رفض بين الخبراء لتحليل أولبرايت:
وهاجم خبراء الانتشار النووي بالوكالة الدولية للطاقة الذرية وآخرون من مجتمع مراقبة الأسلحة تفسير أولبرايت للصور، وقد أخبرني شخص دبلوماسي في فيينا - حيث يوجد مقر الوكالة الدولية للطاقة الذرية (I.A.E.A) - أن "الناس هنا اندهشوا من ذلك، واعتبروا أن أولبرايت قد وضع نفسه في مخاطرة، إن الوكالة الدولية للطاقة الذرية دأبت على إخبار الصحفيين أنها متشككة بشأن القصة النووية المتعلقة بسوريا، إلا أن الصحفيين لديهم قناعة كبيرة بها".
وحول الدلائل التي تفيد بزيف الروايات التي ذهبت إلى أن المنطقة التي استهدفتها "إسرائيل" موقع نووي أوضح هيرش:
أن خبيراً استخبارياً سابقاً بوزارة الخارجية الأمريكية، يعمل حالياً بقضايا الانتشار النووي لصالح الكونجرسº صرح أن العديد من الأشياء التي يمكن للمرء أن يتوقع رؤيتها في محيط موقع نووي سري كان يفتقر إليها الهدف، وقال: إنه "لم يكن هناك وجود أمني حول المبنى... ولا ثكنات للجيش أو العاملين، ولا عقدة ارتباط"، وأخبرني "جيفري لويس" الذي يترأس برنامج عدم الانتشار التابع لمؤسسة أمريكا الجديدة، وهي مركز بحثي بواشنطنº أنه حتى إذا كانت أبعاد المنشأة من عرض وطول مماثلة للموقع الكوريº فإن ارتفاعها ببساطة لم يكن كافياً لاحتواء مفاعل بحجم مفاعل يونجبيون، وتوفير حجرات كافية لسحب قضبان التحكم - مرحلة حيوية في عملية تشغيل المفاعل - كما لم يوجد كذلك دليل في اللقطات المنشورة على عمليات بناء كبرى تحت سطح الأرض، وقال لويس: "إن كل ما يمكنك أن تراه هو صندوق... ولا يمكنك الرؤية بما يكفي لتعرف كيف سيكون حجمه، أو ما الوظيفة التي سيقوم بها، إنه صندوق فحسب".
وقال مسئول استخباري أمريكي رفيع سابق لديه اطلاع على المعلومات الاستخبارية الحالية: " ليس لدينا أي دليل على وجود مفاعل، فليس هناك إشارات استخبارية، ولا استخبارات بشرية، ولا بالقمر الصناعي".
وعندما ذهبت إلى "إسرائيل في أواخر ديسمبر كانت الحكومة لا تزال تلتزم السرية حيال الهجوم، إلا أن بعض المسئولين الحاليين والقدامى وضباط الجيش كانوا يتطلعون للتحدث دون الإشارة إليهم، وكان معظمهم مصراً على أن المعلومات الاستخبارية "الإسرائيلية" كانت دقيقة.
أما أولبرايت فقد بدا أكثر حرصاً عندما تحدث إليه الكاتب في شهر ديسمبر حيث قال له: إن الصور لا تؤكد يقيناً أن المنشأة السورية كانت مفاعلاً، وجاء في مقال هيرش:
عندما تحدثت إلى أولبرايت في ديسمبر كان أكثر حذراً بكثير عما كان عليه في أكتوبر، وقال: "لم نقل مطلقاً "نحن نعرف" أنه كان مفاعلاً بناءً على الصور"، وأضاف: "لقد أردنا التأكد من أن الصور تطابق شكل مفاعل، ومن وجهة نظري إنها بالفعل كذلك، غير أن هذا لا يؤكد أنه مفاعل".
وكانت رحلة الحامد - وهي سفينة تجارية صغيرة - قد صارت محوراً مركزياً في التقارير المتعلقة بقصف السادس من سبتمبر، غير أن هناك دلائل على أن الحامد لم يكن من الممكن أنها تحمل شحنة من المواد الحساسة - أو أي شحنة أخرى - قادمة من كوريا الشمالية، فحركة الملاحة الدولية تتم مراقبتها بعناية من قبّل وحدة الاستخبارات البحرية التابعة لشركة لويد، وتعتمد الوحدة على شبكة من العملاء، وكذلك على سجلات الموانئ وغيرها من السجلات، إضافة إلى ذلك فإن أغلب السفن التجارية مطالبة في الوقت الحاضر بتشغيل جهاز إرسال واستقبال يطلق عليه نظام التعريف التلقائي A.I.S، وهذه التقنية على متن الحامد تعمل بأسلوب مشابه لأجهزة الإرسال والاستقبال Transponder التي تعمل في الطائرات التجارية، حيث تبعث تقريراً مستمراً وعالي التردد بشأن مكان التواجد، ووفقاً لسجلات وحدة الاستخبارات البحرية فإن الحامد تعمل منذ أعوام في منطقة شرق البحر المتوسط والبحر الأسود، ولا توجد إشارات إلى أية زيارات حديثة قامت بها إلى كوريا الشمالية.
ونقل الكاتب عن أحد مسئولي منظمة "جرين بيس" الدولية المستقلة - وهي من بين المنظمات التي على اتصال بحركة الملاحة الدولية - قوله: إن الحامد ليس لديها القدرة على حمل شحنات ثقيلة، وقال هيرش:
لقد أخبرني "مارتيني جادج"، والمسئول عن مراقبة عمليات الصيد غير الشرعي قائلاً: " أنا أعمل بالبحر منذ 41 عاماً، ويمكنني أن أخبرك كقبطان أن الحامد ليست شيئاً، ونوعها رديء، لن يمكنك وضع حمولة ثقيلة على متنها، حيث إن ألواحها الأرضية لن تكون بهذه القوة".
أما عن زياراته التي قام بها إلى دمشق فقال الصحفي البارز:
وخلال زيارتين إلى دمشق في أعقاب الهجوم "الإسرائيلي" قمت بإجراء مقابلات صحفية مع عدد من كبار المسئولين بالحكومة والاستخبارات، غير أن أحداً من المستشارين المقربين من الرئيس الأسد لم يرو لي نفس الرواية، بالرغم من أن بعض الروايات كانت أكثر ذياعاً - وأكثر معقولية - عن غيرها، وبوجه عام فإن المسئولين السوريين بدا أنهم أكثر اهتماماً بتحليل دوافع "إسرائيل" أكثر من مناقشة ما الذي تمت مهاجمته، وقد قال لي "فاروق الشرع" نائب الرئيس السوري: "إنني أتردد في الرد على أية أسئلة صحفية عن هذا"، وأضاف: "لقد قامت "إسرائيل" بالقصف من أجل استعادة مصداقيتها، وهدفهم هو أن نستمر نحن في التحدث عن هذا، وبإجابة أسئلتك أقوم بدعم هدفهم، فلم يجب أن أتطوع لفعل ذلك"؟
والتقى هيرش مع ضابط رفيع بالاستخبارات السورية، حيث أجرى معه مقابلات صحفية خلال الزيارتين، وتساءل الضابط:
" إن هناك بلدة كبيرة - دير الزور - تبعد 50 كم، فلم تقوم سوريا بوضع مواد نووية بالقرب من بلدة سكنية"؟
وحول السبب الذي جعل سوريا لا تتخذ ردة فعل أكثر حدة إذا كانت المنشأة المستهدفة غير خطيرة قال الضابط: "إن ذلك ليس عن خوف، وهذا كل ما سأقوله"، وبينما كنت أغادر سألته: لماذا لم تدع سوريا ممثلين من الوكالة الدولية للطاقة الذرية لزيارة موقع القصف، وإعلان عدم وجود أي نشاط نووي هناك؟ فأجاب: "هم لم يطلبوا المجيء... وسوريا ليس لديها سبب لمطالبتهم بالحضور".
وبينما أشار مسئول بالوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى أنهم قد طالبوا سوريا بالسماح لهم بزيارة الموقع، ورفض السوريون ذلك، دافع "عماد مصطفى" السفير السوري لدى واشنطن عن قرار بلاده بعدم استدعاء مراقبي الوكالة الدولية للطاقة الذرية قائلاً خلال مقابلة مع هيرش:
"إننا لن ننزلق إلى لعبة استدعاء خبراء أجانب لزيارة كل موقع تدّعي "إسرائيل" أنه منشأة نووية"، مضيفاً: "لو قدمنا بهم وقالوا لا يوجد شيء هنا، فسنجد "إسرائيل" تقول إنها ارتكبت خطأ، وستقصف موقعاً آخر بعد ذلك بأسبوعين، ولو لم نسمح بعدها لمراقبي الوكالة بالحضور ستقول "إسرائيل": أرأيتم؟، فلماذا يجب أن نفعل ذلك"؟
وقد دفعت المقابلات الصحفية التي أجراها هيرش في دمشق إلى وصوله إلى وجهة نظر أوردها في مقاله حيث قال:
أياً ما كان ما هو تحت الإنشاء بمساعدة كوريّة شمالية فيبدو أنه كان لا علاقة له بالزراعة - أو بالمفاعلات النووية -، ولكن يتعلق بدرجة كبيرة بوضع سوريا الدفاعي، وعلاقتها العسكرية مع كوريا الشمالية، وهذا ربما كان كافياً لإسكات الحكومة السورية في أعقاب قصف السادس من سبتمبر.
ومن غير الواضح إلى أي مدى تورطت إدارة بوش في الهجوم "الإسرائيلي". وكان أكثر التقارير تفصيلاً حول التعاون قد أعدته شبكة ABC News في منتصف أكتوبر، ونقلت الشبكة عن مسئول أمريكي رفيع أن "إسرائيل" قد شاركت في معلومات استخبارية مع الولايات المتحدة، وتلقت في المقابل معلومات مُرادة وتعاونية بالقمر الصناعي.
ونفى مسئولون "إسرائيليون" فكرة حصولهم على تعاون كبير من قبّل واشنطن في التخطيط للهجوم، وقال مسئول "إسرائيلي" رفيع في لقاء مع الكاتب: "لم يعاونا أحد، لقد نفذنا ذلك بأنفسنا"، وأضاف: "ما أقوله هو أن أحداً لم يكتشف ذلك بالنيابة عنا"، وقد امتنع البيت الأبيض عن التعليق على ذلك.
هل الهجوم على سوريا تحذير لإيران؟
قدم "سيمور هيرش" إجابة لمثل ذلك الافتراض حيث أشار في مقاله إلى أن:
هناك دلائل على أن الهجوم الاستباقي على سوريا كان يُقصد به كذلك تحذير بشأن ونموذج لهجوم استباقي ضد إيران، وعندما زرت "إسرائيل" هذا الشتاء كانت إيران هي الشغل الشاغل لدى المسئولين السياسيين ومسئولي الدفاع الذين تحدثت إليهم وليست سوريا، وقد كان هناك غضب واضح إزاء واشنطن في أعقاب تقييم للاستخبارات القومية الأمريكية... انتهى.
إلا أن إيران لا تبني في الوقت الحالي سلاحاً نووياً، وينظر الكثيرون في "إسرائيل" إلى طموحات إيران النووية كتهديد قائمº ويعتقدون أن التحرك العسكري ضد إيران ربما كان حتمياً، بينما يساورهم القلق من أن أمريكا ربما لن تكون هناك عند الاحتياج إليها.
وترى واشنطن من جانبها أن "إسرائيل" جادة في قلقها بشأن إيران وبرنامجها النووي، ويقول هيرش:
وفي أعقاب القصف بفترة وجيزة التقى في واشنطن مبعوث صيني وأحد كبار مسئولي الأمن القومي بإدارة بوش، وأخبرني شخص مطلع على المباحثات أن المبعوث الصيني كان عائداً لتوه من زيارة إلى طهران، وأراد إعلام البيت الأبيض بأن هناك أشخاصاً معتدلين راغبين في إجراء محادثات، وقد رفض مسئول الأمن القومي ذلك الاحتمال، وأبلغ المبعوث - بحسب ما ذكر المصدر المطلع - قائلاً: "أنت على دراية بالبيانات "الإسرائيلية" الأخيرة بشأن سوريا، إن "الإسرائيليين" جادون إلى أقصى درجة بشأن إيران وبرنامجها النووي، وأعتقد أنه إذا لم تنجح حكومة الولايات المتحدة في تعاملاتها الدبلوماسية مع إيران سيقوم "الإسرائيليون" بإنهائها عسكرياً"، ثم أخبر المبعوث بعد ذلك أنه يريد منه نقل شيء إلى حكومته أن "الإسرائيليين" جادون.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد