المسلمون في الغرب الفرص والمحاذير


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

لا يخفى على الدارس علاقة المسلمين مع شعوب وحكومات الغربº أنّ هذه العلاقة قد شابها الكثير من التوتر، وارتبطت في ضمير أبناء المسلمين بتاريخ مرير وطويل من التنكيل والظلم الذي مارسته جيوش وحكومات الغرب منذ زمن بعيد. ولعل خير شاهد على ذلكº ما حدث في الحروب الصليبية، وما كان من مأساة محاكم التفتيش، ونهايةً بالاستعمار الحديث، ثم هيمنة الغرب على شعوب المنطقة عبر المتنفذين والحكام، والتدخل في سياسات الشعوب المسلمة، ومصادرة قرارها السياسي الداخلي والخارجي.

 

كل هذه الأمور وغيرهاº شكلت موروثاً ثقافياً يقوم على العداء والرفض، حتى ظن بعض المسلمين أن الأصل في العلاقة مع "الغرب والغربيين" هي الحرب والسيف. وأنّ الغرب كله في سلّة واحدة، ولا يمكن أن تكون هناك نقاط التقاء، أو بؤر للتعاون، ولا أرضية للتعايش، وكل ما نراه من ذكر لحقوق الإنسان، وحريات عامةº ما هي إلا فصل من فصول "المؤامرة" على الإسلام والمسلمين.

 

هذا في ظني ظلم للحق، وهضم للحقيقة، وهو قبل هذا وذاك ابتعاد عن منهج الإسلام الذي ينصف المخالف، وينأى عن التعميم، وينهى عن عاطفة العداء التي تحجب الحقوق، وتقطع الطريق على كل نوع من أنواع التعارف والتعايش والتعاون، التي من أجلها كان الناس شعوباً وقبائل، وتأخذ البريء بجريرة المسيءº التي حرمتها كل الأديان والرسائل (أم لم يُنبّأ بما في صحف موسى وإبراهيم الذي وفّى، أن لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزرَ أخرى) النجم الآيات 36 إلى 38.

 

كل ذلك لا ينبغي له أن ينسينا أبداً أن لنا أسساً وقيماً وضوابط في التعامل مع هذه القضية، فالمسلم مأمور شرعاً بأن ينطلق في مواقفه ومعاملاتهº ضمن قواعد الشرع، والتي تحتم عليه ضبط مسارات العاطفة، والعمل ضمن محددات العدل والإنصاف مهما يكن من أمر، وبخاصة في موضوع بعيد الأثر وعظيم الخطرº كموضوع حديثنا هذا.

 

فالإسلام ينطلق في تعامله مع الغير، ولو كان كافراًº من أنّ الأصل في العلاقة معه هي السلم لا الحرب. وقد ورد في ذلك الكثير من النصوص الشرعية، قال - تعالى -: (فإن اعتزلوكم وألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلاً)، وقوله - تعالى -(وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله)، وقوله - صلى الله عليه وسلم - (لا تتمنوا لقاء العدو وسلوا الله العافية).

 

فالإسلام لا ينزع للحرب ابتداءً، إلا إن كان ظلماً واعتداءً ومنعاً من تبليغ رسالة الإسلام للناس، أما ما عدا ذلكº فلا إكراه في الدين، فالباعث على القتال هو الاعتداء، وليس مجرد المخالفة. والإسلام يكره الحرب، ويعتبر كفّ المؤمنين عن القتال من المنن التي يمن الله بها على عباده (وكفى الله المؤمنين القتال).

 

بل كان النبي الكريم، - صلى الله عليه وسلم -، يغيِّر من أسماء صحابته الذين تسمّوا بحرب ومرة، لكراهته للحرب وأسمائها، فهذا هو الاتجاه العام أو المسار الذي يضبط علاقتنا مع غير المسلمين. والى هذا ذهب كثير من الفقهاء، ومنهم الإمامان الثوري والأوزاعي من السلف. (راجع كتاب العلاقات الدولية في الإسلام، ص 93 وما بعدها، للشيخ الدكتور وهبه الزحيلي - حفظه الله -).

 

وقد سار سلف هذه الأمة على هذا النهج القويم، ولم تجنح بهم عاطفة البغض لما عليه أهل الكتاب من عناد ورفض للحق بل ومحاربة له، ولم تمنعهم من إنصاف المخالفين من أهل الذمة، وتأدية الحقوق إليهم، مسترشدين في ذلك بكتاب ربهم- تبارك وتعالى -(يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط، ولا يجرمنكم شنئآن قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى، واتقوا الله إنّ الله خبير بما تعملون) المائدة 8، وبقول الرسول الكريم (من ظلم معاهداً أو انتقصه حقاً أو كلّفه فوق طاقته، أو أخذ منه شيئاً بغير طيب نفس منهº فأنا حجيجه يوم القيامة) رواه أبو داوود.

 

وقد تعهدت الشريعة الغراء بكف الأذى عن أهل الذمة وتحريم قتلهم، بل جاء في الفقه الحنفي ما يفيد تحريم غيبة الذمي، إذ ذكر العلامة ابن عابدين في حاشيته على الدرّ المختار ما نصه "إنه بعقد الذمة وجب له ما لنا، فإذا حرمت غيبة المسلم حرمت غيبته". كما أفتى بعض الصحابة بالسماح لهم بممارسة دينهم وضرب نواقيسهم، وإخراج صلبانهم في أيام أعيادهم، كتاب الخراج لأبي يوسف - يرحمه الله -.

 

بعض المعالم للواقع الغربي المعاش:

وقبل الولوج في موضوع الفرص والمحاذيرº أريد التقديم ببعض معالم الواقع المعاش في الغرب، التي ينبغي مراعاتها، ومن الجدير بالذكر التذكير بأنّ تقييم أي واقع يعيشه الناس هو من أصعب المهمات، نظراً لما يتحكم في ذلك من عوامل ثقافية، وتاريخية، وجغرافية، وسياسية، بل لما يتحكم فيه أيضاً من اختلاف الناس في تقييم كل عامل من هذه العوامل، ومدى تأثيره في المعادلة العامة. ومن أهم العوامل التي ينبغي مراعاتها في ظني:

 

أولاً: الواقع العالمي المعاصر، والذي فتح المجال لتفرّد الولايات المتحدة، وحليفها الغربيº لسيادة العالم والسيطرة على مفاصل القوة العسكرية والاقتصادية فيه. وهذا المعطى المهم يحتِّم على المسلمين مراعاة تقديرهم لمحاولات النهوض ذات الطبيعة القطرية الضيقة، أو قيام مشروع نهضوي يُشعر الغرب بالخطر على مصالحه. وبخاصة إذا ما كان هذا المشروع ذا طبيعة نخبوية تهتم بحشد النخبة على حساب وعي الجماهير وتفانيها في مشروع التغيير. إنّ عدم مراعاة ذلك المعطى المهمº سيؤدي غالباً لوأد كل محاولة في مهدها قبل أن ترى النور أو تأتي ثمارها.

 

ثانياً: شيوع مفهوم "محاربة الإرهاب"، وضبابية هذا المفهوم المُتعمَدَة، والتي من خلالها تحارب كل محاولات النهوض، أو التميّز بمعزل عن الوصاية الأمريكية. ويراد من وراء ذلك تجفيف ينابيع التديّن الصحيح، الذي يوجب على أهله القيام بدورهم في الشهود الحضاري على الناس.

 

وبناءً على ذلكº فإنّ تقسيم المسلمين إلى متطرف ومعتدلº قد يؤجِّل القضاء على أحدهما قبل الآخر، ولكن لا يلغي نظرة العداء لكليهما، وهما وجهان لعملة الإرهاب الواحدة كما ترى القيادة الأمريكية.

 

ثالثاً: وجود ما يقارب من 432 مليون مسلم يعيشون كأقليات، أي ما يقارب ثلث المسلمين، منهم ما يقارب خمسين مليون مسلم في أوروبا شرقاً وغرباً. إنّ وجود المسلمين في الغرب لم يعد وجوداً سائحاً عابراً، أو مسافراً قاصداً، بل تعدّى ذلك لأن يكون مواطناً أصيلاً، ورقماً مهماً في الغرب. وهذا يدعونا لمراجعة صادقة في النظر لهذه الديار، وأنّ لها حقوق الوطن وآداب المواطنة. والإسلام يدفع المسلمين بالحرص على بناء أوطانهم والسعي في نهوضها ورخائها، فهي مقر معاشهم، وديار أبنائهم من بعدهم، وصلاح هذه الأوطان وأمنها يعود على كل مواطنيها دون فرق، والمسلم الصادق حينما اختار المعيشة في الغربº فإنه اختار أن يكون "جزءاً" من الوطن والمجتمع الذي يعيش فيه، مما يوجب عليه أن يفكِّر في همومه، والتحديات التي تواجهه، ولكن من منظور دينه وعقيدته.

 

وعلى المسلمين الحذر من أماني العودة التي قد تطول ولا تُطال، وقد يمرّ بنا العمر ونحن ننتظر قطار العودة، فلا هو حملنا وذهب، ولا نحن الذين وضعنا قدماً يمهِّد لاستقرار دعوة الإسلام التي آمنا، نظرياًº أنها تصلح لكل "مكان"، ولو كان هذا المكان الغرب نفسه.

 

رابعاً: ولا أنسى وأنا أتطرق إلى الواقع أن أفرد بالذكر شيئاً من تأثيرات الثقافة الشرقية التي صحبناها معنا إلى هذه الديار، والتي تشكّلت من عادات البلاد التي وُلدنا فيها، ولم تكن من فرائض الشرع، أو من مقتضيات التدين. وكذلك لا ننسى تلك الهموم أو المساجلات الفقهية والفكرية، التي تمثلت على شكل صراعات بين جماعات ومذاهب، نقلناها معنا إلى هذه الديار، وكأنّ الجدل والخلاف بحراً لا يمكن لأسماك الشرق التنفس خارج مياهه.

 

علينا أن نعترف بأن لنا إرثاً علمياً وزاداً ثقافياً فيه الكثير من الخير النافع، ولكن فيه من الدَخَن أيضاً الشيء الكثير. هذا الدخن ورثناه من عصور من التخلف والتعصب المقيت التي شكّلت الكثير من مشاعرنا تجاه بعضنا بعضاً، ووجهت الكثير من مواقفنا التي لا تعبِّر عن الإسلام، ولكننا حملناها كأنها جزء أصيل من الإسلام لا يمكن أن تنفك عنه. وعدنا لا نفرِّق بين ما هو من الإسلام كدينº وما هو من ثقافة المجتمع الشرقي المحافظ.

 

ولعل أبرز ما يجسد هذه الظاهرة نظرة المسلمين للمرأة، وتعاملهم مع الطفل، وتقييمهم لأهل الكتاب، وتربيتهم الحضارية الجمالية، وقابليتهم للانقياد في مجموعات عمل يتنازل فيها بعضهم لمصلحة المجموع، إلى ما هنالك من موروثات كان للعادات والتقاليد الدور الأكبر في ترسيخ سلطانها على نفوسنا، ثم امتثالنا لسلطانها من حيث لا نشعر أحياناً.

 

ويمكنك مشاهدة ذلك في سلوكيات بعضنا في ديار الغرب، فهناك من يرى أنّ التمسك بلون معيّن من اللباس هو من مقتضيات التدين أو من مكملاته، وبعضنا يرى أنّ تضييق الطرق على جاره أو زميله في العمل من السنّة المطهرة، وبعضنا الآخر يبذل قصارى جهده حتى لا يبدأ الكافر بالسلام، بالرغم من وجود الروايات الصحيحة التي تعلِّل هذا المنع بحالة الحرب مع بني قريظة، وورود استحباب السلام عليهم عن كثير من الصحابة الكرام كعبد الله بن مسعود وابن عباس وابن عمر وأبي الدرداء - رضي الله عنهم -، وما نُقل عن عمر بن عبد العزيز والأوزاعي.

 

فرص..وآمال:

ثم أودّ التركيز على بعض الفرص التي يمكن لنا استثمارها وتنميتها أو المحافظة عليها، ومحاذير، لا بد من التحرّز منها وتطويقها، حتى لا يتفاقم أثرها.

 

من هذه الفرص وجود عدد كبير من أنصار الحرية والعدل والمساواة في الغرب، وهم بذلك أنصار للقيم التي نادى بها الإسلام العظيم، ونحن نشترك معهم أو يشتركون معنا في ذلك، ويمكن إذا ما أحسنّا التنسيق معهم أن نحصل على الكثير من المكاسب لصالح شيوع أجواء الحريات التي تمثل البيئة الصالحة لنمو وشيوع الإسلام وبزوغ نوره وظهوره على الدين كله.

 

من ذلكº وجود جمعيات ومنظمات حقوقية ترخِّص لها الدولة، ويحميها القانون يمكن التحرك من خلالها لنصرة قضايا المسلمين في الغرب والشرق على حدٍ, سواء. وإن كنا لا ننسى أنّ هذه المنظمات هي منظمات "حكومية" غير مستقلة، وبالتالي فلا يمكن التعويل الكامل على دورها.

 

وهناك تذمّر الغرب الأوروبي حكومة وشعباً من الغطرسة الأمريكية، وظهور مجموعات مناهضة للعولمة، والتي تنادي بدور مستقل لأوروبا بعيداً عن الهيمنة الأمريكية، ويمكن من خلال ذلك دفع الغرب لأن يكون له دور فاعل وعادل تجاه شعوب المسلمين وقضاياهم الكبرى.

 

كما يندرج في الأمرº انتشار آلاف المراكز والمؤسسات الإسلامية في أوروبا، لا بد من تفعيلها للقيام بدورها المنشود، لبيان صورة الإسلام الناصعة، وتقديم خدمات للمجتمع بدلاً من التقوقع في إطار روادها من المصلين أو المتعلمين.

 

ومن الفرص الحقيقيةº شيوع الفهم المعتدل للإسلام بين الكثير من أفراد الأقليات المسلمة، ونفور الكثير من الناس من العصبية القطرية أو المذهبية، والشعور العام بالحاجة للتوحّد على ما هو أولى وأهم، وبخاصة بعد الأحداث الأخيرة في فلسطين الحبيبة، وما يحدث في الهند، وأفغانستان، والعراق. كل ذلك كان أرضية مناسبة لترسيخ قيم الإخوة الإسلامية العامة، وشعور المسلمين بأنهم تجاه عدو مشترك يريد أن يستأصل شأفتهم، لا بد من مواجهته بروح التوحّد على قضايا الأمة، والتعاون على البر والتقوى، ونبذ العصبية، والتعاون على المتفق عليه.

 

محاذير.. ومخاوف:

إنّ حمل الدعوة الإسلامية في مثل هذه البيئةº ليس بالأمر الهين، ذلك لما يحيط بهذه المهمة من صعوبات وتحديات كبيرة، منها ما يتعلق بالبيت الداخلي للدعاة والعاملين للإسلام، ومنها ما يتعلق بظروف المجتمعات الغربية، ومنها أيضاً ما يتعلق بظروف الأوطان التي جاء منها هؤلاء الدعاة.

 

ومن أهم المحاذير والتخوفات التي أحب التذكير بها هنا هي أنه ينبغي أن لا يتحول الخطاب "الدعوي" ذو السمة التبشيرية السمحةº إلى خطب عاطفية حماسية، أو "بيانات" ثورية نضالية سياسية. فبالرغم من الهيمنة السياسية لدول الغرب على شعوبنا في الشرق، وتدخلها السافر في كل الشؤونº إلا إنه ينبغي علينا أن لا نخلط بين منهج الدعوة وخطابه الذي يتميز بالسلم والجدال بالتي هي أحسن، وبين "التدافع" السياسي، أو الصراع العسكري. فالعدو المخالف في ساحات الحرب والسنانº غير العدو المخالف في ميادين الحوار والبيان، ولكل ظرف سلاحه.

 

ثم على المسلمين أن يتفطنوا لأي محاولة استدراج يقوم بها الصهاينة عبر الإعلام الغربي، والذي يسعى لتأكيد صفة "الإرهاب" والعنف، وأن المسلمين "لا يعرفون غير لغة الدم"، والإقصاء. فبعض الدعاة للأسفº يعطي المبرِّر تلو المبرِّر، ويؤكد للشعوب الغربية مثل هذه الادعاءات، وذلك من خلال بعض الممارسات والمواقف، أو التصريحات الإعلامية غير المسؤولة.

 

كما ينبغي التركيز على عنصر التفاعل مع البيئة الغربية، وألا ننعزل عنها. فإنّ رسالتنا في الغرب لا يمكن لها أن تؤتي أكلها إلا في أجواء من التعارف والتواصل والتعايش والحوار، وشجرة الإسلام لا تمتد جذورها إلا إذا تفاعلت مع بيئتها، وإلا ستكون بمعزل عن التأثير، ولا يكن لنا تحقيق "الشهود" الحضاري المطلوب دون "حضور" في ساحات الفكر والثقافة وصناعة القرار في الغرب.

 

وأشير في هذا الصدد أيضاً أنه على المسلمين أن يطالبوا بحقوقهم من منطلق "المواطنة"، التي يتمتعون بها، لا من منطلق التميّز الديني عن أهل هذه البلاد. فإنّ ذلك مما يساعد على تلبية ما يطالبون به، دون الوقوع في فخِّ الصراعات الطائفية والدينية.

 

ثمّ من الحكمة أن يستبعد الدعاة عند حوارهم للناس هنا الحديث عن نقاط الاختلاف التي تفصل بين المسلمين وغيرهم، سواء في المعتقد أو السلوك، بل أن ينهجوا منهج القرآن في التركيز على نقاط الالتقاء ولو كانت صغيرة، ثم الانطلاق منها لتحقيق تقدّم، سواء على صعيد الفكر أو السياسة. وربما من المناسب إعادة الاجتهاد في صياغة الخطاب الديني لغير المسلمين، فإشعار المخالف بأنّ لديه شيء من الحق، وهذه حقيقة لا ينكرها إلاّ مكابر، يقرِّب مسافة الحوار، ويمهِّد لتواصل بنّاء قد يفضي للكثير من المصالح المشتركة.

 

هذه بعض الكلمات والمفاهيم، ولا شك أنّ هذا الموضوع بحاجة للمزيد من تسليط الضوء على كثير من جوانبه، تمهيداً لفقه دعوي جديد يبشر بالخير والنور لهذه المجتمعات، والله غالبٌ على أمره ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون.

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply