الخبر:
ألقى "حسن نصر الله" الأمين العام لحزب الله خطاباً للمعتصمين في بيروت أكد إصرار المعارضة اللبنانية على تحركها لإسقاط الحكومة، وهاجم "نصر الله" الحكومة اللبنانية التي وصفها بأنها حكومة السفير الأميركي في لبنان.
التعليق:
لعلها أول مرة يظهر فيها "حسن نصر الله" متوتراً شديد العصبية مثلما ظهر في خطابه يوم الخميس، فطوال حربه مع إسرائيل كان هادئاً في خطاباته، ولم ينفعل مثلما انفعل في خطابه الأمر الذي دفعه إلى التناقض، فعندما دعا إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية حقيقية لم يستغرق الأمر سوى دقائق حتى قال: "لن نقبل بخيار حكومة الوحدة".
لماذا يتوتر "نصر الله" بهذا الشكل، هل ترى هو الفشل في إسقاط الحكومة اللبنانية، أم يا ترى السبب هو ما تسببه فيه رفاقه من آل الحكيم والصدر من كشف لحقيقة الشيعة، أم أن "سيد المقاومة" لجأ إلى التوتر ليخفي بعضاً من "التقية" والتي استخدمها ببراعة في خطابه الأخير.
لقد دعا نصر الله إلى "حكومة لبنانية لا وصاية لأحد عليها صديق أو عدو"، ولنا أن نتساءل هل تدرج "إيران" ضمن الأصدقاء الذين يرفض "نصر الله" وصايتهم، وإذا كان كذلك فكيف تستقيم دعوة نصر الله مع تصريحاته وتصريحات قادة الحزب وميثاقه التي تؤكد دوماً التبعية للثورة الإيرانية ومرشدها؟!.
أليس مرشد الثورة الإيرانية "علي خامنئي" هو أكبر مرجعية دينية بالنسبة لهم؟!.
أليس حسن نصر الله هو نفسه الوكيل الشرعي لخامنئي في لبنان، الذي يجمع له الأخماس؟!.
وإذا كان "نصر الله" يريد حكومة لبنانية لا وصاية لأحد عليها فماذا يقول عن الكتاب الذي أصدره نائبه في عام 2002، وأكد فيه تبعية "حزب الله" لخامئني.
يقول "نعيم قاسم" في كتاب "حزب الله المنهج.. التجربة.. المستقبل": "... يحتاج المسلم المكلف في القسم الأول (أي قسم العبادات والمعاملات) إلى مرجع تقليد لمعرفة الأحكام الشرعية وضوابطها، وفي القسم الثاني (القسم العام المرتبط بالأمة ومصالحها، وحربها وسلمها وتوجهاتها العامة) إلى قائد هو الولي الفقيه لتحديد السياسات العامة في حياة الأمة، ودور المكلفين العملي في تنفيذ أحكام الشرع المقدس، والسهر على تطبيقها في حياة الأمة"، ومن هو الولي الفقيه يجيب قاسم: "وقد تجتمع المرجعية والولاية في شخص واحد كما حصل بالنسبة للإمام الخميني مع انتصار الثورة، وللإمام خامنئي بعد اختياره للولاية" (ص69-70).
أليس لنا أن نتساءل: هل يقف خامئني وراء اعتصام بيروت، وهذا قاسم يقول في كتابه (ص 72):"وهو (الولي الفقيه) الذي يملك صلاحية قرار الحرب أو السلم"، ولم لا، وقاسم يكشف في كتابه أن قرار الحزب بالمشاركة في انتخابات 1992 لم يحسم إلا بعد استفتاء "خامئني"، فكيف لا يستفتيه "نصر الله" في إسقاط الحكومة اللبنانية، فهل هذه هي حكومة الوحدة الوطنية التي يريدها نصر الله، حكومة لبنانية مؤمنة بولاية الفقيه؟!.
وإذا كان نصر الله حاول في خطابه التبرؤ من الحكيم ورفاقه الذين أحرجوه كثيراً، ودفعوا جنبلاط ليسأله عن موقفه من زيارة الحكيم لواشنطن، إذا كان نصر الله حاول التبرؤ منهم ومن جريمة تدريبه لعناصر جيش المهديº فهلا تبرأ "نصر الله" من دعوته العراقيين إلى الاقتداء بالسيستاني، وترك المقاومة؟!.
هلا تبرأ "نصر الله" من "الولي الفقيه" القابع في طهران، ومن هناك يحرك عرائسه في العراق ولبنان، وأنّى له ذلك وهاهو يصعد من حدة خطابه ومن تهديداته في الوقت الذي تعلن الدول الغربية اقترابها من معاقبة "إيران"، أليس في هذا دليل جديد على الصلة بين ما يجري في لبنان وما يجري في طهران.
وإذا كان "نصر الله" اتهم الآخرين بالتسبب في الحرب الأخيرة فهل لنا أن نسأل "سيد المقاومة" هل تتبرأ من "النصر الإلهي"، إذا كنت تطالب بمحاسبة المتسببين في تلك الحرب، أليس ذلك اعتراف بصحة تصريحاتك لفضائية "New TV" عندما قلت: لو أنك كنت تعلم أن اختطاف الجنديين سوف يتسبب في تلك الحرب ما كنت أقدمت عليها.
أليست تلك التصريحات التي حاولت أنت وأنصارك التبرؤ منهاº فلماذا الآن تطالب بمحاسبة المتسببين في تلك الحرب، أليست تلك الحرب هي التي جعلتك تحقق "نصراً إلهياً"، أم إن "النصر الإلهي" لم يعدو كونه وهما جميلاً.
إننا غير منشغلين بالدفاع عن طرف دون آخر، فما وجهه نصر الله من اتهامات لحكومة السنيورة تستطيع أن ترد عليها بنفسها، ولكن نسأل "سيد المقاومة" كيف يسوغ لنفسه امتلاك السلاح والصواريخ ولا يسوغه للآخرين، وإذا كنت أقررت بفضل الجيش اللبناني فلماذا لم تسلم سلاحك له؟!، أليس من حق الآخرين أن يخافوا؟.
إن تصريحات "نصر الله" عن الطائفية والتحذير منها تذكرنا بتصريحات رفيقه "مقتدي الصدر" عندما طالب السنة بفتوى تحرم قتل الشيعة، على الرغم من أنه هو لم يصدر فتوى مماثلة بحق السنة، وها هي أيدي عصاباته ملطخة بدماء المسلمين في العراق.
إننا في ختام هذا المقال لا يسعنا إلا أن نحسد "سيد المقاومة" على تمرسه في استخدام "التقية"، فبينما يديه تعبث في العراق ها هو يراهن على ذاكرة الشعوب الضعيفة، وبينما رفاقه في العراق ما فتئوا في التعاون مع الأمريكيين ما فتئ هو يتهم الآخرين بالتهمة ذاتها، وبينما هو من طرف يطالب أنصاره بالتهدئة من طرف آخر يحرضهم على "الفتنة" بتهم الخيانة والعمالة.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد