صور المقاطعة عبر التاريخ سواء الجاهلي أو الإسلامي أو المعاصر


 

بسم الله الرحمن الرحيم

لازلنا نعيشُ أجواء المقاطعة الاقتصادية للدنمارك، والغضبة الإيمانية ضد الإساءة للمصطفى - صلى الله عليه وسلم -، وفي رأيي أن (المقاطعة الاقتصادية) غاب عنها جانب البحث العلمي الشرعي التأصيلي لهذه النازلة، وربما تكون (المقاطعة الاقتصادية) قد نوقشت في رسائل علمية في جامعاتنا، أو في الجامعات الأخرى، ولكنها بقيت حبيسة الرفوف ولم ترَ النورَ.

والمتابع للمقاطعة الاقتصادية يرى ما حصل من آراء بخصوصها، ويمكن تقسيمها إلى طرفين ووسط، أما الوسط فهم الراسخون في العلم من علماءِ الأمةِ، وأما الطرف الأول فهو المقلل من شأنها، والمهون من أمرها، بل ذهب بعضهم إلى أنه لا جدوى منها، وأما الطرف الثاني فهم الذين يُؤثِّمون من لم يقاطعوا، ويصفونهم بأبشع الأوصاف، وفي مثل هذه الفوضى يأتي دور البحث العلمي الشرعي الذي يضع الأمور في نصابها من خلال نصوص الكتاب والسنة، والمصالح والمفاسد والمقاصد الشرعية، وهذه النازلة تؤكد على ضرورة إحياء دور الهيئات العلمية، والمجامع الفقهية بحيث يرجع إليها الناس، كما تؤكد وتشجعُ الباحثين وطلاب العلم على الاهتمام بفقه النوزال، أو طباعة بحوثهم - إن وجدت - ليستفيد منها الناس، وعلى جامعاتنا الشرعية أن تعطي فقه النوازل شيئاً من الاهتمام، وخاصة ما يمس حياة الناس في معادهم ومعاشهم، ودنياهم وآخرتهم، ولا تبقى حبيسة الرفوف بل المسارعة في طباعتها ونشرها.

ومما طُبع حديثاً عن المقاطعة رسالة نافعة ماتعة بعنوان: (المقاطعة الاقتصادية حقيقتها وحكمها. دراسة فقهية تأصيلة) للدكتور خالد بن عبد الله الشمراني، يقولُ المؤلفُ - جزاهُ اللهُ خيراً - في مقدمةِ الكتابِ ( ص 6 ): ومع لِما لموضوعِ المقاطعةِ الاقتصاديةِ من أهميةٍ, بالغةٍ, كسلاحٍ, من أسلحةِ المقاومةِº إلا أنني لم أجد أحداً أفرد هذا الموضوعَ بالتأليفِ مِن منظورٍ, شرعيٍّ,، سوى بعض الفتاوى التي صدرت من بعضِ علماءِ المسلمين في بعضِ الوقائعِ الخاصةِ. ا.هـ.

والرسالة على صغر حجمها إلا أنها جاءت في وقتها، وربما يتوسع الدكتور في الطبعات اللاحقة بما يزيدها تفصيلاً وتأصيلاً، وقد أصل ودلل الدكتور خالد في بحثه لهذه النازلة بالأدلة التفصيلية والقواعد الكلية، وأنه لا بد من استصحاب الموازنة بين المصالح والمفاسد، وخلص إلى أن المقاطعة الاقتصادية مباحة من حيث الأصل، لكنها قد تكون واجبة، أو مندوبة، أو محرمةº بالنظر لما يترتب عليها من مصالح أو مفاسد، وذكر نماذج من صور المقاطعة عبر التاريخ سواء الجاهلي أو الإسلامي أو المعاصر.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply