الرحالة الإسلامي د. ياسين غضبان: مسلمو الغرب بتفريطهم لا يمثلون الإسلام بشكل جيد وأوروبا ترتد عن النصرانية


 

بسم الله الرحمن الرحيم

-          في أوروبا اليوم ردة عن النصرانية.

-          الملتزمون بدينهم من مسلمي الغرب لا يتجاوزون 25%.

-          التضييق على المسلمين بالغرب زاد بصورة واضحة بعد 11 سبتمبر.

-          مسلمو الغرب يفقدون الكثير من تعاليم الإسلام، ودورهم "الديني" مفقود.

أوضح الداعية الإسلامي الدكتور ياسين غضبان المشرف على المركز الإسلامي بمدينة كاستيون الأسبانية أن المسلمين الذين يعيشون في الدول غير الإسلامية، والذين يقدرون بنحو 600 مليون مسلمº يعيشون كأقلياتº يتعرضون للكثير من المضايقات في أعمالهم، وفي أداء شعائر دينهم، مشيراً إلى أن هذا التضييق زاد بصورة واضحة عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر.

وقال الدكتور غضبان في حوار خاص: "فيما يخص تفاعل المسلمين المقيمين في الدول غير الإسلامية مع قضايا الأمة فليس لديهم سوى الاحتجاج والدعاء، حيث منعتهم الحكومات الغربية من تقديم المساعدات المالية، وأغلقت الكثير من مؤسساتهم التي كانت تدعم هذه القضايا، بل وقامت بملاحقة القائمين بجمع التبرعات المالية لمساعدة المتضررين من أبناء الشعب الفلسطيني".

وكشف غضبان عن أن المسلمين بالغرب لم يتمكنوا حتى الآن من قراءة قوانين البلاد التي يعيشون بها، وفهم أبعادها ودراستها، بل إنهم للأسف لا يجيدون التعامل معها، أو الاستفادة مما فيها من نصوص تتعلق بالحرية الشخصية، وبممارسة المعتقدات، معتبراً أنه يمكن للمسلم الواعي أن يستفيد من هذه القوانين خاصة فيما يخص مساحة الحرية المتاحة بالغرب.

وأضاف الدكتور غضبان - خلال زيارته للقاهرة -: "تعداد المسلمين في العالم الآن حسب إحصائيات السي آي إيه (CIA) حوالي ألف وسبعمائة مليون، ثلثهم يعيشون أقليات في بلاد غير مسلمة، أكثرهم في الصين، ثم في الهند، ثم في أوروبا، ثم في أمريكا وأستراليا، غير أن هذا العدد الضخم الذي يعادل حوالي 600 مليون يعيشون أقليات لا يحكمهم الإسلام من أي جانب لا في الأحوال الشخصية، ولا في القضايا العامة.

مزيد من التفاصيل في نص الحوار:

* نود في بداية اللقاء أن نعرف جمهورنا الكرام على فضيلتكم؟

** اسمي دكتور ياسين محمد نجيب غضبان، سوري الجنسية، من مواليد عام 1936م بمدينة دمشق، بدأت تعليمي في المدرسة السورية، وتخرجت في جامعة دمشق عام 1964م من كلية الآداب قسم التاريخ، ثم عملت مدرساً بسوريا للمواد الاجتماعية في المرحلة الثانوية حتى عام 1974م.

ثم سافرت إلى دولة الإمارات العربية المتحدة حيث عملت مدرساً وإدارياً بالمدارس الثانوية بالإمارات، ثم انتقلت إلى جامعة الإمارات، وعملت بمجال الثقافة والإدارة في الجامعة، ثم بعد ذلك عملت سكرتيراً لمجلة الإصلاح بالإمارات، ومستشاراً للمدرسة الإسلامية في دبي، ومدرساً لمواد التاريخ والسيرة بكلية الدراسات الإسلامية في دبي.

ثم انتقلت إلى اليمن عام 1994م فساهمت مساهمة فاعلة في تأسيس جامعة الإيمان بمساعدة أخوي فضيلة الشيخ الدكتور عبدالمجيد الزنداني، والشيخ الدكتور عبد الكريم زيدان، ودرست بالجامعة مواد التاريخ والسيرة، وحاضر العالم الإسلامي، وظللت بها حتى عينت وكيلاً للجامعة للشؤون التعليمية، ونائباً لمدير الجامعة للتطبيقات العملية، ثم خرجت من اليمن عام 1998م.

وبعدها عملت في مجال الدعوة الإسلامية في أمريكا وبعض الأقطار الأوروبية، واستقر بي المقام في الفترة الأخيرة منذ عام 2003م في أسبانيا، حيث أعمل هناك مديراً للمركز الثقافي الإسلامي في مدينة كاستيون، ومساهماً ومحاضراً في أكبر المساجد بمنطقة فالنسيا، وأيضاً مساهماً في تأسيس المساجد وإداراتها، فضلاً عن تنقلي بين أسبانيا وغيرها من بلدان أوروبا للدعوة والعمل الإسلامي.

صدر لي العديد من المؤلفات منها كتاب: "كنتم خير أمة أخرجت للناس"، وكتاب "الدعوة في العشيرة الأقربين"، وكتاب "نساء في حياة الأنبياء"، وسيصدر لي قريباً: كتاب "الخطاب الإسلامي تاريخ الأنصار السياسي"، وكتاب "محمد رسول الله في كتاب الله".

 

* وماذا عن أحوال الأقليات المسلمة في الدول الغربية؟

** الأقليات المسلمة في الدول غير الإسلامية تقدر بنحو 600 مليون مسلم، يعيشون أقليات لا يحكمهم الإسلام من أي جانبº لا في الأحوال الشخصية، ولا في القضايا العامة، وقد أعطت لهم بعض البلدان شيئاً من الأحوال الشخصية، ولكنها منعت أشياءً أخرى مثل: تعدد الزوجات، كما أنها لا تسمح بقضايا الميراث، ولا تعليم الأولاد الإسلام، ومع هذا فإن الذين يلتزمون بدينهم في بلاد الغرب من المقيمين فيها أو الذين تحصلوا على جنسيات تلك البلاد، والذين يأتون إلى المساجد لا يتجاوزون 25% من مجموع المسلمين في البلاد.

وأمام هذه الظواهر نقول: إن الذي يحتفظون بدينهم فئة قليلة جداً من المسلمين، فالأوروبيون نتيجة الفجوة الكبيرة بين المسلمين الملتزمينº وبين تلك الشعوب شبه مقطوعة، ولا يعرف الغرب من المسلمين إلا المنحرفين، والذين يساورونهم في أماكن الحرام، وبذلك فإنهم يأخذون هذه الصورة ويقدمونها لنا مشوهة فيها الكثير من الكذب والتضليل والبعد عن الحقيقة.

 

* إذاً كيف تعيش الأقليات المسلمة في تلك الدول؟

** إن المسلمين الذين لم يتمكنوا حتى الآن من قراءة قوانين تلك البلاد، وفهم أبعادها ودراستهاº يجهلون تماماً حال تلك المجتمعات، ولا يجيدون التعامل معها، أو الاستفادة مما فيها من نصوص تتعلق بالحرية الشخصية، وبممارسة المعتقدات، وبما يمكن للمسلم أن يستفيد منه خاصة في جو الحرية الذي يعتبر الأساس الأول في حياة تلك الشعوب، ولهذا نرى أن اليهود أول ما يدرسون يدرسون قوانين وتاريخ تلك البلاد، كما يدرسون تاريخ الإسلام ليشوهونه، ويقدمون صورة سيئة عنه.

 

* هلا أعطيتنا مثالاً على ذلك لتتضح الصورة؟

** نعم، لقد تابعت عدداً من المقررات في أمريكا عن التاريخ الإسلامي، فوجدت أن هناك جهات مشبوهة وراء تأليفها، كما أنني لم أجد رجلاً واحداً من المتخصصين في التاريخ الإسلامي ممن يعتنقون الإسلام، فغالبهم ممن ادعى الإسلام ودخل فيه من المستشرقين بهدف تشويهه.

ولاحظت أيضاً من خبرتي أن اليهود يعملون في مجال القانون بكثرة، وأن أكثر المحامين وأنجحهم هم من اليهود، أما المحامون المسلمون فيتصدون للقضايا التافهة مثل: قضايا الإقامة، والتجنس، وقضايا الخلافات المالية البسيطة، وهذا كله مما يجعل تأثيرنا كمسلمين في الحياة العامة قليل جداً.

وأستطيع أن ألخص كلامي بكلمة واحدة وهي أن القوانين الغربية مملوءة بالمنافذ والثغرات التي لو درسناها جيداً وأتقناها لأمكن لنا أن نستفيد منها في تحسين أحوالنا.

 

* إلى أي مدى يؤثر أهل الكتاب على الأقليات المسلمة في الدول غير الإسلامية؟

** الكنيسة لا تحكم في الغرب الآن، الذي يحكم في الدول غير الإسلامية القوانين الوضعية المغلفة بالديمقراطية، ولذلك فإن تعامل المسلمين يتم من هذا الباب، والآن في أوروبا ردة عن النصرانية.

وكثيرا ما أسأل بعض الناس في أوروبا: ما دينك؟ فيقول: لا دين لي، وعندما نريد أن نزوج نصرانية بمسلم أول ما نسألها: أن تؤمن بالله، وأن تؤمن بعيسى؟ فغالباً نجدها تجهل كل هذا، لأننا لا يمكن لنا أن نعقد عقداً بين مسلم ونصرانية إلا أن تكون محصنة ومؤمنة.

ولذلك فنحن لا نتعامل مع أهل الكتاب كما نتصورهم في أذهاننا، وعندما نلتقي مع أهل الكتاب في أية مناسبات إما أن ندعوهم أو يدعوننا للتباحث في بعض القضايا الحياتية التي ليس لها صلة بأمور المسلمين عامة، وإنما هي ذات صلة ببعض الخدمات الاجتماعية التي تقدم للمسلمين وغير المسلمين.

وأهل الكتاب المعنيين في كتاب الله، وفي سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هم الذين يعيشون في أرضنا، وفي بلادنا، وفي الأماكن التي يحكم فيها الإسلام، وهؤلاء ما زالوا وسيبقون إلى قيام الساعة في رعاية وحماية ومحبة من المسلمين في كل مكان وجدوا فيه.

 

* وماذا عن دور مسلمي الغرب في نصرة قضايا الأمة المسلمة؟

** ليس لدى المسلمين في الدول غير الإسلامية إلا الاحتجاج والدعاء، فقد منعت عنهم الحكومات هناك تقديم المساعدات المالية، وأغلقت الكثير من مؤسساتهم التي كانت تدعم هذه القضايا، وأصبحت ملاحقة القائمين بجمع التبرعات المالية من الأنشطة الأساسية التي يقوم بها الأمن الأوروبي عموماً باعتبارها عملاً من أعمال تأييد الإرهاب، لكن المسلمين بواسطة الاتصال الشخصي ببعض الأوروبيين المتنورين يظهرون عدالة قضاياهم، وظلم الحكومات التي تقوم على مساندة إسرائيل، ومساندة الحملة الصليبية الجديدة على العالم الإسلامي.

والمسلمون الآن قد يكونون في حالة من الضعف والفقر مثل بقية الشعوب الإسلامية في أراضيها، غير أن هامش الحرية المتاح لهم يمكنهم بالتعاون مع بعض المتنورين من الأوروبيين من القيام باحتجاجات ومظاهرات لتأييد هذه القضايا.

والمشكلة التي تحزننا في الغرب أن بعض الحكومات العربية خصوصاً - والإسلامية عموماً - قد لا يكون لها إلا صلة واهية جداً مع الجاليات الإسلامية هناك إلا في فرض ضرائب، أو استخراج بعض المستندات، ولم يحدث أن قامت سفارة دولة من هذه الدول بمساعدة أفرادها في أي مجالº لا في تعليم، ولا في حفظ حقوق أو الدفاع عنها أمام القضاء الأوروبي وإنما فقط يقولون ما لا يفعلون، وقد لا يعرف المسلم في الدول غير الإسلامية عن بلده إلا موظف السفارة الذي يتعامل معه من أجل استخراج بعض الوثائق.

 

* وماذا عن دوركم في أسبانيا، وإشرافكم على مركز كاستيون؟

** مركز كاستيون باعتباري مشرفاً عليه فإنه أولاً يؤمن للمسلمين قضاء أوقات الصلاة، كما يعد ملتقى للمسلمين في كل أوقاتهم لحل مشكلاتهم، والتعاون لإزالة القضايا المخالفة للإسلام بينهم وبين معارفهم.

كما أن في المسجد مكتبة لا بأس بها تؤمن لمن أراد منهم المطالعة والاطلاع على قنوات فضائية والإنترنت وغيرها، وتأتي إليه النساء في بعض أوقات الصلاة - وخاصة في صلاة الجمعة -، وفي شهر رمضان، ويسعى المركز لأن يتواصل مع المراكز الأخرى في القرى المحيطة لكاستون والتي يبلغ عددها حوالي عشرة مساجد.

كما أن المركز يؤمن دروس ومحاضرات على مدى الأيام، وفي المناسبات، ويستقبل الدعاة ويستفيد منهم، كما يلحق بالمركز مدرسة لتعليم القرآن والإسلام باللغة العربية، وهي عبارة عن يوم واحد في الأسبوع، ويبلغ تعداد الطلاب والطالبات هذا العام ما بين 70 و80 دارساً يدرسون على أيدي بعض الإخوة والأخوات المتخصصين في التعليم.

ويقدم المركز في شهر رمضان وجبات إفطار يومية لحوالي 70 فأكثر من الشباب الذين يأتون للإفطار فيه، ويكون للمسجد نشاط واسع في رمضان، وفي العيدين.

 

* وهل هناك مؤسسات أخرى ملحقة بالمسجد؟

** يلحق بالمسجد مؤسستان:

الأولى: هي اللجنة التعاونية التي تقدم مساعدات في حدود طاقتها إلى المحتاجين والمحتاجات، وعابري السبيل، وتقوم على الجمعية لجنة تدير شئونها، كما أن المسجد يتعاون مع الجمعيات الخيرية في إسبانيا، وكذلك مع الصليب الأحمر الذي يعطى أطنان من المواد الغذائية يوزعها على المحتاجين من الجالية المسلمة.

أما عن المؤسسة الثانية: فقد بدأ المسجد الآن بتشكيل (اتحاد للنساء المسلمات في أسبانيا)، وقد أنجز هذا العمل بوضع قانون ونظام لهذا الاتحاد، وكذلك اختيار المشرفات على هذا الاتحاد.

 

* وما الهدف من إنشاء هذا الاتحاد؟ وماذا أنجز منه؟

** هدف الاتحاد حماية ورعاية المرأة المسلمة والطفل المسلم، وأمام المركز الآن مهمة شراء قطعة أرض كبيرة تصلح لإقامة مركز إسلامي متكامل بالمسجد للرجال والنساء، وقاعة محاضرات، ومواقع للمؤسسات المرتبطة به، وبيوت لسكن العاملين في المسجد.

وقد بدأنا في جمع التبرعات لهذه الغاية، ويتعاون معنا في إنجازها بلدية كاستيون لإقامة هذا المركز الذي سيبدأ العمل به في أقرب وقت ممكن، ويتعاون المسجد تعاوننا كاملاً مع مؤسسات الدولة، والموظفين الكبارº للحصول على بعض المميزات للجالية المسلمة، وخاصة الحصول على أراض لإنشاء مقابر خاصة بالمسلمين، إذ أنه حتى الآن نقوم بنقل المتوفين إلى بلادهم الأصلية.

والمركز أمامه طموحات كبيرة في فتح مجالات للدعوة الإسلامية سواء للمسلمين أو للأسبان، وأن يدير المسجد القضايا الشخصية للمسلمين من زواج وطلاق، وإصلاح ذات بين، وكذلك حل المشكلات الناتجة عن الخلافات المادية.

ويعتبر المسجد من أهدأ المراكز في أسبانيا، فليس فيه إشكالات، وليس فيه تحزبات، ويعمل بشكل جيد على الاتصال مع بقية المواقع في فالنسيا، وأليكانتي، وهذه المواقع شكل مجموع محافظة فالنسيا، فهو عدا المشاركة في اللجان الدينية والفيدرالية يقوم أيضاً بالمساهمة بإدارة بعض المراكز لتقديم المساعدة لها بشكل جيد.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply