القرضاوي والقطان في مواجهة بابا الفاتيكان


 

بسم الله الرحمن الرحيم

الشيخ يوسف القرضاوي

لم يكد يمر عام على الإساءة التي وجهت إلى رسولنا الكريم محمد - صلوات الله وسلامه عليه- حتى أتت مأساة أفظعº وهي الإساءة مرة أخرى، وهذه المرة لم تكن من صحفي ولا جريدة بل صدرت من أكبر رجل دين في المسيحية، له مكانته العظيمة عند المسيحيين وكلمته التي لا ترد.

هذه الإهانات والإساءات التي يتعرض لها الدين الإسلامي ونبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - تتطلب وقفة من كل مسلم غيور على دينه، ويقع العبء الأكبر على الدعاةº حيث تقع على عاتقهم مهمة تحريك المسلمين في الاتجاه الصحيح والأمثل للرد على هذه الإساءات.

ومن هذا المنطلق جاءت خطب الجمعة اليوم 15-9-2006، منددة بما قاله بنديكت السادس عشر بابا الفاتيكانº فجاءت مطالبة باعتذار علني على ما صدر منه ضد ديننا وشريعتنا، ومحذرة من رد الفعل الذي سيقع من المسلمين في جميع أنحاء العالم.

عزتنا من عزة الله ورسوله:

حول هذا الأمر جاءت خطبة الدكتور يوسف القرضاوي اليوم من الدوحةº حيث استهل خطبته قائلا: "يبدو أننا المسلمون الذي بلغ عددنا مليارا ونصف المليار من البشر أصبحنا أمة من ورق ومن زجاج، نُرمى بالسهام والنبال من كل مشرق ومغرب ومن شمال وجنوب، فلم نفق من تلك الإساءة المتعمدة إلى نبينا محمد نبي الرحمة صلوات الله عليه، التي تمثلت في الرسوم الكاريكاتيرية التي قامت بها صحيفة دانماركية في العام الماضي وغضب لها العالم الإسلامي أجمع في كل مكان، ودافع عن نبيه محمد - صلوات الله وسلامه عليه- وعن الإسلام، وهذا من حقهاº فالذليل هو من يقبل الذل، والأمة الإسلامية أعزها الله بالإسلام".

وأضاف فضيلته: "تشهد الأمة اليوم مأساة أخرى جديدة، لم يقم بها صحفي في جريدة..ولكن قام بها أعظم رجل دين في المسيحية، حبر المسيحية الأعظم، كما يسمونه بابا الفاتيكان، يهاجم الإسلام ودين الإسلام وعقيدته وشريعته، ونبيه- صلوات الله وسلامه عليه- بدون مبرر أو ضرورة تدعو إلى ذلك، فلن نقبل هذا".

وتساءل فضيلته: "هل أصبح دمنا مباحا؟! هل حمانا مستباح؟! هل استُحلت حرماتنا؟! وما الذي يحدث لأمة بهذا العدد؟ هل أصبحت غثاء كغثاء السيل، لا يحترمها أحد ولا يخافها أحد، فهذا الشيء لا يسكت عليه ولا يصبر عليه، فهذا الذل لا يقبله الإسلام، فنحن أمة عزيزة أعزها الله بالإسلام، وعزتنا من عزة الله وعزة الإسلام، فنحن نفخر برسالة محمد ونشرف بها، وعبادتنا لله وحده، ونركع ونسجد لهº فلم يراع بابا الفاتيكان لهذه الأمة حرمة، وقال ما قال في محاضرة في إحدى جامعات ألمانيا".

رسالتنا عالمية خالدة

بابا الفاتيكان

وأكد القرضاوي أنه لن يرد على البابا في هذه الخطبة، ولكنه سيرد عليه في برنامج "الشريعة والحياة"، وكشف فضيلته عن ملابسات الأمر قائلا: أثار البابا نقطة على لسان إمبراطور بيزنطي في القرن الرابع عشر الميلادي مع مثقف مسلم فرنسيº فردد ما قاله الإمبراطور البيزنطي للمثقف المسلم وهو "ما الجديد الذي جاء به محمد نبيكم غير ما أتى في المسيحية واليهودية، أرني ما الجديد الذي جاء به محمد؟ لن تجد إلا أشياء شريرة وغير إنسانية، مثل أمره بنشر الدين الذي كان يبشر به بحد السيف".

واستنكر فضيلته ترديد البابا ما جاء على لسان الإمبراطور، ثم توقف ولم يعقب عليه، ولم يأت برد المثقف المسلم، فهذا يعني أنه موافق عليه، وكان من الأمانة أن يأتي بكلام المثقف المسلم، وإلا لم يكن هذا حوارا.

ويرد القرضاوي على هذه الافتراءات قائلا: "فنحن نقول لبابا الفاتيكان: إن محمدا جاء برسالة عظيمة امتازت بالشمول، وامتازت بالعالمية والخلودº لأنها جاءت بالدنيا والآخرة {وَيَومَ نَبعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ, شَهِيدًا عَلَيهِم مِّن أَنفُسِهِم وَجِئنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلاَءِ وَنَزَّلنَا عَلَيكَ الكِتَابَ تِبيَانًا لِّكُلِّ شَيءٍ, وَهُدًى وَرَحمَةً وَبُشرَى لِلمُسلِمِينَ}.

مطلوب اعتذار علني:

ومن المنامة جاءت خطبة الشيخ عدنان عبد الله القطان مطالبا بالاعتذار العلني عن هذه الهجماتº لأنها صدرت من رموز مؤثرةº بل إن لهم أو لبعضهم ارتباطا بالسياسيين وصناع القرارº بل إن هذه الإساءة والاتهامات والإهانات تم نشرها على أوسع نطاق عبر قنوات عالمية واسعة الانتشار.. وحذر فضيلته من عواقب هذه الحملات التي لا يعلم مدى تأثيرها إلا الله - عز وجل -.

وأكد أن الإساءات أصبحت متتابعة ومتكررة، تثير مشاعر المسلمين في العالم، ومن المؤسف أنها تصدر من رجال ينتسبون إلى دينهم وكنائسهمº بل إلى رجالات الإعلام والسياسة، ويقف وراءه بعض من كبار المشاهير من رجال الدين والفكر، واتهموا نبينا بالكذب والجنون والسرقة وقطع الطريق وسيئ الأفعال، ووصفوا ديننا بأنه خدعة كبرى.. فلِمَ كل هذا؟.

وأضاف الشيخ عدنان: "إن هذه المحاولات من التشويه والدس والأكاذيب والإثم إنما تسيء إلى العلاقات بين الشعوب، وتبث بذور الكراهية، وتنشر أبشع صور الكراهية بين الشعوب. إن أمة الإسلام التي فاقت أعدادها ربع سكان العالم وتعيش في 54 دولة تقيم في 120 مجتمعا بشريا.. هذه الأمة بثقلها تستنكر هذه الهجمات، وهذه الافتراءات الآثمة، وتؤكد أن السماح بانتشار مثل هذه الهجمات يساعد على إفشاء الصراع، ونشر البغضاء، ويؤدي إلى عواقب وخيمة".

ودعا فضيلته كل طالب للحقيقة إلى قراءة ديننا جيدا من سيرة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، وليعلم طالب الحقيقة أن المسلمين يكفيهم شرفا أنه يحرم عليهم الانتقاص من أنبياء الله.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply