هجمة صهيونية .. وواقع مرير !!


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله رب العالمين، مسبب الأسباب وخالق الناس من تراب، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له منزل

الكتاب ومُجري السحاب وهازم الأحزاب..وبعد:

فقد توالت على الأمة المحن والفتن من كل اتجاه، وتضاعفت الحوادث والكوارث الكونية، وما ذلك إلا نذرٌ إلهية يخوِّف الله بها عباده، ويوقظهم من سبات الغفلة، وأصبحت ديار المسلمين مستهدفةً من قبل أعدائها فما أن تضمد جراح للمسلمين في بقعة من بقاع ديارها، حتى يلتهمها أعداء الأمة المتربصون بها في ديار أخرى. قتل وتخريب، ومؤامرات تحاك بنا من كل جانب..  تجتمع قوى الشر من كل فج عميق فما زالت دماء المسلمين تنزف في العراق منذ أن وطأتها قوات التآمر - عفوًا أقصد قوات التحالف - بقيادة راعية قوى الشر والعدوان رعاة البقر، وما من يوم يمر إلا ونشاهد بأعيننا علي الفضائيات مئات القتلى والجرحى.. خطف واعتقالات، وتدمير وتخريب، ومؤامرات وانتهاكات كلها تصب في مجرى واحد وهو الحفاظ على أبناء القردة والخنازير، ولا فرق بين شارون وهارون، وأولمرت وبوش.. دسائس وفتن، وإجرام وتجويع، وخطف وترويع للصغار والكبار على أيدي عصابات القتل الأمريكية، أو العميلة للأمريكان، وعلى أيدي زبانية المعتقلات الأمريكية في «أبو غريب»، و«جوانتاناموا» وغيرها من المعتقلات، وعلى بقعة أخرى لم تجف دماء المسلمين منذ وطأتها أقدام اليهود بمؤامرة وعد بلفور تدخل الدبابات والمجنزرات إلى قطاع غزة تقتل العشرات وتجرح المئات، وتعتقل الوزراء من حكومة فلسطين نصف وزارة ونصف برلمان من أجل جندي حقير أختطف، ودموع الأطفال، والأمهات ممن يقبع دويهم بالآلاف في معتقلات الصهاينة يلاقون أشد العذاب دون أن يحرك ذلك ساكنًا.. وسرعان ما تتكرر المأساة في لبنان من أجل جنديين اختطفا، دمار وتخريب، مئات القتلى والجرحى من اللبنانيين، وحصار جوي وبري وبحري محكم على الشعب اللبناني وضرب ونسف ودمار لمحطات الكهرباء والمياه والمجمعات السكنية للمدنيين، ونزوح عشرات الآلاف بدون مأوى، كل ذلك يقع على مرأى ومسمع من قادة العرب والمسلمين بلا حراك، بل على مرأى ومسمع من قادة التحالف الدولي، ومجلس الأمن الأمريكي والاتحاد الأوربي، وإنا لله وإنا إليه راجعون!!  

الإجرام اليهودي والتخاذل الدولي سرعان ما يدرك كل ذي بصيرة نافذة أن الواقع المعاصر لأمتنا الإسلامية هو من أمَرَّ ما مر بها عبر تاريخها الطويل، إن لم يكن هو أمرّها على الإطلاق فأزمتها الحاضرة ليست كسالف الأزمات، ونكبتها المعاصرة في كثير من المجالات تكاد تكون غير مسبوقة في النكبات والنكسات فبالأمس القريب إهانة من أعداء الأمة في رمز البشرية رسولنا الكريم متمثلة في رسوم كاركاتورية من فئة نبتت من نفس المستنقع دون مراعاة لمشاعر مليار ونصف المليار من المسلمين، واليوم نشاهد المؤامرات الصهيونية متكاتفة ومتحالفة مع شركاء الغدر والخيانة تضرب بجذورها في كل بقعة من بقاع أمتنا العربية والإسلامية، وقادة الأمة مغيَّبون، وأدعياء الحريَّة والديمقراطية يصدرون التصريحات والتشريعات التي تبيح لإسرائيل المدللّة أن تحصد الأخضر واليابس، وأن تنشر في الأرض الفساد مدعومة من قوى البغي والعدوان بكل ما يمكنها من تحقيق أهداف قوى التحالف لتحقيق المصلحة العليا وهي أمن إسرائيل والحفاظ عليها، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

 

حال الأمة وسنة الابتلاء:

إن ما يقع بالأمس واليوم في ديار المسلمين على أيدي اليهود والأمريكان وأعوانهم من أعداء الأمة المتربصين بها وسط تقاعس وتخاذل من الجميع ليدفع الإنسان دفعًا إلى مراجعة فورية مع النفس وذلك باللجوء إلى الله في السراء والضراء والسعة والضيق فما خاب من اتقاه، ولا أيس من رجاه، وما ذل من اعتصم به {وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا} [النور: 55].

لقد صدق الله وعده وهو أصدق القائلين، وأنجز لنبيه ما وعده به ومن هنا حمل هذا الدين رجال وقادة علَّمهم نبيٌّهم - صلى الله عليه وسلم - ألا يخاف العبد إلا ربه، وألا يذلّ إلا لمن ذلّ له كل شيء ولمن بيده أسباب الأمن وحده:  

{إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين}[آل عمران: 571]

والعالم الإسلامي اليوم يمرّ بحالة عصيبة وخطوب مستعصية، والأمة المسلمة برُمَّتها شاخصة أبصارها ألمًا وحيرة وذهولا لما يقع من مآسي وآلام بفعل اليهود والأمريكان، بل يزداد ألم الأمة وفاجعتها حينما ترجع البصر كرّات ومرّات، ثم ينقلب إليها البصر خاسئًا وهو حسير، فإذا بالضربات تتوالى عليها وتتقاذف كحُمم بركانية لا تجد الأمة

أمامها ملجأ أو مغارات أو مدّخلا يحميها من الظلم الطاغي والإرهاب الدولي العاتي، بل أنها تتلقى الضربات تلو الضربات ثم هي تُصرع أمامها ذلك كله كان سببًا ولا شك في أن يغشى الأمَّة، وهمٌ يوقفها أمام مرآة المفزعات حتى لقد بلغ الوهم في صفوفها مبلغًا مثّل لها الضعيف قويًا والقريب بعيدًا والموئل مهلكًا، فجعلت تتخبَّط إزاء هذا الوهم تخبٌّط المصروع، لا يرى ماذا أدركه وماذا تركه.

إننا نعيش في زمن بُليت فيه أمة الإسلام بتفريق الكلمة وتصارُع الأهواء، وحُجبت بالجهل والكبت عن معرفة أحوال عدوها وصنائعه، مما جعلها تستسلم للمحتل الباطش ببعض سلاحهم المدجّج الذي أثار فيها خواطر الوهم بأنها أمام قوةٍ, لا تستطيع التغلب عليها، بل هي حاكمة على أقطار واسعة وأنحاء شاسعة، وهي جمعيها في عين عديم الوهم ضعيفةٌ واهنة لا تستطيع ذودًا ولا دفاعًا، وإن أخفَّ حركة تنبثق هنا أو هناك توجب زعزعةً في تلك القوة إن لم توجب هدمها بالمرة، إن تلك القوى لتتوجّس من كل حركةٍ, في العالم، وكل ملَّمة تلم بالعالم الإسلامي والعربي تحدث زلزلة في قوى الظلم والجبروت، وقد رأينا وسمعنا أسلحة بدائية لبعض رجال المقاومة في الجنوب اللبناني وفي أرض فلسطين تجعل الأعداء يهرولون وفي الملاجئ تحت الأرض ينزلون، تتوالى صرخاتهم.

وحدة الصف واستحضار القوة إن الأوجاع التي تصيب الأمة في مقتلها في هذا العصر لتدفع الأمة أن تقف أمامها وقفة ناشدة للإصلاح، راضية بقضاء الله وقدره، وأن ما أصاب الأمة لم يكن ليخطئها، وأن ما أخطأها لم يكن ليصيبها، وأن النصر لا يكون إلا مع البلاء والضيق والكرب، وأن مع العسر يسرًا إن مع العسر يسرا[الشرح: 6] وأنه لن يَغلبَ عُسُرٌ يُسرين. وأن تعمل الأمة جاهدة في وحدة صفها وجمع كلمتها وتوحيد مصدر التلقي عندها إن هي أرادت النجاة، بحيث تكون المصدرية متمثلة في كتاب الله وسنّة رسوله - صلى الله عليه وسلم - بفهم سلف الأمة، والعزم على إقصاء كل الشعارات العصبية والأهواء العبَّية. كما يجب عليها أن تعترف بخطئها فيما ارتكتبه من تقصير في جنب الله وتهميش لشريعته الخالدة، فالنوح وحده لا يجدي شيئًا، فكيف بالشجب والاستنكار، فلسنا ننقب عن نائحة مستأجرة تسمعنا نجيبها أو تفجعنا بلطم خدَّيها، لأن البكاء ولا يحيي الميِّت، والأسف لا يرد الغائب.

والأمة المسلمة بحاجة ماسة إلى احتساب المصائب التي تطالها عند الله - تعالى -، وأن تعلم أنها على أجر ومثوبة إن هي صبرت وجاهدت فما يصيب المرء من نصب ولا وصب حتى الشوكة يشاكها إلا كتب الله له بها أجرًا كما ذكر ذلك نبي الأمة ورسولها - صلى الله عليه وسلم -، ويمثل هذا الاستحضار وتبرز الشجاعة وينبثق الإقدام والتسليم بأقدار اليوم والغد وبأن العزة والقوة لله جميعًا، {الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل (173) فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم}[آل عمران: 371، 471].

وأنه بمثل هذا تتعالى صيحات الذادّين عن حياضهم والحامين لدينهم حين يلاقون قوى الشرّ والظلم قائلين لهم: قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون[التوبة: 15]، وقائلين لهم أيضًا: قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين}[التوبة: 25]، يعنون بذلك كسب المعركة بالنصر على الأعداء وقوى الظلم والجبروت أو الموت في سبيل الله، لأن ما عند الله خير وأبقى، بخلاف أعداء الدين وقوى الظلم والشر منهم فهم بين عذابين: آجل أو عاجل، ونحن نتربص بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا فتربصوا إنا معكم متربصون[التوبة: 25].

ولتعلم الأمة أن الله قد كتب العزة والرفعة والعلو لعباده المؤمنين فالمسلمون هم الأعلون بدينهم وعقيدتهم ومبادئهم وإن هزموا عسكريًا ووطئتهم قوى الاحتلال، فالله - جل وعلا - يقول: {ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين }<<[آل عمران: 931]

ولما قال أبو سفيان يوم أحد: أعل هبل، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ألا تجيبوه؟! » قالوا: ما تقول؟ قال: «قولوا: الله مولانا ولا مولى لكم». [أخرجه البخاري في الجهاد]

نكبات الأمة بسبب تفريطها إن ما يحدث للأمة الإسلامية في كل أرجاء الدنيا من تكالب الأعداء عليها لهو بسبب تخاذلها وبعدها عن كتاب ربها وسنة نبيها - صلى الله عليه وسلم -. وإن الكثير منا ليتساءل إثر كل بلية تحل بدار الإسلام: ما السبب/ وكيف ولم ومم؟ كل صور الاستفهام تتناثر صيحاتها في مسامعنا حينا بعد آخر، والمتصفح لكتاب الله - عز وجل - العالم بمواضع السنن الربانية ليجيب على هذا التساؤل بكل وضوح، فما حدث للرعيل الأول في أحد خير شاهد على ذلك فقد بين الله- تبارك وتعالى -ذلك في كتابه فقال: أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا[آل عمران: 561]. فيجيبهم الله بخمس كلمات، لم ينسب ولا في كلمة واحدة سبب الهزيمة إلى جيش، ولا إلى عدة، ولا إلى تحرٌّ في قتال، وإنما قال لهم بصريح العبارة: قل هو من عند أنفسكم <<.

تقع الهزائم والنكبات والمآسي ليستيقظ الناس، قال - تعالى -: وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله وليعلم المؤمنين (166) وليعلم الذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا[آل عمران: 661، 761].

لقد وعد الله رسله وأولياءه بالنصر فقال - سبحانه -: كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز[المجادلة: 12] ولكن الله - سبحانه - علَّق هذا النصر بتحقيق الإيمان في القلوب واستيفاء مقتضياته في كل مناحي الحياة، وهذه هي سنة الله في النصر، وسنة الله لا تحابي أحدًا.

وحين تقصر الأمة وتفرط فعليها أن تقبل النتيجة المُرَّة لأنها مع كونها مسلمة إلا أن، ذلك لا يقتضي خرق السُنَنَ وإبطال النواميس.

إن من الخطأ أن يغفل الإنسان عن تشخيص المرض بصورته الحقيقية ويلقي اللوم على الآخرين.

اقتناص الفرصة قبل فوات الأوان والناس إن لم يجمعهم الحق شعَّبهم الباطل، وإذا لم توحدهم عبادة الرحمن فرقَّتَهم غِواية الشيطان وإن لم يستهوهم نعيم الآخرة احتالهم متاع الدنيا فتخاصموا عليها. فهل تسارع الدول العربية إلى عقد مؤتمر قمة عربي، وهل تسارع بتحديد موعد عاجل لعقد تلك القمة ويدعى إليها في جلسة مشتركة دول منظمة المؤتمر الإسلامي وتصدر الدول العربية والإسلامية قرارات تعيد للأمة عزتها وكرامتها، ويتدارك قادة الأمة ما فاتهم على مر السنين ولنتخلص من عباءة الأمريكان والغرب وترفع راية الإسلام لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وقد أعلن عمرو موسى أن عملية السلام قد ماتت وشُيعت بلا رجعة وأن تعرف أنه متى دب الضعف وتأخر النصر فإن هناك أسبابًا لتأخره بلا ريبº وأن الباحثين عن نصر الله لم يغيروا ما بأنفسهم ولذلك كان الغُنم بالغُنم، والغُرم بالغُرم والله جل شأنه يقول: إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله

بقوم سوءا فلا مرد له وما لهم من دونه من وال [الرعد: 11].

وكم في طيات المحن من منح وكم في ثنايا الابتلاء من نعم وتلك سنة الله الكونية والشرعية، والموّفق من قوَّمته الدروس وأثارته المواقف فأدرك أول الأحداث وآخرها، وفهم آثارها وأسرارها وعواقبها، والله هو هـــادي الخلق إلى إلى الحق، وهـــو المستعان وعليه التكلان ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply