الإسلام.. لحظة حاسمة


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

أن تكون أمريكا أو غيرها دولة كبرى فهذا لا يعني أن القيم والأخلاقيات السائدة فيها هي الأفضل.. لكن المشكلة أن الدولة القوية أو الدولة المنتصرة تصبح - بالتدريج - قدوة.. وهذه هي العلاقة القديمة بين سيكولوجية المهزومين والمنتصرين كما أشار إليها ابن خلدون في كتاباته.

فالمجتمع الأمريكي يشهد تحولاً أخلاقياً خطيراً رغم كل ما يُقال عن سيطرة المحافظين سياسياً.. فالواقع أن النزعة الليبرالية المتحررة هي المسيطرة على المجتمع الأمريكي أخلاقياً.. وخصوصاً ما يتعلق بالقيم الاجتماعية. وعندما تكون أمريكا قدوة عالمية في هذا المجال، فذلك يعني أن العالم يواجه خطراً يهدد قيمه وأخلاقياته.

إنهم في أمريكا يتحدثون، على سبيل المثال، عن حرية زواج المثليين حيث يتزوج الرجل رجلاً وتتزوج المرأة امرأة ويقيمون "عائلة" ويتوارثون وتطبق عليهم كل الامتيازات والحقوق والواجبات التي تُطبق على "عائلة حقيقية".. وقد أجازت كندا أيضاً ذلك.. أما أمريكا فقد تم اتخاذ خطوة اُعتبرت مقدمة عندما قضت المحكمة الدستورية في شهر يونيو الماضي بأن قوانين ولاية تكساس المناهضة للواط غير قانونية. وقد وصف أحد كُتَّاب جريدة نيويورك تايمز هذا الحكم، في حينه، بأن المحكمة الدستورية قد قررت أن "توصد غرف النوم في أمريكا على أهلها" باعتبار أن ما يحدث داخل غرف النوم هو شأن خاص وليس من حق الحكومة أن تتدخل فيه.

الواقع أن هذا هو شأن الأمريكيين.. لكن المصيبة هي مدى تأثيرهم على العالم في ظل الحقيقة التي نشاهدها وهي أن الأمريكيين يرون أن قيمهم هي "القيم الصحيحة" التي يجب على العالم أن يعتنقها وإلا تم وصفه بأنه متخلف وظلامي وغير ديمقراطي.. وربما إرهابي!

وقد كتبت من قبل، وربما أكثر من مرة، كما كتب غيري عن الدور الغائب للإسلام لإنقاذ العالم من جهالاته وإباحياته في هذه المرحلة بالذات بعد الهجمة الشديدة لثقافة الإباحة والشذوذ وكل قذارات ما يُوصف بالعالم المتقدم.. فالمؤسف أن الإسلام لا يأتي ذكره إلا في إطار كراهية الآخرين وقتلهم.. وقد صار "الإسلام" مفردة مرادفة لـ "الإرهاب" في الإعلام العالمي.. ولذلك يصعب على الغربيين تصور أن يكون الإسلام هو المنقذ.

لقد أسهم المسلمون - للأسف - بتكريس هذه الصورة المرعبة عن الإسلام، رغم أنه دين الرحمة والمودة والفضيلة.. ولاشك أن علماء المسلمين مطالبون بتغيير هذه الصورة من خلال إبراز هذه الجوانب وإعطائها أولوية مطلقة في طروحاتهم.

إن ما يجتاح العالم من إباحية وشذوذ أمرٌ مرعب.. ويكفي أن تتجول في شوارع أي مدينة أوروبية أو أمريكية بل وحتى بعض مدن آسيا وأمريكا الجنوبية أو أن تشاهد فضائيات تلك البلدان كي ترى كيف أصبحت ثقافة العري واستغلال جسد المرأة هو الشيء الطبيعي.

إن دور الإسلام في إعادة الحضارة الإنسانية إلى الفضيلة والأخلاق الحميدة هو دور أساسي في الوقت الحاضر.. لكن المسلمين - للأسف - ليسوا بالنموذج المغري للآخرين للاتباع.. وفي هذا خسارة عظيمة للإنسانية.

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply