العلاقة المحرمة وتزايد الحيرة والقلق


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

السؤال:

إنني إنسانة، أعرف ربي ولكن كثرة المشاكل تدفعني إلى الاكتئاب ومن ثم اقتراف الذنوب. تعرفت على شاب وأقمت معه علاقة حب وأحس بأنه كل ما أملك. واحتمال كبير أن أموت إذا ابتعد عني. ونيتنا الزواج في أقرب وقت ولكننا لا نستطيع ذلك لأن أهلنا ليسوا هنا.

ثم إني أخاف أن يرفضه أهلي، ولذلك طلبنا أنا وهو من الله أن يعتبرنا كزوج وزوجة! لأننا خشينا أن نقترف ذنبا برؤيتنا لبعضنا البعض أو تبادل كلام الحب. هل يصح ذلك؟ فقط بالاعتماد على النية الصافية؟

هذا يسبب لي توترا كثيراً وهذه الأيام لدي رغبة ملحة في الانتحار لأني أحس بأني أشكل خطراً على سمعة أهلي. أرجوكم ساعدوني قبل أن أقترف ذنبا بالانتحار أو بغيره.

 

الجواب:

الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله، وبعد:

عزيزتي: من منّا بلا مشاكل، بل ومن الذي تخلو نفسه من الأكدار؟ إنها الحياة الدنيا -أختي العزيزة- يوم لك ويوم عليك. ولكل إنسان همه. فلا أحد يخلو من الهم، بل وحتى المبدعين والمفكرين والعلماء هم أكثر الناس همًّا وقلقاً. فليست المصيبة في وجود الهم أو المشكلة ولكن ما الهم الذي نحمله؟ وكيف نواجهه ولمن نلجأ لحل مشاكلنا؟

فلكل سؤال إجابة، وما أنزل الله من داء إلا وأنزل له دواء، والنصر مع الصبر. والله - تعالى -قد بشر الصابرين الصادقين في مواضع شتى من كتابه العزيز، وعظم أجرهم، وأجزل لهم المثوبة: "أُولَئِكَ عَلَيهِم صَلَوَاتٌ مِن رَبِّهِم وَرَحمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ المُهتَدُونَ" [البقرة: 157]. فمن الذي لا يتمنى هذه المنزلة العالية؟ والسلف الصالح - رحمهم الله - كانوا يفرحون بالبلاء، ويَشُكٌّون بإيمانهم إذا لم تنزل بهم نازلة.

وأنتِ كما ذكرتِ ولله الحمد أنك (إنسانة تعرف ربها) وهذا طيبº لكن من يعرف الله يتقه، ومن اتقى الله وقاه. فاسألي نفسك: هل علاقتك بهذا الشاب التي شعرت أن بها الخلاص مما أنت فيه- هي الحل؟ هل شعرت بالسعادة والاطمئنان؟ أبداً بل زادتك حيرة وقلقاً، وجرتك هذه المعصية إلى التفكير في معصية أعظم وهي الانتحار- وهل لقاتل نفسه جزاء إلا النار؟ يقول - سبحانه -: "بادرني عبدي بنفسه حرمت عليه الجنة". صحيح البخاري (3463).

يا أختي: إن المحبة الحقيقية هي التي تأتي بعد الزواج، بعد علاقة زوجية شرعية فيها مودة ورحمة، علاقة باركها الله - عز وجل - وجعل لها قدسية. فلا تتساهلي في أي علاقة دونها، واستعيني بالله على ما يمر بك من مشكلات، وألحي على الله بالدعاء أن يفرج همك وادعي: (اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً وأنت تجعل الحزن إن شئت سهلاً).

واسألي الله أن يرزقك زوجاً صالحاً صادقاً وذرية صالحة، وأن يوفقك في سائر عملك لما يحب ويرضاه، وتعرفي على صحبة صالحة يكنّ لك أخوات ناصحات وتكونين أنت لهن كذلك يذكرنك وتذكرينهن، وتعنّ بعضكن على طاعة الله والتزود بالأعمال الصالحة التي ترفع درجتكن في الدنيا والآخرةº كالتنافس على حفظ كتاب الله. والتحقي بإحدى الدور التي تهتم بتحفيظ كتاب الله، وتذكري أن: "الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين" [الزخرف: 67]. واشغلي نفسك بالدراسة أو بالأنشطة المباحة، واصنعي من التجارب القاسية التي تمر بك تجارب مفيدة تنجحين في اجتيازها، وتكسبك خبرة، وتجعلك أكثر نضجاً وأكثر قوة. والزمي الاستغفارº فمن لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply