بسم الله الرحمن الرحيم
الماسونية حركة سياسية اجتماعية نشأت منذ مئات السنين، وبالتحديد في القرن الميلادي الأول، ولها طوران مختلفان بحسب مرحلة وزمن كل منهما:
الطور الأول: منذ تأسيسها وقت بعثة المسيح عيسى بن مريم - عليه السلام - وحتى القرن الميلادي الثامن عشر، وقد أنشأها بعض عتاة اليهود للتآمر على التخلص من ذلك الداعية المجدد الذي جاء يحارب خرافات اليهود وتلاعبهم بالدين وبالتوراة، وادعائهم لنفسهم البنوة لله والتفضيل على سائر الناس من منطلق عرقي، وقد تميز ذلك الطور بالسرية المطلقة، وكانت الماسونية فيه حركة نخبوية ينتمي إليها قلة قليلة من اليهود، يتواصون فيما بينهم بالتصدي لذلك الدين الجديد، ولحرب النصارى الموحدين في كل مكان عن طريق المؤامرات والدسائس والتحريض عليهم، وإدخال التثليث والبدع الرومانية في مبادئ النصارى، وكذلك حرب كل الأديان والأعراق غير الديانة اليهودية والعرق الإسرائيلي، وكانت الحركة حينذاك تسمى عند أتباعها (القوة الخفية للهيكل).
الطور الثاني: منذ القرن الثامن عشر وحتى الآن، حين انتقلت الماسونية للعمل العلني، بعد تغير الأوضاع، وانتشار أخبارهم، وتسيد الديانة النصرانية لأوروبا، والكره الشديد المتشكل حينذاك في الوعي الأوروبي ضد اليهود، مما جعل اليهود يبادرون لإشهار حركتهم وإلباسها لبوسا عالميا ومطالب إنسانية سامية، وربطها بالأخوة والمساواة والحرية، وإخفاء حقدها على الأديان والأعراق الأخرى وذلك بضم العديد من غير اليهود إليها.
ولم يضم الماسونيون أولئك القوم معهم إلا بعد حبكهم لتنظيمات سرية لهذه الحركة تقوم على درجات متفاوتة تصل إلى ثلاث وثلاثين، لا يرتقي فيها الشخص إلا بتزكيات من رؤسائه وليس بناء على جهده أو عمله العام.
وبذلك استطاع اليهود تمرير أكبر خدعة على أوروبا في التاريخ المعاصر، حين أوهموهم أنهم جزء من المجتمع الأوروبي، وأنهم مندمجون فيه، ويسعون لصلاحه، وأنهم تخلوا عن عنصريتهم البغيضة المتشكلة منذ ثلاثة آلاف عام، والتي على أساسها كانوا ينظرون لغير اليهود أنهم كالحيوانات المسخرة لليهود، كما أوهموهم أنهم تخلوا عن اعتقادهم أنهم كما أخبر القرآن- أبناء الله وأحباؤه.
وتتميز الماسونية في الطور الثاني بعلنية المنظمة وسرية التنظيم، واستقطابها للمسئولين والمهمين في كل البلاد بوسائل مختلفة من الترغيب والترهيب، والانتشار العريض في أكثر دول العالم، كما تتميز أيضا بتعدد الجمعيات والأندية المتفرعة منها، واللامركزية العالمية في إدارتها، فكل محفل في بلد يدير نفسه باستقلالية كاملة، وبمحاولتها استخدام الكثير من الأساليب للتأثير على المجتمعات والنخب السياسية لما فيه مصلحة المنظمة وتوابعها، ومن يقف خلفها وهم اليهود.
ومن تلك الأساليب: الاقتصاد والتغلغل فيه والتحكم بزمام الشركات الكبرى، وتوجيه الدعم والتبرعات للمنظمة وأعمالها السرية وأعضائها، ومحاولة تدمير اقتصاد الدول بالقروض المتضخمة، وتشجيع الفساد المالي في كل مكان وزمان.
ومن أساليبها: التأثير الشديد في بعض كبار الساسة وصناع القرار بطرق متعددة من أشهرها الابتزاز الدائم، حيث يحاولون التركيز على بعض الفضائح السياسية أو المالية أو الجنسية أو غيرها ضد المسئول الفلاني للاستمرار في تنفيذ رغباتهم وإلا فضحوهº كما يحدث كثيرا في بلاد العالم الإسلامي.
ومن تلك الأساليب: الاهتمام بالعمل الاجتماعي وإنشاء الأندية المتعددة المسميات، لاستقطاب بعض النخب المستهدفة، وبحيث يندس في تلك الأندية حفنة من كبار الماسونيين المتدربين لاستقطاب وابتزاز بعض من يفيد وجوده في تلك المحافل.
ومنها: التركيز على التشدق بالشعارات الإنسانية الرائجة عالميا كالمساواة والإخاء والعدالة والمحبة، لاستقطاب بعض الساذجين المندفعين بغير روية، واستخدام تلك الشعارات للطعن بشكل مبطن في الأديان التي تفرق بين الناس بناء على أديانهم وعقائدهم، بينما تتسامى الماسونية على تلك التفرقات.
وسميت الحركة في الطور الثاني بالماسونية أو (فري ماسونك) وترجمتها العربية (البنائون الأحرار)، ولها العديد من الامتدادات والأذرع الاجتماعية مثل أندية (الروتاري) وأندية (الليونز)، وجمعيات أبناء العهد أو (بناي برث)، ومنظمة المائدة المستديرة، ومنظمة (يهرو)، وحركة (شهود يهوه)، وأندية القلم، والكيواني، وكل تلك أندية ومنظمات دولية لها فروع في عشرات الدول، ويربطها انتماؤها للمحفل الماسوني في المنطقة التي تعمل فيها، ولكل منها إدارتها المستقلة، وأساليبها المختلفة.
طقوس مريبة للانضمام للمحفل الماسوني:
يتم استقبال العضو الجديد المدعو للانضمام للمنظمة الماسونية المعينة سواء كانت ناديا أو جمعية أو غيرها- في جو مرعب مخيف وغريب، إذ يقاد إلى الرئيس معصوب العينينº وبعد أن يؤدي يمين «حفظ السر» يفتح عينيه ليفاجأ بسيوف مسلطة حول عنقه، وبين يديه دستور المنظمة، ويتم كل ذلك داخل غرفة شبه مظلمة تكتظ بجماجم بشرية وأدوات هندسية ترمز لاسم الحركة وهم عمال البناء، التي اشتق منها اسم الماسونية، والغرض من تلك المشاهد بث الرعب في نفس العضو الجديد، وهذا الاستقبال يكون في بعض المراحل المتوسطة حين يتابع العضو فترة طويلة للتأكد من صلاحيته.
ودرجات الماسونية كما ذكر بعض المنشقين عنها تصل إلى ثلاث وثلاثين درجة، تبدأ من درجة تسمى (العمي الصغار) للمبتدئين، مرورا بالعديد من الدرجات ومنها (الماسونية الملوكية) لكبار المسئولين والحكام المتورطين معهم، وانتهاء بأعلى الدرجات وهي درجة (الماسونية الكونية) للمخططين والمحركين للمحافل الماسونية في العالم، وكلهم من اليهود.
جاء في بروتوكولات حكماء صهيون الشهيرة، البروتوكول الخامس عشر: (إنه من الطبيعى أن نقود نحن وحدنا الأعمال الماسونية، لأننا وحدنا نعلم أين نذهب، وما هو هدف كل عمل من أعمالنا، أما الغوييم غير اليهود-فإنهم لايفهمون شيئا، ولا يدركون حتى النتائج القريبة، وفي مشاريعهم فإنهم لايهتمون إلا بما يرضي مطامعهم المؤقتة، ولا يدركون أيضا حتى أن مشاريعهم ذاتها ليست من صنعهم بل هى من وحينا!)
كما أنه لا يمكن الانضمام للمحفل الماسوني إلا بإحضار تزكيتين من شخصيتين ماسونيتين كبيرتين، وقديمتين في المحفل.
الإفساد الماسوني في العالم:
حيث وجدت الماسونية وجد الفساد والمؤامرات والمخططات الهدامة ضد المجتمعات والدول التي تحتضنها، وليس ذلك الأمر خاصا بالدول الإسلامية فحسب، بل له امتداده الواضح في أوروبا وغيرها من البلاد.
ومن أشهر فضائح الفساد الماسوني القضية التي عرفت باسم (قضية المحفل بي) والتي هزت إيطاليا خلال الثمانينات من القرن الميلادي المنصرم، وكانت فضيحة فساد مالي مدوية.
وقد تواتر أن بعض المحافل الماسونية تغتال بعض الأعضاء التي تشك في صدق انتمائهم، أو إفشائهم للأسرار.
وقد انضم للمحافل الماسونية كثير من رؤساء الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية، وغيرها من الدول في شتى أنحاء العالم.
ومن أبرز مظاهر الإفساد الماسوني في الأمة المسلمة في العصر الحديث: مسألة إسقاط الخلافة العثمانية في الربع الأول من القرن الميلادي المنصرم، والتي لا يمكن إغفال الدور الماسوني القوي فيها، حيث كانت الماسونية موجودة في الدولة العثمانية وبالذات في مدينة سيلانيك معقل الماسونية في تركيا- التي خرج منها معظم قادة ومؤسسي جمعية الاتحاد والترقي والذين سيطروا على الدولة فيما بعد وألغوا الخلافة وعلى رأسهم أتاتورك.
وقد تأسست الماسونية في الدولة العثمانية سنة 1861م تحت اسم (الشورى العثمانية العالية)، وكان من المنتمين إليها السلطان العثماني مراد الخامس، الذي أقصي عن العرش بعد ثلاثة أشهر من توليه الحكم.
ومن مظاهر الإفساد الماسوني التجسس في تلك المحافل لصالح دولة إسرائيل ضد الدولة المستضيفة، وقد قررت الحكومة المصرية في سنة 1965م إغلاق المحافل الماسونية في مصر بعد تأكد تجسسهم لصالح إسرائيل.
فتاوى يهودية ونصرانية حول الماسونية:
يقول الحاخام اليهودي البارز (لاكويز): الماسونية يهودية في تاريخها، ودرجاتها، وتعاليمها، وكلمات السر فيها، وفي إيضاحاتها، يهودية من البداية إلى النهاية.
أما (الأنبا غريغوريس) أسقف البحث العلمي في الكنيسة القبطية في مصر فيؤكد أن الماسونية في الأصل كانت جماعة ملحدة أسسها حنانيا وقيافا، وهما من كبار أحبار اليهود المعاصرين للسيد المسيح، وكان الهدف من تلك الجماعة العمل على وأد الدعوة التي قادها المسيح كنبي أرسل لتصحيح الانحرافات في العقيدة التي أدخلها كهان اليهود على توراة النبي موسى - عليه السلام -.
فتاوى المجمعات العلمية والفقهية الإسلامية حول الماسونية:
أصدرت لجنة الفتوى بالأزهر الشريف -برئاسة رئيس الفتوى في الأزهر الشيخ عبدالله المشد- بيانا حول الماسونية والأندية التابعة لها مثل الروتاري والليونز وحكم الانتماء إليها، فأجابت:
يحرم على المسلمين أن ينتسبوا لأندية هذا شأنها، وواجب المسلم ألا يكون إمعة يسير وراء كل داع وناد، بل واجبه أن يمتثل لأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث يقول: (لا يكن أحدكم إمعة يقول: إن أحسن الناس أحسنت وإن أساءوا أسأت، ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا وإن أساءوا أن تجتنبوا إساءتهم)، وواجب المسلم أن يكون يقظاً لا يغرر به، وأن يكون للمسلمين أنديتهم الخاصة بهم، ولها مقاصدها وغاياتها العلنية، فليس في الإسلام ما نخشاه ولا ما نخفيه، والله أعلم.
كما أصدر المجمع الفقهي المنبثق عن رابطة العالم الإسلامي فتوى أخرى جاء فيها:
وقد قام أعضاء المجمع بدراسة وافية عن هذه المنظمة الخطيرة، وطالع ما كتب عنها من قديم وجديد، وما نشر من وثائقها فيما كتبه ونشره أعضاؤها، وبعض أقطابها من مؤلفات، ومن مقالات في المجلات التي تنطق باسمها، وقد تبين للمجمع بصورة لا تقبل الريب من مجموع ما اطلع عليه من كتابات ونصوص ما يلي:
1- أن الماسونية منظمة سرية تخفي تنظيمها تارة وتعلنه تارة، بحسب ظروف الزمان والمكان، ولكن مبادئها الحقيقية التي تقوم عليها هي سرية في جميع الأحوال محجوب علمها حتى على أعضائها إلا خواص الخواص الذين يصلون بالتجارب العديدة إلى مراتب عليا فيها.
2- أنها تبني صلة أعضائها بعضهم ببعض في جميع بقاع الأرض على أساس ظاهري للتمويه على المغفلين، وهو الإخاء الإنساني المزعوم بين جميع الداخلين في تنظيمها دون تمييز بين مختلف العقائد والنحل المذاهب.
3- أنها تجذب الأشخاص إليها ممن يهمها ضمهم إلى تنظيمها بطريق الإغراء بالمنفعة الشخصية، على أساس أن كل أخ ماسوني مجند في عون كل أخ ماسوني آخر، في أي بقعة من بقاع الأرض، يعينه في حاجاته وأهدافه ومشكلاته، ويؤيده في الأهداف إذا كان من ذوي الطموح السياسي ويعينه إذا وقع في مأزق من المآزق أيا كان على أساس معاونته في الحق لا الباطل، وهذا أعظم إغراء تصطاد به الناس من مختلف المراكز الاجتماعية وتأخذ منهم اشتراكات مالية ذات بال.
4- أن الدخول فيه يقوم على أساس احتفال بانتساب عضو جديد تحت مراسم وأشكال رمزية إرهابية، لإرهاب العضو إذا خالف تعليماتها والأوامر التي تصدر إليه بطريق التسلسل في الرتبة.
5- أن الأعضاء المغفلين يتركون أحراراً في ممارسة عباداتهم الدينية وتستفيد من توجيههم وتكليفهم في الحدود التي يصلحون لها ويبقون في مراتب دنيا، أما الملاحدة أو المستعدون للإلحاد فترتقي مراتبهم تدريجياً في ضوء التجارب والامتحانات المتكررة للعضو على حسب استعدادهم لخدمة مخططاتها ومبادئها الخطيرة.
6- أنها ذات أهداف سياسية ولها في معظم الانقلابات السياسية والعسكرية والتغييرات الخطيرة ضلع وأصابع ظاهرة أو خفية.
7- أنها في أصلها وأساس تنظيمها يهودية الجذور، ويهودية الإدارة العليا والعالمية السرية، وصهيونية النشاط.
8- أنها في أهدافها الحقيقية السرية ضد الأديان جميعها، لتهديمها بصورة عامة، وتهديم الإسلام بصفة خاصة.
9- أنها تحرص على اختيار المنتسبين إليها من ذوي المكانة المالية أو السياسية أو الاجتماعية أو العلمية أو أية مكانة يمكن أن تستغل نفوذاً لأصحابها في مجتمعاتهم، ولا يهمها انتساب من ليس لهم مكانة يمكن استغلالها، ولذلك تحرص كل الحرص على ضم الملوك والرؤساء وكبار موظفي الدولة ونحوهم.
10- أنها ذات فروع تأخذ أسماء أخرى تمويهاً وتحويلاً للأنظار لكي تستطيع ممارسة نشاطاتها تحت الأسماء الأخرى إذا لقيت مقاومة لاسم الماسونية في محيط ما، وتلك الفروع المستورة بأسماء مختلفة من أبرزها منظمة الروتاري والليونز.
إلى غير ذلك من المبادئ والنشاطات الخبيثة التي تتنافى كلياً مع قواعد الإسلام وتناقضه مناقضة كلية.
وقد تبين للمجمع بصورة واضحة العلاقة الوثيقة للماسونية باليهودية الصهيونية العالمية، وبذلك استطاعت أن تسيطر على نشاطات كثيرة من المسؤولين في البلاد العربية وغيرها، في موضوع قضية فلسطين، وتحول بينهم وبين كثير من واجباتهم في هذه القضية المصيرية العظمى، لمصلحة اليهود والصهيونية العالمية.
لذلك ولكثير من المعلومات الأخرى التفصيلية عن نشاط الماسونية وخطورتها العظمى وتلبيساتها الخبيثة وأهدافها الماكرة يقرر المجمع الفقهي:
- اعتبار الماسونية من أخطر المنظمات الهدامة على الإسلام والمسلمين.
- وأن من ينتسب إليها على علم بحقيقتها وأهدافها فهو كافر بالإسلام مجانب أهله.
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
وقد حملت الفتوى توقيع العديد من العلماء منهم العلامة القاضي عبدالله بن حميد، والعلامة محمد محمود الصواف، والعلامة الشيخ عبدالعزيز بن باز مفتي السعودية - رحمهم الله -.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد