رغم أن عددهم لا يتجاوز 2000 مسلمو الإكوادور يتمتعون بحريات سياسية ودينية واسعة


 

بسم الله الرحمن الرحيم

كان للبحارة العرب المسلمين (الموريسكيون) الفضل الكبير في دخول الإسلام إلى دول أمريكا اللاتينية، والتي ذهبوا إليها عبر الحملات الاستعمارية التي انطلقت من إسبانيا في اتجاه الجنوب، تلك الحملات التي بدأها كريستوفر كولومبوس الذي كان حلمه بالذهب والفضة والثروات الطائلة لا تحده حدود.

بدأ كولومبوس حملاته الاستكشافية إلى بلاد ما وراء البحار، يساعده في ذلك وجود عدد لا بأس به من البحارة العرب. بدأت طلائع الشر وجيوش المستعمرين الإسبان تغزو (الإكوادور)، فبدأت قصة الاستعباد الرهيب لشعب ظل يقاوم أولئك البيض الأقوياء.

بصمات إسلامية: وحدثت عمليات تزاوج بين الموريسكيين والزنوج الأفارقة المسلمين، فامتزج الأوروبي الأندلسي بالإفريقي واللاتيني. ورغم محاولات محو الهوية الإسلامية العربية من قبل الإسبان في الإكوادور، مازالت هناك ومضات في الوجوه وبصمات المهندس الموريسكي المسلم المعمارية، رغم محاولات طمس هذه الحقائق إلى الأبد!

وفي هذا الإطار يقول أحمد علي الصيفي مدير مركز الدعوة الإسلامية لأمريكا اللاتينية لم: "عندما زرت الإكوادور في رحلة تفقدية كشفت لي بعض الأسر المسلمة عما لديها من مخطوطات إسلامية نادرة، حملها المسلمون الأوائل إلى هناك، ومن أهمها المصاحف المخطوطة باليد ومخطوطات الحديث الشريف، وبعض دواوين الشعر التي تتضمن قصائد مدح الرسول – صلى الله عليه وسلم -، وقد دونت هذه المخطوطات باللغات العربية والإسبانية التي وضعها مسلمو الأندلس الذين هاجروا إلى الإكوادور منذ 5 قرون، كما دونت بعض المخطوطات بلغات إفريقية محلية مثل: "الهوسا" و"الفولاني" و"اليوربا".

 

الأقلية المسلمة

وحديثاً، بدأت الهجرات إلى الإكوادور على مرحلتين: الأولى بعد الحرب العالمية الأولى، والثانية بعد اغتصاب فلسطين من قبل الصهاينة ومساعدة بريطانيا، حيث هاجرت أعداد كبيرة من لبنان وفلسطين وسورية، وكان أغلبهم من نصارى بيروت وزحلة، وبيت لحم، وبيت جالا في فلسطين، وعدد لا بأس به من المسلمين.

هذا العدد من المسلمين انقرض نهائياًº لأن الجيل الأول تنصر بالكامل أمثال عائلات (بكداس، ودسوم، وخير الله..)، ثم جاء الجيلان الثاني والثالث ولا يعرفان شيئاً عن الإسلام، ولا عن اللغة العربية!

وقد برز من الجيل الثالث بعض الأشخاص الذين استطاعوا أن يصلوا إلى مراتب عليا في الإكوادور مثل رئاسة الجمهورية، ونذكر منهم عبد الله أبو كرم من أصل عربي لبناني، فاز بمنصب رئيس جمهورية الإكوادور في انتخابات نزيهة وحرة، لاهتمامه بمحاربة الرذائل والتصدي لانتشار المعاملات الربوية والرشاوى في المؤسسات العمومية ومحاربة الفقر والبطالة.

 

العمل الدعوي

لقد انقطعت الهجرة إلى الإكوادور، بسبب انقطاع صلة المهاجرين الأوائل بأهاليهم وذويهم، لضعف النشاط التجاري العالمي مع الإكوادور، ولهذا تأخر العمل الدعوي والإسلامي فيها.

وفي منتصف الثمانينيات من القرن الماضي قامت جماعة "الدعوة والتبليغ العالمية" بزيارة إلى الإكوادور تمكنت خلالها من إقامة أول صلاة جمعة في 6 مارس 1986م، ثم تلاحقت زيارات ممثلي مركز الدعوة الإسلامية في أمريكا اللاتينية، تمكن بعدها مركز الدعوة الإسلامية في أمريكا اللاتينية بالتنسيق مع محمد سليمان الأعسر رجل أعمال مصري من بدء أول نشاط دعوي إسلامي في الإكوادور، بمساعدة الأختين اللبنانيتين ليلى وسلوى دسوم، والفلسطيني يوسف حمو عويس، حيث تشكلت جمعية (خالد بن الوليد الثقافية الإسلامية) والتي تعد أول جمعية عربية إسلامية تأسست على أرض الإكوادور واعترفت بها السلطات المحلية سنة 1989م.

وتمكن الأعسر من إنشاء أول مسجد ومركز إسلامي، استطاع رغم حداثة نشأته أن يشق طريقه لخدمة الأقلية المسلمة، بالإضافة لخدمة غير المسلمين وشرح معالم الدين الإسلامي.

 

التعريف بالإسلام

وعن أنشطة المركز وأهدافه ودوره في رفع الوعي الإسلامي داخل الأسر المسلمة في الإكوادور يقول رئيس المركز الداعية يحيى إخوان سوكيلو وهو من أبناء الإكوادور الذين اعتنقوا الإسلام: "المركز الإسلامي الذي يوجد في مدينة كيتو يهتم أساساً بقضية تعليم اللغة العربية والتعريف بالإسلام للمسلمين وغيرهم، كما يقوم المركز بترجمة بعض الكتب والموسوعات الإسلامية من اللغتين العربية والإنجليزية إلى اللغة الإسبانية".

إضافة إلى ذلك توضح مديرة المركز د. ليلى دسوم: "المركز به مكان لتلقي الدروس وإلقاء الخطب والمحاضرات الدينية التي تجد إقبالاً من المسلمين، كما توجد في المركز أماكن لأداء صلاة الجمعة والصلوات الخمس للرجال والنساء، حيث تعتبر النساء في الإكوادور، الذهاب للمركز والصلاة بالمسجد سبباً لتقوية صلتهن بالدين الإسلامي وحماية لهن ولأبنائهن من الذوبان في المجتمع الأكوادوري.

 

أبواب الحرية

ويعيش أغلب المسلمين في العاصمة "كيتو" ومدينة "جويا كيل" ومدن أخرى متفرقة، ولا يتجاوز عددهم 2000 مسلم، حسب تقديرات شخصية غير دقيقة، إلا أنهم يتمتعون بوزن سياسي واقتصادي وعلمي معتبر، لكن للأسف ضربوا على أنفسهم حصاراً وعزلة تامة عن المجتمعات العربية والإسلامية وعن أوطانهم الأصلية وأهلهم وذويهم!! لذلك ذاب العديد منهم في المجتمع الإكوادوري، لعدم وجود مدارس عربية.

ولتفعيل دور المسلمين داخل الإكوادور لابد من إنجاز عدة مهام، أهمها:

إنشاء المدارس العربية والإسلامية ومعاهد تحفيظ القرآن الكريم.

إرسال بعثات طلابية من أبناء الجالية المسلمة إلى بعض المعاهد والمدارس الإسلامية بالدول العربية.

إنشاء رابطة إسلامية حقيقية لا صورية تحوي جميع الفصائل والتيارات المذهبية وتكون الممثلة الوحيدة والمدافعة عن مصالح الجالية المسلمة أمام السلطات المختصة.

إنشاء شركات تعاونية بين أبناء الجالية لمعالجة مشاكل الفقر والبطالة التي يعاني منها الكثير من أبناء الجالية والمسلمين الجدد.

إصدار مجلة إسلامية عصرية متفتحة تواكب تطورات ومستجدات العصر في قضايا متعددة وترد على المغرضين من أعداء هذا الدين.

إنشاء هيئة خيرية اجتماعية مستقلة مختصة بإدارة أموال الزكاة والصدقات والهبات وإدارة وتنمية الأوقاف الإسلامية، وكل ذلك يستلزم مساعدات واسعة من المسلمين والعرب في أنحاء العالم.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply