الأعراس والمظاهرات


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

هل توقعتم يوما أن تصبح الأعراس والمظاهرات أهدافاً عسكرية، لأي جيش من الجيوش، لأي احتلال من الاحتلالات، لأي عدو من الأعداء.

 

الحروب قائمة في كل العصور، والاحتلالات عرفها التاريخ قديما، وقد انقرضت، ولم يبق في العالم إلا احتلالان هما لنا، نحن العرب والمسلمين، الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين، وهو غير معترف بطبيعته، والاحتلال الأمريكي في العراق، وهو معترف ومنصرف.

 

ولكننا نسمع لأول مرة، أن قوات الاحتلال تهاجم مسيرة سلمية شعبية مجردة، تسير في شوارع واضحة مكشوفة، وسلاحها الهتاف والرفض والرفض والوعيد، وفي إطار ما يسمى الانتفاضة، ونسمع لأول مرة أن قوات الغدر الأمريكي يحلو لها أن تتسلى، أو يطاردها الرعب، فتحسب أن كل صيحة عليها، وان كل رصاصة تستفزها، فتظن رصاصات العرس مصوبة إلى جنودها، فتخبط خبط عشواء.

 

قتل في المظاهرة الفلسطينية، في غزة حوالي العشرين من المدنيين، وجرح العشرات، وقتل في العرس العراقي واحد وأربعون من المدنيين وجرح العشرات، وتحول العرس إلى مأتم جماعي، وتحولت الزغاريد إلى نواح وعويل.

 

أيكون هذا دليل قوة وشجاعة، أم هو دليل خوف وهزيمة، وكيف يوصف بالرجولة، والشجاعة، وهو استهداف عسكريين لمدنيين، استهداف مسلحين لعزل، استهداف حالة القصد والإصرار لحالة مزح، أو حالة شبه مأمونة.

 

وفي الحالين لم يكن المعتدي مضطرا، ولا مدافعا عن نفسه، ولم يكن شاهدا، ولا متأكدا من أي شيء.

 

ولو كان شجاعا أو مدافعا، لواجه الصدر بالصدر، والسلاح بالسلاح، ولكن العدوين استعملا الطائرات والصواريخ والقذائف والمدفعية، تصرفا كما لو كانا في ساحة الميدان.

 

خطورة الحالين هو التجمع البشري، حيث أن قذيفة تصيب، وخطورته أن فيه النسبة العالية من الأطفال والنساء، وخطورته أن يخلو من الحيطة والاستعداد، بسبب الاستبعاد، استبعاد أن يكون العرس والمظاهرة هدفين عسكريين.

 

أما إذا شئت الأعذار والمبررات فهي جاهزة ومفبركة، ففي العرس العراقي مقاتلون عرب، وفي المظاهرة الفلسطينية مقاتلون مطلوبون؟ وكيف يعقل أن مقاتلي الفصائل الفلسطينية يسيرون في الأعراس، وهم الذين يعرفون أن العملاء يتربصون بهم؟

 

وإذا كان الرفض العالمي في كل عملية فدائية هو استهداف المدنيين، فماذا نسمي هذا القتل في الحالين؟ هل هو استهداف للمدنيين أم العسكريين المقاتلين؟ أم أن كلمة "مدني" تختلف، من حالة إلى حالة.

 

وبعد هذين الحادثين الغريبين، إلا يكون من الواجب إسقاط كلمة "مدنيين".

 

أهل المسيرة في مدينتهم وأرضهم، وأهل العرس في بيوتهم في أرضهم، فمن هو الطارئ، من المعتدي، من البادئ، من المفاجئ؟!

 

وإذا كان دخول شيء غريب في جسم الإنسان يستوجب المقاومة والعلاج بالدواء، أو بعملية جراحية، فكيف يكون التخلص من الجسم الغريب على الأمة؟ كيف لا يجب التخلص من الاحتلال؟

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply