المسلمون في ألمانيا بين التمييز والمساواة


 

بسم الله الرحمن الرحيم

أحدثت هجمات الحادي عشر من سبتمبر تغييراً واضحاً في أوضاع المسلمين في شتى أنحاء العالم - ولاسيما في أوروبا -، وقد كانت ألمانيا على الرغم من عدم تعرضها لأية هجمات توصف بـ"الإرهابية" من أكثر الدول الأوروبية تعنتاً مع المسلمين، حيث أنها حتى اليوم ترفض الاعتراف به كديانة لها أتباعها.

ويطالب المسلمون في ألمانيا منذ وقتٍ, طويل بالمساواة السياسية مع أمثالهم من أتباع الديانات الأخرى، حيث يعيش ما يزيد عن ثلاثة ملايين مسلم داخل ألمانيا، يواجهون العديد من الصعاب والمشكلات لا لشيء سوى هويتهم الإسلامية، وقد نشر موقع "إسلام دي" حواراً مع أيمن عزاوي "المتحدث الإعلامي باسم المجلس الأعلى لمسلمي ألمانيا"، في ضيافة المتحدث باسم النواب البرلمانيين لحزب الخضر فيما يخص سياسة الاندماج "يوزيف فينكلر"، وهو أحد الساسة الألمان المؤيدين والداعين لعمل المرأة المسلمة المحجبة في الشرطة الألمانية أسوة ببريطانيا.

 

· في أية جوانب الحياة يشعر المسلمون بالظلم في ألمانيا من وجهة نظركم؟

· عزاوي: يواجه المسلمون طابوراً طويلاً من المشكلات والصعاب في حياتهم اليومية بأوروبا عامة - وألمانيا خاصة -، وبطبيعة الحال تأتي قضية ارتداء الحجاب على رأس تلك المشاكل ليظل السؤال يتردد: هل ينبغي السماح للمرأة بارتداء الحجاب أثناء تأدية عملها؟

وفي هذا السياق أحب أن أؤكد أننا كمسلمين نتعامل مع الحجاب على أنه شأن ديني بحت وليس قضية سياسية نجني من ورائها بعض المكاسب، وأرى أنه على ألمانيا أن تطبق المبدأ القائل بأن المرأة لها كامل الحرية في ارتداء الحجاب من عدمه، وأن من ترغب في الحجاب فليكن لها ذلك على الرحب والسعة.

كما يتعرض المسلمون لمضايقات كثيرة في مجالات مختلفة لعل من أبرزها أيضاً: رفض السلطات الألمانية السماح للمسلمين ببناء المدافن الإسلامية في أي بلدية أو مدينة، وهو ما نراه انتهاكاً واضحاً لحريتنا الدينية في ألمانيا، ويفتقد المسلمون كذلك إلى الحد الأدنى من الرعاية الدينية داخل المستشفيات، ودور المسنين والسجونº حيث تعلق الصلبان على الجدران، ولا توجد المصاحف.

ولا يفوتني أن أشير إلى مشكلة المشاكل وأكبر الصعوبات أمامنا كمسلمين ألا وهي الحصول على ترخيص لبناء المساجد، وهي موضوع مثير وعجيب حقاً، وفي هذا السياق نلاحظ مراراً وتكراراً معاناة المسلمين من الأحكام المسبقة والجاهزة ضدهم، والتي تكون مؤلمة فعلاً للمسلمين، وتولد لديهم الشعور بأن المجتمع الألماني يلفظهم ولا يتقبلهم كأعضاء متساوين مع غيرهم في الحقوق.

بالإضافة إلى أن الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها المسلمون هنا تتسبب في العديد من الصراعات والمشكلات التي تحدث لهم.

 

· يوزيف فينكلر أين تكمن المشكلة الأساسية في التعامل مع المسلمين بألمانيا من وجهه نظرك كسياسي في حزب الخضر؟

· فينكلر: يتعرض الإسلام في ألمانيا لظلم واضح مقارنه بالدين المسيحي، فهنا لا توجد مساواة حقيقية بين الإسلام وغيره من الجماعات الدينية الأخرى، أو بين الإسلام والكنيسة، وهذا ما يجب تغييره بصورة ملحة، فنحن في ألمانيا لا نقوم بتدريس الدين الإسلامي لأبناء المسلمين بانتظام، وكذلك لا نمنح المدرسين التدريب المناسب، ومن المشكلات التي أعتبر أنها تؤرق المسلمين هو أنه من الصعب أن ينجح المسلمون في بناء مسجد لهم دون معارضه عنيفة من قبل السياسيين المحافظين.

واعتبر أنه يكفي المسلمين دليلاً على عدم المساواة نظره الازدراء تلك التي يتعرضون إليها من قبل غير المسلمين.

في دولة ديمقراطية متعددة الحضارات كألمانيا ينبغي أن تعيش الأديان المختلفة في سلام فيما بينها, وبطبيعة الحال يجب أن يمنح المسلمون في ألمانيا الفرصة للحفاظ علي هويتهم شريطة ألا يتأتى هذا الحفاظ على هويتهم الإسلامية إلا في ظل قيم الدستور الألماني.

 

· هل تري أنه من الممكن أن تلعب السياسة دوراً في تحسين العلاقات بين المسلمين وغيرهم من أتباع الديانات الأخرى ممن يعيشون معهم داخل المجتمع الألماني؟

· فينكلر: نعم، نحن نرغب في شركاء للحوار ولكن هذه لا تزال مشكله قائمة نظراً لأن الجمعيات والمنظمات الإسلامية العاملة في ألمانيا لا تمثل سوى 20٪ من إجمالي المسلمين المقيمين هنا، وأرى أن هذه إحدى أهم المشكلات في التفاهم والحوار بيننا وبين المسلمين.

وقد قمنا كحزب للخضر بتقديم استجواب للحكومة الألمانية عن أوضاع المساواة الحقوقية للإسلام، ومازلنا في انتظار رد الحكومة لمناقشته.

· عزاوي: إن التواجد الجماعي لنحو 2200 مجمعاً إسلامياً يقوم بتمثيل المسلمين في ألمانيا يعد تقدماً كبيراً، ولهذا فإنه بإمكان كل تلك المنظمات المختلفة أن تعمل على تدعيم التعاون فيما بينها لأجل مزيد من المساهمة بفاعلية في مناقشات الاندماج مع المسئولين الألمان.

غير أننا يجب أن نضع في الاعتبار أنه إذا رغب حزب الخضر أو غيره من الأحزاب الألمانية في وجود جماعات إسلامية تمثل 100٪ من المسلمين في ألمانيا والبالغ عددهم نحو  3.5 مليون نسمةº إذا أرادوا ذلك من أجل الحوار مع المسلمين فإنهم بطبيعة الحال ليسوا على صواب من أمرهم، لأنه لا يصح أن نلبس الإسلام زياً كنسياً، فهذا الزي الكنسي لا يعرفه الإسلام، لا تصدق أن كل المسلمين يرغبون في وجود جماعة إسلامية تنوب عنهم، وتتحدث بصوتهم، بل إن الكثير من المسلمين هنا لا يعرفون أنفسهم في الأساس على أنهم مسلمين.

 

· ماذا تعني مساواة الإسلام بغيره في ألمانيا عملياً؟

· عزاوي: أولاً أن يتمكن المسلم من الحياة مع أتباع الديانات الأخرى بصورة طبيعية تماماً، وفيما يخص الحياة اليومية فإن تخطيط المدن يجب أن يتضمن بناء المساجد كأحد الأمور الطبيعية التي توجد داخل المدينة، فحتى الآن لا يجد المسلمون أماكن لبناء المساجد سوى الاختباء في الأفنية الخلفية، أو في الورش الصناعية، كما ينبغي أن يحصل المسلمون على حقوقهم في ممارسة الشعائر الإسلامية في دفن موتاهم، ويجب أن يجد المسلمون متطلباتهم وتطلعاتهم الإسلامية سواء في المستشفيات أو دور المسنين.

ومن أهم التطبيقات العملية لمنح المسلمين تلك المساواة إن لم يكن أهمها هو العمل بوضوح من أجل محاربة "الإسلام فوبيا" وهو خوف المجتمع الألماني من الإسلام والمسلمين، وأن يعلم الجميع في العلن أن الإسلام الحقيقي ينأى بجوهره عن التفجيرات والعنف وقتل المدنيين، وكذلك أن يلتزم الساسة الألمان بالانفكاك والتحلل من كل الأحكام المسبقة لديهم ضد الإسلام، ولكن على المستوى العملي الحالي فإن ما يحدث هو خلاف ذلك.

· فينكلر: أرى أن من يلجأ إلى الحلول المتطرفة فإنما يلجأ إليه لوجود شعور لديه بالعزلة والاستبعاد من المجتمع، لهذا فإننا نرغب في المساواة السياسية بين المسلمين وغيرهم في بلدنا، والدستور الألماني يضمن ويكفل حرية الأديان والاعتقاد وهو ما ينطبق على الإسلام من حيث تدريسه بالمدارس الألمانية بحيث تكون خطة دراسته، ومواده المقررة متوافقة مع الدستور، وألا يسمح لأية دولة أخرى بتحديد ما يتناسب وما لا يتناسب حتى وإن كانت ترتبط بعلاقات قوية مع برلين بما في ذلك تركيا.

وكل ما نود عمله كحزب الخضر هو أن تتناسب المقررات الإسلامية مع مبادئنا كدولة ديمقراطية متعددة الثقافات، ويجب ألا ننسى أن التحسين العملي لأوضاع المسلمين لن يتم سريعاً دون بذل الجهد والوقت من الجانبين في سبيل تحقيق ذلك.

 

· ما هي ملامح القانون الذي ينظم المساواة بين الإسلام وغيره من وجهة نظركم؟

· فينكلر: يجب أن يعتمد الدستور الألماني كمبدأ ومنهج يسير عليه، وأن ينص على حرية الاعتقاد بما في ذلك حرية الإلحاد، وكذلك أن يركز على حقوق المرأة.

ومن حقوق المرأة التي ينبغي أن ينص عليها القانون هو إعطائهن الحق في اتخاذ القرار المناسب بشأن ارتداء الحجاب من عدمه، وأن يجرم أي صيغة من صيغ الإجبار والقهر سواء في الملابس أو في الزواج، وأن تقوم المنظمات الإسلامية بتوضيح رأي الشريعة في تلك القضايا بوضوح.

· عزاوي: حينما نقوم بتطبيق شعائر ديننا في إطار من حماية الدستور الألماني فهذا أمر جيد ومقبول، أما بالنسبة لزواج الإكراه والإجبار في العقيدة فهذا أمر لا يعرفه الإسلام، بل على العكس فإنه ينكره، وقد أدان المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا بشدة هذه الصور من الإجبار والضغط.

إن كل ما نحتاجه كمسلمين في هذه البلاد هو الإحساس بالثقة المتبادلة لأن كلا الجانبين سواء المسلمين أو الألمان يشعرون بالخوف والشك والريبة، وهو الأمر الذي ينبغي أن يزول من خلال الحوار، ولكن يجب أن يعلم الألمان أننا لا نريد اكتساح المجتمع وأسلمته، وجعل الإسلام ديناً رسمياً لهº فهذا أمر ليس من ضمن أولوياتنا، فنحن جزء من المجتمع الألماني، ونلتزم بقيمه بمرور الوقت.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply

التعليقات ( 1 )

فضفضه

-

محمد نادر محمود عبدالله

18:58:01 2022-07-06

احس حالي منافق وجبان في المانيا فقط لأني لا استطيع سماع القران في منزلي بحريه ولا استطيع ان اقوم بعبادتي بحريه, لا احد يجبرني علئ شيء ولاكن لدي احساس غريب اني غريب في هذا البلد وكأنني لا انتمي له ولا استطيع الانتماء له فقط لانني مسلم , احس كأنني بحلم ولا ادري متى سوف ينتهي هذا الحلم واسمع اصوات المساجد وتكون الحياه طبيعيه كما كانت ولأكن ليس لدي الا الصبر وان شاء الله تفرج وشكرا لكم اردت فقد ان اخرج القليل بما اخفيه في قلبي والسلام عليكم.