كان عبد العزيز الرنتيسي رجلاً يشار إليه بالبنان بالفعل عندما بات زعيماً لحركة المقاومة الإسلامية حماس في غزة بعد اغتيال الشيخ أحمد ياسين مؤسس الحركة قبل أقل من شهر.
ونجا الرنتيسي أحد مؤسسي حماس من محاولة اغتيال إسرائيلية في يونيو /حزيران الماضي، وبعد أن اغتالت الشيخ ياسين في هجوم صاروخي بالهليكوبتر خارج مسجد بغزة في 22 مارس آذار الماضي نقلت إسرائيل الرنتيسي إلى صدارة قائمة المستهدفين.
وقالت مصادر أمن إسرائيلية إن أربع طائرات بدون طيار كانت تجوب سماء غزة باستمرار خلال الأسبوعين الماضيين بحثا عن الرنتيسي قبل أن يتم تحديد موقعه وقتله أمس السبت.
ودأب الرنتيسي '56 عاما' وهو طبيب أطفال تلقى تعليمه في مصر على تصوير نفسه بأنه أحد ساسة حماس ولا علاقة له بالجناح العسكري للحركة، ورفضت إسرائيل قبول هذه التفرقة، واتهمته بأنه أحد كبار صانعي القرارات المتعلقة بالهجمات.
وإبان قيامه بدور المتحدث باسم حماس كان يعد بالانتقام لقتل إسرائيل نشطاء، وغالباً ما كان يتحدث بلهجة هادئة.
وقال للآلاف من أنصار حماس بعد مقتل الشيخ ياسين إن الفلسطينيين سيقاتلون إسرائيل حتى تحرير كامل أرض فلسطين.
وتعهد قادة إسرائيل بعد اغتيال الشيخ ياسين بالاستمرار في استهداف كبار النشطاء.
والرنتيسي له ستة أبناء وكان معروفاً أنه يقطع المقابلات لأداء الصلاة في أوقاتها، لكن ملابسه الغربية، وطلاقته في اللغة الإنكليزية جعلاه صديقاً لوسائل الإعلام بما يكفي ليشغل مساحة على محطتي تلفزيون سي.ان.ان وهيئة الإذاعة البريطانية.
وأكسبه موقفه المتشدد إعجاب كثيرين من جيل الشبان الفلسطينيين الذين يتزايد ميلهم لأن يصبحوا نشطاء مع استمرار الحملات الإسرائيلية على الضفة الغربية وقطاع غزة.
ولد الرنتيسي قرب ما يعرف الآن بمدينة عسقلان الساحلية في إسرائيل، وانتقل مع أسرته وهو رضيع إلى قطاع غزة ضمن آلاف الفلسطينيين الذين شردتهم حرب 1948 التي أفضت إلى قيام الدولة اليهودية.
ونشأ الرنتيسي في مخيم خان يونس للاجئين، وتلقى تعليمه الطبي في مصر، وعند عودته إلى غزة شارك في تاسيس حماس عام 1987م.
وسجنت إسرائيل الرنتيسي وأطلقت سراحه مراراً على مدى سنوات لدوره في الانتفاضة الأولى التي اندلعت عام 1987م.
وكان الرنتيسي واحدًا من بين 415 شخصاً مرتبطين بحركتي حماس والجهاد الإسلامي جرى إبعادهم إلى جنوب لبنان عام 1992م بعد سلسلة من الهجمات على الإسرائيليين، وتبوأ مكانة رفيعة كمتحدث باسم المبعدين الذين سمح لهم بالعودة بعد أن تعرضت إسرائيل لضغوط دولية.
وقضى الرنتيسي بعد ذلك فترة في سجون السلطة الفلسطينية بسبب معارضته للسلام مع إسرائيل.
ومنذ بدء الانتفاضة الأخيرة لعب دوراً بارزاً في حشد الدعم لحماس في أحيان كثيرة على حساب الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات وحركة فتح التي يتزعمها.
وقد اختير في آذار/مارس الماضي لخلافة الشيخ أحمد ياسين الذي اغتالته إسرائيل على رأس حركة المقاومة الفلسطينية في غزة.
وقد هدد في أول تصريح له من سرير المستشفى حيث كان يعالج آنذاك من الجروح التي أصيب بها بالقضاء على اليهود في فلسطين قائلاً: "لن نبقي على يهودي واحد في فلسطين".
والرنتيسي معروف بأنه خطيب مفوه، وبأنه من قادة حماس الذين يتقنون اللغة الإنكليزية التي درسها خلال دراسته الجامعية في مصر حيث درس الطب في جامعة الإسكندرية، وتخرج فيها عام 1971م، ثم عاد إليها ليحصل على درجة الماجستير في طب الأطفال، وفي 1976م عاد إلى قطاع غزة.
لم يكن الرنتيسي يخشى على ما يبدو تعرضه للاغتيال، رغم الحملات الإسرائيلية المتصاعدة على كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، ولم يكن يعيش في الخفاء، بل كان يستقبل الصحافيين بشكل دوري في منزله في قاعة استقبال تقع في الطبقة الأخيرة من مبنى صغير في شارع فلسطين في حي الشيخ رضوان في غزة.
ولد عبد العزيز علي عبد الحفيظ الرنتيسي في 23 تشرين الأول / أكتوبر 1947 م في قرية يبنا (بين عسقلان ويافا) الواقعة في إسرائيل حالياً، لجأت أسرته بعد حرب 1948 م إلى قطاع غزة، واستقرت في مخيم خان يونس للاجئين وهو بعد رضيع في الشهر السادس.
وبالتالي كان الرنتيسي من اللاجئين الفلسطينيين الـ700 ألف الذين خرجوا من ديارهم بعد حرب 1948م، وقد بلغ عدد لاجئي 1948م اليوم مع نسلهم 3.7 مليون، ويشكل "حق العودة" الذي يطالبون به أحد أبرز جوانب الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
نشأ الرنتيسي بين تسعة أشقاء وثلاث شقيقات، والتحق في سن السادسة بمدرسة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (انروا)، واضطر للعمل في الوقت نفسه ليساهم في إعالة أسرته الكبيرة.
اصطدم بالقوات الإسرائيلية للمرة الأولى أثناء عمله كطبيب في مستشفى ناصر في خان يونس، بعدما نفذ إضراباً مع زملائه احتجاجاً على منعهم من السفر لإكمال دراستهم العليا، وتمكن من العودة إلى الإسكندرية.
اعتقل الرنتيسي عام 1982م بسبب رفضه دفع الضرائب للسلطات الإسرائيلية لمدة ثلاثة أسابيع، عمل محاضراً في الجامعة الإسلامية في مدينة غزة اعتباراً من عام 1986م وذلك بعدما أقصته السلطات الإسرائيلية عن عمله كطبيب في مستشفى ناصر عام 1984م، ولم يسمح له بالعودة إليه ثانية.
انتسب الرنتيسي إلى جماعة الإخوان المسلمين، وأصبح من قادتها في قطاع غزة، ثم شارك في تأسيس حركة المقاومة الإسلامية "حماس" عام 1987م.
اعتقل بعد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى في التاسع من كانون الأول/ديسمبر 1987م مرات عدة، ففي 15 كانون الثاني/يناير، اعتقل لمدة 21 يوماً، وبعد شهر من الإفراج عنه تم اعتقاله مجدداً وظل محتجزاً لمدة عامين ونصف العام، ثم اعتقله الإسرائيليون في 14 كانون الأول/ديسمبر 1990م لمدة عام كامل.
اعتقلته السلطات الإسرائيلية فور عودته من مرج الزهور وأصدرت محكمة إسرائيلية عسكرية عليه حكماً بالسجن لمدة ثلاث سنوات ونصف، ليفرج عنه في 21 نيسان/ابريل 1997.
وقامت السلطة الفلسطينية من جانبها بتوقيفه في 10 نيسان/أبريل 1998 وعاودت الكرة أكثر من مرة.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد