حديث الذكريات


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 أذكر أنه إبان الحرب العالمية الأولى، أقام التبشير الأمريكي داراً له في باب الشعرية بالقاهرة، يشرف عليها القس المبشر [جلوي] وظل يعقد الاجتماعات، ويُلقي المحاضرات، ويقدم الإغراءات المختلفة، فلا يحضرها إلا قلة من ذوي الحاجات!

 

 وأخيراً قرر العودة إلى أمريكا تاركاً نشاطه لنائبه المصري الذي تابع نشاطه بهمة عظيمة، ووزع الكساء والمال بسخاء على رواد دار التبشير من فقراء المسلمين، وزاد الإقبال على الدار بغية الحصول على المنح المادية، وأرسل النائب صورة من هذا النشاط الكبير، وعن العدد العظيم الذي يؤم الدار يومياً لرئيسه في أمريكا طالباً المزيد من العون، وزادت دهشة القس [جلوي] لذلك فقد عاش يخدم داره هذه أكثر من عشر سنوات، ولم يفز بمثل هذا النجاح، فقرر زيارة مصر ثانية، وأعلن نائبه عن ذلك، ودعا الناس لحضور حفل استقباله، وامتلأت دار التبشير هذه بالزبائن، أملاً في الحصول على مزيد من المنح!

 

 وقام النائب بتقديم القس للحاضرين على أنه منشئ هذه الدار، ورب هذه النعمة التي تُقدم إليهم، ثم وقف القس بعد ذلك ليقول كلمته، وبعد هنية تفرس فيها وجوه هذه الجمهرة الكبرى، قال بصوت عالٍ,: " وَحِّدُوه …! " وسرعان ما انطلق الجميع في صوت واحدٍ,: " لا إله إلا الله، محمد رسول الله ".

 

 فنظر إلى نائبه نظرة عتاب على ما أنفقه لهؤلاء القوم من أموال، ثم تكلم كلمة عامة عن المحبة، وأخيراً قرر إنهاء خدمة نائبه، وإنهاء العمل، وتصفيته!، وعاد إلى أمريكا يجر أذيال الخيبة.

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply