أغويته ... والآن أريد الزواج به


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

السؤال:

أنا فتاة محافظة على الصلوات، وأحاول أن أرضي الله في تصرفاتي لكني أعاني من عقلية منفتحة، ولدي جرأة عجيبة في التخاطب، وعملي يسهل علي ذلك.وكل من يتحدث معي أجده بعد فترة قد تعلق بي مع أني جدية كثيراً. مؤخرا اضطررت للتعامل مع شخص فتعلق بي وتعلقت به. ووعدني بأشياء في ظل غفلتنا. كل هذا على النت. أقسم بالله أني لا أكاد أسكت من البكاء لما فعلته معه ورغم أنه لم يغضب بعد أن صحونا من غفلتنا لكني نادمة على ذلك، وأدعو الله أن أتزوج به. وهو قد غضب وقاطعني لكني لم أستطع البقاء والانتظار فأنا أحببته كثيراً وهو كذلك ماذا أفعل؟

وأرجوكم أن تدعوا لي وله بالهداية، وأن يجعله الله لي بالحلال.

 

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

قرأت رسالتك واستوقفتني فيها مواقف مهمة وأخرى مقلقة. ولعلي ألمح لك بهذه الإشارات العابرة، يدفعني إليها محبة الخير لك وأن تهنئي بعيش سعيد:

1- ليس عيباً في المرأة أن تكون ذات عقلية منفتحة، أو أن تكون جريئة. وليست تلام على شيء مثل ما تلام على تفريطها في أمر يتعلق بعفتها، أو تتساهل في أمر من دينهاº كالخضوع بالقول، والتكسر في الكلام، وإظهار محاسن الأقوال برقة ونعومة. ولا أظنه يغيب عن مثلك أيتها الفاضلة أن حرص الفتاة المسلمة على عفتها، وكرامتها، وحيائها هو سرّ تميزها وحبّ الناس لها.

2- كثيراً ما تقع الفتيات فريسة لبعض الذئاب البشرية. حيث يغريها بمعسول الكلام، وربما بالأيمان المغلظة، والوعود الكاذبة بالزواج. واستمعي إن شئت إلى بعض القصص الواقعية في شريط "الفتاة ألم وأمل" للشيخ إبراهيم الدويشº لتقفي على مرارة الأحداث التي عاشتها فتيات من بعض الشبابº وأنهم لما تمكنوا مما أرادوا من بعض الساذجات كانوا أبعد ما يكونون من الزواج منهن، بل كانوا أزهد بهن ممن لم يعرفهن.

3- طبيعة العمل الذي فيه قرب المرأة من الرجال: يولد الكثير من العلاقات المشبوهة والسيئة التي قد تعرض الفتاة لما لا تحمد عقباه. وأرى إن كانت إليك حاجة أو يدفعك الطموح إلى أنواع من العمل النافع، أن يكون ذلك بمعزل عن الرجالº حفاظاً على عرضك، واتقاء لشر مخالطة الرجال. هذا وإن الراحة والسعادة والطمأنينة في هذه الحياة هي بالتمسك بشرع الله، وامتثال أمر الله ونهيه كما قال ربنا في كتابه: "من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة" [النحل: 97]. وفي مقابل ذلك حياة البؤس والشقاء لمن تنكب الطريق السوي كما قال الله: "ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً" [طه: 124]. ولذا فإن من يبحث عن الراحة والأنس، سيجدهما بما أباحه الله وارتضاه. ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه.

4- ما أشرتِ إليه حول علاقتك بهذا الشاب فأرى من المناسب أن تعي ثلاثة أمورº تأمليها جيداً، وتيقني أن الخطأ في هذه العلاقة قد يكون ثمنه (حياتك) الغالية:

- التعلق بالأوهام: عجبت لك -أيتها الأخت الفاضلة- أبهذه البساطة وبهذه السرعة يكون الزواج؟! من أجل ماذا تريدين أن تكوني فريسة سهلة لبعض الذئاب؟ من أجل من تقدمين هذه التضحية التي تغامرين بها بأعز ما تملكين؟ إنك لو لم تذكري في رسالتك أن هذا الشاب قام بمقاطعتكº لقلت لك أنهم غالباً ما يستعملون هذه الأساليبº لعلم كل الرجال أن المرأة بطبيعتها رقيقة المشاعر مرهفة الأحاسيسº وهي سرعان ما تنجذب وتتعاطف وتتأثر بما حولها. وغالباً ما تعمل هذه الأساليب عملها في مشاعرها. ومع ذلك لا يكن همك مجرد الزواجº فإن من أخواتنا من رجعت إلى بيت أهلها بعد فترة قصيرة من زواجها وكان الطلاق مصيرهاº إذ كانت ضحية العجلة وعدم الأناة. والاختيار الموفق أن تتأملي كثيراً فيمن يتقدم لخطبتك، وتستخيري الله فيه. فهي حياة تبدأ هنا (نعم هنا) وتستمر حياة سرمدية في الآخرة إذا منّ الله بدخول الجنة. فلا تستهيني بهذه الحياة.

- إن ثبتت قناعتك ورغبتك بهذا الشاب، وتحققت من مصداقيتهº فلم لم يتقدم لخطبتك رسمياً؟ وإن لم تري منه إقبالاً حيال هذا، أو أبدى لك تململاً، فقد يكون من المناسب أن تقبلي بغيره من الرجال الأكفاء الذين يتقدمون لخطبتكº كي لا يطمع بك من يمنيك بوعود قد تكون كاذبةº ليظفر بلذة عابرة يتباهى بها، وتبقى لك آلامها ما بقيت.

- أيتها الفاضلة: - أشعري هذا الشاب من الآن بأن دينك وحياءك يمنعك من مواصلة الحديث معه بمكالمات هاتفية، أو عبر البالتوك، أو غيرها إلى أن يتقدم لخطبتك من أبيك. ولا تقدمي شيئاً من التنازلات في هذا الشأن حتى لا يكون للشيطان طريق في إيقاعكما بما حرم اللهº من خلال التساهل في أمور لا تحمد عقباها. ومن أجل أن يعلم هو وغيره بمصداقيتك، وعفافك، وبعدك عن الرذيلة.

5- أيتها الأخت الكريمة: إن مما يميز المرأة المسلمة من بين سائر النساء: سمتها، وهديها، وسلوكها. فهي المتميزة بطهرها، وعفافها، وبعدها عن مواقع الريبة والشك. وإن وقعت في الخطيئة والذنب عن غفلة وجهل: فهي سرعان ما تعود إلى رشدها، وتنيب إلى ربها، وتتوب إليه. كما قال ربنا جلّ شأنه: "إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون" [الأعراف: 201]. وهذا هو سبب رفعتها عند خالقها وباريها ورضاه عنها، ولذا أدعوك أيتها الفاضلة كي تكوني مطمئنة على مستقبلك بإذن الله:

أن تكثري من دعاء الربّ -جل شأنه- أن يوفقك وأن يكتب لك حياة سعيدة.

المحافظة على الصلوات في أوقاتهاº فهي الصلة بين العبد وربه.

أن تكون لك رفيقات صالحات تستنيرين بآرائهن، وتتعاونين معهن على الخير.

أن تحافظي على قراءة القرآن الذي فيه الهدى والنور، وبه تضيء لك حياة الدنيا والآخرة.

- أنصحك أخيراً بالاطلاع على كتابين:

1- شخصية المرأة المسلمة: للدكتور محمد علي الهاشمي.

2- وهم الحب: للشيخ محمد المسند.

وبإمكانك الاطلاع على كتب أخرى مهمة تتعلق بالمرأة المسلمة في موقع صيد الفوائد (saaid.net/book/list.php).

أدعو الله- تبارك وتعالى -أن يجعل حياتك حياة سعيدة، وأن يجنبك الشيطان وخطواته ومزالقه، وأن يحفظك من كل مكروه.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply