القصف الأمريكي للصومال .. ثأر قديم وخطة جديدة


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 أمام سمع وبصر الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي تواصل القصف الأمريكي للصومال في الأسبوع الثاني من يناير الحالي 2007م، ومن قبله دخلت القوات الإثيوبية لهذا البلد العربي المسلم وأصلت العاصمة والمدن الأخرى من نيران مدفعيتها وطيرانها بحجة مطاردة الإرهابيين والمطلوبين دوليا في أعمال إرهابية خاصة ما يتعلق بتفجير السفارتين الأمريكيتين في كل من نيروبي ودار السلام في أواخر التسعينيات من القرن الماضي، والغريب أن التدخل الإثيوبي والقصف الأمريكي يتمان بتنسيق وتعاون مع الحكومة (الشرعية) الصومالية التي ارتضت لنفسها هذا الهوان.

 

وإثيوبيا تعمل كشرطي في منطقة القرن الإفريقي وكيلة للولايات المتحدة الأمريكية التي اعتمد البنتاجون فيها الحرب بالوكالة بعد تجارب قواته في العراق وأفغانستان بحيث تدفع الولايات المتحدة تكاليف الحرب لكن لا تدفع بجنودها مباشرة إلى ساحة القتال ويتولى ذلك نيابة عنها بعض الوكلاء المحليين مثل إثيوبيا في منطقة القرن الإفريقي.

 

وللولايات المتحدة ثأر قديم في منطقة القرن الإفريقي والصومال على وجه الخصوص، فالعالم كله يذكر كيف باءت عملية إعادة الأمل التي نفذتها الولايات المتحدة في الصومال في العام 1992م وإنزال جنودها على أرض الصومال، ونقلت شاشات التلفزة العالمية والفضائيات منظر الجندي الأمريكي الذي قام الصوماليون بجره على الأرض مما أدى إلى سحب القوات الأمريكية من الصومال، وتلك كانت أولى المعارك بين القاعدة والولايات المتحدة أيقنت الولايات المتحدة بعدها أن الصومال الذي انهار نظام الحكم فيه بزوال نظام سياد بري لم يعد كلأ مباحا يرتع فيه الأمريكان كيفما شاءوا، ومن ثم تمت إعادة الحسابات الأمريكية في المنطقة.

 

وبعد صعود المحاكم الإسلامية في الصومال وتهديدها للحكومة الصومالية الانتقالية وشعور إثيوبيا بالخطر وتحريك أطماعها القديمة في أرض الصومالº رأت الولايات المتحدة أن الوقت قد حان لدخول الصومال مرة أخرى لكن بحسابات جديدة، بحيث يمهد الإثيوبيون الأرض أولا أمام القصف الأمريكي بالتعاون مع الحكومة الصومالي، وبذا تغيرت الخطة القديمة بعد توفر الوكلاء المحليين المتمثلين في إثيوبيا والحكومة الصومالية.

 

والحرب في الصومال بالإضافة إلى إيجاد موطئ قدم للولايات المتحدة في القرن الإفريقي في مضيق باب المندب على الأرض بعد أن لم تقنع ببوراجها في عرض البحر الأحمرº تستهدف أيضا القضاء على المحاكم الإسلامية في الصومال بالتعاون مع بعض دول الجوار، والدليل على ذلك أن كينيا قد قامت بإغلاق الحدود مع الصومال حتى يتسنى للولايات المتحدة والإثيوبيون والحكومة الصومالية تعقب قادة وجنود المحاكم الصومالية.

 

والغريب أن تجمع صنعاء الذي يضم السودان واليمن بالإضافة إلى إثيوبيا والصومال يبحث عقد اجتماع قريب في صنعاء لمناقشة التوترات بالمنطقة، وأحد أعضاء التجمع ـ إثيوبيا ـ قد قام بالاعتداء على عضو آخر ـ الصومال ـ بسكوت وصمت الشريكين الآخرين في التجمع ـ اليمن والسودان ـ فكيف يحفظ التجمع السلم في المنطقة بينما أحد أعضائه يعتدي على جاره العضو في نفس التجمع!!

 

إن الولايات المتحدة تسعى لإعادة ترتيب منطقة البحيرات والقرن الإفريقي وتعيد خارطة تحالفاتها في المنطقتين، ولعل إثيوبيا مرشحة الآن أكثر من أي وقت مضى لتكون وكيلة للولايات المتحدة في القرن الإفريقي، والحركة الشعبية لتحرير السودان يتم تأهيلها ـ في حالة انفصال الجنوب وهو أمر وارد بدرجة كبيرة ـ لتكون حليفة الولايات المتحدة الأولى في منطقة البحيرات، والمستهدف في كل هذا المخطط الأمريكي الوجود العربي والمسلم في المنطقتين، لكن الشعوب المسلمة في المنطقة لعل لها كلمة أخرى.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply