توالت ردود الفعل المستنكرة للرسوم المسيئة للرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - والتي نشرتها بدايةً صحيفة دانمركية وتبعتها أعداد أخرى من الصحف الأوربية، وجاء أكثر ردود الفعل قوة هو مقاطعة بضائع الدول التي أساءت للرسول في صحفها، وحققت المقاطعة صدى كبيراً لدى الدول الإسلامية، وظهرت تبعاتها بوضوح، فقد حذّر محللون اقتصاديون دانمركيون من أن المقاطعة العربية والإسلامية لمنتجات شركات بلادهم تكبدها خسائر تصل إلى مليون دولار يوميًا.
خسارة فادحة بسبب المقاطعة
وأوضح الخبراء ـ بحسب الجزيرة ـ أن الشركات الدانمركية مهددة بخسارة نحو 1. 6 مليار دولار سنويًا جراء المقاطعة.
هذا وأعلنت إيران قطع كافة علاقاتها التجارية مع الدانمرك التي تقدر قيمة مستورداتها منها بـ280 مليون دولار سنويًا ردًا على نشر الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة للنبي الكريم.
وقال كاظمي وزير التجارة الإيراني: إن إرسال وفود تجارية إيرانية إلى الدانمرك أو مجيء وفود تجارية دانمركية إلى إيران سيتوقف حتى إشعار آخر.
وأشار إلى أن السفن المسجلة في الدانمرك وتصل إلى الموانئ الإيرانية سيكون عليها دفع رسوم جمركية باهظة.
وقررت غرفة تجارة وصناعة قطر من ناحيتها كذلك مقاطعة الوفود التجارية والاقتصادية الدانمركية والنرويجية حتى تعتذر الدولتان بشكل مناسب ومقبول عما نشر من رسوم كاريكاتورية أساءت لشخص الرسول الكريم.
وفي مصر دعت جهات عدة إلى مقاطعة الدول التي نشرت صحف فيها رسومًا تسيء للنبي محمد - صلى الله عليه وسلم -، وقامت بعض المتاجر في مصر بسحب السلع الدانمركية من فوق رفوفها.
وقد استبقت السعودية المضمار بإعلان المقاطعة الاقتصادية واستدعاء سفيرها في النرويج احتجاجًا على نشر الصور المسيئة للنبي الكريم محمد - صلى الله عليه وسلم -.
مؤتمر عن الرسول بالنرويج
في نفس التوقيت أعلنت الرابطة الإسلامية في النرويج أنها تعتزم تخصيص مؤتمرها السنوي في مايو القادم للحديث عن شخصية الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم -، كرد فعال على ما حدث من إساءة للرسول من خلال الرسوم التي نشرتها الصحف الأوربية.
وأكد رئيس الرابطة إبراهيم الكيلاني كما جاء في شبكة قناة الجزيرة الإخبارية أن تناول هذا الموضوع بالمؤتمر يبدو ملحا بعد الإساءة التي تعرض لها الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم -، مشيرا إلى أن المؤتمر سيخصص ندوات خاصة بالنرويجيين تحاضر فيها شخصيات مرموقة لكشف جوانب العظمة في شخصية الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم -.
وأوضح أن الإدارة الآن تتواصل مع بعض الجهات الإسلامية لإنجاح المؤتمر القادم من خلال توفير علماء يتقنون لغات أوروبية ليسهل عليهم مخاطبة المسلمين عامة والنشء الجديد الذي ولد بالغرب ولم يتلق معارفه الدينية بدول عربية أو إسلامية. كما سيتضمن المؤتمر معرضاً للفن الإسلامي، ونشر كتب وتوزيع مطويات بلغات عدة كلها تتعلق بالرسول محمد - صلى الله عليه وسلم -.
وسيشارك عدد من النرويجيين غير المسلمين في فعاليات المؤتمر لاسيما المثقفون منهم، ومن الأسماء المقترحة التي ستشارك في المؤتمر كاري فوكت الأستاذة المتخصصة في الدين الإسلامي بجامعة أوسلو، ورئيس الوزراء الأسبق كوره فيلوك المؤيد لقضايا العرب والمسلمين خاصة القضية الفلسطينية. وسيعقد المؤتمر بدعم من رابطة العالم الإسلامي وتحت رعاية أمينها العام الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي.
دور فعّال ودائم
وكان الدكتور يوسف القرضاوي الداعية الإسلامي من أوائل من دعوا للقيام بدور فعّال ودائم من أجل التعامل مع الأزمة الأخيرة فاقترح مجموعة خطوات عملية للمسلمين للرد على ما نشرته صحفية "جيلاندز بوستن" الدانمركية وصحف غربية أخرى من رسوم كاريكاتيرية مسيئة للنبي - صلى الله عليه وسلم -، أبرزها قيام الحكومات العربية والإسلامية بالضغط على الهيئات الدولية لسن قوانين تحمي المقدسات والأنبياء ومقاطعة حكومات الدول التي تصدر بها تلك الصحف سياسيا واقتصاديا حيث كان رد فعل أغلبها سلبيا تجاه الأزمة.
وفي خطبة الجمعة بمسجد عمر بن الخطاب بالعاصمة القطرية الدوحة قال القرضاوي نطالب "بسن قوانين تحمي المقدسات والأنبياء".
كما أعلنت شبكة إسلام أون لاين.نت التي يرأس مجلس إدارتها الدكتور القرضاوي تدشين موقع خاص بجميع اللغات الحية للتعريف بشخصية وسيرة النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - ودحض الإساءات الموجهة إليه.
وقال الدكتور علي محيي الدين القرة داغي نائب رئيس مجلس إدارة "إسلام أون لاين. نت" في بيان له: "قررنا تدشين موقع إلكتروني كبير حول (محمد رسول..رحمة للعالمين).
وأضاف متحدثا عن موقع الرسول المنتظر إطلاقه وفق ما جاء بشبكة إسلام أون لاين.نت: "نبدأ بالتعريف برسولنا الحبيب بسيرته العطرة وشمائله ورد الشبهات عنه وكل ما يتعلق بسيرته المباركة - صلى الله عليه وسلم -، ونبدأ الآن باللغتين العربية والإنجليزية لننتقل خلال فترة وجيزة إلى استعمال جميع اللغات الحية المستعملة في العالم لنقيم الحجة على العالم أجمع وتنتشر رسالة رسول الرحمة للعالمين على العالم أجمع بإذن الله".
وكان موقع قد انطلق فعلاً للتعريف بالنبي ولكنه باللغة العربية وهو موقع الـنـبي.
حوار شامل ومؤتمر بالدانمارك
في حين دعا المصلح والداعية الإسلامي عمرو خالد في كلمته التي أذيعت على موقعه على شبكة الإنترنت إلى إقامة حوار شامل حول التعريف بالإسلام وبالنبي من خلال إقامة مؤتمر في الدانمرك الدولة التي بدأت فيها الأزمة تحت عنوان: هذا هو ديننا، هذا هو نبينا، يلتقي فيه الشباب المسلم مع الشباب الدانمركي لطرح التعرف بالإسلام والنبي - صلى الله عليه وسلم -، ولطرح مفهوم حرية التعبير في الإسلام، وهي الدعوة التي أبرزتها وسائل الإعلام الدانمركية.
كما دعا عمرو خالد الشباب إلى كتابة كلمة للتعريف بالنبي والإسلام وإرسالها لموقعه الذي سيقوم بتوصيلها للجهات المختصة في دولة الدانمرك، حتى يبعث المسلمون برسالة مفادها أن المسلمين أصحاب رسالة للأرض كلها، وأنهم يؤمنون بحوار الحضارات والثقافات المختلفة مؤكداً علي الآية الكريمة: { وَجَعَلنَاكُم شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا }.
إيجابية المسلمين في رومانيا
وفي نفس السياق اتخذ شكل غضب الأقلية المسلمة في رومانيا بخصوص الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة للرسول الكريم التي نشرتها عدة صحف غربية شكلا آخر أكثر إيجابية خلافا للمظاهراتº إذ شرعت بالفعل في حملة للتعريف بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وبالإسلام وبالمقدسات والرموز الإسلامية.
وأوضح "كريم أنجين" المسئول بمؤسسة طيبة الخيرية العالمية في رومانيا لـ"إسلام أون لاين. نت" أن المئات من أبناء الأقلية المسلمة في رومانيا بدءوا حاليا حملة واسعة تهدف إلى تعريف الشعب الروماني بأكمله بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، يوزعون خلالها عشرات الآلاف من المطويات باسم "محمد.. القدوة للعالم الجديد" في كافة المدن الرومانية، قامت مؤسسة "طيبة العالمية" بطبعها باللغة الرومانية.
ولأننا نسعى مع كل من يريد العمل الفعال لوضع استراتيجية مؤثرة علي أرض الواقع يمكنها أن توصل الوجه الحقيقي للإسلام ولرسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم - للآخر، فقد استقصينا في لها أون لاين آراء مجموعة من المفكرين الإسلاميين والمثقفين والإعلاميين لنعرف منهم كيف يمكننا وضع استراتيجية دائمة كفعل حقيقي مؤثر وليس مجرد ردة فعل وقتية تزول بانتهاء الأزمة.
تطبيق النموذج النبوي
بغيرة شديدة تبدأ الدكتورة هبة رءوف عزت -مدرس مساعد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة وعضو مؤسس بمجموعة الجنوب الثقافية-حديثها معنا قائلة: العمل الفعال المؤثر في هذه القضية الخطيرة هو العمل بسنة الرسول - صلى الله عليه وسلم - لتطبيق النموذج النبوي كما ينبغي أن يكون فعلاً، وليس ما هو قائم من أمر المسلمين في العالم الآن، والذي لا يدل أبداً على أننا أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - لا في سلوكياتنا أو أخلاقنا وتعاملاتنا، بالإضافة إلى الحال الذي وصلت له الأمة من ضعف وتخلف علمي، أدى في إحدى نتائجه إلى احتلال وحروب أهدرت فيها كرامة الأمة، وكان من تبعاتها الإساءة لشخص رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم -.
لا تعلم ماذا أحدثوا من بعدك
والسؤال الذي ينبغي أن نسأله لأنفسنا بعد هذه الحادثة - والكلام على لسان الدكتورة هبة -: لماذا لم يخرج علينا من يتهكم أو يسخر ممن أسسوا الولايات المتحدة أو شخص مثل بوذا؟ والإجابة لأن النماذج التي تركوها من بعدهم ناجحة وفعالة ومؤثرة في المجتمع، وعلى الرغم مع اختلافنا مع الأخير إلا أننا نجد أتباعه على أخلاق عالية، وهذه هي الإشكالية الحقيقية أننا نقول للغرب شيئاً لكنهم يرون منا النقيض نقول أن الإسلام يدعو إلى النجاح والتفوق والعمل والإنتاج في حين أن الأمة أحوالها متردية وتعاني من الفشل والتخلف في شتي المجالات، فكيف يصدقنا الغرب ونحن على هذه الحال؟ ولهذا أرى أن الرد الحقيقي والفعال على ما حدث هو الالتزام الحقيقي بسنة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأخشى ما أخشاه أن نكون ممن جاء فيهم الحديث الشريف في وصف موقف استقبال الرسول للمسلمين فرحاً يوم القيامة فيقول له الصحابة هم ليسوا أحبابك فأنت لا تعلم ماذا أحدثوا من بعدك، أخشى أننا لا نستحق شفاعته - صلى الله عليه وسلم -.
كلٍ, في مكانه
وتقول الدكتورة هبة بتأكيد: علينا أن نتقدم ليس من أجلنا فقط ولكن كي نقول للعالم بشكل عملي واقعي أن محمد هذا الذي تسيئون له قد صاغ أمة قوية بحق، معبرة عن الإسلام الحقيقي، وليس مجموعة من الضعاف الفاشلين، فالدعوة الحقيقية تشمل الأمة كلها ويجب أن تقوم بها الأمة كلها، كل في مكانه بقيامه بعمله على أكمل وجه. وهذا لا يعني عدم القيام بالتعريف بالإسلام بالخطوات المعروفة من توزيع مطويات ومن خلال الندوات والمؤتمرات وكل الجهود التي تقدمنا للعالم بشكل صحيح.
العمل والإنتاج
وتتفق معها الدكتورة رشا عبد الله أستاذ الإعلام بالجامعة الأمريكية بالقاهرة التي تقول: أفضل رد على ما حدث هو العمل والإنتاج، وأن نعمل وننهض ونتقدم، وأن ندرك أهمية التعليم والتعلم، وأهمية الثقافة والقراءة، أهمية البحث العلمي، أن ندرك أهمية الإنتاج وألا نكون مجرد مستهلكين لما ينتجه غيرنا من العالم، فهذا هو الفعل الوحيد الذي سيجعل لنا صوتاً بين الأمم، ويجعل لنا وزناً في العالم، فمجرد الاستنكار والتنديد لا يكفي، فما قيمته في ظل عالم لا يعترف إلا بالقوة والفعل الحقيقي؟ ولكن علينا أن نعلم أن رد الفعل العنيف سيقوم بتأكيد الصورة السلبية التي يعرفها عنا الغرب من أن الإسلام دين عنف.
لسنا متهمين
أما الأستاذ مجدي أحمد حسين أمين عام حزب العمل الإسلامي ورئيس تحرير جريدة الشعب المصرية التي تصدر على شبكة الإنترنت فيري القضية من منظور مختلف فيقول: أولاً الإسلام لا يحتاج إلى تحسين صورته، ونحن لسنا متهمين كي ندافع عن أنفسنا، بل الغرب هو المتهم وعليه هو أن يسعى إلى تحسين صورته، وهذا ما دفع الولايات المتحدة فعلاً لأن تسعى للتعاقد مع شركات دعاية لتحسين صورتها أمام العالم فهم من قتل ودمر وشن حروباً ضدنا في العالم الإسلامي.
هجمة منظمة
ويرى مجدي حسين أن ما حدث ما هو إلا تعبير عن هجمة منظمة ضد الإسلام وعداء من الغرب للإسلام مع سبق الإصرار والترصد علي حد قوله، فالغرب يعرف الإسلام بشكل جيد والعديد من الكتب الإسلامية مترجم للغات كثيرة والقرآن أيضاً مترجم إلى كل اللغات، وبالتالي فالمسلمون كما يقول الأستاذ مجدي غير مقصرين في شرح الإسلام، ويكمل قائلاً: كما أن هناك مسلمين في الغرب يقدمون الإسلام للمجتمعات التي يعيشون فيها، ولكن هذه المجتمعات لا تريد تقبل الإسلام وعلينا أن نعرف أن هذا حقهم، ولكن دون إساءة وتشويه وتجريح، وما حدث يدخل في إطار الصراع الحضاري ويعتبر الدين جزء من هذا الصراع. فالغرب لديه تحيز عقائدي ضد الإسلام ربما لأنه يخالف عادات هذه الشعوب، فهم يريدون في الغرب الحرية الجنسية المطلقة، وشرب الخمر بلا قيود، وغيرها من السلوكيات التي يحرمها الإسلام.
الأخذ بأسباب القوة
وعما يمكن أن نفعله كمسلمين في قضية صراع الحضارات كما وصفها حسين يقول: علينا أن ندرك أن الصراع صراع قوة، ومن هنا فنحن مطالبون بالأخذ بأسباب القوة بكل سبلها، وأن نعتز بديننا الحنيف بكل قوة بدون عداوة مع أحد وبدون تعصب وألا نعتدي إلا على من يعتدي علينا، كما أن فكرة المقاطعة فكرة جيدة تعتبر واجب علينا في مثل هذه الظروف كوسيلة ضغط وتعتبر وسيلة من وسائل العقوبة تجاه الدول المسيئة.
طرح الحضارة الإسلامية
ومن جانب آخر تحدثنا الدكتورة نعمات أحمد فؤاد أستاذ التاريخ بجامعة القاهرة والكاتبة الإسلامية صاحبة 45 مؤلفاً في الإسلام فتقول: دورنا في هذه القضية في اعتقادي يتمثل في طرح الحضارة الإسلامية ككل علي الغرب، لأن الإسلام ليس مجرد دين بل أكثر من هذا بكثير وأسس حضارة عظيمة لم يكن لها وجود قبل الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وخلقت الحضارة الإسلامية آفاقاً جديدة للعالم كله، وعلي الغرب أن يعرف هذا، فهو ليس مجرد عقيدة تربط ملايين البشر، ولكنه منظومة متكاملة، وهو أكثر الأديان التي تشهد تحولا ً إليها، فهناك أعداد متزايدة في العالم كله تدخل في الإسلام.
وتؤكد الدكتورة نعمات علي ضرورة تقديم كل ما حمله الإسلام للعالم، وما قدمته الحضارة الإسلامية للعالم، وتوضيح روح هذا الدين وجوهره وحقيقته.
الدور الدعوي:
أما الدكتور أحمد عبد الله الباحث والطبيب النفسي والعضو المؤسس بمجموعة الجنوب الثقافية يقول: كشفت الأزمة الأخيرة عن أوجه قصور عديدة لدور المسلمين في الغرب، فأين الدور الدعوي للمسلمين الذين يعيشون في الغرب؟
أعتقد أنه بحاجة إلى إعادة نظر من جديد لتقييمه من أجل إعادة صياغته مرة أخرى لتفعيل دوره لتقديم الإسلام لهذه الدول التي يعيشون فيها، فلو قلنا أن الغرب لا يعرف الإسلام جيداً فهذا لأن المسلمين هناك كسالى لا يقدمون الإسلام بشكل مناسب وصحيح، كما أن هناك أدواراً جديدة مهمة لابد أن يلعبوها في الغرب، من خلال الاندماج في المجتمع والتفاعل وإقامة الحوار مع الثقافات والأديان الأخري ودخول المجالس المحلية والبرلمانات لتحسين أوضاعهم وكي يكونوا قوة مؤثرة لها وزنها واحترامها، فكما أن هناك لوبي صهيوني ضاغط يجبر الدول علي الحذر عند الحديث عن إسرائيل لابد أن يكون هناك لوبي إسلامي ضاغط، فلن يجدي لعب دور الضحية المضطهدة الذي يلعبه المسلمون في الغرب، بل عليهم الانخراط في المجتمع بدينهم وثقافتهم مع الحفاظ عليها لأن العزلة عن هذه المجتمعات تؤدي إلى الأزمات والصدامات كما حدث.
حوار داخلي وخارجي:
ويكمل الدكتور أحمد: ثم لابد من إدارة حوار ناجح للثقافات لأن ما حدث يدل على فشل هذا الحوار القائم وعدم فعاليته، كما أنه من الضروري إقامة الحوار الداخلي في مجتمعاتنا، في كل الشرائح داخل المجتمع وألا يكون هذا الحوار قاصراً على النخب أو فئات معينة من المجتمع.
ويثير الدكتور أحمد عبد الله في نهاية حديثه سؤالاً: ثم أين جهود الدعوة الإسلامية؟ وأين جهود المؤسسات الدعوية؟ ومن تدعوه وكيف تفعل؟ فما حدث يفرض ضرورة إعادة النظر لهذه الهيئات لإعادة هيكلها وتفعيل دورها.
شبكة اتصالات:
وتقول رحاب سيد 30 سنة طبيبة وعضوة بمجموعة الجنوب الثقافية: اقترح أن يقوم الأشخاص ممن لديهم أصدقاء من الغرب بأن يطلبوا منهم تقديم فكرة الإسلام الحقيقية لغيرهم في الغرب من خلال ما يرونه من سلوكيات رفيعة من أصدقائهم المسلمين، وتوضيح أن الإسلام دين حضارة وأخلاق كريمة بحيث يكون هؤلاء الأصدقاء الأجانب شبكة اتصالات للتعريف بالإسلام وتقديم الوجه الحقيقي له، وحتى الأمهات في البيوت ممن ليس لهن علاقة مباشرة بالغرب يمكنها أن تقوم بتربية أولادها على سنة الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم -، وحتى من خلال قصص بسيطة توضح قيم الإسلام العظيمة والتي تتناسب مع عقليته مثل الرفق بالحيوان، فهذا واجبها وهذا دورها في نصرة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فالدعوة للإسلام ترتبط بمكان كل شخص منا في الحياة، فعند قيام كل بدوره وواجبه يقوم بالتالي بنصرة النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم -.
وتؤيد رحاب ما طرحه الدكتور القرضاوي من إنشاء موقع عالمي بكل اللغات للتعريف بالرسول - صلى الله عليه وسلم -، وتقول بضرورة إبراء الذمة من كل أفعال من يسيء للإسلام بأي صورة ممن يقتلون الأسرى أو يرهبون الأبرياء في العراق أو فلسطين بخطفهم وقتلهم ممن ليس لهم علاقة بالحروب، فتقديم هذا للعالم يشوه صورة الإسلام ويعطي صورة ذهنية سلبية للغرب عن الإسلام.
إجراء مناظرة
ويدعم أحمد الوفائي 22 سنة فكرة رحاب السابقة بالحديث المباشر مع من نعرفهم في الغرب بتقديم نبذة عن الإسلام وأنه لا يجوز تصوير الأنبياء أو الإساءة للمقدسات، ويقول أنه لديه أصدقاء في ألمانيا حدثهم عن الإسلام، ويقول: اقترح أن نجري مناظرة بيننا وبين الغرب بحيث يقوم بها الدعاة والخبراء بالإسلام من غير المتعصبين، كما يجب أن نعيد النظر في السياسة الإعلامية التي يتبعها العرب والمسلمون، فإعلامنا موجه لنا، وهذا غير مجدٍ,، فلابد من وجود فضائيات وبرامج موجهة للغرب، بدلاً من التحدث لأنفسنا، وبلغتهم هم وليس بلغتنا نحن، كما أنه من المطلوب ترجمة صحفنا لأكثر من لغة والتوجه بها إلى الغرب.
الاعتماد على النفس
أما محمد عبد العزيز 52 سنة فيرى أن رد الفعل العنيف يسيء للإسلام ولا يفيد في الرد العملي على الإساءة، فيقول أن الحديث الهادئ هو المفيد في هذه الحالة، فالإسلام دين التحضر والحوار، وقد قام هو بمراسلة بعض الجهات في الخارج وطالبهم بالقراءة عن الإسلام والقرآن. ويكمل بقوله: علينا أن نوضح للغرب لماذا الإسلام هو الدين الأخير للإنسانية ولماذا القرآن هو آخر الكتب السماوية، فهو الدين الشامل لكل تفاصيل الحياة، كما أن فكرة المقاطعة فكرة مؤثرة وفعالة، وأدعو في هذا المجال رجال الأعمال بالعالم الإسلامي أن يشتروا الشركات التي تخسر بعد المقاطعة كي يكون القطاع الاقتصادي ملك لنا، وهذا يمثل أكبر ضربة للغرب أن تسيطر علي مقدراته الاقتصادية، وأن يؤسسوا شركات ومصانع وطنية لتكون بدائل وطنية عن المستورد من الخارج من باب ضرورة الاعتماد علي النفس، كما أن سلاح البترول يمكن استخدامه بفعالية للتأثير على الدول المسيئة.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد