جدران الصمت


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

طالبت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، كبرى المنظمات الحقوقية، بفتح ملف السجون التونسية. وقالت الرابطة في تقريرها الأول حول السجون، واحتل 60 صفحة، إن السجون التونسية تشهد في السنوات الأخيرة انتهاكات واسعة، ويمارس فيها التعذيب وسوء المعاملة بشكل واسع، بشكل لم يسبق له مثيل، مما أدى إلى وفاة عدد من السجناء، كما يتعرض المعتقلون السياسيون إلى معاملة قاسية، هي أكثر سوءاً من تلك التي يتعرض لها سجناء الحق العام.

 

وقال مختار الطريفي رئيس الرابطة في ندوة صحفية الخميس 7 تشرين الأول الجاري، إن التقرير جاء لكسر حُجب الصمت والتعتيم الإعلامي، وخنق الحقيقة بشأن واقع السجون الكارثي. وأضاف مقدماً أهم ملامح التقرير: «لقد أصبح الاستهتار بالقانون وخرقه هو القاعدة داخل السجون التونسية، من طرف أولئك الساهرين على إنفاذه، والذين يتحصنون في أغلب الأحيان بحماية غير قانونية».

 

وكشف التقرير، لأول مرة، عن العدد المحتمل لمجمل السجناء والمعتقلين، الذي يصل إلى حوالي 26 ألف سجين، موزعين على 29 سجناً وسبعة مراكز للسجناء الأحداث، بما يجعل تونس تحتل المرتبة الرابعة عالمياً من حيث ارتفاع عدد المساجين مقارنة بعدد السكان، وذلك بـ253 سجيناً لكل مائة ألف ساكن. وتأتي تونس في الترتيب بعد الولايات المتحدة وروسيا وجنوب إفريقيا، حسب آخر الإحصائيات الدولية.

 

اكتظاظ السجون

وقال التقرير إن السجون التونسية تشهد اكتظاظاً كبيراً، إلى حدّ يفوق قدرتها الإيوائية وأحياناً أضعافها، فمعدل المساحة للسجين الواحد في الغرف، التي لا تتوفر فيها بنية تحتية صحية، لا تتعدى المتر المربع في أحسن الحالات، وتتدنى إلى أكثر من ذلك في بعض أجنحة سجون العاصمة.

 

فالسجن المدني بتونس العاصمة (9 أبريل) مثلاً الذي أنشئ عام 1906 لإيواء 900 سجين، بلغ اليوم عدد نزلائه 5000 سجين. وتبلغ نسبة الاكتظاظ أقصاها لتصل أحيانا إلى أكثر من أربعة أضعاف. ونقل التقرير عن أحد السجناء السابقين قوله إن الجناح الذي كان يقيم فيه، وهو عبارة عن غرفة صغيرة، كان يضم 287 سجيناً، بما يجعل حظ كل سجين من مساحة الغرفة لا يتجاوز 60 سنتيمتراً مربعاً.

 

التعذيب والإهمال الصحي وسوء التغذية

تقرير الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان قال إن التعذيب والمعاملة القاسية والمهينة ظواهر شائعة داخل السجون التونسية.

ويتعرض السجناء السياسيون إلى أنواع أبشع من التنكيل والتعذيب، إلى حدّ الموت أحياناً. وذكر التقرير أمثلة عن حالات تعذيب تعكس شيوع هذه الظاهرة، ومنها حالة السجين محمد علي المنصوري (سجين حق عام)، الذي تعرض للضرب والتقييد بالسلاسل، مما تسبب له في بتر ساقيه.

 

ويتم التعذيب داخل السجن، حسب شهادات بعض المسرّحين، بالتقييد بالسلاسل، والتجريد من الملابس، والتقييد في ساحة السجن، في الظروف المناخية القاسية، والضرب، واللكم، والحرمان من الطعام والعزل.

وقالت الرابطة إن عدداً من سجناء الرأي، أغلبهم من حركة النهضة الإسلامية، يخضعون للعزل التام في غرف صغيرة منذ 12 عاماً. ومن بين هؤلاء المهندس علي العريض، والدكتور الصادق شورو، والصحفي حمادي الجبالي، القياديين في الحركة.

 

ويقدر التقرير عدد سجناء الرأي بـ600 سجين، ينتمون في أغلبهم إلى حركة النهضة وبعض المجموعات الإسلامية الأخرى، مثل مجموعة «الأنصار» و«أهل السنة والجماعة»، تتراوح أحكام أغلبهم بين 20 عاماً والسجن مدى الحياة.

 

وفيات مشبوهة

سجلت الرابطة في تقريرها وفاة 13سجين رأي، بين عام 1990 و2003، بالإضافة إلى عشرات سجناء الحق العام، الذين توفوا بسبب التعذيب داخل السجون، أو بسبب الإهمال الصحي. وكشف التقرير عن أن معدل السن عند الوفاة لا يتجاوز 42 عاماً، وأن أغلب الحالات المسجلة تتراوح بين سني 36 سنة و45 سنة، فيما سجلت حالة واحدة بالنسبة لسن السبعين، وهي للشيخ مبروك الزرن القيادي في حركة النهضة.

 

وذكر التقرير أن حبيب الردادي والخضر السديري سجيني حركة النهضة توفيا بالمستشفى بسبب الإهمال الصحي.

كما توفي سجناء الرأي علي المزوغي ورضا الخميري وعبد الوهاب بوصاع، بعد إضراب عن الطعام حتى الموت.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply