بسم الله الرحمن الرحيم
{وَلَو شَاءَ رَبٌّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُختَلِفِينَ.إِلَّا مَن رَحِمَ رَبٌّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُم وَتَمَّت كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَملَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجمَعِينَ} (هود: 118، 119).
إن مفهوم (الأمة والهوية)، وأنا هنا أتحدث عن أمة الإسلام، من أكثر المفاهيم التي تعرضت من قِبل أعداء الأمة إلى الاستهداف والتشويه والتخريب والتدمير بالغزو الفكري والثقافي، الذي تتعرض له الأمة منذ قرنين من الزمن. إن تخريب (مفهوم الأمة) يعني تمزيق هويتها لتصبح أمة سائبة هُلامية ليس لها كيان ولا معالم ولا ذاكرة تاريخية ولا جماعيةº مما يؤدي إلى اختلاط الحابل بالنابل والعدو بالصديقº فتفقد ذاتها ومقومات البقاء في التاريخ وعوامل النهوض من جديدº فتتفرق بها السبل ولا تعرف من هيº فلا تهتدي للنجاة سبيلاً، وبالتالي تصبح في حالة ضياع. وهذا ما حصل بالفعل، ونتيجة لهذا التخريب الذي تعرض له (مفهوم الأمة وهويتها) أصبحنا لا ندري من نحن. هل نحن ننتمي إلى أمة واحدة أم أمتين أم أمم شتى؟؟ وهل نحن أمة عربية أم أمة إسلامية..... ؟؟ وهل نحن قوميون أم إسلاميون..... ؟؟ وهل نحن اشتراكيون أم رأسماليون أم ليبراليون؟؟ وهل نحن مسلمون أم علمانيون..... ؟؟ أم هل نحن خليط من كل هؤلاء..... ؟؟ أم نحن أمة طارئة على الوجود من صناعة الاستعمار الكافر في مطلع القرن العشرين بعد الحرب العالمية الأولى، أم من صناعة القرآن ـ المُنزّل من عند رب العالمين على محمد، - صلى الله عليه وسلم -، قبل أربعة عشر قرنًا؟؟
فحتى نعرف من نحن؟، وما هي أمتنا؟، ومن صنعها؟، ومن هو منها؟، ومن ليس منها؟º علينا أن نستعيد هويتنا التي ضيعناها فتاهت بنا السبل، والتي تحتوي على ذاكرتنا التاريخية والجماعية، والتي تُعرف بنا وبذاتنا.
فأمتنا تُعرف بهويتها التي تتكون من المقومات والمكونات والعوامل والحقائق التالية:
أولاً: وحدة العقيدة:
إن أول عامل في نشوء الأمم وتكوين هويتها هو وحدة العقيدةº فكل مجموعة من الناس مهما بلغ عددها وتحمل عقيدة واحدة وتعتقد بها فإنها (تُعتبر أمة واحدة)، ولو كانت هذه المجموعة تنتمي لعدة أجناس مختلفة أو شعوب وقوميات متعددة ويعيشون في أمصار مختلفة، وبناء على ذلك يُمكن أن يُختصر (مفهوم الأمة) بشخص واحد يؤمن وحده بعقيدة لا يؤمن بها غيره، وأكبر دليل على ذلك (إبراهيم - عليه السلام -)º فالله - سبحانه وتعالى - وصفه بأنه أمة وحدهº لأن أحدًا من قومه لم يؤمن بما يدعو إليه {إِنَّ إِبرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَم يَكُ مِنَ المُشرِكِينَ} (النحل: 120).
إذن لا بد للأمة من عقيدة توحّدها، والعقيدة التي تجمع (أمة الإسلام) هي (عقيدة التوحيد)º فكل من ينطق بالشهادتين (أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسول الله) عن قناعة، وبجميع أركان هذه العقيدة، دون زيادة أو نقصان ودون إكراه أو شرك بولي أو صاحب قبر فهو من أمتنا. و(((كل من يُضيف على الشهادتين شهادة ثالثةº كأن يقول وأشهد أن عليًا ولي الله، وأن دخول الإسلام لا يتم إلا بالشهادة الثالثة، ويزيد أركان جديدة على أركان الإيمان والإسلام التي فرضها الله - سبحانه وتعالى -º كالإيمان بعصمة الأئمة، وأن المعصومين يقومون بأفعال لا يقدر عليها إلا الله - سبحانه وتعالى -، والإيمان بصاحب الزمان الذي اخترعه اليهود من شيعة عبد الله بن سبأ، أو يُقدس القبور)))º فهو ليس من ديننا وليس من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -.
وكل (((من يعتقد بأن هناك مدن مقدسة في الإسلام غير مكة المكرمة والمدينة المنورة والقدس المباركة، أو أن الوحي استمر بالنزول بعد وفاة الرسول - صلى الله عليه وسلم - أو أن الإسلام لم يكتمل بعهده، - صلى الله عليه وسلم -))) فهو لا يحمل عقيدتنا، و ليس من أمتنا (أمة التوحيد)، ولا يحمل هويتها.
ثانيًا: وحدة الأمة:
{وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُم أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبٌّكُم فَاتَّقُونِ} (المؤمنون: 52) إن وحدة العقيدة تجعل من جميع اتباعها (أمة واحدة)º فالمسلمون أصحاب العقيدة الواحدة (أمة واحدة) يسعى بذمتهم أدناهم مهما كانت جنسيتهم، ومهما كان لونهم، ومهما كانت لغتهم، وأينما وُجدوا جغرافيًاº حتى ولو في القطب الشمالي والجنوبي وأدغال إفريقيا، فـ(وحدة الأمة) هي الناتج الطبيعي والحتمي لوحدة العقيدةº فمن المستحيل بل من الغباء أن ينتمي الإنسان إلى أمتين في آن واحد، فكيف لإنسان أن ينتمي إلى عقيدتين مختلفتين لأمتين مختلفتين بل ومتناقضتين في آن واحد. فهل مثلاً ممكن أن يكون الإنسان مؤمنًا وكافرًا في نفس اللحظة؟ وهذا ما يقع فيه ـ وللأسف الشديد ـ كثير من الدعاة والعلماء، ومن الذين يُسمون بـ(المفكرين الإسلاميين)، وبعض الأحزاب والحركات الإسلامية، والتي تحوّل بعضها إلى طوائف وفرق وأمم شتىº فيقولون (أمتانا العربية والإسلامية)، أو يستخدمون مصطلح (الأمتين العربية والإسلامية)، أو (أمتنا العربية) بدلاً من مفهوم ومصطلح (الأمة الإسلامية، أو أمتنا الإسلامية)º وهم بذلك يقعون بالفخ الذي صنعه المستعمر الكافر من أجل تمزيق (الأمة الإسلامية)º فهو الذي شطر الأمة إلى شطرين (قومي وإسلامي).
فالقومية هي صناعة صليبية أنجلو فرنسية، فبالقومية تم هدم دولة الإسلام العثمانية فصارت (((القومية العربية والأمة العربية، والقومية الطورانية، والأمة التركية))) بديل الإسلام و(أمة الإسلام)º فهذا تبديل لكلام الله - سبحانه وتعالى -، وهذا ما يُفسر بأن دعاة (القومية العربية والتركية) في عهد (الدولة العثمانية) كان معظمهم من غير المسلمين، فدعاة (القومية العربية) كان معظمهم من الموارنة اللبنانيين تحديدًا، وقد تبيّن فيما بعد أنهم من أشد الناس عداوة للعروبة والإسلام، وأن دعوتهم للقومية كانت مرحلية من أجل القضاء على دولة الإسلام، فبعد أن تحقق هدفهم بتمزيق المسلمين وهدم دولة الإسلام تنكروا للعروبةº حتى صاروا يُطالبون بتغيير الأحرف العربية واستبدالها بأحرف لاتينية، وأشهر هؤلاء الشيطان الصليبي السكير صاحب الحقد الأسود على العروبة والإسلام الشاعر (سعيد عقل)، الذي كان أكبر محرض للمجرم (شارون) على ذبح الفلسطينيين أثناء غزوه للبنان عام 1982، وكان هذا التحريض يتم من خلال تلفزيون الكيان اليهودي، والمجرم(سعيد عقل(يعتبرهُ الذين يُسمون أنفسهم بالمثقفين المُتنورين والقوميين العرب أحد رموزهم الثقافية. وكذلك كان دعاة (القومية الطورانية التركية) من يهود الدونما "جماعة الاتحاد والترقي".
فنحن أمة واحدة وهي (أمة الإسلام)º فلا يجوز أن نُجامل أحدًا على حساب عقيدتنا وهويتنا. فالعرب المسلمون هم جزء من (أمة الإسلام)، وليسوا أمة وحدهم، وكل من يرفض ذلك فهو يرفض (أمة الإسلام) ويُنكر وجودها وليس منها، ولو قلنا جدلاً بأن هناك أمة عربية واحدةº فما هي العقيدة التي تجمع وتوحّد أبناء هذه الأمة؟، فهناك السلفي العربي، والصوفي العربي، والمسيحي العربي، والشيوعي العربي، والقومي السوري العربي، والليبرالي العربي، والمشرك العربي، وعبدة الشيطان العرب، فكل فئة من هؤلاء أمة وحدهاº لأنها تحمل عقيدة تتناقض مع عقيدة غيرها من الفئات الأخرى، بل وتحاربهاº فالماركسيون الشيوعيون العرب ضد الإسلام وضد القوميون العرب، والرأسماليون العرب ضد الاشتراكيون العرب، واليساريون العرب ضد اليمينيون العرب. وجميع هؤلاء يعتبرون (الإسلام رجعية)º فهم عندما يهاجمون الرجعية لا يقصدون إلا الإسلام، والمسيحيون العرب لا يعترفون بالإسلام ولا بنبوة (محمد - صلى الله عليه وسلم -)، وعقيدتهم تتناقض مع عقيدة المسلمين العرب القائمة على التوحيد، والسلفيون ضد كل هؤلاء، و(محمد - صلى الله عليه وسلم -) وعمه أبو لهب عربيان، فهل ينتمي أبو لهب إلى أمة (محمد - صلى الله عليه وسلم -)؟؟
فأين هي العقيدة العربية الواحدة التي ممكن أن توحّد جميع هذه الفئات العربية وتجعل منهم (أمة واحدة)، وما هو المضمون الثقافي للأمة العربية بغير إسلام. فـ(العروبة هي وعاء الإسلام) فإذا فرغت من مضمونها الإسلامي فماذا يتبقى فيها..... ؟؟º إنها تتحول إلى وعاء فارغ ليس فيه إلا السواد والظلام والهزائم والكوارث والمصائب والانشطار والتشرذم والتفتت، فالقومية هي التي مزقت الأمة وديارها، فمن رحمها وُلِد الكيان اليهودي في فلسطين، وفي ظلها نمى وترعرع وحقق هذا الكيان أعظم انتصاراته بل أهداه (أبطال القومية) هذه الانتصارات على طبق من ذهب، ولا زال دُعاة القومية يتغنون بهؤلاء (الأبطال المُزيفين) الذين صنعوا هزائم أغرب من الخيال، وفي ظل هذه القومية نعيش عصر الانحطاط والذل والهوان، وتتداعى علينا الأمم، وفي ظلها أصبحنا غثاء كغثاء السيل، بل والأنكى من ذلك أن دُعاة (القومية المُفلسة) اليوم يعتبرون زعماء القومية الذين أوصلونا إلى ما نحن عليه مرجعيتهم في دعوتهم لمشاريعهم النهضوية على أساس قومي. ما هذا الجهل والغباء والهراء..... ؟!! فهل هناك إنسان عاقل يجعل مرجعيته وقدوته ومثله الأعلى قادة فاشلين ومهزومين وخائبين جلبوا الخزي والعار لأمتهم؟؟ إنها عقلية المهزوم والمُغيّب فكريًا، وفاقد الوعيº لذلك علينا أن نميّز بين العربية والقومية العربية، فالقومية هي التي صنعها المُستعمر الكافر ـ كما قلنا ـ لمحاربة الإسلام وهدم دولته، وأما العربية فهي اللغة العربيةº لذلك يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - : (ليست العربية بأبي أحدكم أو بأمه، إنما العربية اللسان)، قال - تعالى -: {إِنَّا أَنزَلنَاهُ قُرآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُم تَعقِلُونَ} (يوسف: 2)، وقال - تعالى -: {بِلِسَانٍ, عَرَبِيٍّ, مُبِينٍ,} (الشعراء: 195)º فالله - سبحانه وتعالى - لم يقل إنا أنزلناه قرآنًا للعرب، وإنما أنزله بلغة العرب للناس أجمعين {وَمَا أَرسَلنَاكَ إِلَّا رَحمَةً لِلعَالَمِينَ} (الأنبياء: 107)º فهو كتاب عربي كُتب بلسان العرب.
كما نطلق دون تشبيه ـ (فالقرآن ليس كمثله كتاب) ـ على الكتاب المكتوب باللغة الإنجليزية بأنه كتاب إنجليزي وكتاب فرنسي أو صيني إن كان بالفرنسية أو بالصينيةº لذلك فإن (اللغة العربية هي جزء من عقيدة المسلمين فهي لغة القرآن)º فكل مسلم في الأرض لا بد له أن يحفظ شيئًا من القرآن حتى يستطيع الصلاةº لأن الصلاة لا تجوز ولا تُقبل إلا باللغة العربية، فكل من يطالب أو يدعو إلى استبدال الأحرف العربية بأحرف لاتينية أو بأحرف أخرى ما هو إلا حاقد على أمتنا وعلى دينها، وجندي في معركة الغزو الفكري التي تستهدف الإسلام. قال- تعالى-: {حم. تَنزِيلٌ مِنَ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ. كِتَابٌ فُصِّلَت آيَاتُهُ قُرآناً عَرَبِيّاً لِقَومٍ, يَعلَمُونَ} (فصلت: 1، 2، 3)º وهذه الآية تؤكد أن (العربية هي اللغة واللسان، وليست القومية)، فلو كُتب القرآن بغير العربية فلا يجوز التعبد بهº لأنه لم يعد قرآنًا، وإنما ترجمة للقرآن.
ثالثًا: وحدة الأحاسيس والمشاعر والعواطفº لتصبح الأمة كالجسد الواحد:
إن وحدة العقيدة ينبثق عنها وحدة الأحاسيس والعواطف والمشاعر أي (وحدة الضمير والوجدان)، وهذه الوحدة ينتج عنها أن أبناء (الأمة الواحدة) لا يُوالون إلا الله والرسول والذين آمنوا. {إِنَّمَا وَلِيٌّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم رَاكِعُونَ. وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزبَ اللَّهِ هُمُ الغَالِبُونَ. يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُم هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِن قَبلِكُم وَالكُفَّارَ أَولِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِن كُنتُم مُؤمِنِينَ} (المائدة: 55، 56، 57)º فالذي لا يتولى الله ورسوله والمؤمنين فإنه ليس من أمة (محمد - صلى الله عليه وسلم -)º فالمُوالة تعني أن الحُب والبُغض لا يكون إلا بالله، وهذا يعني أنه إذا ما لحق بالمسلمين أذى في أي مكان في الأرض تجد أن المسلمين أينما وجدوا في مشارق الأرض ومغاربها يتألمون لهذا الأذى ويشعرون بمشاعرهم ويحسون بمصائبهم ويفرحون لفرحهمº وكأنهم أقاربهم من لحمهم ودمهم، ويعتبرون قضايا المسلمين في أصقاع الأرض قضاياهم سواء كانت في ((أفغانستان وكشمير والشيشان والبوسنة والهرسك والعراق والصومال والفلبين وتايلاند (ثورة فطاني)، وفي فلسطين)). قال - صلى الله عليه وسلم -: (مثل المسلمين في توادهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)º وهذا ما يدفع كثيرًا من شباب الإسلام في أصقاع الأرض المختلفة من العرب والعجم إلى التداعي لنصرة إخوانهم المسلمين في كل مكانº إذا ما تعرضوا لعدوان، وديارهم إلى احتلال من الكفار.
إن الكفار والملاحدة وأصحاب العقيدة الفاسدة والأيدلوجيات المُعادية للإسلام لا يُمكن أن تتوحد مشاعرهم وأحاسيسهم وعواطفهم مع المسلمين مهما ادعوا غير ذلكº والدليل على ذلك أن هؤلاء يقفون إلى جانب أعداء الأمة الذين يرتكبون المذابح ضد المسلمين، كما حصل في (البوسنة والهرسك)، ويحصل الآن في (العراق والشيشان وأفغانستان والصومال). {يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِن دُونِكُم لا يَألُونَكُم خَبَالاً وَدٌّوا مَا عَنِتٌّم قَد بَدَتِ البَغضَاءُ مِن أَفوَاهِهِم وَمَا تُخفِي صُدُورُهُم أَكبَرُ قَد بَيَّنَّا لَكُمُ الآياتِ إِن كُنتُم تَعقِلُونَ. هَا أَنتُم أُولاءِ تُحِبٌّونَهُم وَلا يُحِبٌّونَكُم وَتُؤمِنُونَ بِالكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُم قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوا عَضٌّوا عَلَيكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الغَيظِ قُل مُوتُوا بِغَيظِكُم إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصٌّدُورِ} (آل عمران: 118، 119).
رابعًا: وحدة التاريخ المشترك:
لم يكن في التاريخ قبل مجيء الإسلام أمة تسمى (الأمة الإسلامية)، فلم تك شيئًا مذكورًا، فعندما نزل الوحي على نبينا (محمد - صلى الله عليه وسلم -) خاتم الأنبياء في غار حراء بقول الله - سبحانه وتعالى -: {اقرَأ} في تلك اللحظة وُلدت أمتنا في التاريخ، فنحن (أمة اقرأ). فكُل من لا يعترف بتاريخ ميلاد أمتنا بلحظة نزول القرآن كيف سيكون من أمتنا؟! التي بدأت مسيرتها التاريخية منذ تلك اللحظة، بدءًا من (السيرة النبوية، ومرورًا بالخلفاء الراشدين والأمويين والعباسيين، والأيوبيين والمماليك، وانتهاءً بالعثمانيين).
إن هذه الدول الإسلامية المُتعاقبة هي التي صنعت تاريخنا وبلورت هويتنا ووجودنا في التاريخº فصار لنا حضارة قائمة على العدل والرحمة نباهي بها الأمم، وتاريخ عسكري وسياسي، وتراث أدبي وفكري وثقافي، فكل من ينتمي لأمتنا ويحمل هويتها لا بد أن يعتبر هذه الدول الإسلامية دولته، وتاريخها تاريخه، وأن أئمتها وقادتها وزعماءها وأبطالها أئمته وقدوته وقادته وزعماؤه وأبطاله، ويعتز بهم ويفتخر. وأنهم جزء من ضميره ووجدانه، ومحل احترام واعتزاز وفخر لديه، وفي مقدمتهم ((أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، والحسن والحسين، وخالد وسعد وعمرو ومعاوية، والوليد بن عبد الملك وهشام بن عبد الملك والمُهلب بن أبى صفرة، ومحمد القاسم ومسلمة بن عبد الملك وعقبة بن نافع وطارق بن زياد وموسى بن نصير، وهارون الرشيد والمأمون والمعتصم، وعماد الدين ونور الدين زنكي وصلاح الدين الأيوبي وأسد الدين شيركو، وبيبرس وقطز والأشرف بن قلاوون، وسليم الأول ومحمد الفاتح وسليمان القانوني والسلطان عبد الحميد، وقائد وزعيم هؤلاء جميعًا محمد، - صلى الله عليه وسلم -))، فمن يلعن أبا بكر وعمر أو أحدًا من صحابة رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، أو بطلاً من أبطال الإسلام فهو ـ حتمًا ـ ليس من أمتنا بل عدو لها.
إن كل من ينتمي لأمتنا لا بد له أن يعتبر جميع المعارك التي صُنع فيها تاريخ المسلمين هي المعارك التي يعتز ويفتخر بها، وهي التي تشكّل تاريخه وذاكرته التاريخية. بدءًا من ((معركة بدر الكبرى، ومرورًا بالأحزاب وفتح مكة، والقادسية واليرموك وفتح بيت المقدس وفتح مصر وفتح الأندلس، وعين جالوت واجنادين وحطين، وفتح القسطنطينية، وغيرها كثير من المعارك الخالدة في التاريخ، والتي جعلتنا سادة الدنيا وقادة البشرية)).
خامسًا: وحدة الثقافة:
إن أمتنا الإسلامية ذات ثقافة واحدة مُنبثقة من عقيدتها الواحدة، من القرآن والسنةº فعقيدتنا ينبثق عنها منظومة ثقافية تشتمل على أثمن وأعظم وأنبل وأثمن القيم الإنسانية الرفيعة، التي ترتقي بإنسانية الإنسان وتنظم له علاقاته مع الله أولاً، ثم مع نفسه ومع غيره من الناس من المسلمين وغير المسلمين ومع جميع مخلوقات الله من حيوان وجماد ونبات ومع الكون كله، ومن أتفه الأمور الحياتية إلى أعظمها شأنًا، فهذه المنظومة تحرر الإنسان من العبودية لغير اللهº فتجعله عزيزًا كريمًا يأبى الذل والهوان والخضوع لغير الله، وهي تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتدعو إلى صلة الأرحام وإيتاء ذي القربى، والصدق والأمانة، وعدم الغش، والكرم والشجاعة، والتعاون على البر والتقوى، وعدم التعاون على الإثم والعدوان، والإنفاق في سبيل الله ومساعدة الفقراء، والطهارة، والتواضع، والعدل والرحمة، والمُفاضلة بين الناس على أساس التقوى، والوفاء بالعهود وعدم الغدر، ونصرة المظلوم، وطاعة الوالدين وبرهما، واحترام المرأة وتكريمها وصون إنسانيتهاº حتى لا تتحول إلى سلعة استثمارية واستهلاكية كما يحصل في الغرب الذي يُهين المرأة تحت شعار إعطاء المرأة حقوقها، والإسلام يعتبر المرأة مُكملة للرجل، وأن الحياة لا تستقيم بدون هذا التكامل. ومنظومتنا الثقافية تدعو إلى العمل وإتقانه وعدم التواكل، وتدعو ثقافتنا إلى العزة والكرامة، والخلق الحسن، ورفض الظلم، وعدم أكل مال الناس بالباطل، فهل يُوجد أعظم من هكذا منظومة ثقافية، هي جزء لا يتجزأ من عقيدتنا بل هي عبادة نتعبد بها إلى الله.
إن كل من يُنكر هذه الحقائق الخمس المُكونة لهويتنا أو إحداها فهو ليس من أمتنا، ولو كان من آبائنا وإخواننا وعشيرتنا، وإن كل من يعمل أو يسعى أو يفكر بوضع أو إيجاد هوية جديدة لأمتنا فما هو إلا مستهدف لأمتنا وهويتها مهما تلبس من لبوس.
إن كل مشروع يُسمى بمشروع نهضوي لإنهاض الأمة ولا يقوم على مكونات هويتنا، فما هو إلا مشروع مشبوه ويستهدف إجهاضها وضمان عدم عودتها للتاريخ وسيرتها الأولى من جديدº لذلك كانت جميع المشاريع التي سُميت بمشاريع نهضوية نتيجتها وبالاً وكوارث على الأمة. فكم أتعجب عندما تعقد الندوات والمحاضرات التي تتحدث عن الأمة وهويتها، وإني أكاد أن أصاب بالغثيان عندما أستمع لمن يُسمون بالمثقفين والمفكرينº فتجد أنهم يتحدثون عن أمة من الخرابيط أو منظومة من التناقضات يُسمونها هوية الأمة، فهُم يُساهمون بضياع الأمة وليس إخراجها من التيه والضياع. وكم أتعجب عجبًا يصل إلى درجة الشعور بالقهر عندما يحتفل بعض من يدّعون بأنهم (مفكرين إسلاميين وأحزاب إسلامية وحركات مقاومة إسلامية) بمفكرين ملاحدة وعلمانيين وحاقدين على الإسلام، وبعضهم أعضاء في كنيست اليهود سابقين وحاليينº باعتبارهم من رموز الأمة الثقافية والفكرية من أمثال المدعو "عزمي بشارة" عضو كنيست اليهود)، الذي استقال من الكنيست وغادر فلسطين بطريقة مسرحية، وهو يُستقبل بالعواصم العربية بحفاوة بالغةº حيث يُطلق عليه البعض (المفكر العربي الكبير)، والذي انتقل من الماركسية إلى القوميةº لأن سوق الماركسية في بلاد المسلمين وفي بلد المنشأ قد أُغلق فلم يعد لها سوقًا. والقومية تحتضر لعله يستطيع أن يُحييها. وها هو تعقد له المحاضرات والندوات التي محورها وقاسمها المشترك دعوته إلى وضع هوية جديدة لأمتنا، صادرة عن أعداء الأمة وبموجب الغزو الفكري والثقافي الذي هو أحد رموزه. فيبدو أن الهدف الحقيقي من وراء مسرحية استقالته من (كنيست اليهود)، وخروجه من فلسطين، أنه قد اعتُمد من الأمريكان واليهود في عملية (حرب الأفكار الصليبية)، التي تُشن على (أمة الإسلام)، والتي تستهدف هويتها، والتي أعلن عنها (رامسفيلد) قبل غزوه للعراق. فلقد سمعت لـ(عزمي بشارة) محاضرة ألقاها في جامعة دمشق عن الأمة والهوية فدُهشت لما سمعت، حيث كان يخلط شعبان في رمضان، ويخلط الطين بالعجين كما يقولون، ولم يتطرق إلى أي مُكوّن من مُكونات هويتنا الحقيقية التي شرحناها أعلاه، فحاول أن يستعرض عضلاته الفكرية الهشةº ليُبدع لنا هوية تخرجنا من ديننا ومن تاريخنا ومن جميع مكونات هويتنا الحقيقية، إنه كان يتحدث عن أمة ليس لها في التاريخ وجود، فهو بعبقريته الفكرية يُريد أن يُبدع هوية جديدة لأمة جديدة طارئة على الوجود، ليس لها علاقة بالإسلام والمسلمين، وهوية تتكون من مكونات متناقضة وغير منسجمة ومصطنعة، ولا يجمعها شيءº كأننا حقًا أمة من صناعة الاستعمار الكافر، فقسّم القومية إلى قسمين: قسم يميني رجعي، وقسم يساري تقدمي، فهو يعتبر أن القومية الأولى هي التي فشلت، أما القومية اليسارية الذي يُبشر بها هي مستقبل أمة العرب، إنه يريد أن يُحيي القومية التي تحتضرº حتى لا يكون البديل هو الإسلام. أليس من عصر الانحطاط والهزيمة أن يصبح (عضو كنيست اليهود عزمي بشارة) رمزًا من رموز الأمة، ويعمل على إيجاد هوية جديدة لأمتنا!!!! طبعًا ليس أمتنا بل الأمة التي تتخذه رمزًا لها.
والأغرب من ذلك أني سمعت الشيخ القرضاوي، في حفل تنصيبه إمامًا (للوسطية)، أنه يُريد أن يجمع ويُوحد الأمة بشتى اتجاهاتها من (إسلاميين ويساريين ووطنيين وقوميين وليبراليين وجميع أصحاب الأيدولوجيات)، فلا أدري كيف اعتبر هؤلاء من (أمة واحدة). {وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ, جَاثِيَةً كُلٌّ أُمَّةٍ, تُدعَى إِلَى كِتَابِهَا اليَومَ تُجزَونَ مَا كُنتُم تَعمَلُونَ} (الجاثـية: 28). فأي أمة التي تجمع أصحاب الأيدلوجيات المتناقضة هؤلاء؟؟ هل هي الأمة العربية أم الأمة الإسلامية..... ؟؟ أم أمة الخرابيط وحط الطين على العجين..... ؟؟ فكل فئة من هذه الفئات تشكل أمة وحدها.
وقال إنه يريد أن يأخذ من كل فئة أحسن ما لديها، وحتى من الديانات الأخرى ليُكّون (الأمة الوسط) ذات الدين الوسطي الذي يدعو إليه، والقائم على تحريف معنى الوسطية التي أرادها الله. وهذه الأمة التي يدعو لها لا يُمكن أن تكون الأمة التي أرادها الله - سبحانه وتعالى -: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُم أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبٌّكُم فَاعبُدُونِ} (الأنبياء: 92). إن كثيرًا من هذه الفئات تكفر بالله ولا تعبده، وتعتبر الإسلام أفيونًا ورجعية وتخلفًا وظلامية يجب القضاء عليه. {قُل يَا أَيٌّهَا الكَافِرُونَ. لا أَعبُدُ مَا تَعبُدُونَ. وَلا أَنتُم عَابِدُونَ مَا أَعبُدُ. وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدتُم. وَلا أَنتُم عَابِدُونَ مَا أَعبُدُ. لَكُم دِينُكُم وَلِيَ دِينِ} (سورة الكافرون(. فكيف يريد القرضاوي أن يكون إمامًا لهذه الأمم أم أنه يؤمن بوحدة الأديان والأيدلوجيات والعقائد والشرائع والمناهج، فكل أمة يوم القيامة تأتي وفي مقدمتها أئمتها. فهذا تبديل لكلام الله، أم أن القرضاوي يُريد أن ينسخ الإسلام، وبالتالي مفهوم (أمة الإسلام)º ليصبح اسمها (الأمة الوسطية) ذات (الدين الوسطي). فالوسطية عند القرضاوي هي الاعتدال وقبول أصحاب الأيدلوجيات والعقائد الكافرة، ومسك العصا من النصف أي مذبذبين لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، وهذا تمييع للدين.
أما الوسطية التي أرادها الله، والله أعلم، هي العدل والأفضل والأجود والأحسن، فنحن بوسطيتنا أي بعدلنا، وليس باعتدالنا، وبأفضل الشرائع التي خصنا الله بها سنشهد على الأمم السابقة واللاحقة، وهنا فرق كبير بين المعنيين، وللأسف الشديد أن كثيرًا من عوام الناس يأخذون ما يتلفظ به القرضاوي كمُسلمات غير قابلة للنقاشº نتيجة الهالة الإعلامية التي تحيط به، وللأسف الشديد أيضًا أن هناك من يُوالون الأشخاص والأحزاب قبل موالاتهم للإسلام، ولا يعرفون أن كل إنسان يؤخذ عنه ويُرد عليه إلا (رسول الله - صلى الله عليه وسلم -). فإذا ما رددت، وبالدليل من القرآن والسنة، على القرضاوي أو غيره من مشاهير العلماء اتُهمت بأبشع التهم، ألا يدري هؤلاء أن (((الحُجة على محمد - صلى الله عليه وسلم - وعلى الأنبياء وعلى الأمم السابقة واللاحقة والناس أجمعين وعلينا وعلى القرضاوي ومن لف لفه هو: القرآن الكريم وسنة محمد، - صلى الله عليه وسلم -)))، وإنني من باب النصيحة، وحبي للشيخ القرضاوي بأن يذهب إلى الجنة، أطالبه أن يتراجع عن وسطيته المُحرفة، وعن فتواه التي أباح بها للجنود المسلمين في الجيش الأمريكي أن يُقاتلوا المسلمين في أفغانستان، وأن يكون الولاء لأمريكا مقدمًا على الولاء لله ورسوله وللمؤمنين. فيا شيخُ لم يبقَ لك في هذه الحياة إلا القليل، والله أعلم، فارجع وتراجع، قبل أن يأتي يوم لا مرد فيه لأمر الله، فعلى كل من يُحب هذا الشيخ أن ينصحه قبل فوات الأوان، فالدين النصيحة.
ومن غرائب وعجائب بعض الأحزاب الإسلامية أنها تشكّل تحالفات مع أحزاب ذات أيدلوجيات تعادي الإسلام بل وتنكر وجود الله - سبحانه وتعالى -، وفي سُلم أولوياتها محاربة الإسلام تحت شعار محاربة الرجعية والظلامية والتخلف، بل والأنكى من ذلك أن بعض زعماء وقادة هذه الأحزاب الإسلامية انتخبوا كأمناء عامين لتحالف هذه الأحزابº فيُسمى الأمين العام للأحزاب العربية والقومية واليسارية والوطنية، فأنا لا أدري كيف لمُفكر إسلامي أو زعيم حزب إسلامي أن يقبل بأن يكون أمينًا عامًا لمثل هكذا تحالف، ألم يسمع قول الله - تعالى -: {وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ المُضِلِّينَ عَضُدًا} (الكهف: من الآية51). وأن أصحاب هذه الأحزاب والأيدلوجيات اتخذوا إلاههم هواهُم، وهُم أمم مختلفة، وأئمتهم سيشهدون عليهم يوم القيامة {وَيَومَ نَبعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ, شَهِيداً عَلَيهِم مِن أَنفُسِهِم وَجِئنَا بِكَ شَهِيداً عَلَى هَؤُلاءِ وَنَزَّلنَا عَلَيكَ الكِتَابَ تِبيَاناً لِكُلِّ شَيءٍ, وَهُدىً وَرَحمَةً وَبُشرَى لِلمُسلِمِينَ} (النحل: 89).
ونحن (أمة الإسلام) أصحاب عقيدة الولاء والبراء سنشهد على الناس جميعًا وسيكون الرسول، - صلى الله عليه وسلم - خاتم المرسلين، شهيدًا علينا. {وَكَذَلِكَ جَعَلنَاكُم أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيكُم شَهِيداً} (البقرة: من الآية143). أفلا يدري هؤلاء الذين يعتبرون أنفسهم مفكرين إسلاميين وقادة أحزاب إسلامية ـ وقبلوا بأن يكونوا أمناء عامين ورموزًا لأحزاب تحارب الإسلام وتعاديه، وذات أيدلوجيات علمانية وأحادية ـ بأنهم سيأتون يوم القيامة أئمة لهؤلاء الناس. {يَومَ نَدعُو كُلَّ أُنَاسٍ, بِإِمَامِهِم فَمَن أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَئِكَ يَقرَأُونَ كِتَابَهُم وَلا يُظلَمُونَ فَتِيلاً. وَمَن كَانَ فِي هَذِهِ أَعمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعمَى وَأَضَلٌّ سَبِيلاً. وَإِن كَادُوا لَيَفتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوحَينَا إِلَيكَ لِتَفتَرِيَ عَلَينَا غَيرَهُ وَإِذاً لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً} (الإسراء: 71، 72، 73). فأنني أدعو هؤلاء جميعًا أن يعودوا إلى رُشدهم، ويحتكموا إلى عقيدة الولاء والبراء، فيعرفوا من هي أمتهم فينحازوا لها قبل فوات الأوانº فيأتوا يوم القيامة مع أمة غير أمتهم. {وَأَنزَلنَا إِلَيكَ الكِتَابَ بِالحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَينَ يَدَيهِ مِنَ الكِتَابِ وَمُهَيمِناً عَلَيهِ فَاحكُم بَينَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِع أَهوَاءَهُم عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الحَقِّ لِكُلٍّ, جَعَلنَا مِنكُم شِرعَةً وَمِنهَاجاً وَلَو شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُم أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن لِيَبلُوَكُم فِي مَا آتَاكُم فَاستَبِقُوا الخَيرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرجِعُكُم جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُم فِيهِ تَختَلِفُونَ} (المائدة: 48).
اللهم أمتنا مسلمين لك، وابعثنا مع أمة محمد، - صلى الله عليه وسلم -، {يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُسلِمُونَ. وَاعتَصِمُوا بِحَبلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذكُرُوا نِعمَتَ اللَّهِ عَلَيكُم إِذ كُنتُم أَعدَاءً فَأَلَّفَ بَينَ قُلُوبِكُم فَأَصبَحتُم بِنِعمَتِهِ إِخوَاناً وَكُنتُم عَلَى شَفَا حُفرَةٍ, مِنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِنهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُم آيَاتِهِ لَعَلَّكُم تَهتَدُونَ. وَلتَكُن مِنكُم أُمَّةٌ يَدعُونَ إِلَى الخَيرِ وَيَأمُرُونَ بِالمَعرُوفِ وَيَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ المُفلِحُونَ} (آل عمران: 102، 103، 104)، {وَوَصَّى بِهَا إِبرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُسلِمُونَ} (البقرة: 132).
أما بالنسبة لأهل الكتاب من غير المسلمين، والذين يعيشون في كنف أمة الإسلام فهؤلاء أمانة في ذمة المسلمين يحرم التعرض لأموالهم وأعراضهم، ودماؤهم مصونة، ولهم حقوق العيش الكريم دون إيذاء، لهم مالنا وعليهم ما عليناº ما داموا يُحافظون على (عهد الذمة، العُهدة العُمرية)، ولا يُظاهرون أعداء المسلمين ولا يتأمرون عليهم، ومن قُتل دفاعًا عنهم فهو شهيد، وهم جزء من نسيج مجتمعات (الأمة الإسلامية) يجب التعامل معهم بعدل الإسلام ورحمته.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد
التعليقات ( 1 )
بارك الله فيك
03:30:12 2022-10-08