بنجسا مورو .. وطن المسلمين في الفلبين


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

بنجسا مورو.. هو الاسم الذي أطلقه المسلمون على المناطق التي يعيشون فيها بجنوب الفلبين.. وتضم أكثر من (12) مليون نسمة، وتبلغ مساحتها 37% من إجمالي مساحة الفلبين وتضم (26) منطقة إسلامية.. ولا تزال قضية المسلمين في جنوب الفلبين تبحث لها عن حلّ في المحافل الدوليةº لأن المسلمين هناك يعتبرون اتفاقية الحكم الذاتي التي وُقعت بين جبهة تحرير شعب المورو والحكومة الفلبينية بإشراف منظمة المؤتمر الإسلامي في طرابلس ليبيا عام 1976ميلادية مجرّد حبر على ورق.. ولم تعمل السلطات الفلبينية على تنفيذ بنود هذه الاتفاقية.. وقد أُعيدت المفاوضات بشأن هذه الاتفاقية في 20 يونيو عام 2001 ميلادية

كان من المعتقد أنه بالتوقيع على اتفاقية الحكم الذاتي.. فإن المشكلة سوف تأخذ طريقها نحو الحل الصحيح.. فقادة العمل الإسلامي بجنوب الفلبين يؤكدون أن تنفيذ اتفاقية الحكم الذاتي لا تزال متعثرة وفي حاجة إلى مزيد من التأييد الدولي والإسلامي بصفة خاصة.. حتى تفي الحكومة الفلبينية بالتزاماتها نحو التنفيذ الفعلي لا الشكلي.. بل إن بعض قادة شعب المورو المسلم يصرحون بأن المسلمين في " بنجسامورو" في حاجة إلى الدواء والطعام وأنهم يتعرضون للجوع والمرض.

فقضية شعب المورو المسلم بجنوب الفلبين تتطور تطورًا خطيرًا.. بسبب انتهاكات الحكومة الفلبينية لاتفاقية الحكم الذاتي أكثر من مرة.. والشعب المسلم هناك مصمم على إعلان دولته التي أطلق عليها اسم " جمهورية بنجسامورو"، وقد اعترفت بها إيران بينما لم تعترف بها الدول الإسلامية والعربية أو أي دولة في العالم.. فالمجتمع الدولي يريد لهذه القضية حلاً سلميًا في نطاق وحدة الأراضي الفلبينية.. و رفض أي حل يسعى لإقامة دولة مستقلة بجنوب الفلبين.

 

الورقة الرابحة:

لقد حققت السلطات الفلبينية العديد من المكاسب على حساب شعب المورو المسلم.. وفي مقدمة هذه المكاسب أنها صرفت نظر جبهة تحرير شعب المورو عن إنشاء دولة إسلامية خاصة بهم في جنوب الفلبين ـ أكثر من مرة ـ ولم يكسب التأييد الدولي عندما أعلن قيام دولته.. وبهذا حصرت السلطات الفلبينية هذه القضية في نطاق قضايا الأقليات المسلمة التي ترغب في الحصول على الاستقلال.. كما أجادت استخدام اتفاقية الحكم الذاتي كورقة تلعب بها في المسرح السياسي الدولي كلما أرادت.

 

أمريكا اشترت الفلبين:

من خلال اللقاءات المتعددة التي أجريتها مع قادة العمل السياسي لشعب المورو المسلم.. أكد هؤلاء القادة أن قضيتهم ليست قضية "أقلية مسلمة" بالمعنى المتداول في وسائل الإعلام.. وأن علاقتهم بالفلبين مجرد علاقة استعمارية.. ويرى هؤلاء القادة أن شعب المورو المسلم ظل يدافع عن الجزر الشمالية ضد المستعمرين عبر المراحل التاريخية المختلفة.. حتى تخلصت الفلبين من الاحتلال الأسباني عام 1898 ميلادية.. وأن الولايات المتحدة الأمريكية عقدت اتفاقيات اعترفت فيها باستقلال الجزر الجنوبية الإسلامية.. وأن المسلمين هم الذين ساعدوا أمريكا ضد اليابان حتى استردت الجزر الشمالية.. التي كانت قد اشترتها بمبلغ(20) مليون دولار بموجب عقد بيع مؤرخ في ديسمبر عام 1898 ميلادية.

وعندما انسحبت الولايات المتحدة الأمريكية من الجزر الشمالية ـ الفلبين ـ عام 1946 ميلادية سلمت الجزر الجنوبية الخاصة بشعب المورو المسلم للسلطات الفلبينية.. لتبدأ المشكلة التي يعاني منها شعب المورو حتى اليوم.

 

اغتيال المسلمين:

يقول عبد الباقي أبو بكر.. أمين عام العلاقات الخارجية لجبهة تحرير شعب المورو:

بدأت قضية شعب المورو المسلم تأخذ الطابع الدولي منذ عام 1967 ميلادية.. حينما حلّت النكسة بالدول العربية باحتلال إسرائيل لأراض من الأردن وسوريا ومصر.. فوجدت حكومة الفلبين انشغال العالم الإسلامي بمشكلة الشرق الأوسط.. فعملت على تصفية قضية شعب المورو المسلم، نهائيًا ووضعت العالم الإسلامي والعالم كله أمام الأمر الواقع!! والمعروف أن سياسة الأمر الواقع سياسية إسرائيلية تتبعها في القضية الفلسطينية منذ بداية الاحتلال وحتى ا ليوم.

وأضاف: لقد قامت الحكومة الفلبينية بتكوين منظمة إرهابية لاغتيال المسلمين.. وهي منظمة " إيلاجا " التي نفّذت العديد من عمليات اغتيال المسلمين من أبناء شعب المورو المسلم.

 

رفع الصليب فوق المساجد:

ويواصل عبد لباقي أبو بكر: المنظمة الإرهابية الفلبينية تهدد دائمًا باغتيال رجال الدعوة لإسلامية، وتطالبهم باعتناق المسيحية، ورفع الصليب فوق المساجد، وإلا تعرّضوا للاغتيال.. كما تقوم بتدبير المؤامرات ضد المسلمين.. حيث قامت بتدريب عدة فرق من المسلمين على أعمال الكوماندوز بحجة حماية ولاية "صباح" الماليزية المجاورة.. ثم اكتشف المسلمون أنها تريد العدوان على الولاية الماليزية.. فرفضوا الاشتراك في هذه المؤامرة.. فقامت القوات المسلحة الفلبينية باغتيال جميع المسلمين في هذه الفرق.. ولم ينج منهم سوى جندي واحد، وهو الذي فضح هذه المؤامرة التي لم يسمع بها أحد.

 

غُزاة الشمال:

يقول عبد الباقي أبو بكر: لقد تدفقت الهجرات الفلبينية من الشمال والوسط إلى الجنوب الإسلامي.. وسلبت القوات الفلبينية أراضي المسلمين، كما شُكّلت وحدات إدارية على أراضي المسلمين سلبتها منهم لصالح المهاجرين من الشمال والوسط بوساطة وكالات متخصصة مثل مؤسسة التنمية الاقتصادية ـ التي تشرف عليها القوات المسلحة الفلبينية ـ والإدارة الوطنية للاستيطان والتعمير.. وهذه هجرات استيطانية استعمارية لمناطقنا الإسلامية.

 

الغرب يؤيد!!

ويتساءل عبد الباقي أبو بكر قائلاً: إن الغرب يؤيد استقلال الجنوب السوداني.. وفي حالة الإبقاء على وحدة الأراضي السودانية فهناك البدائل القاسية مثل اقتسام السلطة والثروة.. بينما يعارض المجتمع الدولي إقامة دولتنا "بنجسامورو".

كما يذكر العالم والعالم الإسلامي بقوله: لقد حصلت إسرائيل على تأييد عالمي لإقامة دولتها على أرض عربية مغتصبة، فقامت إسرائيل وضاعت فلسطين!! بعد أن قامت الفلبين بالتصويت لصالح قيام إسرائيل في الأمم المتحدة عام 1948 ميلادية.. وضاعت فلسطين من العرب بصوت واحد فقط في الأمم المتحدة هو صوت الفلبين.. لقد طردنا وزير خارجية إسرائيل من البرلمان الفلبيني.. فشنّت علينا الحكومة الفلبينية حربًا استمرت (6) سنوات أبادت خلالها القرى الإسلامية، وارتكبت آلاف المجازر ضد المسلمين.. مستخدمة سلاحها الجوي والبحري، وقد سجل تاريخ جهادنا العديد من البطولات الإسلامية.. ولا تزال القوات الفلبينية تمارس ضغوطًا ضد المسلمينº لأن أهل الشمال يحملون رخصًا من "مانيلا" لاغتصاب أراضينا.. فإذا اعترض المسلمون تعرّضوا للتعذيب والقتل.

 

مع محافظ لاناو:

 

ويؤكد " ماهيد ميراتو موتيلان" محافظ إقليم "لا ناو" ورئيس جمعية علماء الإسلام بالفلبين.. أن الحكم الذاتي هو البداية الصحيحة لتحقيق الوفاق بالفلبين.. كما نفى أن تكون قضية المسلمين في بنجسامور مجرد أقلية مسلمة.. إنما هي قضية شعب مسلم يعيش بالجزر الجنوبية منذ أكثر من ثمانية قرون.. وقد جاهد شعب المورو المسلم سنوات من أجل الحصول على الحكم الذاتي.. وقد وقفت الأمة الإسلامية إلى جوار حق شعب المورو في حكم أنفسهم بأنفسهم.

وقال: لقد تضمنت اتفاقية طرابلس عام 1976 ميلادية.. عدم إقامة دولة مستقلة للمسلمين بالفلبين، وأن يتمّ حلّ القضية في نطاق وحدة الأراضي الفلبينية.. إلا أن هذه الاتفاقية ظلت معطّلة حيث واصل المسلمون جهادهم حتى تمّ التوقيع على اتفاقية أخرى في التسعينيات.. ونحن نعتبر أن حصول المسلمين على الحكم الذاتي بالمناطق الجنوبية هو الطريق الصحيح لمصداقية حرص السلطات الفلبينية على حقوق شعب المورو المسلم.

 

أول مجتمع منظَّم:

وأضاف: يجب أن أوضح أن المسلمين بجنوب الفلبين.. هم أول مجتمع منظم في هذه المنطقة من العالم.. حيث أسّسوا ممالك إسلامية في جزر " صولو " و " ميند ناو " والوجود الإسلامي قائم في (26) منطقة بالجنوب الفلبيني.. ويوجد في مناطقنا الإسلامية مؤسسات وجمعيات تعمل في المجال الدعوي والتعليمي والتثقيفي.. مثل: جمعية "كامل الإسلام" التي أسست العديد من المدارس والمعاهد الإسلامية.. ولها مطابع تقوم بنشر الكتب الإسلامية.. وتولي الجمعية اهتمامًا كبيرًا بنشر اللغة العربية باعتبارها لغة القرآن الكريم.. وجمعية " الفلبين الإسلامية " التي تعمل على نشر مبادئ ومفاهيم الدين الإسلامي الصحيح وتنقية الثقافة الإسلامية من كافة الشوائب التي علقت بها.. وجمعية "أنصار الإسلام" التي تضم أكثر من (900) ألف عضو وتهتم بالتكنولوجيا والاستثمارات.. كما توجد مئات المؤسسات الإسلامية التي تقوم بالتعريف بالإسلام وحققت نتائج إيجابية حيث اعتنق الإسلام آلاف من أتباع الديانات الأخرى على يد دعاة هذه الجمعية.

 

مصير ميسواري:

ما هو المصير الذي ينتظر "نور ميسواري" رئيس جبهة تحرير مورو الوطنية؟ وما هو الموقف بعد وفاة " سلامات هاشم " رئيس جبهة تحرير مورو الإسلامية؟

يقول ماهيد موتيلان: المعروف أن " نور ميسواري " تولى رئاسة الحكم الذاتي بالجزر الجنوبية.. لكنه تمرّد على السلطات الفلبينية بحجة أن اتفاقية الحكم الذاتي تسير في طريق مسدود.. ونتيجة لهذا التمرّد قامت السلطات الفلبينية بحملة اعتقالات واسعة في صفوف المسلمين.. الأمر الذي دفع ميسواري إلى اللجوء إلى ولاية صباح التابعة لماليزيا.. فقامت السلطات الماليزية باعتقاله وقامت بتسليمه إلى حكومة الفلبين لمحاكمته على تمرّده.. كما أعلن خمسة عشر من زملائه إدانتهم للتمرد.. بينما أعلن رئيس جبهة تحرير مورو الإسلامية " سلامات هاشم " ـ قبل وفاته ـ تمسّكه بمفاوضات السلام مع حكومة الفلبين.

 

تعمير مناطق المورو:

تعهدت الحكومة الفلبينية بتنمية مناطق المسلمين بالجزر الجنوبية.. الأمر لذي لم يتمّ حتى اليوم.. فما موقف شعب المورو المسلم من ذلك؟

يقول ماهيد موتيلان: تعتبر الحكومة الفلبينية أن المسلمين هم السبب في عدم تمكينها من تعمير المناطق الجنوبية.. بسبب التمرّد، وأن جبهات التحرير الإسلامية لم تلقِ السلاح بعد، واحتجزت العديد من الرهائن بمعرفة جماعة "أبو سياف "، والعديد من دول العالم اعتبرت قيام الجيش الفلبيني بحملات ضد لمسلمين في الجنوب أنه يؤدي واجبه في محاربة الإرهاب في بلده، والمعروف أن العالم كله يؤيد محاربة الإرهاب.

 

لمحة تاريخية:

 

في عام 1521 ميلادية رست سفينة البحار الأسباني " فرديناند ما جلان" على إحدى الجزر المجهولة بالمحيط الهادي، ومنها انطلق إلى جزر أخرى وأخرى.. ولم يكن لهذه الجزر اسم تعرف به فأطلق عليها اسم " الفلبين " نسبة إلى الملك فيليب الثاني.. والفلبين دولة مكونة من مجموعة من الجزر تقدر بحوالي سبعة آلاف جزيرة تقع جميعها في جنوبي آسيا، يحيط بها المحيط الهادي من الشرق والشمال الشرقي.. وبحر الصين الجنوبي من الغرب.

ولم يكن " ماجلان " هو أول من وصل إلى هذه الجزر.. فقد سبقه إليها العرب حيث وصل إليها البحارة المسلمون عام 1380 ميلادية.. ونشروا الإسلام بين شعوب هذه الجزر.. أي أن الوجود الإسلامي أسبق من الوجود الأسباني بهذه الجزر بحوالي قرن ونصف قرن من الزمان.

وقد حاول المستعمر الأسباني محاربة الإسلام لكن المسلمين جاهدوا وحافظوا على عقيدتهم وهويتهم الإسلامية، وتمركزوا بالمناطق الجنوبية مثل " ميندناو " و" بلاون " و" صولو" وقد أصبحت هذه الجزر وغيرها من الجزر الجنوبية إمارات وممالك إسلامية وطّدت علاقاتها مع الدول المجاورة..بل إن المسلمين قادوا حركة المقاومة بالجزر الشمالية إلى أن تخلصت الفلبين من الاحتلال الأسباني..وتولى القيادة قادة من المسلمين منهم الأمير المسلم " الراجا سليمان ".

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply