بسم الله الرحمن الرحيم
قد يعيد أو لا يعيد التاريخ نفسه، ولكن هناك أحداثاً فيه تتشابه رغم البعد الزماني والظرفي بينها. فعندما رفع يهودي من بني قينقاع ثوب امرأة عربية مسلمة من خلفها وأظهر عورتها بينما هي في دكان ذهب ليهودي ثأر لها العرب المسلمون. وعندما صاحت أسيرة مسلمة عند الروم (وامعتصماه) رد المعتصم بالله اعتبارها بعودتها من بلاد الروم معززة مكرمة بحراسة الله ثم بحراسة روميات ومعهن حراس من الرجال الروم. وفي الوقت الحاضر، وبسبب الإعتداءات الإسرائيلية المستمرة والقتل والاغتيال والاعتقال الشاروني للفلسطينيين، نرى ونسمع عبر الفضائيات الأمهات الفلسطينيات وهن يصرخن ويصحن بحزن وألم ومرارة: يا الله، أين أنتم يا عرب، أين أنتم يا مسلمين، أين أنتم يا زعماء.. الخ!!. يهدم العدو الإسرائيلي ويجرف ويقتل ويسحب الشباب أرضا أحياء وأمواتا، ويقوم بمختلف الإهانات التي ما بعدها إهانات للفلسطينيين وبقية العرب والمسلمين ولا حراك رسمياً في المقابل يسد الرمق أو يشفي الغليل. لماذا، هل من قلة? أم هل لأن عرب اليوم غير عرب الأمس، عندما كانت تسمع كلمتهم ويخشى بأسهم وتخاف قوتهم?. هذه قصة حادثة من التراث تعبر عن طبيعة العربي المسلم وكيف كان يدير صراعه مع الروم / البيزنطيين مقارنة بإدارة عربي اليوم صراعه مع الإسرائيليين وقوى الشر. كانت نتيجة غزو المسلمين للروم أيام الخليفة معاوية بن أبي سفيان أن وقع بعض المسلمين في الأسر. وبينما هم واقفون أمام ملك الروم، تكلم أحدهم وهو رجل من قريش بكلام لم يوافقه عليه الملك، فدنا منه البطريق ولطمه على وجهه، فصاح القرشي: (وإسلاماه، أين أنت عنا يا معاوية إذ اهملتنا وضيعت ثغورنا وحكمت العدو في ديارنا ودمائنا وأعراضنا). تألم معاوية بعد سماعه الخبر فأقام الفداء بين المسلمين والروم، وافتدى القرشي، الذي بعد أن عاد إلى دمشق دعاه معاوية وأحسن إليه وقال له: (لم نهملك ولم نضيعك ولا أبحنا دمك وعرضك). هذا في الوقت الذي كان معاوية يحبك حيلة للقبض على البطريق وإحضاره لدمشق. استدعى معاوية أحد مواطني مدينة صور، اشتهر في الغزو البحري وكان قوي البنية ومتمكنا من التحدث بالرومية، واتفق معه سرا على تفاصيل الحيلة بدءا بتمويل معاوية بضاعة اشتراها الصوري لبيعها في القسطنطينية. وبعد أن أبحر الصوري ووصل إلى القسطنطينية قدم حسب توجيه معاوية هدايا للملك وبطارقته باستثناء البطريق الذي لطم وجه القرشي حيث أعطى معاوية أوصافه للصوري. وبعد أن باع واشترى الصوري عاد إلى دمشق بطلبات بضاعة يشتريها للملك وبعض البطارقة والحاشية، فأحضرها لهم من دمشق. وفي قصر الملك عاتبه البطريق المستثنى عن إعراضه عنه وعدم إهدائه له وعدم قضائه لحاجته، فاعتذر له الصوري لعدم معرفته له ثم قربه الصوري منه وأهداه متعاملا معه مثل غيره. ومضت سنين والصوري على هذه الحال يتردد على القسطنطينية قاضيا حاجات الملك ومن معه، من دمشق بالتنسيق السري مع معاوية. وذات مرة طلب البطريق أن يحضر الصوري له بساطا ملونا بالألوان وأبرزها الأحمر والأزرق من الصناعة الخوزستانية الشهيرة بمخداته ووسائده. وكالعادة عندما يرد الصوري القسطنطينية يقف بمركبه قبالة ضيعة البطريق الموالية لخليج القسطنطينية (مضيق البسفور) حيث يمضي البطريق بها جل وقته. فعاد الصوري من دمشق للقسطنطينية وفرش على المركب البساط (الذي أوصاه عليه البطريق) ووضع عليه الوسائد والمخدات، فرآه البطريق وفرح بقدومه ونزل إلى المركب. وباتفاق الصوري مع معاوية على إشارة قام بتنفيذها، وهي الضرب بقدمه، قام من معه من تحته بدفع المركب بالمجاديف باتجاه دمشق بعد أن أوثق أكتاف البطريق. وحالما وصلوا دمشق استدعى معاوية القرشي وأمره بأن يقتص لنفسه من البطريق بالمثل ولا يزيد، فلطمه القرشي بالمثل. فأحسن معاوية إلى البطريق وأكرمه وأهداه وأعاده مع الصوري لبلاده ومعه هدايا لملك الروم الذي سر ومعه الروم بعودة البطريق، وقال الملك عن معاوية: (هذا أمكر الملوك وأدهى العرب، ولهذا قدمته عليها فساس أمرها، والله لو همّ بأخذي لتمت له الحيلة عليّ). والسؤال اليوم الذي يفرض نفسه: لماذا لا تتم الحيلة على شارون بأي شكل من الأشكال، وهو الذي يعمل على إذلال العرب جميعا عن طريق كل شيء وفي كل مكان، وليس إذلال الفلسطينيين وحدهم? هل وصل التردي بأن تضيق الخناق سنغافورة وبنقلاديش (المسلمة) على زوارها من العرب باسم محاربة الإرهاب تقربا من قوى الشر? الله أعلم وهو المعين.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد