في جزر القمر إما الزواج الكبير وإما الحرمان من هذه الأشياء !


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

جزر القمر دولة إسلامية تقع في الجنوب الشرقي لقارة أفريقيا، تتكون من أربع جزر متناثرة على المحيط الهندي تبلغ مساحتها الإجمالية بما في ذلك المياه الإقليمية حوالي 2500 كيلو متر مربع ويبلغ عدد سكانها قرابة المليون نسمة كلهم مسلمون على المذهب الشافعي، تحت ثلاث طرق صوفية أكثرها وأوسعها انتشارا الطريقة القادرية ثم الشاذلية ثم الرفاعية، وكما بقية البلدان الإسلامية فقد أصبح كثيرا من الأعراف والتقاليد الموروثة في حكم الواجب إن لم يكن الفرض الديني ومن أهم هذه الأعراف والتقاليد وأخطرها على الإطلاق بجزر القمر ما يعرف بالزواج الكبير (أو زواج العادة أو القراند مرياج بالفرنسي)، فما هو الزواج الكبير؟

 

بادئ ذي بدء قد يتزوج الإنسان القمري الزواج الشرعي وبأقل تكاليف ممكنة (قد لا يكلفه ذلك أكثر من 100 ريال سعودي) ويسمى ذلك في عرفهم " زواج العفة"، لكن لا يحق لهذا الشخص أمور معينة منها:

1- لا يحق له الحل والعقد في قريته، بل حتى إبداء الرأي إن لم يكن من طلبة العلم، فطلبة العلم قد يحق لهم طرح رأيهم فقط.

2- لا يحق له الصلاة في الصفوف الأولى يوم الجمعة.

3- لا يتصدر المجالس في المناسبات (زواج - موالد حتى مناسبات الوفاة).

4- يجب عليه السمع و الطاعة لمشائخ قريته (الذين تزوجوا زواج العادة " الكبير") وإذا عصى أمرهم أصدروا في حقه أمرا بالمقاطعة.

5- لا يحق له لبس الجبة (الجوخ) أو الشال خاصة اللون الأخضر.

6- إذا جاء للقرية أية مغانم فلا يمكن أن يكون له سهم في ذلك المغنم، وفي المقابل يجب علية الاشتراك في المغرم.

 

فيعمل جاهداُ على جمع المال حتى يستطيع القيام بالزواج الكبير والذي قد يكلف الشخص بين خمسين ألف ريال سعودي و أربعمائة ألف ريال سعودي أو قد يزيد حسب قدرة الشخص والمكانة التي يطمح الوصل لها.

 

 ويعتبر الزواج الكبير بالنسبة للقمريين تحقيق الذات وإثبات لهوية الشخص في مجتمعه.

 

وغالباً ما يكون الزواج الكبير مع زوجته نفسها و يحق له أن يتزوج بأخرى.

 

فعندما يتوفر المبلغ لدى الرجل يقوم بالاتفاق مع زوجته وأهلها على الزواج الكبير فيتم الاتفاق على المهر والذي يتحمله الرجل وعلى البيت والذي تتحمله الزوجة وغالبا يكون بحسب المهر الذي سيدفعه الرجل ويكون كذلك على الزوج تكاليف الحفل والولائم.

 

فيقوم الرجل بشراء الأبقار (قد تصل عددها إلى 10 أبقار) والأرز (يصل إلى 150 كيس أو يزيد) والمواد الغذائية الأخرى. ويقوم بتوزيع الأرز مع المواد الغذائية على أهالي قريته أقربائه وأصدقائه بحيث أن كل بيت سيقوم بطبخ هذه المواد وتجهيزها للولائم في الأيام المقبلة ويدفع لهم كذلك مبلغ من المال حيث أن كل بيت سيقوم باستضافة مجموعة من المدعويين.

 

فتبدأ مراسم الزواج الكبير (والذي قد تصل أيامه إلى 14 يوم أو أكثر) غالباً يبدأ يوم الخميس بمجلس ذِكر، وتبدأ الوفود التي تحضر هذا المجلس بالتوافد من القرى المجاورة والقرى البعيدة وذلك بعد العصر فيقوم أهل العريس بتوزيعهم على بيوت القرية بحيث يتم ضيافتهم وتقديم وجبة الغداء لهم والذي يكون وقتها قريب المغرب. ثم يصلون المغرب وينتظرون الوفود التي لم تحضر بعد حتى يكتملون جميعا قبل أذان العشاء فيقيمون صلاة العشاء بعد الأذان مباشرة حتى يتسنى لهم الذهاب للمجلس مبكرين، وهذا المجلس عبارة عن مجلس ذكر يبدأ بتلاوة آيات من القرآن الكريم ثم كلمة تهنئة ومدح للعريسين وأهلهما ثم كلمة حول مشروعية وفضل الزواج من أحد طلبة العلم ثم كلمة لمفتي الدولة ثم يختتم المجلس بقصائد على إيقاع الدف (وأحيانا يصاحبها المزمار) تنشدها فرقة خاصة بذلك ويقوم الحاضرون بالرقص على إيقاع تلك القصائد. ثم عند انتهاء المجلس يتم توزيع مبالغ مالية تبرع لصندوق القرية ولبعض المشاريع الأخرى في القرية مثل جامع القرية مثلاً و دفع مبالغ مالية لجميع الوفود التي حضرت (عن تكاليف قدومهم للمجلس).

 

وفي اليوم التالي (الجمعة) تبدأ الاحتفالات من الصباح بتشغيل الأغاني المحلية الخاصة بهذه المناسبة على مكبرات الصوت. حتى يقترب وقت صلاة الجمعة فيذهب لصلاة الجمعة لكن ما زال لا يحق له لبس الجبة والصلاة في الصف الأول.

 

ثم يوم السبت على غرار الجمعة تبدأ الاحتفالات بإذاعة الأغاني عبر مكبرات الصوت ويكون عصر السبت ما يسمى (الديسكو أو الطرب) ويكون خاصا بالنساء وفيه يتم دفع مبالغ من الحاضرات للحفل للعروس ويتم قيد جميع المبالغ التي تم دفعها من الحاضرات كل باسمها والمبلغ الذي دفعته بحيث يعاد لها نفس المبلغ في حفلتها. وبعد صلاة العشاء يكون هناك ديسكو أو طرب للرجال على غرار ما تم في العصر بعد ذلك يكون هناك وليمة العشاء للحاضرين جميعاً وتكون عادةَ ً في استراحة القرية.

 

ثم يوم الأحد يبدأ الحفل كذلك من الصباح ويتم فيه زفة الرجل إلى بيت زوجته، يزف من بيته مروراً بأحياء القرية كلها ويُحمل معه الذهب في ألوح من الخشب تعلق فيها الذهب وترفع هذه الألواح عالياً حتى يرى الناس الذهب وأنوعه وكميته والتي قد تتراوح بين نصف كيلو جرام و 3 كيلو جرام أو يزيد، وعند وصوله بيت الزوجة يؤذن له أذان الصلاة ثم الإقامة و بعد ذلك يدخل البيت وينثر على رأسه الرز دفعاً للحسد (حسب زعمهم)، ويقوم بالإعلان عن المهر أمام الناس ودفع المبلغ لأبي الزوجة، والذي عادة يأخذه لسداد الديون التي استدانها (لبناء وتجهيز بيت أبنته وإقامة الحفل الذي يكون عليهم) وما تبقى من المهر يذهب للزوجة.

 

 وفي الظهر تكون هناك وليمة يعمل فيها الرز واللحم والإدام بالموز واللحم والمدابة والمهوقو والفريبا (وهذه كلها أكلات شعبية) وتكون بكميات كبيرة جداً.

 

ثم يوم الاثنين تكون هناك وليمة لأهل القرية والقرى المجاورة والبعيدة يأتون إليها من كل القرى تقريبا وتكون وليمة كبيرة تُعمل في استراحة القرية التي تجهز منذ الصباح الباكر بالكراسي والطاولات ويتم إعداد الوليمة بالتعاون مع جميع بيوت القرية تقريبا بحيث أن الزوج يوزع عليهم المواد الغذائية واللحم ومبالغ من المال لشراء الحطب ومستلزمات الطبخ وتكون بعد صلاة الظهر وتسمى (ديني).

 

يوم الثلاثاء تكون هناك وليمة للشيوخ فقط (هم من عملوا الزواج الكبير) وعادة ما تكون مكلفة وقد يقدم فيها لحم الأغنام بجوار لحم البقر.

 

ويوم الأربعاء يكون هناك حفل للشيوخ والشباب يوزع فيه البسكويت والكيك المحلي ومن ذلك كيكة الأرز (مصنوعة من الأرز والسكر فقط) تسمى "القودوقودو".

 

ويوم الخميس تكون هناك وليمة خاصة بأهل القرية يقدم فيها كل أنواع الأطعمة تقريباً يبدأ أولاً الشيوخ وبعد فراغهم يتم وضع الأطعمة من جديد ويأتي دور الشباب وبعد فراغهم يأتي دور الصبيان. وتسمى هذه الوليمة (دعوا).

 

ويوم الجمعة الثانية من بداية حفل الزواج يذهب الزوج لجامع القرية مرتدياً هذه المرة جبة الشيوخ والشال ويحق له الصلاة في الصف الأول وبعد انتهاء الصلاة يخرج من المسجد بصحبة أهله وذويه وأهل زوجته وعند خروجه من باب الجامع يكون في استقباله النساء من أهله وأهل زوجته كذلك وينثرون عليه الأرز دفعا للحسد ويلبس طوق من الورود ويمرون به في بيوت الحي وبدوره يدفع لكل بيت يدخله من بيوت الحي مبلغ من المال ثم بعد هذه الجولة يذهبون كاملاً للبيت لحضور وليمة الغداء.

 

وفي يوم السبت تكون هناك حفلة في المساء يوزع فيها الحلويات وكيكة الأرز (القودوقودو) وفي هذا اليوم تكون وليمة خاصة للنساء يقدم فيها جميع الأطعمة ويضاف أيضاً السمك.

 

ثم يوم الأحد يكون هناك وليمة لكن عند أسرة الزوجة والزوج هو من يدعو الناس بعدد محدد من طرف أسرة الزوجة ولأسرة الزوجة كذلك الحق في دعوة أناس آخرين

 

ثم يوم الثلاثاء يكون هذا اليوم مخصص للهدايا التي سيحضرها الزوج لزوجتها وتحمل من بيت أهل الزوج في موكب من النساء أقارب الزوج قد يصل الموكب إلى أكثر من مئة امرأة يمرون في الحي كاملا حتى يتسنى للناس مشاهدة هذه الهدايا والتي تُحمل إلى بيت الزوجة والذي أصبح بيتهما وتتكون هذه الهدايا غالباً من الأتي:

1- 100 قطعة (ما يسمى سالوفا) وهو أشبه بالشال لكنه نسائي يوضع عادة على الكتفين أو الرأس.

2- 100 قطعة (ما يسمى شيرومان) وهو أشبه بالعباء المفتوح ويلف حول الجسم فوق الملابس.

3- 100 قطعة بالطو (البالطو الأسود).

4- ثوب (يسمى سهاري) وهو فستان ذهبي اللون به خطوط سوداء.

5- 100 من كل قطعة ملابس داخلية ومثلها ملابس النوم ومثلها للحمام وأيضاً المطبخ...وهكذا.

6- 100 زوج نعال من جميع الأنواع (أحذية صنادل - بالكعب وبدون الكعب..... ).

هذه الأعداد قد تزيد أو تنقص بحسب قدرة الزوج

وهذه الطقوس تختلف بنسب متفاوتة إما في الترتيب وإما في بعض العادات من قرية إلى أخرى.. وبذلك تكون تمت مراسم وطقوس الزواج الكبير.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply