الإسلام في نيوزيلندة (2)


  

بسم الله الرحمن الرحيم

ها قد عدنا لنواصل الحديث عن حال الإسلام والمسلمين في نيوزيلندة فهيا بنا:

المساجد والمراكز الإسلامية:

هناك اثنا عشر مسجداً رئيسياً، وبعض المصليات تقام فيها الصلوات الخمس والجمعة، سبعة منها في أوكلاند، وواحد في ولينحتون، وأخر في كريستشيرش، وآخر في دنيدن, وواحد في هامليتون، والآخر في شمال بالمر ستون، وهناك العديد من المساجد الصغيرة رغم قلة الجالية المسلمة، ويعود ذلك بالدرجة الأولى إلى حرص المسلمين على أداء فريضة الصلاة التي هي عماد الدين، ويرجع إلى أن أوكلاند بالذات شاسعة جداً ولذا يتعذر أداء الصلوات كلها في المساجد الرئيسية في غير أيام الجمعة.

 

الجمعيات الإسلامية في نيوزيلندة:

هناك العديد من الجمعيات والاتحادات الإسلامية تأسست لتلبية حاجات الجاليات المسلمة، وتنمية العمل الدعوى هناك, وهذه المؤسسات موزعة في أغلب المدن الرئيسية في نيوزيلندةº كذلك فإن العمل من الأوقاف الإسلامية التي تقوم على العمل التطوعي لتلبية حاجات الجاليات المسلمة, وهناك الاتحاد الفيدرالي للجمعيات الإسلامية الذي يضم أغلب الجمعيات الإسلامية.

وتعتبر الجامعات من أخصب البيئات في بلاد الغرب للدعوة، وعرض الإسلام، وذلك لما يتاح فيها من الحرية لعرض الأفكار والمبادئ، وذلك لما يتمتع به المنتسبون لها من انفتاحية على الغير قد لا توجد في بيئات أخرى, وتسمح الجامعات عادة بتأسيس جمعيات طلابية تقدم خدماتها للمسلمين أو لعموم الطلبة، بل وتدعم أحياناً هذه المنظمات مالياً.

وقد تشمل نشاطات الجمعية الطلابية الإسلامية ما يلي:

· تنظيم أسبوع توعية: ما على المسئول عن الجمعية إلا حجز موعد وطاولة، ويضع عليها ما يشاء من كتب ونشرات، وفيديو وشاشة تلفاز تعرف بالإسلام، وغالباً ما يكون المكان ممراً للطلاب يتوقفون حوله، ويأخذون الكتب والنشرات.

· دعوة أحد المحاضرين في الساحة الإسلامية لإلقاء محاضرة عن الإسلام: أو قد يوجد في الجامعة من الأساتذة المسلمين من يقوم بالدور المطلوب.

· إستقبال الطلبة المسلمين الجدد: ويكون عن طريق مسئول مكتب الطلبة الأجانب في الجامعة، وقد لا تتوفر قائمة بأسماء الطلبة المسلمين، ولكن يمكن التعرف عليهم عن طريق السؤال عن أسماء الدول التي أتوا منها، وأسمائهم الشخصية.

· إقامة لقاء مع الجمعيات الأخرى: سواء أكانت جمعيات الأقسام، أو جمعيات الأنشطة الأخرى بهدف تبادل المعرفة، ولكن الهدف الأول والأخير هو التعريف بالإسلام، والدعوة إلى الله.

· أغلب الجامعات يتوفر فيها قسم الدين والفلسفة، ويمكن عن طريق اتحاد الطلبة المسلمين إلقاء محاضرة للتعريف بالإسلام.

· إهداء الكتب التي تعرف بالإسلام للأساتذة في الجامعة باسم الاتحاد فقد يتقبلها أكثر من إرسالها بطريقة شخصية.

· إرسال رسائل قبل رمضان، أو قبيل العيدين للمسلمين الذين لا يأتون إلى مسجد الجامعة، وتهنئتهم بالعيد وحثهم على الحضور للمسجد، والتقاء إخوانهم.

ولكن هناك بعض الصعوبات التي تواجه اتحاد الطلبة منها:

· انخفاض الدعم المالي في الجامعات أو توقفه أحياناً.

· قلة مشاركة الطلبة المسلمين في الأنشطة.

· غالباً ما يعمل الطالب لفترة قصيرة وهى مدة الدراسة، فما أن يدع الشاب، ويتعرف جيداً على الجامعةº إلا ومدة الدراسة قد انتهت، وعاد إلى بلاده.

ويعتبر الهدف الأساسي من وجود الجمعيات الإسلامية في الجامعات هو مساندة وتوعية المسلمين بأمور دينهم، ودعوة غير المسلمين لدين الله الحق.

وهناك أمرين رئيسين يحددان مدى فعالية هذه الجمعيات في أداء رسالتها: أما الأمر الأول فهو التزام الأعضاء بأداء واجبهم, وأما الأمر الثاني فهو الإخلاص، والذي يظهر بوضوح في تحديد الأولويات في هذه الجمعيات والتي تنعكس بالتالي على أنواع النشاطات، ومدى فائدتها، فمثلاً إذا وضعت إحدى هذه الجمعيات في أولوياتها أن تكون مقبولة داخل الإطار الجامعي كغيرها من الجمعيات فإن سياستها العامة ونشاطاتها تختلف عما إذا كانت الأولوية هي الالتزام بالمنهج القويم، ونشره بين المسلمين وغيرهم، ومن المهم الإشارة إلى عدم الوقوع في خطأ حصر الإسلام في أحد مكوناته، وإهمال الأخرى، بل ينبغي أن تكون الأولوية الأولى دائماً وأبداً هي ابتغاء مرضاة الله، والحرص على مصالح المسلمين، وفي ذلك جلب توفيق الله - تعالى-، وتكليل الجهود بالنجاح - إن شاء الله -.

ومن خلال هذه الجمعيات يمكن خدمة الإسلام ونشره في الأوساط غير الإسلامية فإن جمعية الطلبة المسلمين لها دور بارز في حياة المسلمين، فهي تساهم في نشر الجهود الدعوية, إلا أن هناك بعض التحديات التي تواجهها، وذلك لأن جزءاً من أنشطتها الدعوية موجه إلى الشباب المسلم للحفاظ على هويته الإسلامية، إلا أن ضعف الخبرة في التعامل مع هؤلاء الشباب الذين هم محل عناية يعانون من ظاهرة التغريب المفرط، مما يجعل المهمة صعبة، وربما قادت أحياناً إلى الإحباط.

لذلك يجب على المنظمات الإسلامية أن تشارك بأداء دورها في هذه الجمعيات بالتدريبات اللازمة لأساليب الدعوة، وإرشادهم بالطرق المناسبة للتعامل مع السلوكيات المختلفة لهؤلاء الطلبة أيضاً, وهناك قضية أخرى وهي إحجام كثير من الطلبة المؤهلين للعمل في هذه الجمعيات وذلك بحجة عدم القدرة، وضعف الخبرة واللغة، ولكن الحقيقة أن جزءاً منهم يرى أن العمل مع هذه الجمعيات يصرفهم عن التحصيل الدراسي، بينما يرى آخرون بأن مثل هذه الجمعيات قد تجلب لهم المشاكل إذا فكروا في العودة إلى بلدانهم, وأخيراً فهناك قضية الاختلاط بين الجنسين.

وخلاصة القول هنا مما لا يخفى على أحد أن هناك مفاهيم كثيرة مغلوطه في المؤلفات الغربية تحتاج إلى تصحيح فوري لتمهيدها أمام الإسلام على الأرض الغربية المليئة بالأشواك والأوهام, ومن بين هذه المفاهيم عدة دعاوى كاذبة لكنها ما زالت تزعم أن الإسلام دين عدواني انتشر بالنار والسيف، وأنه دين تواكلي يدعو إلى الكسل، كما يشاع أن الإسلام عدو للعلم والحضارة، وأنه دين يضطهد المرأة، وأنه دين شهواني يجري أتباعه وراء المتع والشهوات، فضلاً عن تشويه كثير من المسائل تشويهاً مغلوطاً ليس له أساس من الصحة.

هذه المفاهيم الخاطئة وغيرها منتشرة في كثير من المؤلفات الغربية بما يؤكد أن التصور الذي يرتبط في أذهان الغربيين بصورة الإنسان في الإسلام يبين لنا ضآلة ما يعرفه الغرب عن الإسلام عقيدة وقيماً وشريعة, ولذا فإن تصحيح هذه المفاهيم الخاطئة يجب أن يكون لها الأولوية المطلقة التي يجب أن تضطلع به كافة المؤسسات والهيئات الإسلامية في هذا البلد، حيث لا يعقل أن يقتصر النهوض بهذه المهمة الحيوية على عاتق مبادرات فردية وليس مؤسسات إسلامية متخصصة يكون من أوليات مهامها تنظيم جهود العلماء والكتاب والمفكرين في التعامل بعقلانية رشيدة، وبمنطق الوثائق التاريخية، وأيضاً بمنطق عرض الإسلام العرض الصحيح، وإظهار ما فيه من قيم ومبادئ تعتبر البشرية في أمس الحاجة إليها.

إلى هنا نتوقف، مع وعد باللقاء في حلقة قادمة إن شاء الله.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply