تعريف الدعاء وحقيقته


 

تعريف الدعاء وحقيقته

الدعاء لغة:

كلمة الدعاء في الأصل مصدر من قولك: دعوتُ الشيء أدعوه دعاءً، وهو أن تُميل الشيءَ إليك بصوت وكلام يكون منك  -  انظر: مقاييس اللغة (2/279).

قال ابن منظور: "دعا الرجلَ دعوًا ودعاءً: ناداه. والاسم: الدعوة. ودعوت فلانًا: أي صِحت به واستدعيته - لسان العرب مادة (د ع و).

وأصله دعاوٌº لأنه من دعوت, إلا أن الواو لما جاءت متطرّفة بعد الألف هُمزت  - لسان العرب مادة (د ع و).

ثمّ أقيم هذا المصدر مقام الاسم ـ أي: أطلق على واحد الأدعية ـ، كما أقيم مصدر العدل مقامَ الاسم في قولهم: رجلٌ عدلٌ، ونظير هذا كثير  - شأن الدعاء (ص3)  .

الدعاء شرعًا:

عرِّف بعدة تعريفات:

فقال الخطابي: "معنى الدعاء استدعاءُ العبدِ ربَّه عزَّ وجلَّ العنايةَ، واستمدادُه منه المعونةَ. وحقيقته: إظهار الافتقار إلى الله تعالى، والتبرٌّؤ من الحول والقوّة، وهو سمةُ العبودية، واستشعارُ الذلَّة البشريَّة، وفيه معنى الثناء على الله عزَّ وجلَّ، وإضافة الجود والكرم إليه" - شأن الدعاء (ص4).

وقال ابن منظور: "هو الرغبة إلى الله عز وجل" - لسان العرب مادة (د ع و).

 

معاني الدعاء في القرآن الكريم - انظر: مفردات ألفاظ القرآن للراغب الأصبهاني (ص315-316)، وفتح الباري لابن حجر (11/94)، ولسان العرب مادة (د ع و)، وكتاب الدعاء لمحمد بن إبراهيم الحمد (ص8-10)  :

ورد الدعاء في القرآن الكريم على وجوه، منها:

1- العبادة، كما في قوله تعالى: {وَٱصبِر نَفسَكَ مَعَ ٱلَّذِينَ يَدعُونَ رَبَّهُم بِٱلغَدَاةِ وَٱلعَشِىّ يُرِيدُونَ وَجهَهُ} [الكهف:28]، وقوله تعالى: {إِنَّ ٱلَّذِينَ تَدعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ عِبَادٌ أَمثَالُكُم} [الأعراف:194].

2- الطلب والسؤال من الله سبحانه، كما في قوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنّي فَإِنّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة:186]، وقوله تعالى: {وَقَالَ رَبٌّكُـم ٱدعُونِى أَستَجِب لَكُم} [غافر:60].

3- الاستغاثة، كما في قوله تعالى: {قُل أَرَأَيتُكُم إِن أَتَـٰكُم عَذَابُ ٱللَّهِ أَو أَتَتكُم ٱلسَّاعَةُ أَغَيرَ ٱللَّهِ تَدعُونَ إِن كُنتُم صَـٰدِقِينَ * بَل إِيَّـٰهُ تَدعُونَ فَيَكشِفُ مَا تَدعُونَ إِلَيهِ إِن شَاء وَتَنسَونَ مَا تُشرِكُونَ} [الأنعام:40، 41]، وقوله تعالى: {وَإِن كُنتُم فِى رَيبٍ, مّمَّا نَزَّلنَا عَلَىٰ عَبدِنَا فَأتُوا بِسُورَةٍ, مّن مِّثلِهِ وَٱدعُوا شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ إِن كُنتُم صَـٰدِقِينَ} [البقرة:23].

4- النداء، كما في قوله تعالى: {يَومَ يَدعُوكُم فَتَستَجِيبُونَ بِحَمدِهِ} [الإسراء:52]، وقوله تعالى: {إِنَّ أَبِى يَدعُوكَ لِيَجزِيَكَ أَجرَ مَا سَقَيتَ لَنَا} [القصص:25].

5- توحيد الله وتمجيده والثناء عليه، كما في قوله تعالى: {قُلِ ٱدعُوا ٱللَّهَ أَوِ ٱدعُوا ٱلرَّحمَـٰنَ} [الإسراء:110].

6- الحثّ على الشيء، كما في قوله تعالى: {قَالَ رَبّ ٱلسّجنُ أَحَبٌّ إِلَىَّ مِمَّا يَدعُونَنِى إِلَيهِ} [يوسف:33]، وقوله تعالى: {وَٱللَّهُ يَدعُو إِلَىٰ دَارِ ٱلسَّلاَمِ} [يونس:25].

7- رفعة القدر، كما في قوله تعالى: {لَيسَ لَهُ دَعوَةٌ فِى ٱلدٌّنيَا وَلاَ فِى ٱلآخِرَةِ} [غافر:43].

8- القول، كما في قوله تعالى: {فَمَا كَانَ دَعوَاهُم إِذ جَاءهُم بَأسُنَا إِلا أَن قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَـٰلِمِينَ} [الأعراف:5].

9- سؤال الاستفهام، كما في قوله تعالى:{ٱدعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيّنَ لَّنَا مَا هِىَ} [البقرة:68].

10- التسمية، كما في قوله تعالى: {لاَّ تَجعَلُوا دُعَاء ٱلرَّسُولِ بَينَكُم كَدُعَاء بَعضِكُم بَعضاً} [النور:63]، وقوله تعالى: {قُلِ ٱدعُوا ٱللَّهَ أَوِ ٱدعُوا ٱلرَّحمَـٰنَ أَيّا مَّا تَدعُوا فَلَهُ ٱلأسمَاء ٱلحُسنَىٰ} [الإسراء:110]، قال ابن القيم: "ليس المراد مجرد التسمية الخالية عن العبادة والطلب، بل التسمية الواقعة في دعاء الثناء والطلب، فعلى هذا المعنى يصح أن يكون في {تَدعُوا} معنى (تُسَمٌّوا) فتأمله، والمعنى: أيا ما تسمّوا في ثنائكم ودعائكم وسؤالكم" – انظر بدائع الفوائد (3/5).

11- وقيل: ورد بمعنى العذاب، كما في قوله تعالى: {تَدعُوا مَن أَدبَرَ وَتَوَلَّىٰ} [المعارج:17]، قال المبرد: "تدعو أي: تعذِّب"، وقال غيره: "تناديهم واحدا واحدا بأسمائهم"، قال السمعاني: "وهو الأظهر" -  تفسير السمعاني (6/47).

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply