ولا يزال الذين كفروا تصيبهم قارعة بما صنعوا


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

يقول الله - تعالى -: ".. ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة أو تحل قريباً من دارهم حتى يأتي وعد الله إن الله لا يخلف الميعاد".

صدق الله العظيم: ما فرطنا في الكتاب من شيء.. سبحان الله كأن هذه الآية ما أنزلت إلا في القوم وما يعيشونه من أحداث في هذه الساعات!. ولاغرو فكتاب الله صالح لكل زمان ومكان. هاهي النكبات والرزايا تتوالى عليهم، تنال مصالحهم في الخارج وتقع قريبا من ديارهم هنا وهناك وأخيرا هاهي تقع في عقر دارهم قارعة داهية منذرة فهل يستيقظون وهل يتنبهون إلى عاقبة ظلمهم وعدوانهم ومساندتهم للظالم المعتدي على المظلوم البريء؟ أم يستمرون في غيهم وجبروتهم وطغيانهم حتى يأتي وعد الله؟ إن الله لا يخلف الميعاد.

 

لا إله إلا الله من يصدق ما جرى؟ ومن كان يتوقع أن يقع ما وقع؟ ولكن لعلها دعوة مظلوم من أرض الإسراء والمعراج، من يدري؟ لعلها دعوة حرى صدرت من قلب أب مكلوم على فقد فلذة كبده، جفاه الكرى وأقض مضجعه الفراق، فقام في آخر الليل يصلي ويدعو، أو لعلها زفرة أم ثكلى بفقد وليدها، تفطر فؤادها من البكاء وسالت دموعها كالأنهار فلم تجد لها ناصراً إلا الله ولم تكن لها حيلة إلا الدعاء فانطلقت منها في جنح الظلام دعوة من القلب ممزوجة بالدموع والآهات فصادفت ساعة استجابة فكان ما كان.. ألم يخبر الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى - عليه الصلاة والسلام -: أن دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب. من يدري ربما يكون هذا هو السبب في ما جرى؟!

 

ولكن هل يعي القوم هناك أن هذا بسبب ما جنته أيديهم وأقترفته أسلحتهم التي يمدون بهذا الباغي المعتدي ليقتل الأبرياء؟

 

هل يتعظون بعد أن ذاقوا ألم الظلم ساعة من نهار؟ - لاشك أن ما وقع لأولئك القوم الذين ذهبت أرواحهم إنما هو من الظلم.. لأنهم أبرياء لا ذنب لهم - ولكن ما أكثر المظلومين في العالم وما أكثر الظالمين وأعوانهم!

 

هل يتعظون بعد أن تجرعوا هذا الدرس القاسي وشربوا من نفس الكأس وعانوا من ألم المأساة؟ فيكفوا عن نصرة الظلمة من أبناء القردة والخنازير؟

 

نعم إنه درسٍ, قاسٍ, ولكن من الآن فصاعداً سوف يكون من السهل على كل أم فقدت وحيدها في هذه المأساة أن تتذكر أم محمد الدرة وأن تتخيل كيف نامت تلك الليلة، ليلة فراق فلذة كبدها.. وأن تحس بمعاناة أم الطفلة إيمان البريئة التي لم تتجاوز شهورها الستة وأن تعرف كيف كانت تصارع الأحزان.. آه ما أصعب الظلم!

 

ومن الآن لن يكون من الصعب على أولئك الذين ناموا في العراء أن يحسوا بمأساة المشردين في أنحاء العالم.. وغيرها من المآسي التي كانت بلادهم ضليعةً فيها.. إن تهديم المنازل.. والبكاء.. والفراق.. والترمل.. واليتم.. والجنائز.. والدماء.. والموت.. والعزاء.. كلها من مفردات الظلم والقهر.. مرت بالقوم ليلة وذاقوا مرارتها.. فهل يتذكرون أنها أصبحت جزءً من حياة أقوام هنا وهناك تنام حيث ينامون وتقيل حيث يقيلون.. يتسلى العالم بمشاهدة أخبارهم على القنوات كما يتسلى برؤية الأفلام دون أن يحرك ساكنا أو ينطق بكلمة حق على أقل تقدير. فهل يتحرك الآن بعد أن عايش المشهد على وجه الحقيقة؟!

 

ألا لعنة الله على اليهود ما أكثر ما عاثوا في الأرض الفساد.. إنهم أسباب المآسي في العالم.. أججوا العنف وأذكوا روح العداء بين الشعوب وأحلوا الدمار مكان البناء وأشاعوا الخوف بدل الأمن.. وصدق الله القائل: لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم بما عصوا وكانوا يعتدون.

 

اللهم إنا نسألك العفو العافية والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة، اللهم من أرادنا وأراد المسلمين بسوء فاجعل كيده في نحره وأجعل تدبيره في تدميره، اللهم عليك بالظالمين فإنهم لا يعجزونك اللهم خذهم أخذ عزيز مقتدر وأجعل بأسهم بينهم شديد وأرنا فيهم عجائب قدرتك يا قوي يا عزيز.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply