الصومال: الطريق إلى المعركة الأخيرة


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 
 
تلوح في الأفق الآن ملامح المعركة الأخيرة في الصومال، وهي المعركة التي سوف يترتب عليها الكثير من أوضاع الصومال والمنطقة، فإما أن تعود الصومال إلى الفوضى، والإتاوات وأمراء الحرب والتشرذم، وإما أن تستمر المحاكم الشرعية في انتصاراتها, ومن ثم يتحقق الأمن والأمان والتنمية في الصومال، بل أكثر من هذا التطلع إلى صومال موحد يضم بين جناحيه كل الأطياف الصومالية، ولذا فإن القوى الخارجية تتربص بالصومال - إثيوبيا وكينيا - لأن هناك أراضي صومالية خاضعة لهاتين الدولتين.

المحاكم الشرعية التي حسمت المعركة الداخلية لصالحها، أمامها الآن التحدي الخارجي المتمثل في وجود قوات إثيوبية على أراضي الصومال تدعم الحكومة المؤقتة - العميلة - وهي حكومة لا قيمة لها, اللهم إلا في الدعم الخارجي، والغريب أن تلك الحكومة تعمل ضد المصالح الصومالية وضد المصالح العربية, ومع ذلك لا تزال تحظى باعتراف جامعة الدول العربية, على كل حال المعركة الأخيرة ليست بين الحكومة الانتقالية المعزولة في مدينة واحدة هي مدينة "بيداوة" في الجنوب وبين المحاكم الشرعية التي تسيطر على معظم الصومال، وينحاز إليها كل الشعب الصومالي تقريباً، وتمثل الأمل في المستقبل، ولكن بين الشعب الصومالي كله بقيادة المحاكم الشرعية، والقوى الخارجية المتمثلة في القوات الإثيوبية مستخدمة مخلب قط هو الحكومة الانتقالية، وهذه القوى الخارجية لا تضم إثيوبيا فقط بل هناك كينيا، وهناك الدعم الأمريكي للحرب على المحاكم الإسلامية بدعوى الأصولية، والحرب على الإرهاب، وكان رئيس الوزراء الإثيوبي زيناوي قد أعلن الحرب على المحاكم الشرعية، ومن ثم أعلنت المحاكم الشرعية الجهاد ضد الإثيوبيين، وتقول أوساط محايدة أن هناك حوالي 10 آلاف جندي إثيوبي على أرض الصومال لدعم الحكومة الانتقالية، وأنه لولا خوف الإثيوبيين من قوة شكيمة الشعب الصومالي بقيادة المحاكم الشرعية، وأن هذه الصيغة علماء الدين مع الشعب الصومالي هي صيغة غير قابلة للهزيمة بسهولة مهما كانت قوة الخصومº لتدخلت القوات الإثيوبية فوراً لإنهاء الوجود العسكري والسياسي للمحاكم الشرعية، لأن ذلك يتوافق مع الرغبة الأمريكية والأوروبية، وهناك غطاء عربي يتمثل في اعتراف جامعة الدول العربية بالحكومة الانتقالية، ورغم أن المصالح المصرية مثلاً تؤكد ضرورة دعم المحاكم ضد إثيوبيا لأسباب استراتيجية واقتصادية، وسياسية وتاريخية وعقائدية, وكذا معظم الدول العربية ذات الصلة بالقرن الإفريقي والبحر الأحمر، إلا أن هناك نوعاً من الخوف من رد الفعل الأمريكي على ذلك، ومن ثم فدعم هؤلاء للمحاكم الشرعية يظل محدوداً وفي إطار الخفاء للأسف.

أياً كان الأمر فإن فرصة المحاكم الشرعية في الفوز في المعركة الأخيرة كبير جداً، لأن الحزازات التاريخية بين الشعب الصومالي وإثيوبيا يصب في خانة حماس الناس للمحاكم، والرغبة في مقاومة العدو التاريخي، وكذا فإن الخوف الأمريكي من تكرار مستنقع العراق وأفغانستان سيجعل التدخل الأمريكي المباشر احتمالاً ضعيفاً، ومن ثم فإن إثيوبيا قد تفكر ألف مرة قبل أن تخوض تلك الحرب المحسومة سلفاً لصالح الصومال، بل وربما تتخلى إثيوبيا عن الحكومة المؤقتة، ومن ثم تنحسم نتيجة المعركة الأخيرة لصالح المحاكم الإسلامية دون قتال كبير, ولعل هذا يفسر تشدد المحاكم الإسلامية في المفاوضات، وتصر دائماً على ضرورة سحب القوات الأجنبية "الإثيوبية" من الصومال، وعدم تدخل كينيا، ورفض نشر قوات إفريقية أو دولية على أراضي الصومال في كل الأحوالº فإن المعركة الأخيرة اقتربت من الحسم سلماً أو حرباً لصالح المحاكم الشرعية إن شاء الله، وهذا سوف يحدث نوعاً من النهضة الإسلامية في القرن الإفريقي ربما تقود إلى مشاكل ضخمة لإثيوبيا ذاتها التي يعيش فيها عدد كبير من المسلمين "أغلبية إسلامية في إثيوبيا" يتطلعون بالطبع إلى تحقيق وجود سياسي، والحصول على حقوقهم التي اغتصبتها الأقلية المسيحية الحاكمة في إثيوبيا.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply