بسم الله الرحمن الرحيم
استعصى عليَّ القلم أن أكتب في موضوع غير موضوع نصرة إخواننا المستضعفين والمستضعفات في بلاد العراق الشقيق لنا إسلامياً وعربياً وجوارياً، الذين طال كربهم وعلا استنجادهم بكل مسلم رحيم غيور على دينه ومصلحته الدنيوية والآخروية.
فتواطأ قلمي مع قلبي الذي ينزف ألماً على ما يحدث في أرض الرافدين أرض الرشيد والمنصور! فمتى كانت الحروب المدمّرة تصنع سلاماً ورخاءً؟! إن مشاركتنا الوجدانية لإخواننا في العقيدة والعروبة والإنسانية لا تعدٌّ تدخلاً في خصوصيات دولة أخرى، لأن بلادنا لم تُفرِّق بين مواطنيها بكافة طوائفهم ولم تنتقم أو تسمح لأحد بالاعتداء على من هم مخالفون للطائفة السنية الأكثرية، فلماذا إذن هذا الظلم الحائق بسنة العراق الذي وصل لحدِّ الإبادة؟ لا يقل أحد إنه مجرد مبالغات إعلامية! فالراصد الدقيق يلاحظ ما يحدث من غبن وحيف، حتى الخطة الأمنية الجديدة أعلنت وبكل مجاهرة أنها ستركِّز على مراقبة المناطق السنية، وبالفعل فقد تم تفتيشها بطريقة همجية يجللها الظلم والقسوة بردائهما الحالكين، والإعلام العالمي الحيادي يكشف بجلاء عمّا يحدث في الدور الآمنة المستقرة من ترويع وتجاوز يراه من يريد أن يعترف بالحقيقة، إنها الفتنة التي أيقظتها الحرب الضروس التي كانت نائمة وقت السلم والاستقرار.
وإن ادَّعى مدَّعٍ, أن الذي يحدث هو ضدّ المتمردين فقط: فإننا لن ندافع عنهم إلا بتذكير باطشي اليوم بأنهم أنفسهم تمردوا بالأمس حينما لم يحصلوا على ما يريدون، فهل تلك الثورة الرعناء الكبرى المتواطئة مع المحتل حلال وثورة الضعيف الذي لم يناصره أحد حرام؟! بل إننا نتساءل بدهشة وألم: وماذا بشأن من مدوا أيديهم بالسلام والرغبة في المشاركة السياسية والتعايش السلمي؟ حيث إنه بشهادة من رُمي إليهم بالفتات من المسؤولين السنيين القلائل الذين سمح لهم بالمشاركة ويكررون قولها دائماً: بأنهم مهمشون ولا يسمع لهم رأي من الأكثرية القابضة على سدّة الحكم والجيش!
فأين نحن من نصرة إخواننا وأخواتنا ولو بكلمة حق تخفف عنهم الظلم والجبروت الذي وصفه لنا عقلاؤهم ومحايدوهم، بل وكل منصف خارجي، إن دولتنا هي دولة العدالة والإسلام حسب مقدرتها البشرية، وولاة أمرنا تميزوا بالرحمة والإنصاف ودموعهم الحانية المتفاعلة مع كل مظلوم أو يتيم أو محروم لا تخفى على أحد، فكم نأمل أن نرى تعاوناً إنسانياً سلمياً مع من تقطعت بهم السبل وجار عليهم الدهر من مستضعفي العراق المكلوم، لأن عدم إصاختنا لصرخاتهم ستجلب المزيد من الدمار والدماء لهذا البلد التاريخي المنكوب، فروح الانتقام والثأر ستظل مشتعلة في وجدان المظلومين حينما يزداد بهم الإحباط ويحيط بهم القنوط.
ليس ذلك فحسب إنما سيتشكل لنا خليج جديد مقلوب، على نمط الشرق أوسط الجديد، فتنقلب معه المعايير، وتتناقض المقاييس، وتحدق بنا الأخطار متفاقمةً يصعب معها العودة إلى نقطة البدء، ولات حينئذٍ, ساعة مندم.
وأنتم أيٌّها الكُتَّاب والكاتبات يا من سارعتم بإظهار روح التشفيّ حينما قُتل مصعب الزرقاوي، بتفرّد لم يظهر إلا لدى بعض صحافيينا فقط، بينما الصحافة العربية والعالمية تناولت الخبر بروح حيادية مبينة أن الزرقاوي ليس أساس المشكلة إنما هو مجرد سبب عابر ونتيجة مؤكدة الظهور حينما تخيِّم الفتنة على أي مكان، بل نشرت تلك الصحف الخارجية إجابة إحدى الأمهات الأمريكيات حينما سألها أحد الصحفيين عمّا إذا كانت سعيدة بمقتل الزرقاوي؟ حيث قالت: إنها لن تشعر بالسعادة إلا لموت مَن كان السبب الرئيسي في مقتل فلذة كبدها.
فأين كلمة الحق يا كُتَّابنا؟! لقد كدنا حينها نلتمس لكم بعض العذر بأنَّ هدفكم كان عودة السلم للعراق، ولكن الآن ما عذركم؟ وما سبب صمتكم عن قول الحقيقة التي هي أمانة بين أيديكم ستسألون عنها يوم الدين، ولا سيما أنَّ ثمة فرقاً بين الدفاع عن المظلوم وبين التحريض على الفتن، أم أنه الانحياز المتهور الأعمى والميزان الجائر المثقوب؟!
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد