بسم الله الرحمن الرحيم
تقول إحداهنّ:
((أنا فتاة في التاسعة والعشرين من عمري، تعرفت على شاب أثناء دراستي الجامعية! كانت الظروف! كلها تدعونا لكي نكون معاً رغم أنّه ليس من بلدي، تفاهمنا منذ الوهلة الأولى، ومع مرور الأيام توطدت العلاقة بحيث أصبحنا لا نطيق فراقاً!، وبعد انتهاء الدراسة عاد إلى بلده، وعدت إلى أسرتي، واستمر اتصالنا عبر الهاتف والرسائل، ووعدني بأنه سيأتي لطلب يدي عندما يحصل على عمل، وبالطبع وعدته بالانتظار. لم أفكر أبداً بالتخلي عنه رغم توفر فرص كثيرة لبدء حياة جديدة مع آخر!!
عندما حصل على عمل اتصل بي ليخبرني أنه آت لطلب يدي، وفاتحت أهلي بالموضوع(5) وأنا خائفة من رفضهم، ولكنهم لم يرفضوا!...سألني أبي فقط إن كان أحد من أهله سيأتي معه، ولمّا سألته عن ذلك تغير صوته، وقال: إنه قادم في زيارة مبدئية... شيء ما بداخلي أقنعني بأنه لم يكن صادقاً.. وأتى بالفعل، وليته لم يأت(6)، لأنه عاد إلى بلده وانقطعت اتصالاته، وكلّما اتصلت به تهرب منّي، إلى أن كتبت له خطاباً، وطلبت منه تفسيراً..
وجاءني الردّ الذي صدمني، قال: ((لم أعد أحبك، ولا أعرف كيف تغيّر شعوري نحوك، ولذلك أريد إنهاء العلاقة))..!!
أدركت كم كنت مغفلة وساذجة لأنني تعلقت بالوهم ستّ سنوات... ماذا أقول لأهلي؟ أشعر بوحدة قاتلة، وليست لدي رغبة في عمل أي شيء... ))(7) إلى آخر ما ذكرت... فتأملوا قولها: ((تعلقت بالوهم ست سنين)) فهو الشاهد.
وتقول أخرى: ((إنني فتاة في العشرين، لم أكن أؤمن بشيء اسمه الحبّ وما زلت ولا أثق مطلقاً بأي شاب، بل كثيراً ما كنت أنصح صديقاتي وأحذرهن من فخاخ الحبّ الزائف الذي لم أستطع أن أمنع نفسي من الوقوع فيه... نعم، وقعت فيه... كان ذلك في مكان عام.. شاب يلاحقني بنظراته، ويحاول أن يعطيني رقم هاتفه، فخفق قلبي له بشدة(8) وشعرت بانجذاب إليه! وأنه الفارس الذي ارتسمت صورته في خيالي ورأيته في أحلامي... وكأنه قد لاحظ مدى خجلي وتردّدي، فأعطى الرقم لصديقتي، وأخذته منها والدنيا لا تكاد تسعني، واتصلت به، وتعارفنا! وتحدثنا طويلاً!.. فكان مهذّباً جداً (9)، وكنت صريحة وصادقة معه...
وشيئاً فشيئاً صارحني بحبه!، وطلب مني الخروج معه... رفضت في البداية، وأفهمته أني لست مستعدة لفقد ثقة أهلي، والتنازل عن مبادئي وأخلاقي التي تمنعني من تجاوز الحدود التي رسمتها لنفسي.. لكنه استطاع إقناعي، ويبدو أن الحبّ أعماني فلم أميّز الصحّ من الخطأ.. وخرجت معه (10)، فكانت المرّة الأولى في حياتي، وصارحته برأيي فيه وفي أمثاله من الشباب، فلم يعجبه كلامي، وسخر مني، بل اتهمني بتمثيل دور الفتاة الشريفة، وأشبعني تجريحاً (11)، وكان اللقاء الأول والأخير (12)..
فقد قررت التضحية بحبّي من أجل كرامتي، ولكنه احتفظ بكتاب يتضمن أشعاراً ومذكرات لي كتبتها بخطي، ووقعتها باسمي، وقد رفض إعادتها لي... ))(13)
وتقول ثالثة في خاطرة لها:
((الأحلام تبقى أمامي، والأوهام تنبت في قلبي، والكلمات التي اخترتها لا تُكتب، لكنها توجد في فكري وأحاسيسي، حكاية فيها كل المعاناة التي أعيشها اليوم، منذ أن افتقدت الثقة، ومنذ أن أصبح الحبّ وهماً ومأساة أهرب منها أو أتجاهلها... الحبّ يا حبيبتي لا يعترف بالحذر أو الخوف منه، فإما أن تطرق أبواب الحبّ وتوهم نفسك أنك تحبّ، وإما أن تهرب منه أو تتجاهله... ))(14).
ففي هذه العبارات تصريح واضح بأن هذا الحب ما هو إلا وهم ومأساة.
من كتاب: وهم الحب - الشيخ محمد المسند
---------------------------------------------------------------------------
(5) متى كانت الفتاة هي التي تفاتح أهلها بموضوع زواجها؟! فرحم الله الحياء وأهله، لقد قضت عليه وسائل الإعلام المختلفة منذ زمن إلا ما رحم ربي.
(6) لم تذكر ما تم بينها وبينه لما أتى، وأنا على يقين بأنه قد نال منها أغلى ما تملك إن لم يكن فعل ذلك من قبل.
(7) مجلة سيدتي، العدد ص158. والاستشهاد بهذه المجلة وأمثالها لا يعني الإقرار بما فيها من أفكار منحرفة وصور محرمة، بل إني أحذر من مثل هذه المجلات، وأدعو إلى مقاطعتها. وفيما يصدر من المجلات النافعة ما يغني عنها.
(8) بهذه السرعة خفق قلبها لشاب لا تعرفه!! فيا له من قلب أحمق.
(9) لابد أن يكون مهذباً جداً، وإلا كيف سيتمكن من افتراس الضحيّة؟
(10) هذه هي الخطوة الأولى لإيقاع الفريسة في الشباك.... وهي القاتلة.
(11) هذه هي نهاية الحبّ!!!
(12) الغالب في مثل هذه القصص أن اللقاء الأول يكون هو اللقاء الأخير، ولكن بعد أن يفترس الذئب ضحيته وينال منها أعز ما تملك فلتتأمل الفتاة ذلك.
(13) مجلة اليقظة، العدد 1253، ص 96.
(14) جريدة الرياضية، العدد 3169، ص9.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد