حقد الصليب


  

بسم الله الرحمن الرحيم

عودة إلى الوراء:

سبحان الله، إنها الملفات القديمة تُفتح من جديد، والستار يُعاد فتحه مرة أخرى، لتُعاد صياغة تلك المسرحية، لتُعرض من جديد على مسرح الحياة، والشيطان يعود مرة أخرى بنص جديد، وبوجوه جديدة هذه المرة، ولكنها نفس الفكرة القديمة والمنتنة، فقط، تغير الزمان والمكان والهويات، مع فارق التوقيت، والقاسم المشترك فيما بينه، هو الاتفاق على المنهج.

والمسرحية الهزيلة القذرة، والحقيرة، التي عُرضت، فكرتها ليست جديدة، بل قديمة جداً، وموغلة في القدم، ولكن فقط تغير الأسلوب، والمنفذ.

هذه المسرحية، هي تلك الزوبعة الحاقدة، التي أثارتها بعض الصحف الدنمركية، والتي سخرت من أشرف من سار فوق الأرض من البشر جميعاً، والذي حاز الفضائل كلها، فقد زكّاه، من خلق السماوات والأرض، (وإنك لعلى خلق عظيم) إنه محمد بن عبد الله، رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد عرف كل الناس، هذا الفعل الذي يوضح مدى الحقد الدفين، الموغل في القدم، والذي يتوارثه القوم جيلاً بعد جيل، وهي العداوة والبغضاء للإسلام ونبي الإسلام، فثارت ردود فعل رائعة جداً، من قبل أطياف المجتمع المسلم بشرائحه كافة الرسمية والشعبية، وهذا هو المؤمل، وهي ردة فعل طبيعية لمثل هذا العمل، الخالي من كل القيم. والذي يفصح عن حقد دفين تجاه الأمة الإسلامية ونبيها، - عليه الصلاة والسلام -. من بعض عباد الصليب وأهله.

وإذا تأملنا هذه المنحنى الخطير الذي بدأ يسلكه القوم، تجاه الإسلام ونبيه، - صلى الله عليه وسلم -، نجد أنه ليس غريباً عليهم، فهاهو معلمهم الأول، عندما طُلب منه الإذعان لخالق السماوات والأرض، والسجود لأبي البشر، رفض الانصياع بكل صلف وغرور وتكبر، وقال قولته المشهورة: (أنا خير منه) فقد زكّى نفسه بنفسه، فلما حل به ما حل من العقاب والطرد، صب جامّ غضبه على ذريته، بزعم أنه كان السبب في حرمانه وطرده وخسارته، فأراد أن ينتقم منهم، وعلى رأس هذه الذرية تلك الثلة من أبنائه، الذين اصطفاهم الخالق - سبحانه وتعالى - لمهمة عظيمة وشاقة، وهي تبليغ رسالته - سبحانه وتعالى - إلى ذريته، وهي الدعوة إلى ألوهية الخالق وتفرّده - سبحانه - بكل شيء (ألا له الخلق والأمر).

فلما جاء الأمر الإلهي ببداية المسيرة الدعوية، على يد نوح - عليه الصلاة والسلام -، بدأ الحرب والكيد، ثم بدأت فصول الرواية تتكرر في كل عصر، ومع كل نبي، إلى أن وصل الوقت إلى عصر آخرهم، وأزكاهم وأشرفهم وأخيرهم وخاتمهم، الذي جمع كل الأديان في دين واحد، وهو دين الإسلام. إنه محمد - صلى الله عليه وسلم -.

فتعالوا نسلط الضوء على بعض فصول هذه القصة، لنعرف ما هو دور الشيطان فيها، وما هي طرق الكيد التي حاكها، لنعرف أن هؤلاء القوم الذين نالوا من شخصية المصطفى، - صلى الله عليه وسلم -، لم يأتوا بجديد، وإنما هو السيناريو يُعاد عرضه مرة أخرى، ولكن بألوان ومساحيق جديدة، وبأشخاص جدد، وأماكن جديدة.

فهاهو المشهد الأول يُعرض في عهد نبي الله نوح، - عليه الصلاة والسلام -، فقد أخرجت الشرذمة الكافرة، وبرسم شيطاني حقير، من أجل خداع الدهماء من الناس لتنطلي عليهم الحيلة فينصرفوا عن هذا النور، فقد سجل القرآن هذا المشهد بوصف رائع ومبهر يأخذ بالعقل، تأمل:

(وَلَقَد أَرسَلنَا نُوحاً إِلَى قَومِهِ إِنِّي لَكُم نَذِيرٌ مُبِينٌ) (هود: 25) (... أَلَّا تَعبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيكُم عَذَابَ يَومٍ, عَظِيمٍ,)(الأحقاف: من الآية21). تأمل بداية الطعن والاستهزاء، والمكابرة ولكن بطريقتهم.. (فَقَالَ المَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَومِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَراً مِثلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُم أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأيِ وَمَا نَرَى لَكُم عَلَينَا مِن فَضلٍ, بَل نَظُنٌّكُم كَاذِبِينَ) (هود: 27). ألاحظت الظن هنا، هم يعرفون أنه يقين وحق، مع العلم أنهم يزيفون الواقع على الدهماء أنه ظن وكذب؟

ثم تُعاد نفس المسرحية مرة أخرى، ولكن مع نبي آخر ـ وفي زمن آخر فهذا فرعون، ماذا قال عن موسى، - عليه الصلاة والسلام -.. ؟ وما هي الدعاية المضللة التي بثتها وسائل إعلامه.. ؟ الخوف والشفقة على الشعب من موسى، أن يبدل قيمهم، ويفسد أحوالهم، تأمل ماذا قال: وكل ذلك بترتيب من المعلم الأول له عدو البشر جميعاً ـ الشيطان ـ قال: (... إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُم أَو أَن يُظهِرَ فِي الأَرضِ الفَسَادَ)(غافر: من الآية26)؟! وقد انطلت هذه الحيلة على كثير من الدهماء، والدليل تلك الجحافل الجرارة التي خرجت مع فرعون في أثر موسى لتصفيته جسدياً والقضاء عليه وعلى دعوته، فتضيق الأرض بما رحبت على أصحاب موسى، - عليه الصلاة والسلام -، حتى كاد اليأس أن يفتك بهم، فقالوا تلك المقولة التي غيرت مجرى الأحداث بعد ذلك، لما رأوا فرعون وجنده، فقالوا: (... إِنَّا لَمُدرَكُونَ)(الشعراء: من الآية61) فكأنما هذه الكلمة لسعت فؤاد موسى، - عليه الصلاة والسلام -، فيرد بثقة قائلاً: (قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهدِينِ) (الشعراء: 62). فتأتي المعجزة بلمح البصر(فَأَوحَينَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضرِب بِعَصَاكَ البَحرَ... )(الشعراء: من الآية63) فكانت النهاية التي أذهلت العالم أجمع إلى يومنا هذا، كيف نجا موسى ومن معه على قلتهم، مع العلم أن البحر أمامهم وفرعون من خلفهم بجيشه الجرار، فكان مصيرهم أن ابتلعهم البحر، ولم يبق منهم إلا الخبر اليقين، بهلاكهم، وأسدل الستار على هذا الحدث، مرة أخرى. لتبقى منه العبرة، لمن أراد أن يعتبر من الجبارين الذين يسعون في الأرض الفساد، إن جبار السماوات والأرض لهم بالمرصاد.

وهاهو المشهد يعود من جديد، في عهد نبي آخر، وهو خاتم الأنبياء وسيد المرسلين، الذي جمع الله له الأديان كلها في دين واحد، وهو الإسلام، ماذا قالت عنه نفس الزمرة، وبنفس الفكرة، ولكن مع تغير الأشخاص، ولكن بنفس الأسلوب القذر، وحسبما تقتضيه عملية التأثير على الرأي العام، فأطلقوا عليه دعاية أنه ساحر، ولم تنطل هذه الفكرةº لأن المجتمع لم يجرب على هذا النبي الكريم أنه تعاطى السحر أبداً، فاستبدلوها بصيغة أخرى، فقالوا: هو كذاب، وليس عندهم دليل أيضاً على هذاº لأن الناس قد لقبوه بالصادق الأمين، فكيف يتخلّون عن هذه الفكرة؟ فقالوا: لا هو كاذب، فلما لم تنطل فكرتهم، ولم يجدوا جمهوراً يطبل لها، قالوا: أصلاً هو مجنون، وهم يعرفون أنه أعقل شخص على وجه الأرض، ولكن الخداع والزيف، وقلب الحقائق. فلما أعيتهم الحيلة، قرروا تصفيته جسدياً، فدبروا تلك الحيلة التي تطفح بالغدر والخيانة والخسة والنذالة، وهو أن يدخل عليه وهو نائم في بيته مجموعة من السفلة، ويغتالوه بشكل جماعي، ولكن القادر على كل شيء، الذي إذا أرد شيئاً، قال له: كن فيكون، لهم بالمرصاد، فتأتي المعجزة منه - سبحانه وتعالى -، الذي يكون مع أوليائه في السراء والضراء فيبطل الله مكرهم، وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال، (وَإِذ يَمكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثبِتُوكَ أَو يَقتُلُوكَ أَو يُخرِجُوكَ وَيَمكُرُونَ وَيَمكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيرُ المَاكِرِينَ) (لأنفال: 30) (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيرُ المَاكِرِينَ) (آل عمران: 54) فينجي الله عبده ورسوله، محمد - صلى الله عليه وسلم -، بلمح البصر، ويخرج من بين أظهرهم سليماً معافى (... وَاللَّهُ يَعصِمُكَ مِنَ النَّاسِ... )(المائدة: من الآية67)

ثم تتوالى الأحداث بعد ذلك على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، في العهد المدني فماذا عمل اليهود له من مكائد ودسائس، وقد حاولوا اغتياله، حينما قدم إلى حصونهم، فدبروا حيلة خبيثة، بمعاونة الشيطان، وموافقته، حيث أرادوا إلقاء حجر عليه وهو غافل (والقصة أوردها الأمام الذهبي، في تاريخ الإسلام ص 151). ولكن الله نجاه من غدرهم، ووضعوا لهم السم في طعامه، ثم بعد ذلك أجلبوا عليه بخيلهم ورجلهم، فعقدوا اتفاقات عسكرية مع أعدائه لغزوه في المدينة، ولكن الله أبطل كيدهم، ثم بعد ذلك، هاهو النفاق يطل برأسه، وسط جراثيم الحقد و الغل، على هذا النبي الكريم ودعوته، - صلى الله عليه وسلم -، إلى أن وصل بهم الحقد أن يتهموه في عرضه الطاهرº إذ لفقوا تلك الفرية القذرة، عندما أشاعوا أن زوجته الطاهرة، الصديقة بنت الصديق، قارفت الزنا، فبرأها الله منه، وألبسها ثوب العز والفخار، قرآنا يُتلى إلى يوم القيامة، وهذا تشريف له - عليه الصلاة والسلام -، فماذا عمل - صلى الله عليه وسلم -، مع رأس هذه الفتنة، لعنه الله.. ؟ تركه حفاظاً على جناب الدعوة الفتية، وإكراماً لابن هذه المنافق، الذي لم يكن مثل أبيه، بل ملأ الإيمان قلبه، فهل يوجد على وجه الأرض خلق ونبل وكرم مثل هذا، فصدق الله العظيم، الذي زكاه (وإنك لعلى خلق عظيم)، وهاهو القرآن الكريم يسجل فصول هذه الرواية في مواضع كثيرة من القرآن (إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالأِفكِ عُصبَةٌ مِنكُم لا تَحسَبُوهُ شَرّاً لَكُم بَل هُوَ خَيرٌ لَكُم لِكُلِّ امرِئٍ, مِنهُم مَا اكتَسَبَ مِنَ الأِثمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبرَهُ مِنهُم لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (النور: 11). ثم قال مطمئناً نبيه، محمد - صلى الله عليه وسلم -: (إِنَّا كَفَينَاكَ المُستَهزِئينَ) (الحجر: 95). وقال - سبحانه - حاثاً نبيه على مواصلة الكفاح من أجل إيصال الخير للناس عامة: (... وَاللَّهُ يَعصِمُكَ مِنَ النَّاسِ... )(المائدة: من الآية67).

إذاً لا نستغرب إذا تصرف هؤلاء هذا التصرف، فقد قالوا وفعلوا أشنع من ذلكº إذ تطاولوا على من هو خير من رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، وهو مالك الملك إله الأولين والآخرين الملك العظيم، جبار السماوات والأرض، الذي بيده القدرة المطلقة، (إِنَّمَا أَمرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ) (يّـس: 82). تأملوا ماذا قالوا.. ؟ وقد سجل القرآن قولتهم، في آيات بديعة رائعة صادقة الوقوع، وتأمل الخسة والحقارة والجراءة في مقولتهم:

(وَقَالَتِ اليَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغلُولَةٌ... )(المائدة: من الآية64) ثم تأمل أيضاً إلى ما هو أدهى وأمر (لَقَد سَمِعَ اللَّهُ قَولَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحنُ أَغنِيَاءُ... )(آل عمران: من الآية181) ثم تأمل ماذا قالت النصارى أيضاً، وملة الكفر واحده: (... وَقَالَتِ النَّصَارَى المَسِيحُ ابنُ اللَّهِ... )(التوبة: من الآية30) وماذا قال فرعون بكل سخف وجنون، بعدما استخف قومه فأطاعوه: (... يَا أَيٌّهَا المَلَأُ مَا عَلِمتُ لَكُم مِن إِلَهٍ, غَيرِي... )(القصص: من الآية38).

أبعد هذا قول يُقال.. ؟

إذاً الأنبياء عليهم وعلى نبينا محمد أزكى الصلاة وأتم التسليم، من باب أولى أن ينالهم مثل هذا الأذى.

ثم إن القوم لم يأتوا بجديد، فإذا عرفنا هذا، هل نسكت ونمرر الحدث.. ؟ لا وألف لا، بل يجب أن تستفيد منه، ونستثمره لصالح الإسلام والدعوة إليه، منطلقين بذلك من قول ربنا - سبحانه وتعالى -، عندما قال لنا في مثل هذه الأزمات والمصائب: (... وَعَسَى أَن تَكرَهُوا شَيئاً وَهُوَ خَيرٌ لَكُم... )(البقرة: من الآية216).

إذاً كل أمر ينزل بنا من قبل أعدائنا هو خير لنا إذا أحسنا التعامل معه، واستفدنا منه، وأخذنا منه الدروس والعبر.

ولا شك أن ما فعله القوم فيه فوائد جمة، وفي ظني لو علم القوم ما هي الفوائد التي سنجنيها من فعلتهم ما فعلوها، فهذه بعض الوقفات مع بعض الفوائد من هذا الحدث الجسيم...

 

فوائد الحدث...

1) ـ استشعار عظمة هذا الدين ونبيه - صلى الله عليه وسلم -، عند المسلمين، وذلك من خلال ردة الفعل العنيفة، التي حدثت بعد هذا الحدث الخطير، نجد كثيراً من المسلمين قد ابتعدوا عن مصدر عزتهم وقوتهم، بتجاهل كثير من سنن المصطفى، - صلى الله عليه وسلم -، بسبب ما أصاب المجتمعات الإسلامية من ركون إلى الدنيا ورغد العيش، والغوص في الملذات التي أبعدتنا كثيراً عن مشكاة النبوة، وهذه الفعلة القذرة أعادت إلى الأذهان توهج مشعل النبوة، ونور الهداية، وجعلته حاضراً في نفوس أبناء الأمة على مختلف مستوياتهم وتوجهاتهم، مما سيكون له الأثر البالغ في عودة الأمة إلى سيرة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - دراسة وتعلماً، وهو الذي كان السبب في إخراج هذه الأمة من ظلمات الجهل إلى ساحة نور الإيمان والعزة والكرامة والقوة والمنعة.

2)ـ معرفة مكانة المصطفى - عليه الصلاة والسلام - في نفوس المسلمين عامة بغض النظر عن هوياتهم، ودرجة تدينهم، والدليل موجة الاستنكارات التي توالت من شتى الأقطار الإسلامية، انطلاقاً من أرض الحرمين المباركة، والتي هي محضن هذا الدين، ومنه نبع الإسلام، وعلى أرضه وُلد هذا النبي العربي الكريم، - صلى الله عليه وسلم -.

3)ـ نفض الغبار عن كواهل كثير من الشعوب المسلمة، والتحرك بالاتجاه الصحيح لتطبيق تعاليم الإسلام في واقع حياتهم، وتعظيمه في نفوسهم، والتي نُسي كثير من تعاليمه بسبب الابتعاد عن دراسته زمناً طويلاً.

4)ـ إيضاح كثير من سنته، - صلى الله عليه وسلم -، التي خفيت على كثير من الشعوب المسلمة، وذلك من خلال ما طرحه العلماء والدعاة عبر منابر المساجد ووسائل الإعلام والكتب والأشرطة التي بُثت خلال الحدث، عن سيرته العطرة، - صلى الله عليه وسلم -، فعرف الناس كثيراً من جوانب شخصيته - عليه الصلاة والسلام -، وسوف ينعكس ذلك إيجاباً، بإذن الله، على حياة الناس، ولو لم يأت مثل هذا الحدث، لما خصصت هذه الوسائل تلك المساحة الهائلة للحديث عن هذا الحدث بهذه الصورة.

5)ـ تعرف كثير من غير المسلمين على كثير من جوانب شخصية المصطفى، - صلى الله عليه وسلم -، وحياته، وتعامله مع الناس، وكيفية تبليغه للدعوة، من خلال منهج رائع متكامل الصورة توضح مدى تكامل شخصية هذا النبي، - عليه الصلاة والسلام -. وذلك من خلال ما طُرح عبر الفضائيات التي يصل أثيرها إلى أماكن متفرقة من العالم، ومن يدري فقد يكون ذلك سبباً في إيجاد أرضية لكثير من الناس الذين يبحثون عن بعض المعلومات عن الإسلام، بعدما أنهكهم التيه والتشرد في أودية سحيقة، وهم يبحثون عن مخرج يدلهم على الطريق الصحيح، ومن يدري فقد يعتنقون الإسلام في يوم من الأيام.

6)ـ اتفاق المسلمين عامة على استنكار هذا الفعل القذر، بجميع دولهم، على الرغم من تفرق هذه الأمة زمناً، وهذا فيه دلالة قوية على إمكانية توحدها وقوتها ـ وتأمل الناحية الاقتصادية، عندما تحرك الناس لمقاطعة المنتجات الدنمركية، ماذا كان التأثير؟ وكيف اتفقوا على هذه المقاطعة، وكيف كان التأثير بعد ذلك قوياً؟

7)الآخر... هذه المفردة التي خرجت علينا، وطبل لها الكثيرون، وأنه يجب علينا أن نحاورهم، هذه لغة الحوار التي يريدها (الآخر)، والذي عرفناه من خلال هذا الحدث، حيث سخّر بعض وسائل إعلامه ليسخر من نبينا، - صلى الله عليه وسلم -، ويُراد منا أن نحاوره ونحاوره، لكن صدق ربنا - سبحانه وتعالى -: عندما أخبرنا عنهم، حيث قال: (يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِن دُونِكُم لا يَألُونَكُم خَبَالاً وَدٌّوا مَا عَنِتٌّم قَد بَدَتِ البَغضَاءُ مِن أَفوَاهِهِم وَمَا تُخفِي صُدُورُهُم أَكبَرُ... )(آل عمران: من الآية118) وقال - سبحانه - عنهم: (وَدَّت طَائِفَةٌ مِن أَهلِ الكِتَابِ لَو يُضِلٌّونَكُم وَمَا يُضِلٌّونَ إِلَّا أَنفُسَهُم وَمَا يَشعُرُونَ) (آل: عمران: 69). وتأمل ثقافة القوم، عن هذا الأمر، بأنه حرية وتقدم، دون التفريق بين الشخصيات المنتقدة، فهم لا يفرقون بين شخصية مهرج، أو نبي كريم. فالكل عندهم تحت منشار التجريح والنقد.

واليك الدليل:

قالت صحيفة (الديلي جراف): إن "حرية جرح المشاعر في إطار القانون تمثل ركناً أساسياً من أركان حرية التعبير، والمسلمون الذين اختاروا أن يعيشوا في الغرب يجب أن يتقبلوا أن لدينا الحق في التعبير عن قيمنا".

وتضيف: "المسلمون يجب أن يقبلوا الأعراف السائدة في الثقافة التي تبنوها ومعظمهم يفعل ذلك، أما المسلمون الذين لا يمكنهم أن يتسامحوا مع النقاش المفتوح والمحموم في الغرب، فإنهم ربما لم يحسنوا اختيار الثقافة التي يعيشون فيها".

 

** بعد هذا، ما هو دورنا.. ؟

أولاً: يجب أن نستثمر هذا الحدث لصالحنا، وألاّ نجعل الحدث يمر هكذا، حالة غضب، تمر سريعاً، ثم تذوب كما يذوب الثلج تحت أشعة الشمس، وتكون أفعالنا ردات فعل فقط، سريعاً ما تنطفئ جذوتها، هذه فرصتنا لنطرق أبواب القوم، وأن نلج إلى ديارهم، ونعيد لهم الصورة الحقيقية لهذا الدين العظيم، الذي هم مكلفون باعتناقه، مثلهم مثل غيرهمº إذ إنهم داخلون ضمن هذه الآية (وَمَا خَلَقتُ الجِنَّ وَالأِنسَ إِلَّا لِيَعبُدُونِ) (الذاريات: 56). فكيف يكون ذلك؟

1) ـ توجيه الدعوة الإسلامية إلى الدنمركيين والنرويجيين، بالطريقة الشرعية (ادعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالحِكمَةِ وَالمَوعِظَةِ الحَسَنَةِ... )(النحل: من الآية125). وبالطريقة التي يفهمها القوم، نقدم لهم رسالة الإسلام، ونعرفهم به، وما هي أهدافه في الحياة، وماذا يقدم للفرد إذا اعتنقه، أثناء حياته، وبعد مماته. ويذكر نماذج قصصية لأشخاص اعتنقوا الإسلام، وكيف تبدلت حياتهم من البؤس والشقاء إلى السعادة والطمأنينة.

2) ـ توضيح سيرة رسول الإسلام، محمد - صلى الله عليه وسلم -، الذي سخر منه بعضهم، واختيار نماذج قصصية عملية، توضح هذه السيرةـ ونبتعد عن الكلام الإنشائي ـ نوضح لهم كيف كان تعامله مع الكفار والمشركين وأهل الكتاب، وأن تعامله كان راقياً، يليق بشخصيته العظيمة، - صلى الله عليه وسلم -. وكيف أثر هذا التعامل على كثير منهم، مما كان له الأثر في اعتناق كثير منهم الإسلام، ثم تُكتب هذه النماذج القصصية بطريقة رائعة وجذابة وبلغة القوم، ثم تُوزع بالمجان على الناس عامة هناك، مع بثها عبر وسائل إعلامهم إن أمكن ذلك، ليعرف هؤلاء القوم شخصية نبينا - عليه الصلاة والسلام - بكل وضوح. مثل قصة إسلام الصحابي، عبد الله بن سلام، - رضي الله عنه -، والذي كان يهودياً، كذلك قصة زيارته، - صلى الله عليه وسلم -، لليهودي الذي مرض ابنه.

3) ـ إيضاح ما يكنه نبينا محمد، - صلى الله عليه وسلم -، لأخيه عيسى بن مريم وأمه، العذراء، وكذلك لأخيه موسى، عليهم الصلاة والسلام، من التقدير والاحترام والتعظيم، ومدى محبته لهم جميعاً، مستمداً ذلك من القرآن الكريم. كذلك إيضاح ما قاله القرآن عن حقيقة عيسى بن مريم وأمه، عليهما الصلاة والسلام، وما قاله اليهود من بهتان وفجور، ليعرف هؤلاء السفهاء مدى الجهل الذي يتخبطون به دون وعي أو إنصاف، قال - سبحانه وتعالى -: (وَإِذ قَالَتِ المَلائِكَةُ يَا مَريَمُ إِنَّ اللَّهَ اصطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ العَالَمِينَ) (آل عمران: 42). وتأمل البشارة بعيسى - عليه الصلاة والسلام -: (إِذ قَالَتِ المَلائِكَةُ يَا مَريَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ, مِنهُ اسمُهُ المَسِيحُ عِيسَى ابنُ مَريَمَ وَجِيهاً فِي الدٌّنيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ المُقَرَّبِينَ) (آل عمران: 45) ثم تأمل حقيقته - عليه الصلاة والسلام -: (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ, ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ) (آل عمران: 59). وتأمل هذه البشارة من عيسى - عليه الصلاة والسلام -، عندما بشّر قومه ببعثة محمد - صلى الله عليه وسلم -: (وَإِذ قَالَ عِيسَى ابنُ مَريَمَ يَا بَنِي إِسرائيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيكُم مُصَدِّقاً لِمَا بَينَ يَدَيَّ مِنَ التَّورَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ, يَأتِي مِن بَعدِي اسمُهُ أَحمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُم بِالبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحرٌ مُبِينٌ) (الصف: 6). كل ذلك بلغ به نبينا محمد، - صلى الله عليه وسلم -، وأخبر به في القرآن الكريم، ولكنه البهتان والخداع، فلوا كان القوم يريدون الإنصاف والحقيقة والحوار لما كذبوا رسولهم الذي أرسل إليهم وهو عيسى عليه وعلى بنينا الصلاة والسلام.

4) ـ الاستفادة من هذا الحدث بإرسال رسائل إلى زعماء دول العالم وشعوبها أجمع لتوضيح الصورة الحقيقية لشخصية رسولنا - صلى الله عليه وسلم -، من خلال ذكر نماذج من سيرته العطرة، ودعوتهم إلى الإسلام، وإن الفرصة متاحة لهم، بأن يستفيدوا من خصائص الإسلام، حيث هو الدين الحق الجامع لكل الأديان، (وَمَن يَبتَغِ غَيرَ الأِسلامِ دِيناً فَلَن يُقبَلَ مِنهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِينَ) (آل عمران: 85). وليعرف الناس عامة ما هي أخلاق المصطفى - عليه الصلاة والسلام -، الذي تطاول عليه هؤلاء ظلماً وحقداً، وتخطوا بذلك كل القيم والأخلاق، والتي كانوا ينادون بها.

5) ـ توضيح منهجه - عليه الصلاة والسلام - في الحكم السياسي والتعاملي، في كل شؤون حياته، خاصة مع من يُقال له (الآخر)، ليعرف هذا الآخر ما هي أخلاقه - صلى الله عليه وسلم -، عدله، تعامله، إيثاره، صدقه، لا ينتقم لنفسه، يسامح ويعفو، ـ يذكر نماذج أيضاً ـ.

ليت بعض هؤلاء يفيقون، ويعرفون حجم هذا (الآخر)، و ما يخفيه في صدره للإسلام والمسلمين من حقد، لا يمكن أن تزيله صداقات عابرة، بل هو إرث قديم، يتوارثه القوم جيلاً بعد جيل، وقد أثبت الواقع صدق ما نقول، والأيام حبالى، وإن طال بقاؤنا، سنرى ما هو أشد من هذا، تجاه هذا الدين العظيم ونبيه الكريم، وصدق الله العظيم الذي أخبرنا عنهم، حيث قال - سبحانه -: (... وَمَا تُخفِي صُدُورُهُم أَكبَرُ قَد بَيَّنَّا لَكُمُ الآياتِ إِن كُنتُم تَعقِلُونَ)(آل عمران: من الآية118).

6) الصحافة المحلية والعربية والإسلامية، عليها واجب عظيم، حيث تملك مساحة انتشار واسعة جداً، ويطلع عليها ملايين الناس يومياً، عليها تخصيص صفحات يومية على شكل ملاحق، تُخصص لعرض كامل سيرة المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، ويُستكتب لها طائفة من أهل العلم والمتخصصون في علوم التاريخ، وتخرج هذه الملاحق بشكل جذاب، أسوة بالملاحق الفنية والرياضية، وذلك من أجل بث الوعي لدى عامة المسلمين الذين يجهلون كثيراً من سيرة المصطفى - صلى الله عليه وسلم -.

7) العلماء و حملة الأقلام وأصحاب الفكر، عليهم مسؤولية تاريخية وعظيمة، والذين أُتيح لهم الكتابة والتحدث في وسائل الإعلام، عليهم أن يخصصوا جزءاً من كتاباتهم وبرامجهم، لإيضاح دعوة المصطفى، - صلى الله عليه وسلم -، بشكل سهل وواضح، وكيف انتشرت بين أمم الأرض قاطبة، مع إيضاح وصاياه، - عليه الصلاة والسلام - للجند إذا أرادوا الخروج لغزوة من الغزوات، ليعرف الآخر هذا التعامل الراقي لهذا النبي الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.

8) محاولة إنشاء قناة فضائية متخصصة في بث سيرة المصطفى، - صلى الله عليه وسلم -، مع علوم الشريعة، وليت الأحبة في قناة المجد، يسبقون إلى ذلك، وتكون بلغات متعددة، بجانب اللغة العربية. وهذا بالتأكيد سيكون له الأثر الكبير في بث الوعي العام لدى شعوب العالم، عن نبي الإسلام، محمد - صلى الله عليه وسلم -.

9) على الآباء والأمهات، التعريف بسيرة نبينا، - عليه الصلاة والسلام -، بين الأبناء الصغارº فالتحدي اليوم كبير، لذلك علينا أن نرضع أبناءنا محبة رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، ونقتدي به في كل أفعالنا وأقوالنا.

10) علينا جميعاً أن نفعّل سنته بيننا، وأن تقتدي به في حياتنا اليومية، ليرى العالم أننا نقتدي به، لعل كثيراً من المظاهر المخالفة لهديه، - صلى الله عليه وسلم -، التي تعج بها المجتمعات الإسلامية، بعد هذا الحدث تختفي وتزول.

 

** تحذير مزدوج..

1) من عدم التهور والتصرف تصرفاً تكون نتائجه خطيرة جداً، على الأمد البعيد والقريب، على الأمة جميعها، ويكون فيه إضاعة الحق الذي لنا، وذلك بمحاولة الانتقام من خلال العنف، أو إلحاق الضرر بشخص، أو جماعة ليس لهما علاقة بهذه الفعلة، وليكن قدوتنا في هذا نبينا، - صلى الله عليه وسلم -، مع مخالفيه، والذين ألحقوا به الأذى، فقد قال لهم، في محاجة هادئة: (... قُل هَاتُوا بُرهَانَكُم إِن كُنتُم صَادِقِينَ)(البقرة: من الآية111) وقوله لقريش بعدما فتح مكة: "اذهبوا فأنتم الطلقاء"، والأمة تملك من الحق ووسائل إيصاله، ما يجعلها تدافع به عن نبيها، بأسلوب حضاري، يقلب هذا الحدث الذي هز مشاعر الأمة إلى نصر مبين. بإذن الله، دون أن نلجأ إلى أساليب العنف، الذي لا يولد إلا العنف. كما حصل من إحراق العلم الدنمركي، مما جعل بعض المغرضين يهددون بإحراق نسخ من القرآن الكريم علناً، رداً على هذا التصرف، ثم ما هي المكاسب التي سوف نجنيها من إحراق العلم، بقدر ما نجلب لنا عداوات جديدة؟ ولنتأمل قول ربنا - سبحانه - في هذه القاعدة المهمة في التعامل مع الكفار: (وَلا تَسُبٌّوا الَّذِينَ يَدعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبٌّوا اللَّهَ عَدواً بِغَيرِ عِلمٍ, كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ, عَمَلَهُم ثُمَّ إِلَى رَبِّهِم مَرجِعُهُم فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَعمَلُونَ) (الأنعام: 108). وقد يُتخذ هذا ذريعة من أجل إلصاق التهم الجاهزة عنا، بأنا قوم لا نملك إلا العنف، وسيلة للتعبير، ولنتأمل سيرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، بحيث لم يلجأ إلى العنف، مع من اعتدى عليه أو رماه بمنقصة بل أحسن إليهم، فأثر هذا الإحسان على كثير منهم، مثل حادثة ذلك الرجل الذي أخذ سيف رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، وهو نائم، فقال: من يمنعك مني يا محمد.. ؟ فقال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -: الله، فسقط السيف من يد الرجل، فأخذه رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، وقال: من يمنعك مني الآن.. ؟ فقال الرجل: لا أحد، فعفا عنه، - عليه الصلاة والسلام -، وقال له: هل تسلم.. ؟ فقال الرجل: لا.. ولكن لن أقاتلك أبداً.. أو كما قال.. إذاً نحن أولى أن نقتدي بهذا الفعل النبوي المثمر، ونوضح حجتنا بالدليل والبرهان القاطع، الذي يجعل الآخرين الذين يترقبون هذه الغضبة، يعذروننا فيها، ويرون أننا على حق، وأن ديننا دين تكامل ورحمة وعفو، من غير خور أو خوف ومهانة..

2) رسالة أوجهها لأولئك القوم الذين يسافرون إلى بلاد الغرب، بأن عليهم مسؤولية عظيمة تجاه دينهم، ونبيهم، وأوطانهم، وذلك من خلال الممارسات اليومية، ومن خلال ارتيادهم للاماكن العامة، بأن يلتزموا بتعاليم دينهم، ويظهروها ويفتخروا بها، مثل تأدية الصلوات، وحسن التعامل مع الآخرين، والتقيد بتعليمات كل بلد، والالتزام بالحجاب الشرعي للنساءº لأنه سيحكم على مدى تمسكنا بتعاليم نبينا الذي غضبنا له، من خلال الممارسات اليومية والتي يراها القوم، بل ويركزون عليها، وأن نكون على حذر، فقد تكون عدسات جرائدهم ومجلاتهم، ووسائل إعلامهم لهم بالمرصاد، لتسجل هذه الأفعال والممارسات، ومن يدري فقد تكون مادة إعلامية شهية بالنسبة لهم، ليردوا بها علينا، بعد هذه الغضبة المباركة.

والمحايدون يحكمون على الشعوب من خلال ممارساتها، واعتزازها بقيمها ودينها، والله سائل كل فرد عما تقترف يداه ورجلاه وسمعه وبصره (... إِنَّ السَّمعَ وَالبَصَرَ وَالفُؤَادَ كُلٌّ أُولَئِكَ كَانَ عَنهُ مَسؤُولاً)(الإسراء: من الآية36.

 

**وضوح الرؤية:

كما أسلفنا القول إن فوائد هذه الحملة كثيرة، فقد اتضح من هذه الحملة زيف كل الشعارات والتنظيمات التي يرفعها الغرب للدفاع عن حقوق الإنسان ومعتقداته، ويظهر جلياً في هذا الفعل القذر، ونلاحظ أن الفعل إذا كان يخص المسلمين فإن الأمر يختلف تماماً، ويُعدّ حرية رأي، وحرية تعبير، أما إذا كان الأمر يخص السامية، أو كما يُقال: العم سام، فلا وألف لا، وذك أمر يعاقب عليه القانون الدولي، والدولة التي ترتكب مثل هذا العمل تُعدّ خارجة عن القانون الدولي، ويجب أن تُعاقب، من خلال تشريعات الأمم المتحدة.

وتأمل ما قالته منظمة صحافيون بلا حدود، عن هذه الفعلة القذرة الحقيرة، والتي تنم عن الحقد الدفين لعباد الصليب لهذا الذين، ونبيه، - صلى الله عليه وسلم -، كما نُشر ذلك، عبر شبكات الإنترنت، قالت: و قد اعتبرت ردود الفعل في العالم العربي تجاه الحدث، أنها تكشف عن عدم فهم لحرية التعبير كإنجاز ديموقراطي أساسي.

وإن كانت هذه المنظمة صادقة فلتتعرض للسامية، أو محرقة اليهود.. !!

وقالت صحفية (دي فيلت) الألمانية والتي نشرت على صدر صفحتها الأولى إحدى الصور المسيئة للرسول - صلى الله عليه وسلم -: إن العادة قد جرت في الغرب، على التهكم على المقدسات الدينية.

 

** نداء ورجاء..:

من هذا المنبر أوجه رسالة ورجاء، لكل قادة العالم الإسلامي، وصانعي القرار فيه وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين، بإنشاء جامعات في كل البلاد الإسلامية، تحمل اسم ـ جامعة المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، يدرس فيها سيرة المصطفى، - عليه الصلاة والسلام -، مع علوم الشريعة الإسلامية، من أجل تحصين أبناء الأمة، وإذكاء انتمائهم لدينهم وعقيدتهم الصحيحة، بالإضافة إلى العلوم الأخرى.

وكم أتمنى أن يُطلق اسم المصطفى، - صلى الله عليه وسلم -، على الجامعة الإسلامية الواقعة في مدينة رسول الله، - صلى الله عليه وسلم - ـ طيبة الطيبة ـ خاصة أنها تدرس العلوم الإسلامية لمعظم أبناء المسلمين من شتى البلاد الإسلامية، والتي أثمر ينعها ولله الحمد.

 

0

لكل من ساهم في تلك الحملة للتصدي و الدفاع، عن عرض المصطفى، - صلى الله عليه وسلم -، سواء بقلمه أو لسانه، و خاصة تلك المقاطعة الاقتصادية، لجميع المنتجات الغذائية، وغيرها، مما كان له الأثر الفعال والمؤثر على التجار لهذه الدولة، التي تطاولت على نبينا، محمد، - صلى الله عليه وسلم -، فلا نملك لهم إلا الدعاء الصادق بأن يوسع الله في رزقهم، وينسأ لهم في آجالهم، ويُصلح ذريّاتهم ويلبسهم ثوب الصحة والعافية، ويجعل ذلك في ميزان حسناتهم، وأن يعتقهم من النار. إنه سميع مجيب.

 

أخيراً...

واجب على كل مسلم أن يذب ويدافع عن المصطفى، - صلى الله عليه وسلم -، كل حسب قدرته واستطاعته، والله - سبحانه - لا يكلف نفساً إلا وسعها (... وَعَسَى أَن تَكرَهُوا شَيئاً وَهُوَ خَيرٌ لَكُم... )(البقرة: من الآية216)) وقال - سبحانه -: (... لا تَحسَبُوهُ شَرّاً لَكُم بَل هُوَ خَيرٌ لَكُم... )(النور: من الآية11).

اللهم دافع عن نبيك يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام.. وأرنا في الذين كفروا وظلموا عجائب قدرتك، يا من هو أشد بأساً وأشد تنكيلاً، وصلى الله على من بعثه الله رحمة للعالمين فأخرجهم من الظلمات إلى النور، وعلى آله وصحبه أجمعين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته...

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply