بريطانيا حرب أيدلوجية بتكتيكات لا أمريكية


 

بسم الله الرحمن الرحيم

الخبر:

الاوبزرفر: قالت مصادر إن وزارة الخارجية البريطانية أبلغت أعضاء الحكومة بضرورة التخلي عن تعبير الحرب على الإرهاب، وأشارت الصحيفة إلى أن الدبلوماسيين البريطانيين والمتحدثين الرسميين أبلغوا أيضاً بضرورة وقف استعمال هذا التعبير الذي تستخدمه الولايات المتحدة منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر.

 

التعليق:

غداة أحداث الحادي عشر من سبتمبر انتفضت الولايات المتحدة كاشفة عن حرب معدة سلفاً ضد الإسلام والمسلمين باعتبارهما العدو الذي يجب مجابهته بعد سقوط الإمبراطورية الروسية, الأمر الذي جعل العالم ينطوي تحت قوة واحدة تمارس نفوذها في حلقة مفرغة دون قوى اتزان أخرى.

وكانت تلك الأحداث بمثابة الذريعة المناسبة للولايات المتحدة لتضم إليها تحالف الراغبين في مواجهة العدو المنتظر الذي راحت تجسده في صورة المسلم المتعطش للدماء الغربية على وجه العموم، والأمريكية على وجه الخصوص، ووجدت الولايات المتحدة ضالتها المنشودة في حليفها البريطاني توني بلير, والذي ربما هو الآخر صادفت الحرب على الإسلام والمسلمين رغبة في نفسه، وإلحاح جموح في زعامة متوهمة داخلياً وخارجياً باعتباره متصدياً لخطر يقود العالم إلى "عقود الظلام".

بهذا التحالف المقدس كنسياً قادت الولايات المتحدة حربها, وجعلت من الإسلام مرادفاً للإرهاب, ومن المسلمين تعبيراً بديهياً عن التعصب والتطرف، ومعاداة قيم "العالم الحر" وعاداته، وإلى جانب الايدولوجيا التي انطلقت من بوتقتها الحرب كان للولايات المتحدة اليد العليا كذلك في ابتداع الأساليب والممارسات التي تفرضها تلك الحرب من إعلام موجهة, وأمن متربص, وملاحقات لا تنتهي بمجرد الاشتباه, وسجون في عالم سري مجهول, وتبعتها بريطانيا وتحالف الراغبين في الحرب على الإسلام في ذلك حذو القذة بالقذة.

وبعد سنوات من تلك الحرب التي لم تخمد نيرانها، ولم ينطفئ لهيبهاº اتضح من جردة الحساب أنها لم تغن فتيلاً, ولم تجد نفعاً, ولم تحفظ لأمريكا وتحالفها الكنسي أمناً, فكان حتماً أن تتم مراجعة تلك الحرب في بعديها الأيدلوجي والوسائلي.

وفي الوقت الذي استمرت فيه الولايات المتحدة أسلوباً وممارسة في تلك الحربº نرى بريطانيا تبحث لنفسها عن أساليب مغايرة، ووسائل مختلفة، وإن التقت في النهاية مع الولايات المتحدة في حتمية الحرب على "الإرهاب" واستمرارها حتى بلوغ الهدف.

فقد كشف رئيس الوزراء البريطاني توني بلير خلال زيارة رسمية لباكستان الأحد الماضي عن استمرارية حربه على "الإرهاب" إلى جانب الشقيقة الكبرى أمريكا كاستراتيجية ثابتة لبريطانيا, ولكن بآلية أخرى تمكن من الانتصار في تلك الحرب التي قال إنها قد تستغرق جيلاً كاملاً بعدما استغرق نمو التطرف جيلاً، وأشار بالقول: "في نهاية المطاف اتخذنا جميع التدابير الأمنية، إلا أنهم دائماً يذهبون بعيداًº لذلك علينا كسب القلوب والعقول".

قد تكون هذه بادية خلاف ظاهرة بين التوجهات الأمريكية والبريطانية في التصدي للإسلام والمسلمين, ولكن في الأخير ستحكمهما أيدلوجية واحدة تتمحور حول حتمية مجابهة العدو المشترك.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply