى أن هناك تعاطفاً إيجابياً من الدول الإسلامية ومنظمة المؤتمر الإسلامي مع هذه المأساة، وهو ما يمثل في قرارات ضده من المنظمة، وتبني دول مثل إندونيسيا وماليزيا لقضيتنا، وممارستهم ضغوطاً على النظام الشيوعي ليخفف من قبضته الحديدية ضد المسلمين، ويعيد إليهم حقوقهم، والنص الكامل للحوار في السطور التالية:

 

* مأساة مسلمي بورما تشكل هماً إسلامياً كبيراً هل لسيادتكم في البداية أن تلقي لنا الضوء على أعداد مسلمي بورما وأوضاعهم وأهم التحديات التي تواجههم؟

عدد مسلمي بورما يصل إلى 11 مليون نسمة من إجمالي سكان بورما البالغ تعدادهم 50 مليون نسمة، منهم أكثر من 5.7 مليون مسلم يقطنون منطقة أركان، يشكلون أكثر من 75% من سكان المنطقة، وقد بدأت مأساة مسلمي بورما في عام 1948م، وهو نفس العام الذي احتل فيه الصهاينة فلسطينº حيث دخلت القوات البورمية أركان، وتمكنت من احتلالها بالقوة عبر سلسلة من المذابح الإجرامية، ومارست أبشع صور التهجير العرقي بطرد أكثر من مليوني مسلم إلى بنجلاديش المجاورة، ولم تسمح بعودتهم حتى الآن.

وتفرض السلطات البورمية أبشع صور العزلة على مسلمي بورما منذ وصول الحكم العسكري الشيوعي إلى سدة السلطة عام 1962م، ومن ذلك التاريخ قامت بتشريد مئات الآلاف من المسلمين، وسحبت منهم الجنسية البورمية بالادعاء بأنهم متوطنون جاء بهم الاحتلال البريطاني من الدول المجاورة.

ولا تقف مأساة المسلمين عند هذا الحدº حيث تمارس السلطات أبشع وسائل إبادة الجنس المسلم في بورما وأركان، فتضع عراقيل أمام زواج المسلمين إذ يرفع سن الزواج إلى 25 عاماً للمرأة و30 عاماً للرجل، وتطبق سياسات غير مسبوقة إذ تلزم أي امرأة مسلمة حامل بضرورة الذهاب إلى المستشفى لعمل إشاعة على حملها، وبرسوم كبيرة بهدف تشويه الجنين تارة، وبهدف التلاعب بمشاعر المسلمين تارة أخرى.

 

هدم وتدمير المساجد:

* ما هو واقع الضغوط التي تمارسها السلطات الشيوعية على المساجد والمؤسسات الإسلامية؟

منذ عام 1988م وهناك قرار صادر من المجلس العسكري الحاكم بحظر إنشاء مساجد جديدة، وعدم ترميم المساجد والمؤسسات الإسلامية، فضلاً عن هدم المساجد التي مر على إنشائها أكثر من 10 سنوات، وشن حملة اعتقالات على مئات من العلماء ومرتادي المساجد كل ذلك بهدف تجفيف منابع الإسلام، وحرمان الأجيال الجديدة من تعلم مبادئه، وخلق حالة من الانفصام بين المسلمين وهويتهم لدرجة أن النظام العسكري يمنع أي عمل خيري أو ثقافي، أو تعليمي إسلامي بغرض خلق حالة إحباط شديدة في وسط المسلمين، وإقناعهم بأن الهجرة من البلاد هي السبيل الوحيد.

 

* تشغل منصب رئيس منظمة الروهنجيا "أركان بورما" ما تقييمكم لعمل هذه المنظمة منذ إنشائها عام 1982م؟

دورنا الرئيسي هو رعاية اللاجئين البورميين والأركانيين، وتقديم الإعانات والدعم والخدمات لهم، وربطهم بهويتهم الإسلامية، والتصدي لمنظمات التنصير التي تنشط في أوساط المسلمين في بنجلاديش وباكستان مستغلة حالة الفقر والمرض لتحقيق أهدافها، ولا تقصر ذلك على اللاجئين لكنها تعمل على الاستفادة من الحصار والعزلة والفقر الذي يفرضها النظام الشيوعي على 10 ملايين مسلم لتنصيرهم.

ولا يلغي دورنا في أوساط اللاجئين أننا لا نمارس أنشطة داخل بورما وأركان، لكن هذا الدور غير معلن وسرى حيث يفرض النظام الشيوعي حصاراً شديداً، بحيث أحال أركان إلى سجن كبير كما يفعل الصهاينة في فلسطين المحتلة، حيث يفرض حظر تجوال كامل بين المدن والقرى الإسلامية، ويمنع المسلمين من زيارة بعضهم البعض.

 

* تحدثت عن أنشطة تنصيرية عديدة في بورما وأركان ألا يواجه هذا بنشاط إسلامي مماثل؟

رغم الأوضاع الصعبة التي يعيشها المسلمون في بورما وأركان إلا أن منظمات التنصير لم تحقق نجاحاً مطلقاً نتيجة تمسك المسلمين بدينهم، وإدراكهم أن هويتهم الإسلامية هي سبب المشاكل التي يواجهونها، وهو ما زادهم تمسكاً بدينهم وهويتهم، أما عن دور المنظمات الإغاثية الإسلامية فيقتصر على أوساط اللاجئين البورميين، ولا يزيد عن تنظيم مشاريع إفطار الصائم، وتوزيع الأضاحي، وبناء مؤسسات تعليمية، خصوصاً من جمعيات منطقة الخليج العربي، إلا أن هذا الجهد لا يوازي حجم المأساة التي يعيشها المسلمون في بورما وأركان وخارجها.

 

* لكني كمتابع لمأساة مسلمي بورما أشعر أن هناك تعاطفاً دولياً معهم،وتنامياً للضغوط على النظام العسكري الشيوعي لتخفيف قبضته؟

نعم هناك جهود دولية متنامية للتصدي لجرائم النظام الحاكم،وضغوط اقتصادية وسياسية لإعادة الديمقراطية والفيدرالية للبلاد، واحترام حقوق الأقليات،ومنها جهود دولية وجهود إسلامية تقوم بها كل من ماليزيا وإندونيسيا ومنظمة المؤتمر الإسلامي، ورغم أننا نثمن هذا الجهد إلا أن أوضاع المسلمين في بورما وأركان لم يطرأ عليها أي تحسن حتى الآن، وإن كان لدي شعور بأن هذه الضغوط ستساعد في النهاية على انهيار النظام الشيوعي الذي لن يستطيع مواجهة هذه الضغوط في عالم سريع التغيرº فالأوضاع الاقتصادية، والحصار الدولي عليهم من كافة الدول المجاورة في تطوير المنظمات الاقتصادية والإقليمية لن يجعل الخيارات متعددة أمام النظام.

 

تنازلات مؤملة:

* هل لكم أن تضعونا على طبيعة الضغوط الدولية الإسلامية على النظام الحاكم في بورما؟

هناك قرارات صدرت عن الأمم المتحدة والكونجرس الأمريكي تطالب إدارة الرئيس بوش ببذل الجهد لإعادة الديمقراطية إلى بورما، ودعم أحزاب المعارضة، وهو ما يتم ترجمته في فرض عقوبات اقتصادية، ومنع سفر المسئولين البورميين إلى خارج البلاد.

أما عن الدور الإسلامي فتمارس كل من إندونيسيا وماليزيا دوراً كبيراً في الضغط على النظام العسكري لإعادة الديمقراطية، وتخفيف الضغوط عن المسلمين، ويناقش البرلمانان الإندونيسي والماليزي في مأساة مسلمي بورما وأركان، ويزور المبعوثون من كلا البلدين بورما كوسطاء بين النظام والمجتمع الدولي، حيث ترغب هاتان الدولتان في إقناع النظام بتقديم تنازلات مؤملة تخفف من الحصار الدولي على شعب بورما، وعلى الأقلية من الحصار في البلاد.

 

* عقدت أحزاب المعارضة للنظام العسكري الشيوعي في بورما عدة اجتماعات كان أهمها في تايلاند لتنسيق ولتحديد مستقبل البلاد بعد إسقاط النظام؟ هل قدمت لكم ضمانات بالحفاظ على حقوق الأقليات ومنها الأقلية المسلمة؟

أولاً الأقليات تمارس حقوقها بمنتهى الحرية باستثناء الأقلية المسلمة التي تعاني من مأساة رهيبة، وحصار أدبي وثقافي وديني، وهو ما جعلنا نشدد على ثلاث نقاط أساسية وهي: إعادة الديمقراطية، والفيدرالية، وحقوق الأقليات ومنها الأقلية المسلمةº فضلاً عن الاتفاق على إسقاط النظام العسكري بكل الوسائل في مقدمتها الوسائل السلمية، ونحن مطمئنون إلى التزام القوى المعارضة بإنفاقها معنا، وعدم تكرار المأساة التي يعيشها منذ سقوط النظام العسكري قريباً سيكون لكل حدث حديث.

 

سابق لأوانه:

* على فرض سقوط النظام هل سيطلب مسلمو بورما وأركان الاستقلال أم الاستمرار في كيان فيدرالي؟

 لن نسبق الأحداث، أولاً نحصل على حقوقنا في الديمقراطية والفيدرالية ثم يكون لكل حدث حديث، وأما الاستمرار في الكيان القائم مع الحفاظ على حقوقنا، وإما تنظيم استفتاء لتقرير مصير الشعب المسلم في بورما وأركان، وما يشغلنا الآن هو تصعيد الضغوط على النظام العسكري وهي ضغوط سياسية بعد أن جمدت أحزاب المعارضة أذرعها العسكرية، ومراهنتها على الموقف الدولي لإقناع النظام بالاستجابة للمطالب العادلة للشعب.

 

* لقد ناقش الاجتماع الأخير لمنظمة المؤتمر الإسلامي قضية مسلمي بورما وأركان؟ كيف تنظر إلى تعاطي المنظمة مع هذه المأساة؟

لقد اتخذت المنظمة موقفاً حاداً بدعوة جميع الدول الإسلامية إلى تقديم الدعم المادي والسياسي للمسلمين في المنطقة ليتمكنوا من ممارسة حقوقهم الأساسية، مستنكرة ما يفعله النظام العسكري من جرائم ضد المسلمين، وكذلك ممارسة الدول الأعضاء كل درجات الضغوط على النظام العسكري لإلغاء القوانين التمييزية ضد المسلمين، وإعادة اللاجئين والمشردين، وتمكينهم من استعادة حقوقهم، مع إرسال بعثة تقصي حقائق من منظمة المؤتمر الإسلامي، وتقديم تقرير عن أوضاعهم وأحوالهم، وهذا موقف جديد، بالإضافة إلى أن السيد سيد حامد الباز وزير خارجية ماليزيا، ومحمد حمزة وزير خارجية إندونيسياº يتبنيان مأساة مسلمي أركان أمام جميع المنتديات الدولية لاسترداد حقوقهم، وهو ما يمثل تطوراً جيداً في الموقف الإسلامي الذي نأمل أن يتسق مع المجتمع الدولي لإسقاط النظام العسكري، وإنقاذ شعب بورما من شروره.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply