عندما ردد المخلصون والغيورون من السودانيين أن قوات الأمم المتحدة لا تحفظ سلاما ولا تصون أعراضا، وذلك في وجه من ينادون بالمزيد من قوات الأمم المتحدة في دارفور، لم يكونوا ينطلقون في مواقفهم تلك من رجم بالغيب أو تخرص بالقول، فتجارب قوات الأمم المتحدة في العالم في بقاع أخرى سبقتنا في الابتلاء بتلك القوات كانت شاهدة على صدق أقوال الذين يرفضون المزيد منها على أرض السودان.
لكن في أواخر أكتوبر الماضي 2006م وقعت أحداث في كل من ملكال بجنوب السودان، والفاشر بغرب السودان تمت فيها مواجهات مسلحة بين فصائل سودانية تحت سمع وبصر قوات الأمم المتحدة في المدينتين، وكان تصرف قوات الأمم المتحدة بين لائذ بالفرار من مكان المعارك، أو واقف موقف المتفرج دون أن يتحرك ليحفظ سلاما تدعى المنظمة الدولية أنها جاءت بجنودها إلى أرضنا لحفظه. وكانت هذه الأحداث صفعة في وجه من لا يتعظون إلا أن تندلع الحرائق في أرضهم وتلتهم جزءا من ديارهم.
غير أن الخبر الذي أوردته وكالة رويتز البريطانية نقلا عن صحيفة (الديلي تلجراف) البريطانية يوم الثلاثاء 2/1/2007م على موقعها في الإنترنت ألقى مزيدا من الضوء على الفضائح والمخازي التي تتمتع بها قوات الأمم المتحدة في السودان، وأضافت سجلا أسود إلى سجلاتها المكللة بالسواد في مختلف أنحاء العالم، وليت السودانيين حكومة وشعبا يتخذون مواقف أقوى وأكثر صرامة من هذا المسخ المقيم بينهم المسمى قوات الأمم المتحدة بالسودان، فقد أوردت رويترز نقلا عن(الديلي تلجراف) مايلي: (ذكرت صحيفة ديلي تلجراف التي تصدر في لندن أن جنودا لحفظ السلام وعاملين مدنيين للأمم المتحدة يغتصبون ويعتدون على فتيات صغيرات تصل أعمارهن إلى 12 عاما في جنوب السودان.
وأضافت الصحيفة في تقرير نشرته في موقعها على الانترنت الثلاثاء 2-1-2007 أنها جمعت روايات من أكثر من 20 فتاة صغيرة في بلدة جوبا أجبرهن عاملون مدنيون وأفراد من قوة الأمم المتحدة لحفظ السلام على ممارسة الجنس معهم.
وامتنعت إدارة حفظ السلام بالأمم المتحدة في نيويورك عن الإدلاء بتعقيب. وظهر التقرير في اليوم الأول لتولي الكوري الجنوبي بان جي مون مهامه كثامن أمين عام للأمم المتحدة خلفا للغاني كوفي عنان.
ويوجد أكثر من 11 ألف جندي وشرطي من حوالي 70 دولة ضمن قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام في جنوب السودان ينفذون اتفاق سلام وقع في يناير كانون الثاني 2005 أنهى حربا أهلية استمرت 21 عاما.
وقالت الديلي تلجراف إن العلامات الأولى على الاستغلال الجنسي لفتيات صغيرات في جنوب السودان تكشفت خلال أشهر من وصول جنود حفظ السلام في مارس آذار 2005. وأضافت أن صندوق الأمم المتحدة لرعاية الأطفال (اليونيسيف) وضع تقريرا داخليا يتضمن تفاصيل المشكلة.
وقالت الصحيفة إن الحكومة السودانية جمعت أدلة بينها لقطات فيديو لعاملين للأمم المتحدة يمارسون الجنس مع فتيات صغيرات. لكنها أضافت أن الأمم المتحدة لم تعترف علنا حتى الآن بأن هناك مشكلة ولم تحقق في الأمر.
وظهرت مزاعم الانتهاكات الجنسية لعقود في عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام وبين العاملين المدنيين وموظفي البعثات الإنسانية الأخرى العاملين في مناطق التوتر في العالم. )
فماذا تنتظر الحكومة السودانية بعد أن توفرت لها البراهين القوية على تلكم العمليات القذرة من جنود الأمم المتحدة في السودان، والتي برزت في الأشهر الأولى من قدومهم المشئوم إلى السودان في العام قبل الماضي 2005م إثر توقيع اتفاقية نيفاشا للسلام بين الحركة الشعبية لتحرير السودان والحكومة السودانية، والحادثة بالإضافة إلى كونها تقدم دليلا جديدا على انتهاكات قوات الأمم المتحدة وقذارة أعمالهاº تفتح الباب مجددا للمطالبة بمراجعة اتفاقية نيفاشا للسلام بعد أن تضرر منها عوام الناس الذين لم يدخلوا في صراعات سياسية ولم يقتسموا سلطة ولم يذوقوا نصيبا في الثروة. أما الذين يطالبون بالمزيد منها في دارفور فلا نظن أنهم قد بقيت لهم حجة أو يستقيم لهم منطق بعد أن رأى العالم رأي العين ما تفعله قوات الأمم المتحدة في السودان وغيره من بلاد العالم.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد